اجتاح الروس أفغانستان فأطلقت واشنطن مبدأ كارتر «Carter Doctrine» مطلع 1980، فأي محاولة للسيطرة على حقول النفط في الخليج سوف هي اعتداء على المصالح الأمريكية، وسيتم صده بالقوة. وخلال 36 عاماً قام الناشط القومي والإسلامي الخليجي والعربي بإعلاء راياته مناهضاً المبدأ، لكن تكشف زيف بعضها ليلة غزو الكويت 1990، فقد كان الاجتياح مفارقة شائنة أجهزت على منظومة الأمن العربي. وانتهى جيل الإسلاميين والقوميين الوعاظ، وتم تمزيق تاريخ كان الجزء الأكبر منه لا يتعدى قصة أو سيرة ذاتية لستة رجال حكموا العالم العربي، فقد فتح الربيع العربي بوابات فوضى لاتزال قائمة. ويمكن القول براحة ضمير أن من صنع الربيع العربي صنع الجزء المكمل له والمسمى «داعش» والذي نراه يتغذي ويسمن من منابت ذلك الربيع. وخلال الـ 36 عاماً جرى تقديم الأهم أمريكياً على المهم خليجياً في مواقف كثيرة. لكن الأمور لم تكن مبهمة فقد كانت هناك ثلاث أرجل استراتيجية لمبدأ كارتر وهي بناء القدرات الأمريكية في الخليج، وبناء الحضور العسكري، ودعم التعاون الخليجي كالتالي:

- في عصر أوباما المتردد تم التركيز على بناء القدرات الخليجية كجزء من مبدأ كارتر، حيث تم بيع كميات من الأسلحة المتطورة لدول الخليج بحجم يفوق ما تم توريده لها خلال الـ 15 عاما الماضية، وغطت بميزاتها المتطورة على قلة القوى البشرية الخليجية، وخلقت تفوقاً نارياً على طهران وهي أقرب خصم.

- وكما فعلت بخلق تعاون جاد في كتلها العسكرية في حلف شمال الأطلسي بأوروبا، وبين اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين بآسيا، دعمت واشنطن التعاون بين دول الخليج، وهو أمر إيجابي لم يكن متوقعاً منطقياً من دولة يتوقع منها استغلال الاستفراد بكل دول خليجية على حدة!

- وهناك الحضور العسكري الأمريكي الواضح بحوالي 35 ألف جندي بشكل دائم كمؤشر على جاهزيتهم للتدخل لصالح دول الخليج عن قرب، لردع العدوان او لطمأنة الخليجيين، بالإضافة إلى أسلحة مدرعة ومدفعية وصواريخ متقدمة القدرات يدعمها حضور جوي وبحري مستمر رغم انشغال واشنطن في أفغانستان والعراق وهموم كوريا واليابان، والتمرينات شرقاً وغرباً وإعادة تشكيل حلف شمال الأطلسي.

* بالعجمي الفصيح:

من بوابة أفغانستان دفعت موسكو البنتاغون لصك مبدأ كارتر، وفي تقربها للخليج من بوابة دمشق فرصة لترقية أذرع مبدأ كارتر. وربما ليس من وظيفة هذا المقال الخوض في تفاصيل إعادة تعريف استراتيجي لمبدأ كارتر، لكن الخلاصات الكبرى لأكثر من تحليل تشير لجدوى منح مضامين وأبعاداً إضافية لأمن الخليج، ربما بتوسيع مبدأ كارتر لشمل دول عربية مجاورة.