يمكننا القول إن كل حادثة في المسجد الأقصى تختلف عن سابقاتها، وخير دليل هو أحداث الأسابيع الماضية من الإغلاق ومنع الصلاة حتى استسلام الصهاينة للمقاومة، فقد كتب المحلل الصهيوني آفي يساخاروف في «إسرائيل تايمز»، أن الاضطرابات في القدس أظهرت فشل نتنياهو باتخاذ القرارات بأوقات التوتر والأزمات. وأضاف أن للسيادة الإسرائيلية على الحرم القدسي حدوداً واضحة. فالأحداث الكئيبة التي وقعت في الأسابيع الماضية تؤكد أنه من الأذكى عدم محاولة تخطيها. فما كان من نتنياهو إلا أن استقبل القاتل في سفارتهم بعمّان للتنفيس عن انتصار الشباب المقدسي على حكومته وعليه شخصياً. لكن الأهم أن الحادثة الأخيرة تختلف بحجم نتائجها ليس لأن تل أبيب أعلنت أنها ستقدم تعويضاً لأسرة الأردني الذي قتله حارس سفارتهم فحسب بل لأنها قد قوضت مشاريع صهيونية شيطانية. ومنها مشروع عرابه دانيل بايبس مؤسس «كامبس وتش» وهي منظمة مثيرة للجدل لمضايقة الباحثين والعلماء الذين ينتقدون إسرائيل. ومع بايبس مجموعة «تكتل انتصار إسرائيل» في الكنيست حيث كانوا يزمعون على إطلاق مجموعة برلمانية ملتزمة بــ«إجبار الفلسطينيين على الاعتراف بالهزيمة». حيث يأمل بايبس إقناع صانعي القرار في واشنطن بأن «إسرائيل قد انتصرت» وأنه بعد أكثر من قرن انتهى النزاع الحقيقي حيث قال «كأمريكي، أريد أن تقول حكومتي للحكومة الإسرائيلية: افعلي ما تحتاجينه لإقناع الفلسطينيين بأنهم انهزموا»، فالحروب عادة تنتهي عندما يؤدي الفشل إلى يأس أحد الأطراف، عندما يتخلى هذا الطرف عن أهداف الحرب ويتقبل الهزيمة، وعندما تقضي هذه الهزيمة على الإرادة للقتال. والمحصلة الصفرية للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني: الهدف الصهيوني كان بناء إسرائيل. الهدف الوطني الفلسطيني هو القضاء على إسرائيل. يمكن لطرف واحد فقط الانتصار، وهذا كان إسرائيل. وعلى العالم التخلي عن مفاوضات السلام التي لا تأتي بنتيجة، والسماح لإسرائيل إتمام عملها، عبر إجبار الفلسطينيين على الاعتراف بالهزيمة.

لقد كانت أحداث الأقصى لحظة تاريخية في مسافات علاقات الشد والجذب مع العدو ولا تحتمل إضاعة استثارها فقد نقل صمود أهلنا في فلسطين قضيتهم إلى موقف أكثر إشراقاً، ودفعهم لآفاق أرحب بعيداً عن الهزيمة التي كان الصهاينة يدفعونهم دفعاً لإعلانها. بل نقل الفلسطينيون الهزيمة من مخيمهم إلى المعسكر الصهيوني فأصبحت الهزيمة التي ربوها مقيمة بينهم. وزاد تقهقر ذلك المعسكر السريع نحو احتقار نفسه. لكن صهاينة العالم تقدموا بمبادرة صكتها أقوى جمعيات الضغط على أعضاء الكونغرس الأمريكي وهي لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية أيباك «AIPAC»، لاستصدار قانون «يجرّم مقاطعة إسرائيل» بتأييد من أنصارهم في الكونغرس ضاربين عرض الحائط بكون القرار يمس حرية وسيادة الدول.

* بالعجمي الفصيح:

كما تصدى الشباب المقدسي لنتنياهو، على الدبلوماسية العربية التصدي لصهاينة «أيباك»، ومنع استصدار قانون «يجرّم مقاطعة إسرائيل».