د.ظافر محمد العجمي - المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج
قبل أن ترفع معنا الحياة الكلفة، وتقوم بجسارة مفرطة بكشف ضعفنا وعوراتنا للغزاة، كانت جزيرة هرمز دولة عربية إقطاعية جبارة تحكم ما حولها من بلاد العرب وجزءا من فارس خلال القرنين 14 و15. ومرد ذلك أنه عند تتبع الأجزاء الآسيوية المطلة على المحيط الهندي، لا تخطئ العين نقاطا تلعب دور المفاتيح التي تتحكم في تلك الأنحاء طوال قرون عدة، وهي ملقا في ماليزيا وجاوة في إندونيسيا، وغوا وكالكتا في الهند ومسقط وهرمز والبحرين وعدن في الجزيرة العربية ومدغشقر وموزمبيق وسوقطرة وبربرة في إفريقيا. فقد كانت هذه هي بوابات الشرق. وكانت هرمز البوابة الأهم بينها جميعا، فوقعت تحت نفوذ الصينيين في عام 1402م عندما أرسل الإمبراطور أسطولا بقيادة أمير البحر المسلم تشين هو. الذي كان آخر ذكر له في هرمز 1433م. وبعد 65 سنة ظهر البرتغاليون في جولة من صدام الحضارات، حيث حدد البوكويرك في تحليله للموقع الاستراتيجي في الهند الشرقية ثلاث نقاط رئيسية، هي عدن، هرمز ومضيق ملقا، فاستولى البوكويرك على هرمز 24 أكتوبر 1507م وتبع سلطة البرتغاليين الموانئ التي كانت تخضع لقوة هرمز الإقليمية، مثل: قشم، لاراك، جلفار، مسقط، قلهات، البحرين والقطيف منذ مقتل مقرن بن زامل الجبري 1521م. ثم طرد اليعاربة العمانيون البرتغاليين من هرمز 1622م، واحتلها الهولنديون والفرنسيون ثم الإنجليز لتكون منذ القرن 18 تابعة لفارس التي كان لديها ظمأ هائل لا يرتوي للممتلكات وبسط النفوذ.
لقد زاد اكتشاف النفط في الخليج من قيمة مضيق هرمز رغم أن هرمز الجزيرة المملكة قد ابتلعها التاريخ، وبناء على أغلب التقديرات فسوف يبقى الخليج مصدر طاقة العالم من نفط وغاز لفترة زمنية قادمة تمتد من 60-100 عام، فهل نبقى أسرى استراتيجية ناجحة تمارسها إيران لرفع تكلفة تهديد الغرب لها؟ نكاد نجزم أن تهديد إيران الحالي بإغلاق مضيق هرمز يهدف لرفع أسعار النفط لتعويض النقص في دخلها جراء المقاطعة النفطية الأوروبية القادمة، فهو إيحاء كان معتمدا، رسم له ليصبح استنتاجا في النهاية. لكن استمرار طموحها النووي يعني استمرار الأزمات التي تخلقها طهران بشكل شعائري. فما البدائل الخليجية للتخلي عن أهم قناة لعبور نفط العالم ويمر عبرها نحو 16 مليون برميل يوميا؟
1 - خط شمال شرق الجزيرة-البحر الأحمر
تستطيع دول الخليج، شحن نفطها عبر شبكة أنابيب تمتد من شرق الجزيرة العربية إلى ميناء ينبع على البحر الأحمر في غربها. وإبان الحرب العراقية الإيرانية، أنشأ العراق خطين للأنابيب من كركوك وأم قصر إلى ينبع. وقامت السعودية بإنشاء خط الجبيل-ينبع مما حول البحر الأحمر إلى رديف نفطي لمنفذ الخليج أو بديل له في الأزمات. ويبدوا أن البحر الأحمر قد قدر له أن يعود للعب الدور نفسه مؤخرا، فالسعودية والكويت تدرسان إحياء هذا الخط الذي يحتاج إلى مدة عامين لجعله صالحا للعمل، ووفقا لمصادر نفطية تبلغ الطاقة الفعلية للخط 4.5 مليون برميل يومياً.
2 - خط نفط شمال الخليج - صلالة
البديل الآخر هو تشجيع خطط لجعل نهاية خط نفط شمال الخليج في صلالة العمانية، التي تبعد أكثر من ألف كيلومتر من هرمز على بحر العرب، فالنفط بذلك أسرع للأسواق العالمية، وأقل كلفة في التأمين، وتستطيع ناقلات النفط العملاقة ذات الغاطس العميق الرسو هناك. هذا المشروع كان قد قُدم من قبل سلطنة عمان لقمة خليجية ماضية كلفت المعنيين بإجراء دراسات الجدوى الاقتصادية للفكرة، ومن الجانب العماني تم العمل على تطوير طاقة الميناء وتوسيع الساحات التخزينية له بإنشاء الرصيفين 6،5 بطول 969 متراً، وتعميق حوض الميناء إلى 18 مترا وتمديد كاسر الأمواج إلى 2850 متراً، ليكون بديلا لميناء الفحل في محافظة مسقط الذي يتم تصدير النفط حاليا منه.
3 - خط رأس الخيمة بحر العرب
قاربت دولة الإمارات على إتمام إنشاء خط أنابيب يتفادى المضيق لينقل من أبوظبي 1.5 مليون برميل يوميا إلى رأس الخيمة على بحر العرب، وقد تم اختبار خط الأنابيب وتدفق النفط فيه، حيث نترقب الانقلاب الذي سيحدثه في المشهد الاستراتيجي بعد أن تنصب أبوظبي منصات صواريخ «ثاد» لحمايته مع بقية أجزاء الدولة.
4 - قناة الفجيرة المائية الموازية لهرمز
خلال حرب ناقلات النفط في الثمانينيات طرح حاكم دبي الشيخ راشد بن سعيد المكتوم رحمه الله على دول مجلس التعاون فكرة شق قناة مائية من منطقة رأس الخيمة حتى الفجيرة على بحر العرب بعيداً عن الخطر، وبديلا لمضيق هرمز. وهي فكرة ما زالت صالحة للتطبيق في زمن الطفرة المالية والمشاريع الإماراتية الضخمة، خصوصا أنها لن تتعدى 120 كم من خور دبي إلى الفجيرة.
ستبقى هرمز كما قال الشاعر الإنجليزي جون ملتون 1608-1674م (العالم كله إن كان خاتما فهرمز يجب أن تكون جوهرته). فهل علينا في الخليج تقلد تلك الجوهرة في رقابنا معرضين أنفسنا لخطر الاختناق كلما أراد منافس اختطافها عنوة؟ بينما يمكننا الاحتفاظ بحصتنا في ملكية مضيق هرمز دون أن نجعل تلك الحصة مصدر مآسينا، بخلق قنوات تنفس يتم من خلالها إغلاق هرمز في سجلات ناقلات النفط فقط.
قبل أن ترفع معنا الحياة الكلفة، وتقوم بجسارة مفرطة بكشف ضعفنا وعوراتنا للغزاة، كانت جزيرة هرمز دولة عربية إقطاعية جبارة تحكم ما حولها من بلاد العرب وجزءا من فارس خلال القرنين 14 و15. ومرد ذلك أنه عند تتبع الأجزاء الآسيوية المطلة على المحيط الهندي، لا تخطئ العين نقاطا تلعب دور المفاتيح التي تتحكم في تلك الأنحاء طوال قرون عدة، وهي ملقا في ماليزيا وجاوة في إندونيسيا، وغوا وكالكتا في الهند ومسقط وهرمز والبحرين وعدن في الجزيرة العربية ومدغشقر وموزمبيق وسوقطرة وبربرة في إفريقيا. فقد كانت هذه هي بوابات الشرق. وكانت هرمز البوابة الأهم بينها جميعا، فوقعت تحت نفوذ الصينيين في عام 1402م عندما أرسل الإمبراطور أسطولا بقيادة أمير البحر المسلم تشين هو. الذي كان آخر ذكر له في هرمز 1433م. وبعد 65 سنة ظهر البرتغاليون في جولة من صدام الحضارات، حيث حدد البوكويرك في تحليله للموقع الاستراتيجي في الهند الشرقية ثلاث نقاط رئيسية، هي عدن، هرمز ومضيق ملقا، فاستولى البوكويرك على هرمز 24 أكتوبر 1507م وتبع سلطة البرتغاليين الموانئ التي كانت تخضع لقوة هرمز الإقليمية، مثل: قشم، لاراك، جلفار، مسقط، قلهات، البحرين والقطيف منذ مقتل مقرن بن زامل الجبري 1521م. ثم طرد اليعاربة العمانيون البرتغاليين من هرمز 1622م، واحتلها الهولنديون والفرنسيون ثم الإنجليز لتكون منذ القرن 18 تابعة لفارس التي كان لديها ظمأ هائل لا يرتوي للممتلكات وبسط النفوذ.
لقد زاد اكتشاف النفط في الخليج من قيمة مضيق هرمز رغم أن هرمز الجزيرة المملكة قد ابتلعها التاريخ، وبناء على أغلب التقديرات فسوف يبقى الخليج مصدر طاقة العالم من نفط وغاز لفترة زمنية قادمة تمتد من 60-100 عام، فهل نبقى أسرى استراتيجية ناجحة تمارسها إيران لرفع تكلفة تهديد الغرب لها؟ نكاد نجزم أن تهديد إيران الحالي بإغلاق مضيق هرمز يهدف لرفع أسعار النفط لتعويض النقص في دخلها جراء المقاطعة النفطية الأوروبية القادمة، فهو إيحاء كان معتمدا، رسم له ليصبح استنتاجا في النهاية. لكن استمرار طموحها النووي يعني استمرار الأزمات التي تخلقها طهران بشكل شعائري. فما البدائل الخليجية للتخلي عن أهم قناة لعبور نفط العالم ويمر عبرها نحو 16 مليون برميل يوميا؟
1 - خط شمال شرق الجزيرة-البحر الأحمر
تستطيع دول الخليج، شحن نفطها عبر شبكة أنابيب تمتد من شرق الجزيرة العربية إلى ميناء ينبع على البحر الأحمر في غربها. وإبان الحرب العراقية الإيرانية، أنشأ العراق خطين للأنابيب من كركوك وأم قصر إلى ينبع. وقامت السعودية بإنشاء خط الجبيل-ينبع مما حول البحر الأحمر إلى رديف نفطي لمنفذ الخليج أو بديل له في الأزمات. ويبدوا أن البحر الأحمر قد قدر له أن يعود للعب الدور نفسه مؤخرا، فالسعودية والكويت تدرسان إحياء هذا الخط الذي يحتاج إلى مدة عامين لجعله صالحا للعمل، ووفقا لمصادر نفطية تبلغ الطاقة الفعلية للخط 4.5 مليون برميل يومياً.
2 - خط نفط شمال الخليج - صلالة
البديل الآخر هو تشجيع خطط لجعل نهاية خط نفط شمال الخليج في صلالة العمانية، التي تبعد أكثر من ألف كيلومتر من هرمز على بحر العرب، فالنفط بذلك أسرع للأسواق العالمية، وأقل كلفة في التأمين، وتستطيع ناقلات النفط العملاقة ذات الغاطس العميق الرسو هناك. هذا المشروع كان قد قُدم من قبل سلطنة عمان لقمة خليجية ماضية كلفت المعنيين بإجراء دراسات الجدوى الاقتصادية للفكرة، ومن الجانب العماني تم العمل على تطوير طاقة الميناء وتوسيع الساحات التخزينية له بإنشاء الرصيفين 6،5 بطول 969 متراً، وتعميق حوض الميناء إلى 18 مترا وتمديد كاسر الأمواج إلى 2850 متراً، ليكون بديلا لميناء الفحل في محافظة مسقط الذي يتم تصدير النفط حاليا منه.
3 - خط رأس الخيمة بحر العرب
قاربت دولة الإمارات على إتمام إنشاء خط أنابيب يتفادى المضيق لينقل من أبوظبي 1.5 مليون برميل يوميا إلى رأس الخيمة على بحر العرب، وقد تم اختبار خط الأنابيب وتدفق النفط فيه، حيث نترقب الانقلاب الذي سيحدثه في المشهد الاستراتيجي بعد أن تنصب أبوظبي منصات صواريخ «ثاد» لحمايته مع بقية أجزاء الدولة.
4 - قناة الفجيرة المائية الموازية لهرمز
خلال حرب ناقلات النفط في الثمانينيات طرح حاكم دبي الشيخ راشد بن سعيد المكتوم رحمه الله على دول مجلس التعاون فكرة شق قناة مائية من منطقة رأس الخيمة حتى الفجيرة على بحر العرب بعيداً عن الخطر، وبديلا لمضيق هرمز. وهي فكرة ما زالت صالحة للتطبيق في زمن الطفرة المالية والمشاريع الإماراتية الضخمة، خصوصا أنها لن تتعدى 120 كم من خور دبي إلى الفجيرة.
ستبقى هرمز كما قال الشاعر الإنجليزي جون ملتون 1608-1674م (العالم كله إن كان خاتما فهرمز يجب أن تكون جوهرته). فهل علينا في الخليج تقلد تلك الجوهرة في رقابنا معرضين أنفسنا لخطر الاختناق كلما أراد منافس اختطافها عنوة؟ بينما يمكننا الاحتفاظ بحصتنا في ملكية مضيق هرمز دون أن نجعل تلك الحصة مصدر مآسينا، بخلق قنوات تنفس يتم من خلالها إغلاق هرمز في سجلات ناقلات النفط فقط.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق