Gulf security أمن الخليج العربي

الثلاثاء، 30 يونيو 2015

قراءة في تفجيرات الكويت




د.ظافر محمد العجمي-المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

السلوك هو البعد الوحيد من جانب الإنسان القابل للمراقبة الخارجية؛ وفي أزمة تفجير مسجد الإمام الصادق 26 يونيو 2015م كان مقدراً للكويت تجرع حصتها من المنغصات الإرهابية المعتادة، والتي بلغت في تاريخها أكثر من 40 عملاً إرهابياً، وحين نتتبع سلوك «داعش» لفهم دوافع العملية الأخيرة، وسلوك الكويتيين تجاه ما حدث، تتوفر لنا القراءة الأولية التالية:
- إرهاب «داعش» هو نمط من إرهاب ما بعد القاعدة بأسلوب تنفيذه، وحشيته وتزامنه. وما تم هو تأكيد لحضور التنظيم كمنافس جهادي للقاعدة على المستوى الدولي، وهو مؤشر على ترقب المزيد من العمليات التي يحققها منفذ منفرد «Lone wolf» حتى ينهي التنظيم حالة الانتشار وإبراز القوة.
- يعاني التنظيم من ضغط في ميادين معاركه؛ وعملية الكويت تملص استراتيجي لفك خناقه، ورسالة لأنصاره بقدرته على ممارسة سطوة العنف خارج القانون الدولي لإرباك خصومه وجعلهم يتفاعلون بشكل ارتجالي. 
- استشعر التنظيم تعكر أجواء المنطقة بمزاج طائفي جراء عنف سوريا والعراق واليمن، فشرع بإثارة القلاقل الطائفية لتوظيف الفوضى لخلق فراغ يستغله في غياب الحكومات المستقرة.
من جانب آخر لا تخطئ العين ممارسة الكويتيين للسلوك الحضاري كمسلمين وعرب، فقد راهن الإرهاب أن كل الألوان الداكنة ستكون حاضرة لرسم تفاصيل المشهد الكويتي بعد التفجير، لكن الفاجعة تحولت لجرعة قلق إيجابي استجابت لها محصنات الوحدة الوطنية بردة فعل قللت طموح الإرهاب الاستثمارية في الكويت مستقبلاً.
- تواجد الحكومة الكويتية القوي، والصلاة الجماعية بالمسجد الشيعي وتقبل العزاء بمسجد الدولة السني يشير إلى أن الكويت لم تترك «إدارة الأزمة» للغير، وإن تعالت أصوات غير مسؤولة تصف رجال الأمن بالقصور وكأننا تحت خط الفقر الأمني، فرغم أن المصاب جلل؛ إلا أن الرفض الشعبي كان عاماً وحازماً ضد من يروج لتقصير الداخلية حتى يختطف دور الدولة في حفظ الأمن.
- ألقت أصوات بالذنب على «التحريضيين» والخطاب الديني الترويعي، ويمكن تفهم استجابة الحكومة العجول لامتصاص الغضب؛ لكن ما لا يمكن تفهمه هو انزلاق البعض لدرك التحريضيين أنفسهم وخطر تقاذف كرة التحريض بتحريض الدولة على شريحة اجتماعية وكأنها حواضن للإرهاب. 
- بالعجمي الفصيح..
كان صمت صفوف المعزين أبلغ من فصاحة الشحنة الناسفة، ربما لأن الكويت ليس لها ذاكرة طائفية؛ وبضاعة الإرهاب مستوردة تم إيقاف تداولها بنجاح. فليس هناك داعشيون «لايت» وداعشي انتحاري؛ فالإرهاب فكرة في خطاب متهافت، أو تغريدة نشاز، قبل أن تكون سلاحاً في يد مجرم، وعلى الإرهاب جراء هذا الفشل تقديم أوراق اعتماد جديدة في الإقليم.

الأربعاء، 24 يونيو 2015

السعودية في وثائق ويكيليكس الجديدة






د.ظافر محمد العجمي-المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

يعلم جوليان أسانج، ناشر ويكيليكس «WikiLeaks»، بأنه إذا ما عطست الرياض اهتز الشرق الأوسط، وقد اختار هذا التوقيت لنشر نصف مليون وثيقة من مراسلات الخارجية السعودية تحت عنوان «The Saudi Cables»، نشرها الآن لأن الرياض تكتب في اليمن وسوريا والعراق أحداثاً تاريخية ستترك أثراً في جغرافيا المنطقة. 
كنت أمني النفس بوثائق كالتي تطلق سراحها دار الوثائق البريطانية بين حين وآخر، أو وثائق ترسم ملامح حقبة إدارة الأمير سعود الفيصل للوزارة، واختراقات الخارجية السعودية الناجحة للأزمات والتحديات الإسلامية والعربية والدولية؛ كالأزمة اللبنانية واتفاق الطائف وتحرير الكويت والفزعة الخليجية للبحرين، لكنها لم تفعل. وعليك أن تعتمد على مدخراتك من الصبر وأنت تتنقل فيها بين وثيقة شراء طوابع للقنصلية وبين وثيقة شكوى زوجة أجنبية على زوجها المواطن.
لقد كان جهل طاقم ويكيليكس للغة العربية أمراً حاسماً في قبول سقط المتاع من المعلومات، فالوثائق ذات التصنيف الأعلى كانت كما يبدو في مكان آخر، ولم يخلو ما نشر من بعض الإثارة والطرائف، لكن محتواها لن يغير شيئاً في المشهد الإستراتيجي لضعف محتوى تلك الوثائق، كما أن قابلية تزوير هذه الوثائق عالية جداً، بالإضافة إلى قدمها في عالم متسارع الأحداث، ورغم اقتصار تبعات نشر هذه الوثائق على خلق الإثارة، إلا أن علينا في الخليج اجتناب محذورين رئيسيين: 
- لا يتسع السطر لما في الصدر من ألم ونحن نرى الكثير من المؤسسات الخليجية العامة تعتمد كخط دفاع أمني أول ورقة A4 مكتوب عليها ممنوع الدخول أو التصوير معلقة على باب مركز المعلومات الآلي. بالإضافة إلى قصور انتشار ثقافة تصنيف الوثائق ودرجاتها «سري للغاية»، «سري» «محظور» وخطورة إفشاء مضمونها، وكيف يؤدي إلى تهديد سلامة الدولة أو إلى حدوث أضرار خطيرة بأمنها أو مصالحها، فالعواصم الخليجية، وليست الرياض فحسب، مجبرة على أن تعيد إنتاج مشروعها بالكامل في مجال التعامل مع الوثائق ورقياً وإلكترونياً، ولم يكن ما حدث اختراق قراصنة عن بعد فحسب؛ بل ضعف إجراءات مع من يعمل في مراكز المعلومات.
- المحذور الثاني هو الفشل في خلق ظروف عتاب صحية بين دول الخليج، فنشر مثل هذه الوثائق ورغم أنها عادية التصنيف إلا أنها قد توحي للكثيرين بتفسيرات خاطئة، مما يفسح المجال لمفجرات نزاع قابعة على تخوم المشهد الخليجي الذي لم يتعاف من أزمة سحب السفراء إلا بعد عناء شديد، حتى اعتقدنا أن العلاقات لم تعد قابلة للترميم. 
كما أن المتربصين بالتعاون الخليجي سيجدون لهم ثغرة لدق إسفين بين الإخوة مستغلين تحليلات قنصلية وخلاصات دبلوماسية مبنية على مؤشرات متناثرة ولم تصل إلى مرحلة القرار. 
- بالعجمي الفصيح.

في أكتوبر 2013 نشرت ويكيليكس وثيقة سرية للغاية عن شخصية عربية خليجية يتعلق محتواها بتواصله مع مركز الاستشراف الإستراتيجــــــي «Strategic Forecasting, Inc»، والمعـــروفــــــة اختصــــاراً ستراتفـور «STRATFOR»، وهو مركز أمني أمريكي يعنى بقطاع الاستخبارات، ويطلق عليه لقب «وكالة المخابرات المركزية في الظل» أو «The Private CIA» لكون معظم موظفيه ضباطاً وموظفين سابقين في CIA.
وقد تعرض ستراتفور لاختراق أمني منذ 2011، ونشرت ويكيليكس وثائق ضخمة من وثائق المركز، وكان من حسن حظ المتابعين لويكيليكس أن الشخصية الخليجية كانت د. ظافر محمد العجمي، المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج، وهذا رابط التسريبين الخطيرين على صفحة ويكيليكس. 

https://wikileaks.org/gifiles/docs/44/446986_dr-
zafer-alajmi-member-id-637561-.html

https://wikileaks.org/gifiles/docs/45/451361_-iso-8859-1-q-re.html

ولمن لا يستطيع الوصول للموقع، نلخص له القضية بأنني كنت مشتركاً في نشرة ستراتفور، ثم اكتشفت أن رئيسها جورج فريدمان يستقي معلوماته وأفكار مقالاته عن الخليج مما يكتبه المحللون الخليجيون، وبعضهم معنا حالياً في مجموعة مراقبة الخليج، فقررت وقف الاشتراك، وعندما طال الحوار الإلكتروني ولم يوقفوا الاشتراك، طلبت أن يرسلوا نشرتهم مجاناً أسوة بمراكز أخرى مرموقة، فلم يكن ما يبعثون به يستحق أن يكون بثمن، فكيف أصبح الحوار بيني وبين موظفة الاشتراكات في ستراتفور ذا أهمية استخبارية قصوى وحساسة في ذهن ويكيليكس فنشرته؟، فهل سيغير شيء في المشهد الإستراتيجي؟!

الثلاثاء، 16 يونيو 2015

الحالة الإنسانية باليمن لائحة اتهام.. فهل سنكون المتهم؟




د.ظافر محمد العجمي -المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج
يشكل ما بين القوسين لائحة اتهام قاذعة تبحث عن متهم.. «قامت بقصف المنازل والأحياء السكنية، فسقط أكثر من ألف قتيل من المدنيين العزل.. فشهدت المحافظات موجة نزوح بالآلاف جراء انعدام الغذاء والدواء والمياه الصالحة للشرب، فصنفت ضمن المحافظات المنكوبة»، هذه المأساة الإنسانية التي كتبها الزميل ‏أحمد الضحياني، مدير تحرير موقع الضالع نيوز الإخباري اليمني، ليست جراء الغارات التي تشنها قوات التحالف العربي في اليمن، بل حدثت جراء قصف الحوثة لمحافظات الضالع وعدن ولحج وتعز وأبين.
لكن تقرير منسق الحالة الإنسانية التابع للأمم المتحدة في اليمن فان ديركلاو لم يتضمنها، بل لم يتضمن اقتحام مكاتب المنسقية في صعدة وعمران من قبل مليشيات الحوثي وصالح.
هذه الاتهامات التي يمكن إدراجها ضمن جرائم الحرب ستجد طريقها في المستقبل القريب إلى التقارير التي تؤسس لقيام مرحلة جديدة في حرب اليمن، حيث بدأت إيران عبر أبواقها في تضخيم الخسائر البشرية وتردي الحالة الإنسانية و«شيطنة» ما تقوم به دول التحالف العربي لإعادة الشرعية إلى صنعاء، وما يقلقنا هو تحول الحالة الإنسانية في اليمن في المرحلة القادمة كأداة لتصفية الحسابات أمام المجتمع الدولي، مما يجعل التحالف العربي أمام خيارين:
- صفقة في قصر البستان بمسقط أو قصر المؤتمرات بجنيف، أو حتى في «قلعة وادرين»، لا يهم، تتضمن مغادرة المخلوع علي عبدالله صالح وأسرته اليمن، وانسحاب الحوثة وقوات صالح التي تساندهم من المدن اليمنية، وتسليم السلاح الذي نهبوه من معسكرات الجيش اليمني، والإقرار بشرعية عبدربه منصور هادي رئيساً لليمن، مقابل عفو عام وإدراج مناوئ الشرعية ضمن العملية السياسية على أن لا تخالف القرارات تحت الفصل السابع ومخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية كمرجعيات متفق عليها من كل القوى السياسية والإقليمية والدولية.
- كسر القوة العسكرية للحوثة وصالح بتكبدهم خسائر كبيرة في العتاد والعناصر البشرية، أو إيقاف الدعم العسكري والمادي إليهم، أو بتأليب دولي ضدهم. وصعوبة الأمر الأخير تتمثل في أن قرار الأمم المتحدة 2216 كان من المفترض أن يكون دافعاً واضحاً للمجتمع للتدخل وعودة الشرعية، لكن واقع المصالح الدولية فرض أمراً آخر مخالف، فقد أعلنت واشنطن مراراً أولوية محاربة تنظيم القاعدة باليمن بحكم أنها عدو مشترك لواشنطن والحوثة وقوات صالح، بل إن واشنطن تستقي معلومات استخبارية حول القاعدة من الحوثة. وهذا ما جعل البيت الأبيض يرفض استخدام كلمة «انقلاب» كوصف للإطاحة بالرئيس هادي، ورغم أن مرافعة واشنطن سطحية على الصعيد الاستراتيجي، وحتى تغير واشنطن من نظرتها للأمور، سيبقى هناك حيز للمناورة للحوثة وصالح.
- بالعجمي الفصيح..
إن بالإمكان المحاججة بأن الضربات الجوية التي تشنها قوات الحالف العربي ليست سبب تردي الحالة الإنسانية في اليمن، بل على العكس من ذلك، فقد حمت مساحات واسعة من الأراضي اليمنية فعاد إليها الأمن ووصلتها المساعدات عبر «عملية إعادة الأمل»، لكن دول ومنظمات دولية عدة اعتادت على استخدام قياس فاسد ولا يستقيم مع المنطق لن ترى ذلك.
فمن أبسط ما تجاوزته بعض تلك المنظمات جريمة انتشار المرض والجوع بين اليمنيين، فكيف لا تدان على ذلك المليشيات الحوثية وهي المسيطرة على الاقتصاد وإدارة الدولة وكل الموارد النفطية والدوائية ومخازن المواد الغذائية كصوامع الغلال والمياه!
ومبارك عليكم شهر رمضان.. متمنياً أن تستغله منظمات الإغاثة واللجان الخيرية الخليجية لرفع معاناة أهلنا في اليمن، وحتى لا تكون الحالة الإنسانية هناك لائحة اتهام قاذعة نكون فيها المتهم

الاثنين، 15 يونيو 2015

Change of the Regional Rules of Khartoum





Dr. Zafer M. Alajmi
Email: Z4alajmi@gmail.com
Date: 10/06/2015

"Tonight I will teach you how to disassemble and assemble the gun, no one opens his "Khashum" until I finish". For a nomad cadet like me at the end of Seventieth of the past century, the words of the Sudanese trainer were mysteries we should first unbridle them before learning the skill of assembling and disassembling the gun. We stand around him at 6:30AM, should we stay until night! . "Khashum" means for us the nose, so how do we breathe if shut it! Should we hold the gun on one hand and shut the nose with the other hand! After passing the caricature scene, we knew that for the Sudanese sergeant Hassan   the word "tonight" means today and the word "Khashum" means mouth. The high professionalism of the Sudanese military has infatuated the leaders of the Kuwaiti army when a Sudanese infantry brigade arrived in Kuwait composed of 112 soldiers during the Qassim crisis in the summer of 1961 as part of the Arab League's forces from Saudi Arabia, Jordan, and The United Arabic Republic. 
Indeed, the first Commander of the Military Academy in Kuwait was Brigadier Siddiq Mohamed Taha from March 14th 1968 to March 14th 1972. The military cooperation extended until the Arabic Security System was torn by Saddam Hussain in 1991, and Khartoum joined the bloc of "Antagonist countries" as we have named them in the Gulf Countries as general and Kuwait in particular. Then after that Khartoum again joined Teheran bloc within the past two decades. The above mentioned changes have oratorical easiness, but the reality was more complicated, we were behind that stance, as Khartoum endures estrangement. What happened can be described as a body dropped between the Gulf countries and Khartoum, and no one try to displace it for a quarter of a century. Two months ago three Sudanese aircrafts of "Sukhoi 24" type and some cargo aircrafts  flew eastward causing a bang in media exceeded the sound of breaking the sound barrier over the Red Sea . So we decided to stand again with the event to raise another analysis for the Sudanese air participation in the "Decisive Storm" as follows: 
With the same flying speed, three Sudanese aircrafts were able to mend the rip in the gulf-Sudanese loose white gown. To appraise this achievement, we have to remember that a few years ago the Iranian warships were anchored in Port Sudan harbor bordering Saudi Arabia, raising resentment among the gulf countries, which in turn prevented Sudanese planes to fly across their airspaces on its way to Teheran .In the same air flight, the three aircrafts torn the remaining worn ties between Khartoum and Teheran. The touching of the wheels of Sokhoi 24 on the Saudi tarmac was a stamp of victory for the Saudi -Gulf diplomacy and entire detachment from Teheran axis. Iran lost the largest African country used to support it in a relation based on military and security cooperation most clear than other aspects of international relations. Three aircrafts showed the degree of the Sudanese people's support to the coalition countries to defend the security of the two custodian mosques and to restore legitimacy in Yemen from the grip of an aggressive group backed by Iran. With its support to Arab Coalition, Khartoum returns to its Arabic sphere.          

In fluent accent

It is of negligence not to understand the Sudanese changes - as I did with the sergeant Hassan's dialect - and consider the participation of Sudan in the Decisive Storm as a military stance for economic proceeds , as some gulf countries see , or believe that Khartoum will claim us to produce "Decisive Storm2" to blow on Darfur . Also we are worried that Gulf States will not stick to the Sudanese gown, Teheran has opposed the operation of the Decisive Storm, but it was keen not to comment on Khartoum involvement. Does Teheran found out that the Sudanese portfolio hinders its approach with Washington? Or waiting a good opportunity betting on our failure to recover the Sudanese Gulf relations as it was in the past? Then why not repeat the scenario of the return of Khartoum as incentive to make other Arab countries to join the coalition. It may seem unlikely, but not impossible.

الأحد، 14 يونيو 2015

تغير القواعد الاقليمية للخرطوم




د.ظافر محمد العجمي 



«الليلة سوف أعلمكم فك وتركيب البندقية الذاتية.. لا أحد يفتح خشمه حتى أنتهي»، ولطالب ضباط بدوي مثلي في نهاية سبعينات القرن الماضي كان حديث مدرب الأسلحة السوداني ألغازاً يجب علينا فكها قبل تعلم مهارة فك وتركيب السلاح، فنحن نقف حوله في الساعة السادسة والنصف صباحاً، فهل سنبقى حتى الليل! 
و«الخشم»؛ تعنى لنا الأنف، فكيف سنتنفس إذا أغلقناه! وهل سنمسك البندقية بيد ونغلق الأنف باليد الأخرى؟! بعد تجاوز كاريكاتيرية المشهد عرفنا أن كلمة «الليلة» تعني «اليوم» عند الرقيب حسن من سرية التدريب السودانية في الكلية، و«الخشم» تعني «الفم».
لقد أبهرت المهنية العالية في العسكرية السودانية قادة الجيش الكويتي حين وصلت سرية مشاة سودانية مكونة من 112 جندياً في أزمة قاسم في صيف 1961 ضمن قوات الجامعة العربية، من السعودية والأردن والجمهورية العربية المتحدة؛ بل إن أول قائد للكلية العسكرية في الكويت كان العميد الركن صديق محمد طه «14 مارس 1968 - 14 مارس 1972»، وامتد التعاون العسكري حتى هتك صدام نظام الأمن العربي 1991، فقفزت الخرطوم إلى معسكر «دول الضد» كما سميناهم في الخليج العربي، والكويت خصوصاً، لتقفز مرة أخرى إلى معسكر طهران في العقدين الماضيين،. 
تمتلك صيغة التحولات السابقة سهولة خطابية، لكن حقيقة الأمر كانت أعقد من ذلك، كنا نحن السبب بنفس قدر تحمل الخرطوم للجفوة، وما حدث أقرب إلى القول إن جثة كانت ملقاة بين دول الخليج والخرطوم، ولم يعرف أحد الطرفين إزاحتها طوال ربع قرن.
قبل شهرين حلقت ثلاث طائرات سودانية من نوع «سوخوي 24» وبعض طائرات النقل واتجهت شرقاً فأحدثت دوياً في الإعلام فاق دوي اختراقها لحاجز الصوت فوق البحر الأحمر، فقررنا الوقوف ثانية مع ذلك الحدث لنقدم قراءة أخرى للمشاركة الجوية السودانية في عاصفة الحزم كالتالي:
- بنفس سرعتها في التحليق استطاعت ثلاث طائرات سودانية رتق الشق في الثوب الخليجي - السوداني الأبيض الفضفاض، ولتقدير ذلك الإنجاز يجب أن نتذكر أنه قبل سنوات قليلة كانت السفن الحربية الإيرانية ترسو في ميناء بورتسودان المحاذي السعودية بانتظام؛ مثيرة امتعاض دول الخليج، والتي بدورها كانت تمنع تحليق طائرات الحكومة السودانية في طريقها لطهران.
- وفي الطلعة الجوية نفسها مزقت الطائرات الثلاث ما تبقى من وشائج مهترية بين الخرطوم وطهران، وكانت ملامسة عجلات «سوخوي 24» للمدرج السعودي ختم انتصار للدبلوماسية السعودية والخليجية وابتعاداً عن محور طهران برمته، ففقدت إيران أكبر بلد أفريقي يساندها عبر علاقة قامت على تعاون عسكري - أمني أوضح من سواه من أوجه العلاقات الدولية.
- أظهرت ثلاث طائرات درجة تأييد الشعب السوداني ووقوفه مع دول التحالف دفاعاً عن أمن الحرمين الشريفين ولاسترداد الشرعية في اليمن من أيدي جماعة باغية بدعم إيراني، وبتأييدها للتحالف العربي تعود الخرطوم لمحيط عربي. 
- بالعجمي الفصيح..
إن من القصور عدم فهم التحولات السودانية، كما لم أفهم لهجة الرقيب حسن، وأن تنظر بعض دول الخليج لمشاركة السودان في عاصفة الحزم كموقف عسكري بمقابل اقتصادي، أو الاعتقاد أن الخرطوم ستطالبنا بإنتاج «عاصفة حزم 2» لتهب على دارفور. كما يقلقنا ألا تتمسك دول الخليج بالثوب السوداني بقوة؛ فقد عارضت طهران عملية عاصفة الحزم لكنها حرصت على عدم التعليق على مشاركة الخرطوم فيها. 
فهل وجدت طهران أن الملف السوداني يعيق تقربها من واشنطن؛ أم تنتظر فرصة سانحة؟ مراهنة على فشلنا في إعادة العلاقات الخليجية السودانية لسابق عهدها! ثم لماذا لا نكرر سيناريو عودة الخرطوم واعتباره محفزاً لجعل دول عربية أخرى مشاركة في التحالف العربي؟ 
قد يبدو الأمر مستبعداً إلا أنه ليس مستحيلاً.

السبت، 6 يونيو 2015

دور الجيش الكويتي في حرب حزيران 1967


دور الجيش الكويتي في حرب حزيران 1967


بقلم د.ظافر محمد العجمي:

يقال ان تاريخ الانسان في جانب كبير منه هو تاريخ حروبه، ورغم صغر حجم الكويت بلدا وجيشا الا أنه كان لها قصب السبق في الوصول الى حدود سيناء الشرقية والاطلالة على رفح صبيحة يوم الخامس من حزيران 67 ليكون لواء اليرموك الكويتي الوحدة العسكرية العربية الوحيدة التي شاركت المصريين في مسرح عمليات سيناء.

نداء الواجب القومي

جرى احتفال عسكري كبير في مدرسة تدريب المشاة بعد ظهر يوم 28 يونيو 1967م في اللواء السادس بالجهراء لتوديع لواء اليرموك، وخاطب أمير الكويت الشيخ صباح السالم الصباح منتسبي لواء اليرموك قائلا «لقد قررت أمتنا حسم هذا الأمر وقبول التحديات الاسرائيلية، وخوض المعركة متى نشبت، الى نهايتها» الى ان قال «كم كان محببا لدي ان أكون معكم، كواحد منكم أشارككم المخاطر والمصير في السراء والضراء». وقام آمر لواء اليرموك العميد صالح محمد الصباح باستلام علم الكويت من صاحب السمو الأمير والاستئذان بمغادرة أرض الوطن لتحقيق هدف الأمة». و في 2 يونيو تم نقل كتيبة المشاة 5 وكتيبة المغاوير، حيث وصلت الى مطارات القاهرة، ومطار فايد ومطار الكبريت. وقد التحقت القوة الكويتية بالفرقة السابعة المصرية بقيادة الفريق عبدالعزيز سليمان في رفح ضمن قاطع منطقة عمليات العريش، وتم اعداد مقر لقيادة اللواء في نادي ضباط قاعدة فايد واستخدمت احدى المدارس كقاعدة للمشاة الكويتيين لحين ارسالهم للجبهة.كان الجيش الكويتي بعد أزمة قاسم مكونا من ثلاثة ألوية، وبارسال الكويت للواء اليرموك يكون قد تم ارسال ثلث الجيش الكويتي للجبهة بتسليحهم الجديد الذي تم شراؤه بعد أزمة قاسم. حيث تقرر ان يتم تشكيل لواء (مجحفل) مكوناً من أربعة كتائب هي كتيبة الدبابات وكتيبة الصواريخ وكتيبة المغاوير وكتيبة المشاة. كان لواء اليرموك في حجمه العددي يقترب مما يعرف في العسكرية (لواء) ويعني ذلك حوالي الألف رجل، دون حساب عدد الجنود المهنيين من طباخين وميكانيكيين وكهربائيين، وان كان هناك من قال بأن اللواء كان حوالي 1500 رجل.

أول جيش عربي في الميدان

طلبت القيادة المصرية تحريك القوات الكويتية بأسرع وقت ممكن الى منطقة رفح في قطاع غزة، وكان ذلك يتطلب خطوة تسبق التحرك وهي مهمة استطلاع القائد للمواقع الجديدة وطريق مسير قواته الى هناك، حيث تم تشكيل فريق استطلاع بالهيلوكبتر تحرك في يوم 4 حزيران 1967م للجبهة وكان مشكلاً من العميد صالح الصباح والمقدم سعدي مطلق والمقدم محمد البدر. قسم القادة المصريون جبهة سيناء عشية حرب حزيران 1967م الى المحاور الثلاثة الشمالي والأوسط والجنوبي، ويظهر وضع القوات الكويتية في رفح وهو قاطع عمليات العريش او المحور الشمالي حجم الاعتماد عليها ربما ليس لحجمها ولكن بما تملك من سلاح حديث وتدريب جيد، لأن المحور الشمالي كما قدرت القيادة المصرية يأتي في المرتبة الثانية في ترتيب أهمية المحاور حسب صلاحيتها للهجوم الاسرائيلي. رفض العميد صالح الصباح الموقع المخصص للقوة الكويتية الذي اقترحه قائد القطاع اللواء عبدالعزيز سليمان في رفح لأنه لا يجابه العدو، وتم اختيار موقع على ميسرة لواء مصري مدرع يقوده اللواء مصطفى شاهين الذي أصبح رئيس أركان الجيش الميداني الثالث في حرب أكتوبر 1973م، وقد طلب العميد صالح اسنادا مدفعيا للقوات الكويتية التي لا مدافع معها في ذلك الحين، حيث وفر المصريون ثلاثة مدافع. عند عودة فريق الاستطلاع من العريش توقفوا في مطار تمارا وهناك تخلف عنهم العقيد عبد الستار مدير مكتب المشير عامر لأنه مكلف بالتحضير لزيارة المشير غدا للفرق الموجودة في سيناء وهو يوم 5 حزيران1967م، وهي الزيارة التي صارت جزءا من أدبيات هزيمة حزيران1967م وتم جعلها ذريعة لعدم التصدي للطيران الاسرائيلي، حيث كانت صواريخ الدفاع الجوي وطائرات الاعتراض مقيدة لوجود طائرة المشير في مكان غير محدد من أجواء سيناء في ذلك النهار، أما الأمر الآخر الأكثر ضررا من نتائج تلك الزيارة فكان استدعاء كافة قادة الوحدات في سيناء لهذا الاجتماع الذي عقد في فايد على البحيرات المرة حيث كان قادة القوات مجتمعين هناك بعيدا عن قواتهم في الساعة الثامنة من صباح يوم الخامس من يونيو عندما تمت مهاجمة مطار فايد وهم فيه، فصارت القوات في سيناء بدون قادتها كجسم بدون رأس، حيث لم يستطع القادة الوصول لقواتهم الا قبيل الغروب لوعورة الطريق ولحاجتهم لخمس ساعات على الأقل للوصول إلى هناك.
تتميز مدينة فايد بشواطئها الساحرة الجميلة وتعد ثاني أكبر مركز بعد المحافظة الأم الاسماعيلية وقد تم تحديد نادي ضباط قاعدة فايد كمقر لقيادة لواء اليرموك الكويتي، وفي الوقت نفسه كان هذا المكان هو نقطة تجمع قادة القوات المصرية في سيناء لمقابلة المشير عبد الحكيم عامر صباح يوم الخامس من حزيران، أما بقية القوة الكويتية فقد كانت تقيم في احدى المدارس القريبة. سيناء هي درع مصر الاستراتيجي، وسيناء هي معبر الديانات والغزاة، وكان على الجيش الكويتي ان يلتحم مع الجيش المصري لخوض المعركة القادمة المجهولة على حدود سيناء، وبعد ان عاد فريق الاستطلاع الى فايد، اجتمع العميد صالح الصباح مع قادة اللواء للاعداد للانتقال للموقع الجديد في سيناء، وتم تحديد مساء يوم 4 يونيو 1967م لحركة القوات الكويتية الى الخط الأول قرب العريش، وكان على القوة الكويتية ان تقطع سيناء للوصول الى مواقعها الجديدة.
رفح هي مدينة فلسطينية/ مصرية وتعتبر أكبر مدن قطاع غزة على الحدود المصرية وتبعد مسافة 45 كم عن العريش. وقد كانت رفح هي نقطة حشد القوات الكويتية ضد العدو الاسرائيلي. وقد أعدت القوات المصرية قطارا لنقل الأفراد الى رفح حيث غادر الى الخطوط الأمامية مساء الرابع من يونيو حزيران، حيث صدرت الأوامر لكتيبة بقيادة العقيد عبدالله فراج الغانم ومعه المرحوم الرائد عمر زعيتر بالتحرك بذلك القطار. وبعد مغادرة القطار الأول بدأ تجهيز القطار الثاني وهو قطار بضائع لحمل المعدات الثقيلة المكونة من مدافع كومبات بالاضافة الى آليات سحب روسية استعيرت من المصريين لسحب المدافع الكويتية حيث لم تكن ذاتية الحركة. وقد كانت العريش نقطة توقف رئيسية لقطار القوة الكويتية، فبعد ان علم المصريون بوصول قوات كويتية تساند جيشهم في الساعة الثامنة من مساء 4 يونيو حزيران 1967م خرجوا في جماعات الى محطة قطارات العريش يرددون هتافات ترفع الروح المعنوية ومنها «صباح يا حبيب بكرة نخطب في تل أبيب»، كما وزع أهالي العريش السندويتشات والمشروبات الغازية على رجال لواء اليرموك، وفي صباح اليوم التالي استقبل محافظ العريش القوة الكويتية ثم تحرك القطار الى مواقعه الجديدة في رفح. وهنا نشير الى ان عملية الاستقبال قد صدرت تعليماتها مباشرة من رئيس أركان الجيش المصري الفريق أركان حرب محمد فوزي لكي تتم بحفاوة واستقبال جيد وهو اهتمام زائد على أعلى مستوى ميداني كما جاء في مذكراته.

حرب الخامس من حزيران1967م

استحوذت أربع ساعات بدأت في الساعة السابعة وخمس وأربعين، الثامنة وخمس وأربعون بتوقيت القاهرة الصيفي من صباح يوم 5 يونيو/ حزيران1967م على اهتمام العالم، حيث يندر ان نجد حدثا بمثل تلك المدة والكيفية بما له من العواقب التي أسرت العالم بنتائجها لفترة تزيد على أربعين عاما.
لقد فصل العسكريون في كليات القيادة الأركان في مشارق الأرض ومغاربها في خطة رئيس الأركان العامة الاسرائيلي الجنرال اسحاق رابين، ومجدوا الحرب الخاطفة التي قادها ضد القوات العربية. ويجعلنا استرجاع حرب اسرائيل الخاطفة أو حرب الأيام الستة كما هو دارج في المصادر الاسرائيلية والغربية تمجيدا لقصر وقتها، يجعلنا نتوقف قسرا أمام مقولة وزير الدفاع الاسرائيلي موشي دايان ابان حرب 67، وهي ان العرب قوم لا يقرأون. ولم يكن دايان يقصد في مقولته السابقة كل العرب، بل يقصد بالتحديد القادة العسكريين العرب، فالخطة التي نفذتها قوات رابين لم تكن الا سيناريو مكررا لخطط معظم الغزاة الذين هاجموا مصر مخترقين شبه جزيرة سيناء، بل ان آخرها كانت خطة بريطانية لاسترجاع مصر من النازيين في الحرب العالمية الثانية عن طريق سيناء. وضع محاور الهجوم فيها الجنرال مونتغمري تحسبا لفشله في معركة العلمين الشهيرة عام 1942م ضد الجنرال الألماني رومل، لكن مونتغمري انتصر في المعركة. ثم وجدت الخطة التي لم تطبق طريقها الى قاعات الدرس في كلية القيادة والأركان البريطانية كمبرلي التي تخرج منها اسحاق رابين في عام 1953م. ومن المفارقات ان الجنرال مونتغمري كان قبل حرب 67 بأيام يحاضر في أكاديمية ناصر العسكرية وحذر من كل ماحدث، حيث قال بالحرف الواحد «حرب الصحراء هي حرب طيران، ضربة أولى، ثم مدرعات متحركة بسرعة في وحدات صغيرة» لكن ذلك لم يجد آذانا صاغية من القادة لمصريين الذين استمعوا له.
في ضحى الخامس من يونيو حزيران 67 قامت اسرائيل بغارات جوية على سيناء والدلتا والقاهرة ووادي النيل في ثلاث دمرت فيها 25 مطاراً حربياً وما لا يقل عن %85 من طائرات مصر وهي جاثمة على الأرض. وطبقا للبيانات الاسرائيلية تم تدمير 209 طائرات من أصل 340 طائرة.
في منطقة عمليات لواء اليرموك الكويتي كان خرق دفاعات الفرقة المصرية السابعة في رفح على عاتق مجموعة القتال الاسرائيلية بقيادة الجنرال «يسرائيل تال» المشكلة من أفضل ألوية الجيش الاسرائيلي، ثم الاندفاع بعد الخرق لتدمير كل ما يشكل عمق الفرقة المصرية السابعة، قبل ان تتوافر الفرصة والوقت الكافي للقيادة المصرية كي تعيد توزيع الأدوار الدفاعية بعد ان تفيق من أثر الضربة الأولى.
بعد ذلك كان على قوة «تال» ان تنقسم الى قسمين: أحدهما ثانوي يواصل الزحف على المحور الشمالي صوب «رمانة» و«القنطرة»، والآخر رئيسي يزحف جنوباً نحو «بير لحفن» ثم «جبل لبنى»، ويواصل الزحف بعد ذلك نحو القناة في مواجهة الاسماعيلية، وقد استطاعت قوة تال بهجومها تدمير فرقتي مشاة النسق الأول، السابعة والثانية، التي كان يرتكز عليهما النظام الدفاعي لمصر في سيناء.
كان ذلك هو دور القوات الاسرائيلية وقد نفذته بنجاح، أما دور القوات المصرية فتمثل في خروج فرقة المشاة السابعة والمسؤولة عن المحور الشمالي عن نطاقها الحصين في الشيخ زويد لترابط ما بينه وبين رفح في سعي لتأمين دفاع عن جنوب القطاع لمنع عزله عن سيناء، فجاءت مهمات الفرقة المناطة بها فوق قدراتها، مما انتهى بالفرقة السابعة الى ان تصبح سهلة الاختراق من القلب ومن الأجنحة معا وهي نتيجة أودت بالفرقة الى ان تصبح سهلة الهزيمة على الرغم من قتالها البطولي في اليوم الأول من الحرب وقبل ان يستشهد قائدها اللواء عبدالعزيز سليمان وينفتح الباب على مصراعيه الى العريش كبرى حواضر سيناء. كانت القوة الكويتية في طريقها الى رفح مرورا بالعريش عندما بدأ الهجوم الاسرائيلي، وهو ما أدى إلى عودة القوة الكويتية الى العريش وكما كان متوقعا قامت المقاتلات الاسرائيلية بضرب العربة الأولى والعربة الأخيرة من القطار فتوقف القطار. وكانت قد ظهرت أول دبابة اسرائيلية في منطقة العريش أمام النصب التذكاري في مدخل العريش حوالي الساعة 6:40 دقيقة مساء وسط ذهول الجميع الذين كانت تملأ قلوبهم مشاعر العزة والفخر والاعتقاد بالأمن والسلام، وكان ذلك يعني حصار وعزل الفرقة السابعة، حيث لم يبق الا المقاومة الشعبية، حيث تحركت وحدات الحرس الوطني وفرق المقاومة الشعبية بعد سماع أنباء وصول القوات الاسرائيلية وتم توزيع الأسلحة على الموطنين للدفاع عن الأماكن الحيوية عن المدينة.

20 دقيقة لوضع خطة الانسحاب

كان الانسحاب في حرب حزيران 1967م مسمى مهذبا لما هو أكثر تعاسة، ويتم الانسحاب الناجح على شكل وثبات، مع ضرب العدو أثناء الانسحاب لجعله يدفع ثمن كل شبر يتقدمه خلفهم. وينقلب الانسحاب فرارا اذا تم بسرعة عالية وأدى لتفكك الوحدة وتعرضها لخسائر نتيجة فقد العتاد والرجال.
انه من المحزن ان تضم الموسوعات العسكرية حرب حزيران 67 كمثال على واحدة من أسوأ عمليات الانسحاب في الحروب، بل ان الأسوأ من ذلك ان الخسائر المصرية كافة في يوم القتال الأول كانت 294 شهيدا فقط، ولم تنته الحرب بعد قرار الانسحاب الذي تحول الى مطاردة اسرائيلية للجنود العرب العزل الا وقد صار العدد 6811 شهيدا. وحتى لا ننقاد مع نتائج الأحكام التي صارت جزءا من أدبيات حرب 1967م، والتي أدانت الجندي العربي بسبب الانسحاب نذكر ان موقف القوات المصرية لم يكن هزيمة مطلقة، فقد صمدت الفرقة الثانية حتى يوم 7 يونيو في «القسيمة»، بل ان اللواء المدرع الأول المصري في الكونتيلا قد صد لواء ميكانيكيا اسرائيليا، ثم حول عملية الصد الى هجوم معاكس ثم الى مطاردة الى داخل حدود اسرائيل.
في اليوم الثاني من الحرب سقطت العريش، وانفتح المحور الشمالي أمام القوات الاسرائيلية المدرعة. وراح الطيران الاسرائيلي في تثبيت الوحدات المدرعة المصرية في الممرات الجبلية، وفي استخدام ناجح للحرب النفسية. أذاعت اسرائيل مساء اليوم نفسه ان عناصر قواتها وصلت الى قناة السويس مما أصاب جنود الجيش المصري بالذعر.
انهارت الفرقة السابعة المصرية برجالها ودبباتها ودروعها ومدفعيتها ففقد لواء اليرموك الكويتي الظل الذي كان يركن اليه في شمس حزيران الملتهبة، وقررت القوة الكويتية الانسحاب من العريش الى البحر وفي الشاليهات وزع فهد الأحمد الحراسات وطلب عشرة عسكريين لا يدخنون أخذهم معه للبحث عن قائد القوة في سيناء العقيد عبدالله فراج الغانم ومجموعته التي لم يظهر لهم اثر بعد الهجوم الاسرائيلي على العريش. وفي مساء اليوم الثاني كان لابد من الانسحاب غربا حيث اصدر الجنرال الاسرائيلي «تال» أوامره بالهجوم الرئيسي عن طريق الساحل بقيادة العقيد جراتيت يسرائيل الذي نجح بالالتفاف حول العريش ثم احتلالها.
كان على القوة الكويتية الانسحاب مرة اخرى واخذ طريق العريش – القنطرة المعبد كدليل للمسير، ولعمل ذلك اخذ فهد الأحمد أربعة جنود للاستطلاع قبل المسير العام، وكانت الكتيبة بعد ذلك تسير على الطريق المعبد في الليل وتبتعد عنه في النهار. كما كانوا يفككون الأسلحة في النهار حتى يخف وزنها ويتسنى حملها موزعة بين الرجال الذين أرهقهم التعب والجوع. وقد كان عدد أفراد بعض المجموعات التي تفرقت بعد الهجوم على العريش يبلغ 92 عسكريا والأخرى 50 عسكريا والبعض الآخر 18 عسكريا. بل ان الغريب في الأمر كان في كثرة تفرق المجموعة ثم الاجتماع مرة أخرى نتيجة صدفة بحته، فقد صعد الملازم ضاحي حمد احد الكثبان الرملية وشاهد في أسفله جنودا لم يعلم ان كانوا عربا أم اسرائيليين، ثم سقط من شدة الاجهاد والعطش وتدحرج فاقدا الوعي ليستيقظ بين يدي رفاقه الكويتيين الذين افترق عنهم قبل عدة أيام.
كانت عبارات الحماس والتشجيع تتردد أثناء المسير الطويل للتخفف من الجوع والخوف والارهاق. وقد سارت المجموعة الى قرية بئر العبد ثم قرية رمانة وبعد منتصف ليل اليوم الثالث ظهرت كتل كبيرة داكنة وأصوات خافتة اتضح بعدها عن المجموعة الكويتية التي يبلغ عدد أفرادها 50 عسكريا أنهم قد دخلوا أطراف «قرية بئر المزار» التي تعد من المحطات المهمة حيث وجدت القوة الكويتية حامية عسكرية مصرية في القرية، ورحبوا بهم في استقبال عاطفي حار عندما علموا أنهم كويتيون فلم يكن على الجبهة آنذاك الا المصريون والكويتيون فقط، وقد قدموا لهم الطعام المتوافر الذي لم يتعد شوربة عدس وبسكويت. كان رجال المجموعة الكويتية يمنون النفس بالراحة بعد التعب والشقاء، لكن أعينهم لم تغمض طويلا، فمع صوت مؤذن القرية لصلاة فجر يوم 7 يونيو 67 انطلقت أصوات قذائف قوة اسرائيلية قامت بالهجوم على القرية، فتفرقت الكتيبة قسرا الى مجموعات ورسم الجندي عثمان مذكر الهاجري صورة تلك الليلة بأبيات منها:
لا عاد يوم جرى لي في العريش
ولا عاد ليل جرى لي في المزار
اختلط ضرب البنادق والرشيش
في ظلام الليل كني في النهار
كان الارهاق والخوف الجوع والعطش يحوم فوق رؤوس المجموعات المتفرقة على حد سواء، وبعد خروج احداها من قرية المزار وعلى اطراف قرية في سيناء وجد أفراد القوة الكويتية بيتا مهجورا وأخذوا منه (قلة) تمر وزعوها بينهم، كما وجد أفراد مجموعة أخرى مزرعة لتربية الدواجن قاموا فيها بذبح عدد من الدجاج واكله على عجل. أما احدى المجموعات فقد سارت دون نوم أو طعام حتى قابلت بعض البدو الذين باعوا لهم خروفا واحدا تقاسمه الرجال البالغ عددهم في تلك المجموعة 92 عسكريا.ثم وصلت المجموعة نفسها الى قرية بنيت منازلها من سعف النخيل، حيث أمر عمدة القرية بتزويدهم بكيس واحد من الطحين وبعض الطعام خلال الأيام الأربعة عشر يوما التي قضوها في هذه القرية. وبعد يوم من السير في شمس يونيو الحارقة وصلت مجموعة كويتية أخرى خرجت من المزار في تلك الليلة الى بئر ذات مياه مالحة، لكن ذلك لم يمنع الأفراد من شربه بل والتزود به، ثم معاودة السير لتسلق الكثبان الرملية المرهقة. ثم وصلت المجموعة نفسها بعد أيام الى مزرعة بها بئر ماء وعليها بدوي يسقي جمله، حيث تكفل بايصالهم الى قناة السويس، وسارت المجموعة بعد ان تزودت بالماء في قرب على ظهر الجمل، وفي صباح اليوم الثالث، بعد ليلة مرهقة أفاق رجال المجموعة دون ان يجدوا للبدوي أو جمله أو قرب الماء أي أثر، لكنهم وجدوا سكة القطار فتتبعوها متجهين الى الغرب.
كما وصلت مجموعة أخرى الى احدى الواحات وهناك كلف العمدة ابنه ليرشد المجموعة الى الطريق، وسارت المجموعة مع ابن العمدة بعد التزود بالماء والزاد القليل، وفي احدى الليالي وصلت المجموعة الى الطريق المعبد، لكنه كان كسيل من الأنوار لاينقطع من كثرة الآليات العسكرية الاسرائيلية، ولم يكن من السهل اجتيازه بمجموعة يصل عددها الى 92 رجلا، وكان لابد من ممارسة اقسى أشكال المهارات العسكرية وهي الزحف والركض لمسافة سبعة كيلومترات دون توقف حال انقطاع الرتل الاسرائيلي لفترة وجيزة. ثم أشار ابن العمدة بعد هذا الموقف الصعب الى ضوء مصباح بعيد قائلا ان ذلك هو مرسى قارب سينقلكم الى الضفة الغربية من قناة السويس، وكان على الرجال للوصول الى ذلك النور الضعيف ان يسيروا من التاسعة مساء الى الخامسة من فجر اليوم الثاني.
كما قام النقيب عبد الوهاب المزين والجندي محمد حسين بعبور القناة سباحة من الشرق للغرب، وقد كلفهم امر لواء اليرموك العميد صالح المحمد الصباح بالسباحة مرة أخرى الى الشرق والعودة الى سيناء لابلاغ من يجدونه من بقية أفراد القوة بالتوجه شمالا حيث تنتظرهم المراكب في بحيرة البردويل، وتم منحهم مكافأة على هذا العمل الجريء. حيث عبرت المجموعات الكويتية من بحيرة البردويل الى بور سعيد بواسطة أربع سفن تم اركاب الجنود فيها أولا ثم الضباط.

موقف القيادة الخلفية


على الخطوط الخلفية في مطار فايد كان قائد لواء اليرموك العميد صالح المحمد الصباح في صبيحة يوم 5 يونيو حزيران لايزال يجهز بقية اللواء للالتحاق برفاقهم الذين سبقوهم، وكان شعورهم في حينها هو الامتعاض من رفاق السلاح المصريين الذين يقومون بمناورات جوية بالذخيرة الحية دون ابلاغ رفاقهم على الجبهة. لكن ذلك الشعور تبدد بعد أقل من ساعة حين أغارت عليهم وهم يسيرون طائرة أمريكية من نوع سكاي هوك تحمل العلم الاسرائيلي وأطلقت عليهم وابل من نيران رشاشها، مما جعلهم يصدرون الأوامر بحفر الخنادق وأخذ المواقع الدفاعية فقد بدأت جولة أخرى من الصراع العربي الاسرائيلي. وبالفعل تعرضوا الى 12 غارة جوية اسرائيلية في ذلك النهار. من جانب آخر أنطلق المقدم محمد عبدالعزيز البدر لتفقد قطار الشحن الثاني الذي غادر وهو يحمل المدافع والآليات، وكان قد عبر جسر الفردان الذي تم قصفه أثناء عبور القطار لكن الأسلحة سلمت من الدمار وتم انزالها ونشرها بين الأشجار. أرادت القيادة السياسية والعسكرية على أعلى المستويات معرفة مصير لواء اليرموك، ولتبديد الحيرة تم في اليوم الثاني من الحرب تجهيز عربات نقل محملة بالذخيرة والمواد الغذائية لاسناد القوة المعزولة في مكان ما قرب العريش. وسارت قافلة الانقاذ الكويتية من فايد الى القنطرة شرق، وفي الساعة الحادية عشرة مساء تم ايقاف الرتل من قبل ضباط مصريين نجحوا في اقناع القوة بالتوقف والعودة من حيث أتت، الا أنهم كانوا بصدد تنفيذ عملية انتحارية طرفيها شاحنات كويتية ضد فرقة مدرعة اسرائيلية. ولم يتعدى أسلوب اقناع المصريين أكثر من الطلب من قائد القوة ان يضع أذنه على الاسفلت ليسمع صوت جنازير الدبابات الاسرائيلية وهي مقبلة. ولم يبدد حالة القلق ألا وصول الملازم فيصل الخترش مرسلا من العقيد عبدالله فراج حيث أبلغهم بسلامة القوة وبخطة العقيد بالانسحاب.

استراحة المحارب في «دهشور»

نزلت القوة الكويتية التي حملتها المراكب من بحيرة البردويل في بور سعيد وهناك استقبلهم الضباط المصريون بحرارة وحيوهم على تحمل عناء القتال والضياع معهم، حيث تم نقلهم الى احد المباني الحكومية وهم في حالة يرثى لها من جراء المسير الطويل. وقد احتاجوا الى ثلاثة أيام من الراحة وزعت عليهم خلالها الملابس والأطعمة والأدوية، ثم تم نقلهم الى نقطة تجمع القوات الكويتية الجديد. وقد تم تخصيص موقع للقوة الكويتية في دهشور بالقرب من القاهرة، وهناك استقبل العائدون الشيخ العميد صالح الصباح الذي بادرهم بالقول «أنا أتحمل المسؤولية عما حدث لنا جميعا»، وقد حيا سرية المغاوير التي يقودها النقيب علي دهيمان الشمري فقد تماسكت السرية ولم تتعرض الى التشرذم خلال عبور سيناء وعاد أفرادها سالمين بسلاحهم. كما تمت مكافأة النقيب عبد الوهاب المزين والجندي محمد حسين على شجاعتهم كما اشرنا الى ذلك سابقا. وبعد اعادة تنظيمها رجعت القوة بعد شهر واحد الى الجبهة وأخذت مواقع لها في جزيرة الفرسان وبحيرة التمساح حيث خاضت معارك حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر 1973م. لقد كان هناك قصور في تقدير الأولويات فقد زجت الكويت بخيرة أبنائها وبما يصل الى ثلث الجيش الكويتي بسلاحهم الى الجبهة المصرية بدواعي الأمن العربي المشترك على الرغم من قلة الامكانات العسكرية الكويتية، حيث تجاوزت الكويت بقرارات عاطفية تشوبها الرمزية درس أزمة عبد الكريم قاسم التي لم يمض عليها 6 سنوات، وتركت الكويت بلدا مكشوفا أمام العراق، فما كان من نظام البعث ألا الانقضاض على الكويت بعد 6 سنوات في حادثة الصامتة 1973م، في حين كان جيشنا مرابط على الجبهة المصرية بلواء اليرموك، وعلى الجبهة السورية أيضا بقوة الجهراء.

الأربعاء، 3 يونيو 2015

Gulf Countries and the Changes of Saudi Prospect




 Dr. Zafer M. Alajmi
03/06/2015
In May 25th 2015, the airstrikes of Arab coalition targeted the house of Ahmed Ali Saleh. This day is distinguished because it marks the 34th anniversary of the establishment of  The  Arab Gulf Cooperation Council (AGCC) on May 25th 1981, since  then the Council have made important strides in the political, military, and economic aspects. Gulf countries shared Riyadh the Decisive Storm and then Restoring Hope operations. Gulf people paid attention, with unprecedented interest, through social media to the changes in Riyadh following the death of King Abdalla, and crowning of King Selman, accompanied with new political, military, and economic administrative  team . No doubt that there are two changes in the Saudi prospect, war and shuffle that go beyond traditionalism.  So, how do Gulf countries read the changes in the Saudi prospect in this critical stage, on the basis of "No neutrality in shoving troubles"

Pioneer of realism trend in International relations  Hans J Morgenthau emphasizes the role of power in the international relations as an utterance of national interest, international politics aims to maintain power , and to increase power, or to show power, and because search for power is the result of strong longing for security in the world order . Gulf people have welcomed the firm stance of the older sister country against the tyranny of the Hothi in Yemen, and arrived a conviction that the Gulf countries could take their own doses of hopes and relying on good faith as a defense line in condition that they wake up , they woke up and covered themselves with boldness that knitted at the borders of Yemen . There were several Gulf frank stances against the Hothis and Iran policies in Syria, Iraq, and Yemen. The dare Decisive Storm urged the Gulf people to accept the upgrade of the Arab cohesion to trespass the Arab League statements, and the engagement of Sudan and Jordan within a realistic security system. Moreover the Storm has dissolved the differences and made the areas of agreement excel the areas of disagreement, and that in our own view is greater than war gain. 
The French writer and philosopher Raymond Aaron that the international relations are managed by only two persons "Diplomat and Soldier" and we agree with Raymond, as we also agree that the State does take decisions , but we believe that individuals acting within the political system are engaged in decision making process .Regarding the recent reshuffle  in Riyadh , Gulf states are concerned with the actions of the diplomat and the soldier being the most important channels of communication in the AGCC as a regional organization .The position of the soldier is occupied by two men Prince Mohamed Bin Naif the Interior Minister, and Prince Mohamed Bin Selman Defense Minister, while the position of diplomat is occupied by Ambassador Adil Bin Ahmed Al-Jubair . The incidents in Yemen, Qatif, and Dammam showed that the soldier has ability to create security and strategic  atmospheres  which are commendable . During preparations for Camp David 2015,  Al-Jubair proved that Riyadh can deal with Washington in less tolerant mood than ever. 

Very Clearly

Gulf countries blessed and shared Riyadh the effectuation of the principles of the realistic trend which asserts the role of power in the international relations. Despite unprecedented momentum of the events and success of Ministers of Interior, Defense, and Foreign affairs in Riyadh, but we can say after 34 years of Gulf cooperation that the diplomat in Riyadh is to come out with a viable project for Gulf unity . Whereas the security soldier has to uproot terrorism without expanding the principle of pragmatism through the Gulf Security Agreement , when military draws the features of the cities by checkpoints and travel ban lists between Gulf countries , the harsh face of security appears , security cannot be seen but only felt . Gulf people believe that defense soldier should exceed the terms of the joint Gulf Defense agreement, or considering the unification of military education as an achievement, but should act to build structures of unified army even if in six countries. The Gulf countries consider Saudi Arabia as a strategic depth, making Gulf States advanced front lines in the collective security system of the Gulf, the leadership of Gulf is in Saudi Arabia, and that requires all parties to sacrifice for the sake of defending the region.

الخليج وتحولات المشهد السعودي

د.ظافر العجمي 



استهدفت الغارات الجوية لمقاتلات التحالف العربي في 25 مايو 2015م منزل أحمد علي صالح، وما يميز هذا اليوم أنه يصادف الذكرى الـ 34 لقيام مجلس التعاون في 25 مايو عام 1981م، وقطع منذ تأسيسه خطوات مهمة في المواقف السياسية والعسكرية والاقتصادية، وقد شاركت دول الخليج الرياض في عملية عاصفة الحزم ثم عملية إعادة الأمل، كما تابع الخليجيون عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبشغف غير مسبوق الشأن التحولات في الرياض بعد وفاة الملك عبدالله بن عبد العزيز ووصول الملك سلمان بفريق سياسي وعسكري واقتصادي جديد، حيث لا يختلف اثنان أن في المشهد السعودي حالياً تغيرين هما؛ الحرب والتغييرات الوزارية التي تتعدى التقليدية والاختمار السياسي.
فكيف تقرأ دول الخليج تحولات المشهد السعودي في هذه المرحلة الحرجة من باب أن لا حياد في دفع المكاره؟
- يذهب هانس مورغانتو Hans J Morgenthau، رائد المدرسة الواقعية في العلاقات الدولية، لتأكيد دور القوة في العلاقات الدولية، واعتبارها تعبيراً عن المصلحة القومية. فالسياسة الدولية تهدف للحفاظ على القوة، ولزيادة القوة، أو لإظهار القوة؛ ولأن البحث عن القوة هو نتاج للشوق الشديد للأمن في النظام الدولي فقد رحب الخليجيون بموقف الشقيقة الكبرى الحازم تجاه طغيان الحوثيين في اليمن، ووصلوا إلى قناعة أنه بإمكان دول الخليج أن تتعاطى ما تشاء من جرعات الأماني والركون لحسن النية كخط دفاع بشرط أن تفيق، فأفاقت وتدثرت بالجرأة التي حيكت على حدود اليمن، فكان هناك أكثر من موقف خليجي صريح ضد الانقلابيين على الشرعية وعلى سياسة طهران في سوريا والعراق واليمن.
كما أن جرأة عاصفة الحسم قد دفعت الخليجيين إلى تقبل الارتقاء بالتلاحم العربي «Up Grade» ليتجاوز بيانات الجامعة العربية وليدخل السودان والأردن في منظومة أمنية فعلية، بل إن قوة العاصفة قد أذابت الخلافات وجعلت مساحات الاتفاق فيما بينه تفوق مساحات الاختلاف، وذلك في تقديرنا أكثر من غنيمة حرب.
- يرى الكاتب والفيلسوف الفرنسي ريمون آرون Raymond Aron أن العلاقات الدولية لا يديرها سوى شخصيتين هما «الدبلوماسي والجندي»، ونتفق معه كما نتفق مع القول إن الدولة هي التي تتخذ القرار، لكننا نؤمن أن الأفراد الذين يعملون في النظام السياسي هم الذين يعملون في صناعة القرار.
وفي مشهد تحولات المناصب الوزارية الأخيرة في الرياض يهم دول الخليج عمل الدبلوماسي والجندي لكونها أهم قنوات التواصل بمجلس التعاون كمنظمة إقليمية، فمنصب الجندي يتبوؤه رجلان هما الأمير محمد بن نايف وزيراً للداخلية والأمير محمد بن سلمان وزيراً للدفاع، بينما في كرسي قيادة الدبلوماسية السفير عادل بن أحمد الجبير، وقد أظهرت أحداث اليمن والقطيف والدمام أن للجندي قدرة على خلق مناخات أمنية واستراتيجية تستحق الاشادة، كما أظهر الجبير خلال التحضير لكامب دافيد 2015م ان الرياض قادرة على التعامل مع واشنطن بمزاج أقل تسامحاً مما سبق.
- بالعجمي الفصيح..
باركت وشاركت دول الخليج تطبيق الرياض لمبادئ المدرسة الواقعية بتأكيد دور القوة في العلاقات الدولية، ورغم الزخم غير المسبوق في الأحداث ونجاح وزراء الداخلية والدفاع والخارجية في الرياض؛ إلا أننا بعد 34 عاماً من التعاون الخليجي يمكننا القول ان على عاتق الدبلوماسي في عاصمة القرار الخروج بمشروع للوحدة الخليجية قابل للتطبيق، وعلى جندي الأمن اجتثاث الإرهاب دون التوسع في مبدأ سد باب الذرائع أمنياً، عبر الاتفاقية الأمنية الخليجية، فعندما تدرس العسكرة ملامح المدن بنقاط التفتيش وقوائم منع السفر بين دول الخليج يظهر وجه الأمن القاسي، فالأمن تشعر به ولا تراه. 
كما يعتقد الخليجيون أنه على جندي الدفاع تجاوز بنود اتفاقية الدفاع الخليجي المشترك أو اعتبار توحيد كراسات التعليم العسكري إنجازاً، بل العمل على بناء هياكل جيش موحد حتى ولو كان في ست بلدان، فدول الخليج تعتبر المملكة عمقها الاستراتيجي، مما يجعل العواصم الخليجية ثغوراً وخطوطاً متقدمة في منظومة الأمن الجماعي الخليجي، فالقيادة في الخليج للرياض، وذلك يتطلب من كل الأطراف تضحيات على مذبح الدفاع عن الحياض.

الاثنين، 1 يونيو 2015

الهياكل العسكرية الخليجية خطوة للاتحاد الخليجي


  01 حزيران/يونيو 2015
كثيرًا ما يشاع أن المزاج الوحدوي الخليجي غيمة قد انجلت ،وإن  بعض دول الخليج لم ترغب في أي وقت  إخضاع متطلبات أمنها لاعتبارات إقليمية نتيجة شعور حاد بمفهوم السيادة .لكن الواقع العسكري الخليجي يقول عكس ذلك تمامًا،  بل إننا نقول دون وجل إن التعاون العسكري الخليجي تعاون وحدوي مكتمل النضوج، وسيكون هو الباب الواسع للدخول في وحدة بين دول مجلس التعاون بغض النظر عن  شكلها .ولا يعد هذا تبسيطًا مخلًا وهرولة نحو الخروج باستخلاص لا يسنده ما يكفي من التحليل ،فمن أحد أسباب تراجع قوة التعاون العسكري الخليجي في أدبيات مجلس التعاون عائدًا إلى الطبيعة المتكتمة للجهد العسكري نفسه، أو إلى ربط أمن الخليج العسكري بأكثر من نظام أمني خارجي. لكن ذلك لا ينفي أن التعاون العسكري بمقدوره إحياء روح الحمية بين أهل الخليج أكثر من التعاون السياسي والاقتصادي. 
-الهياكل العسكرية
- الدرع أول هيكل وحدوي
تمت موافقة المجلس الأعلى في نوفمبر 1982 على إنشاء أول هيكل وحدوي بين دول المجلس على كافة المستويات تحت اسم " قوة درع الجزيرة " بحجم لواء مشاة من (5 آلاف) رجل. وأقيم أول تمرين في دولة الإمارات 1983، لتتمركز منذ عام 1986 في حفر الباطن بالسعودية. وفي ديسمبر 2005 جرى توسع في حجم القوة ونوع تسليحها فأصبحت " قوات درع الجزيرة المشتركة " ذات إمكانيات وقدرات عسكرية عالية ،حيث تجاوز عدد منتسبيها 30ألف عسكري من الدول الست ،  بحجم فرقة مشاة آلية من المشاة والمدرعات والمدفعية وعناصر الدعم القتالي ، ويمكن وصفها بأكبر قوة مسلحة بأحدث قوة نارية خارج حلف شمال الاطلسي[1]. فالقدرة القتالية للدرع تؤهله لخوض حرب دفاعية .كما يشكل قيمة استراتيجية للتصدي لأي عدوان .ويتجاوز الاعتزاز والتقدير للقوة تسمية منتسبيها لها بـــ "الدرع" إلى الفخر الخليجي العام بعد مارس 2011 حين استعانت البحرين بالدرع لتأمين المنشآت الاستراتيجية، عقب أعمال تخريب مدعومة إيرانيا. فقد تجاوز الدرع في تلك العملية دعوات لتفكيكه فيها افتقاد للحس الاستراتيجي؛ فقد برهن الدخول اقتدار هذا الهيكل على الحسم  فكان ناجحًا بمقاييس عسكرية عدّة ؛ إذ حقق مبادئ الحرب كقوة محترفة تميزت بوضوح الاتجاه، والتصميم، وخفة الحركة، وتحقيق الضغط المطلوب من خلال تنفيذ الحشد والمفاجأة بدقةٍ عالية، ولصد الخطر الخارجي الذي دفع القوة للدخول تنفيذًا لاتفاقية الدفاع الخليجي المشترك وتلبية لدعوة المنامة حقق "الدرع" حسن التوزيع والثبات، والأمن، حتى ليخال للمراقب أن ما جرى كان فرصة لدرع الجزيرة للتكفير عن موقفه المرتبك في أغسطس 1990[2]. لقد شكل الدرع أول لبنة نحو الوحدة الخليجية ،وكانت المواطنة العسكرية أسبق من المواطنة الاقتصادية ،لكن لم يحتفى به إعلاميا للطبيعة المتكتمة للجهد العسكري نفسه، ولارتباط أمن الخليج العسكري بأكثر من نظام أمني خارجي.
-التحول من مرحلة التعاون العسكري لمرحلة الوحدة الدفاعية
بعد انهيار نظام الأمن العربي جراء احتلال الكويت ،يمكننا القول دون مبالغة إن حسن الظن بنظام الأمن الدولي كان خط الدفاع الأول لدول مجلس التعاون حتى ديسمبر 2000 حيث وقعت في المنامة اتفاقية الدفاع الخليجي المشترك وتم التحول من مرحلة التعاون العسكري لمرحلة الوحدة الدفاعية لردع التحديات الخارجية؛ فاتفقت الدول الأعضاء على الوحدة في تحديد التعامل مع " الخطر المشترك" من خلال اعتبار أن أي اعتداء على أي منها هو اعتداء عليها كلها، وأي خطر يتهدد إحداها إنما يتهددها جميعًا، ويوجب المبادرة لمساعدة المعتدى عليها باتخاذ أي إجراء ضروري بما في ذلك استخدام القوة العسكرية. كما رافقها من خطوات تنفيذية لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتطوير درع الجزيرة و بإجراء التمارين المشتركة، وتوحيد الفكر العسكري ثم تعزيز التسليح عبر تطوير قاعدة الصناعة العسكرية الخليجية. وتنسيق أوجه التعاون من خلال مجلس للدفاع المشترك تحت توجيه وإشراف المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية. ولاشك أن معاهدات الدفاع المشترك هي اتفاق دولي يلزم الأطراف الموقعة بالانضمام إلى للدفاع عن بعضهم البعض في الظروف المنصوص عليها في بنود المعاهدة ولم تبتدعها دول المجلس لكن الوشائج الخليجية والمزاج الوحدوي بين دول المعاهدة اعطاها من الزخم ما يجعلها مغايرة لسواها. بل إن بعض المحللين ذهب إلى أن بنية النظام العالمي الجديد تتضمن مجموعة من العناصر، منها الأحلاف العسكرية والاتفاقيات الأمنية مثل حلف الناتو ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا واتفاقية الدفاع الخليجي المشترك أيضًا؛ مما يجعل عسكرة مجلس التعاون من الهياكل التي ستستمر في النظام العالمي الجديد. وقد أظهر دخول  قوات الدرع  للبحرين كما أشرنا سابقا كتطبيق عملي ناجح لاتفاقية الدفاع المشترك لمجلس التعاون الخليجي كشكل وحدوي في هيكل عسكري.
-الاستراتيجية الموحدة
الاستراتيجية في أبسط تعاريفها هي بناء قدرات لتحقيق أهداف مستقبلية .ويجمع الفكر والتاريخ العسكري على أهمية وحدة الاستراتيجية الدفاعية ، وكان هناك قصور من جانب صانع القرار الخليجي الذي ترك قطار التعاون العسكري يتحرك لمدة ثلاثة عقود دون استراتيجية دفاعية موحدة؛ فكانت سفينة التعاون تسير على غير هدى وثمة مؤشرات قد تُقرأ لصالح هذا التحليل ،منها دخول دول المجلس منفردة في تحالفات دولية ،وما تبعها من خلق أنظمة أمن فرعية. وفي قمة الكويت في 30 ديسمبر 2009، أقر المجلس وضع استراتيجية دفاعية خليجية موحدة، فاتضحت الرؤية للعمل بعد أن حددت الاستراتيجية الأسس والثوابت التي تنطلق منها لبناء قدرات لردع العدوان والتعاون لمواجهة التحديات من خلال البناء الذاتي وإجراء التقييم الاستراتيجي الشامل للبيئة الأمنية الاستراتيجية، والتهديدات والتحديات والمخاطر بصفة دورية .وحتى نستطيع تثمين هذا الانجاز الوحدوي يكفي أن نشير إلى أن مجلس التعاون الخليجي مكون من ست دول تختلف أشكال التحديات التي تواجهها كما تختلف الأهداف الجزئية؛ بالإضافة لتنوع السلاح والعقيدة القتالية مما يجعل من الصعب بناء قدرات موحدة لتحقيق تلك الأهداف .إلا أن الاستراتيجية الدفاعية الخليجية الموحدة قد انجزت كلبنة من لبنات الوحدة العسكرية الخليجية . 
-وحدة القيادة العسكرية
وكما هي الحال في تأخر طرح الاستراتيجية الدفاعية الموحدة، أتى تشكيل القيادة العسكرية الخليجية الموحدة بعد أن تحقق العديد من الإنجازات العسكرية وكان يجب وضعها في إطارها الصحيح بدل ما هو موجود في هيكل الأمانة العامة من لجنة للتمارين ولجنة فنية للأسلحة ومراكز القوة الجوية والتنسيق البحري ودرع الجزيرة وسواها من مكونات التعاون العسكري المتشرذمة هنا وهناك؛ فخلق قيادة مشتركة خطوة مستحقة، وكما هي الحال في حلف الناتو حيث القيادة من نصيب الدولة ذات الإسهام الأكبر سيكون مقرها الرياض، كما يعيَّن فيها ضباط محترفون من أعلى المستويات على أن لا تنضم أية قوات عسكرية بصفة مستديمة إلى هذه القيادة، بل تبقى كل قوة في بلدها، وتُستدعى فقط عند تنفيذ التدريبات المشتركة أو مجابهة الأخطار، وتحدد صلاحياتها ومسؤولياتها بناءً على توجيهات قادة المجلس ووزراء دفاعهم. كما تُمنح القيادة العسكرية الصلاحيات الحقيقية، لكي تبدي آراءها وتخطط وتتصرف في الشؤون العسكرية حسب مقتضيات الظروف سواء في أوقات السلم أو في أوقات الحرب وتتصرف لحفظ امن الخليج ككيان موحد. وقد شغل موضوع القيادة العسكرية الخليجية الموحدة حين طُرح بالمنامة  ديسمبر 2012، حيزًا كبيرًا من النقاش والتحليل، فتشكيل القيادة العسكرية الموحدة رسالة ذات أبعاد إقليمية ودولية، وهو جزء من جهد عسكري خليجي تراكمي يرتفع يومًا بعد يوم ليصل إلى الهدف العسكري الخليجي الأعلى بتحقيق الدفاع الذاتي عبر مبدأ الأمن الجماعي، وتحقيقا لأول مبادئ الحرب في الفكر العسكري وهي وحدة القيادة .
-مظلة صاروخية واحدة
وصول إيران لدرجة متقدمة في خلق ترسانة من الصواريخ البالستية ؛جعل التفكير الخليجي محسومًا لصالح إقامة درع صاروخي موحد مواز من شبكات حماية مكونة من أنظمة صواريخ أرضية، قادرة على إسقاط أي صاروخ بالستي يستهدف المدن والقواعد العسكرية ومصافي النفط وخطوط الأنابيب بالخليج. وقد سبق وأن تم طرح فكرة النظام بعد حرب تحرير الكويت عام 1990 وتم تأجيل المقترح من قبل الخليجيين، ثم عاد للواجهة في ربيع عام 2012 بعد زيادة التوتر الإيراني-الدولي حيال مشروعها النووي. و يتكوّن الدرع الصاروخي الخليجي في جُلِّه من أنظمة قواذف  صاروخية ورادارات ومحطات مراقبة أميركية موجود معظمها أصلاً في دول الخليج كنظام باتريوت من الجيل الجديد "باك-3" ونظام "ثاد" عالي الارتفاع. فإيران ترى أن ذراعها الطويل ليس في قوتها الجوية لتفوق الخليجيين عليها في هذا المجال ،لذا ليس لها خيار إلا خلق ترسانة صاروخية وهذه هي المقولة المركزية التي ينطلق منها وتتعدى جدوى الدرع الصاروخي الخليجي  قيمته كسلاح ،فقد أدى لتوحيد الخليجيين ليس في التعاقد مع الغرب لاقامته، بل وفي البحث سوية عن علاقات يمكنها تعويض الحضور الأميركي لو حدثت استدارة استراتيجية لواشنطن تجاه طهران، و حين متابعة ما تروج له أجهزة إعلامية موالية لإيران من وجود خلافات خليجية حول موقع القيادة المركزية للمنظومة لتتيح عملية أخذ القرار بدرجة أسرع، متناسيةً أنه بالإمكان إقامتها منفردة، ودمجها معًا في حالة الطوارئ خلال دقائق. حين ذلك تتجلى القيمة الفعلية للدرع الصاروخي الخليجي ليس كسلاح فحسب بل كخطوة خليجية وحدوية.
-الوحدة في التعامل مع الأزمات الطارئة
لم يكن ضمن طموح دول المجلس في أي وقت الدخول في عمليات عسكرية خارج الإقليم بحيث تتطلب فتح قواتها على مسافات بعيدة. لكن النظرة الاستراتيجية لصاحب قرار إنشاء "قوة مشتركة للتدخل السريع" في القمة الـ 30 للمجلس في ديسمبر 2009 أصابت المطلوب بدرجة كبيرة مقارنة بمشاريع وحدوية غير عسكرية عديدة لم توفق، ويكفي أن نرى ما سبَّبه تنظيم  الحوثيين في اليمن أو داعش  في الشام  والعراق من إرباك مشين للقوات النظامية في عدد من الدول ، بل وحتى لقوات بعض الفصائل المعارضة على شاكلته  لنعرف ضرورة وجود قوات تدخل سريع جيدة التدريب. للتعامل مع الأزمات الطارئة، التي يصعب التفاعل معها وفق الوقت الاعتيادي، الذي يستغرقه تحرك الجيوش من ثكناتها، باتجاه مسرح العمليات. ستكون قوة التدخل بحجم لواء قوات خاصة مشكل من أبناء دول المجلس مدعوم بحريًّا وجويًّا، على أن يتم التوسع في إنشاء أكثر من قوة تدخل سريع من مبدأ إمكانية خوض معركتين في آن واحد للدفاع عن حقول النفط والمنشآت الحيوية في ظروف طبيعية قاسية وباستعداد يكافئ قوة عدو من دول الجوار .ولأن الحرب الحديثة أصبحت حرب أسلحة مشتركة؛ فقد أصبح من العسير على دولة واحدة من دول مجلس التعاون أن تملك وحدات متمكنة لكافة أشكال المعارك، وهنا يأتي دور هذه القوة لردم الفجوة القائمة على مستوى القدرات العسكرية بين دول المجلس. كما أن قوة التدخل السريع هي حل لردم الفجوة في اختلال توزيع القوى البشرية، كما تترجم هذه القوات صورة الدفاع المشترك والوحدة العسكرية.
ويمكننا القول أن الوحدة الخليجية في هياكلها العسكرية قد حظيت بالاهتمام من منطلق ضرورة التعاون في وحدات المناورة كقوات درع الجزيرة المشتركة، أو كقوة مشتركة للتدخل السريع أو الوحدة تحت مظلة الدرع الصاروخي .كما حظيت بالاهتمام في جوانب الفكر العسكري عبر القيادة العسكرية الخليجية الموحدة والاستراتيجية الدفاعية الخليجية وهو ما تطرقنا له ،لكن الوحدة العسكرية الخليجية أكبر من ذلك بكثير وتشمل القوة البحرية الخليجية المشتركة التي بإمكانها أن تمثل مجتمعة حلفاً بحرياً[3]. كما أن من لبنات الوحدة القوية التعاون العسكري في مجالات عدة؛ كالتمارين والمناورات المشتركة البرية والبحرية والجوية والاتصالات والدفاع ضد الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والنووية والمشعة والحرب الإلكترونية والخدمات الطبية، والاستخبارات والأمن العسكري والمساحة العسكرية كما قفز التعاون في مجال التعليم العسكري حيث وحَّدت دول الخليج أكثر من 100 كراسة عسكرية، وجرى توحيد أكثر من 100 منهج من مناهج الدورات العسكرية المختلفة لمدارس التدريب العسكري ومراكزه. بل تم انشاء النظام الموحد لمد الحماية التأمينية للعسكريين الخليجيين، والاستفادة من ذوي الخبرات والكفاءات من العسكريين والمدنيين المتقاعدين من مواطني دول المجلس . وبهذه الخطوات الوحدوية في المجال العسكري تستطيع دول الخليج مواجهة التحديات ولعل منها الطموح النووي الإيراني وعدم استقرار العراق والثورة السورية المستمرة وتنظيم داعش والانقلاب الحوثي في اليمن والاستدارة الأميركية نحو طهران. ورغم  أن التمسك بمبدأ السيادة بدرجة مفرطة من  معوقات  وحدة الجهد العسكري في بعض الاحيان إلا أن تبعات الربيع العربي قد غيَّر بعضًا من ذلك الإحساس الذي يعوق الاتحاد العسكري الخليجي. وفي تقديرنا إن دول المجلس تتمتع بجاهزية قتالية عالية ،فقد أكد أكثر من مراقب أنّ القوات الخليجية بأسلحتها الدقيقة يمكنها أن تصل إلى أي هدف في جوارها الاقليمي[4] ، بل أنّ هذه القوات يمكنها أن تدمر 20 ألف هدف خلال أسبوعين. وأفضل مثال على ذلك أن دول الخليج  تملك تفوق جوي يبلغ  617  طائرة مقاتلة مقارنة بأكبر منافس إقليمي لا يملك إلا 300 طائرة قديمة . وليست الوحدة بين دول الخليج  ضرورة سياسية واقتصادية فحسب بل فطرية واجتماعية وعسكرية ،فقد شكّلت هدفاً لكافة  المصلحين الخليجيين ،ومع تراجع حظوظ الوحدة عبر الجهود السياسية وارتفاع وتيرة الخلافات في هذا المجال وبقدر أقل في المجال الاقتصادي، يلاحظ المراقب أن  المؤسسة العسكرية الخليجية تزداد ديناميكية بالتكنولوجيا المشتركة فيما بينها وبالفكر العسكري المشترك الذي ساعد على نضجها المستمر فعظم من قوتها وقلل من نقاط ضعفها ،مما يمهد لاعتبارها عتبة أكثر ثباتا من سواها لتحقيق الوحدة الخليجية ليس لكثرة الانجازات الوحدوية تحت مظلتها فحسب بل لأن بمقدورها إحياء روح الحمية بين أهل الخليج أكثر من غيرها ،ولأن المؤسسة العسكرية الخليجية لم تمثل  مطلقا دور المذل لشعوب الخليج.
 الازيمع آمر قوات درع الجزيرة .حقيقة قوات درع الجزيرة .. لمن لا يعرفها !-تلفزيون البحرين.

https://www.youtube.com/watch?v=-9JubVZXnpM

[2]. التعاون العسكري الخليجي: إنجازات ملموسة أم نتائج محدودة؟

 http://studies.aljazeera.net/files/gccpath/2014/11/2014112510224430877.html

[3]. مايكل نايتس. معهد واشنطن، يونيو 2013  
http://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/rising-to-irans-challenge-gcc-military-capability-and-u.s.-security-coopera
[4]. مايكل نايتس.معهد واشنطن،نفس المصدر.

Gulf seurity أمن الخليج العربي

Kuwait
تبين هذه المدونة كيف تمتع الخليج بأهمية كبيرة أدت إلى خلق عبء استراتيجي على أهله بصورة ظهرت فيها الجغرافيا وهي تثقل كاهل التاريخ وهي مدونة لاستشراف مستقبل الأمن في الخليج العربي The strategic importance of the Gulf region creates a strategic burden and show a good example of Geography as burden on history. This blog well examine this and forecast the Gulf's near future and events in its Iraq, Iran ,Saudi Arabia ,Kuwait, Bahrain ,Qatar, United Arab Emirates and Oman

أرشيف المدونة الإلكترونية