الحديث عن التنمر في الغرب يركز على التنمر وتسلط الأقران على بعض في المدارس وما يحدث في البيئات التعليمية. ولأن الغرب يعي أن الأنظمة في العالم الثالث تواجه بصفة عامة ثلاثة تهديدات لبقائها وهي الانقلابات والثورات والتدخل الأجنبي، وبعد أن وجدت صعوبة توجيه مخرجات الانقلابات والثورات عادت للتدخلات، لكن حتى تلك أصبحت ذات أكلاف مادية وسياسية عالية، فلجأت إلى التدخل عبر أذرع اخترعتها في البداية لتحقيق قيم وأهداف إنسانية نبيلة. ويقول مستشار الأمن القومي الأمريكي بريجينسكي إن استخدام تعبير الحرب على الإرهاب كان بهدف خلق ثقافة الخوف عن عمد لأنها تحجب العقل، وتزيد من حدة المشاعر، وتجعل من الأسهل على السياسيين الغوغائيين تعبئة الجمهور بالسياسات التي يرغبون في تمريرها. وقد سبق الحرب على الإرهاب تعبير حقوق الإنسان والحريات ثم حق حماية الشعوب من حكوماتها The Responsibility to Protect التي لم تطبق إلا في بلد عربي هو ليبيا.

في فساد الأزمنة تتعرض الدول في شرقنا العربي لتنمر هياكل ما بعد الدول، كتنمر محطة تلفزيونية دولية على الكويت قبل أسبوعين، أو تنمر جمعيات السلام الأخضر ضد شركات النفط، أو تنمر مراكز الأبحاث والدراسات الاستراتيجية التي تهدد عبر دراسات منمقة بإمكانية تقسيم الدول، أو ضمها، أو تعرضها للغزو، أو الزوال. وتحدث الشوفينية عندما تحاول منظمة دولية أو مؤسسة إعلامية قوية فرض ما تريده على بلد ما، وسلاحها التهديدات للدولة المستهدفة بأنه لن يُسمح لها بالانضمام إلى منظمة التجارة. أو بالحصول على قروض من البنك الدولي أو حق استيراد الأسلحة الحديثة من الدول الكبرى. وتشمل تكتيكات تشويه السمعة القدح والذم والتشهير في مجالات حقوق الإنسان للمواطنين في قضايا الرأي أو حقوق العمالة الأجنبية وظروف عملهم بطريقة يصعب فيها إثبات دعوى الافتراء، لتركيز هذه المنظمات الحقوقية والإنسانية والبيئية على حالات فردية معزولة عن الحالة العامة في البلد المستهدف.

ووفقاً لقانون العقوبات، تعاقب معظم الدول الأفراد على جريمة التشهير التي تشمل كل ما يجرح كرامة الشخص، بل وتوسعت في ذلك ليكون للمؤسسات حق مقاضاة من يمارس التشهير ضدها بعقوبة السجن أو بدفع غرامة مالية من قبل المعتدي إن كان فرداً أو مؤسسة. وفي الوقت نفسه تخلو وثائق الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية من حق الدول في اللجوء لها لوقف تنمر هذه الهياكل من غير الدول، وتجاوزها الحد المعقول في حماية حقوق الإنسان سواء كان مواطناً أو عاملاً أجنبياً عبر امتطاء هذه المنظمات سبل تنتهك بها خصوصية الدول بدواعٍ ظاهرها نبيل وخافيها تحامل وتشهير ظالم.

* بالعجمي الفصيح:

يتساوى المراهق المتنمر مع المنظمات الحقوقية أو الإنسانية أو البيئية عندما تمارس تسلطها على بعض الدول دون الاعتماد على وقائع حقيقية فهم يشربون من بئر واحد‏ة. ومخزونات الانفعالات في دول الخليج أكبر من سواها لتعرضها للتشهير من قبل هياكل تعاني تستخدم الفقر الأخلاقي لسد فقرها المادي.

* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج