Gulf security أمن الخليج العربي

الأربعاء، 1 مايو 2013

الزلزال الايراني في النفوس الخليجية

الزلزال الايراني في النفوس الخليجية 
د.ظافر محمد العجمي –المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج 
  
لم تنفعني صيحات النخوة القبلية الوثنية، ولا الأدعية الدينية لوقف غبار أبيض تساقط فجأة من سقف غرفتي، رافقه أنين الأضلع الخشبية لسكن الضباط في فنتورا-كالفورنيا خريف 1980م. تبعها سقوط كتبي متناثرة على الأرض، وارتطامي ثلاث مرات بالأثاث, وأنا أفر لنادي الضباط الملحق بالمبنى طالبا النجدة. لم يكن الجمع هناك ثملين بعد، فقد بدأت للتو ساعة المرح «Happy hour». لكن ما أثار استغرابي هو أنهم رغم تناثر محتويات المكان لم يكونوا في حالة هلع مثلي مع تجربتي الأولى لمعايشة زلزال، بل في حالة صخب, ويتراهنون كم ستكون قوة الزلزال حين تعلن بعد قليل. كنت حينها أحاول دون جدوى تمييز الخيط الرفيع بين الثقة والجرأة من جانب، واللامبالاة والتهور المفرط من جهة أخرى.
وحين نتحدث لجيراننا الإيرانيين عن هلعنا من تبعات الزلازل على مفاعل بوشهر نصدم بمرافعات سطحية ليس على الصعيد المعرفي والمنطقي, بل على الصعيد التمويهي أيضا، حيث يقولون إن سكان بوشهر إيرانيون, ولن نقيم مفاعلا يقطع الحرث والنسل في جزء من بلدنا. فكيف يريدوننا أن نصدق ذلك, ونظام الملالي نفسه هو الذي استخدم في المرحلة الافتتاحية للثورة فتية يدفعون أمامهم الحمير لفتح معابر في حقول الألغام خلال الحرب الإيرانية العراقية 1980-1988م نظير وعد بالجنة. فهل وعدت طهران سكان بوشهر بالجنة لأنهم يضحون بأنفسهم لتحقيق الأهداف الكبرى للأمة الإيرانية! والأهم هل سندخل معهم الجنة لأن انفجار بوشهر يعني أن مرحلة العصف النووي ستحرق بوشهر، وسنفنى نحن من الإشعاع، أومن الجوع خلال الشتاء النووي!
إن التهور والاندفاع المفرط هما ما سيدفع ضفتي الخليج لسباق نووي غير محدد المعالم. فهنا على الضفة العربية من الخليج ثمة من يعتقد أن الطبيب المعالج للعلة الإيرانية مصر بلا مبرر على تجربة المضادات الحيوية واحد تلو الآخر، فيما تفتك الحمى بخلايا مخ المريض، حيث لم ينفع حتى الآن مضاد التهديد الغربي-الإسرائيلي بمهاجمة إيران عسكريا، ولا العقوبات بالحصار الاقتصادي والدبلوماسي، ولا تقريع كاثرين أشتون لسعيد جليلي الذي أصبح امتصاصه التقريع سبب إرساله في كل مفاوضات. كما يواصل الغرب اتباع سياسة «العصا والجزرة» وكلتاهما غير ذي جدوى فالعصي تهديدات إسرائيلية غربية جوفاء, والجزرة حصار دبلوماسي واقتصادي تعودت عليه طهران, فانتفت قيمة الوعد برفعه لو انصاعت لهم, مما يجعل هذه المتوالية العبثية مستمرة فيما ندخل عامنا العاشر في مرحلة الأزمة الممتدة.
إن ما يلفت النظر هو أن الأرض الإيرانية قد أرسلت ما يشبه دق جرس الإنذار، وقد عبرت عن ذلك بهزات عنيفة عدة منها زلزال بم 2003م، وزلزال في نيسابور في يناير2012م وتبريز 2012م، وزهان 2012م ودشتي 2013م وزلزال سيستان وبلوتشستان 2013م ثم زلزال بوشهر 2013م. ومما يقلق أن الزلازل تعطي المسوغات لصناع القرار الخليجي بالتطرف في خياراتهم لوقف الطموح النووي الإيراني الذي يرونه شرا في سلميته وشرا في عسكريته. فلرفع الكلفة النووية السلمية والعسكرية على طهران يذهب صقور خليجيون لطرح خيارات تشمل:
- الانضواء تحت المظلة النووية الأميركي وفتح سماء الخليج وبحره للصواريخ والغواصات القادرة على تغيير موقف طهران.
- احتماء دول الخليج بمفاعل نووي سلمي وإيصال رسالة لطهران مفادها أن المفاعل السلمي هو الخطوة الأولى للسلاح النووي.
- تطوير جدار الصواريخ الخليجية سواء المصممة للدفاع عن منطقة محددة مثل «الباتروت» بكل الخليج أو «ثاد» في الإمارات، أو حتى «رياح الشرق» في الرياض، لتكون قادرة على حمل سلاح نووي، ولعل زيارة هيجل الأخيرة للخليج وتوقيع عقود تسلح ضخمة خير مؤشر على التوجه في هذا المنحى.
- نشر ثقافة التعامل مع الخطر النووي، ويمكن الاحتذاء بتجارب المعسكر الغربي في زمن هلعهم من الرعب النووي السوفيتي في الخمسينيات، والذي ولد ثقافة الملاجئ وتخزين الأغذية والأدوية وإجراءات التطهير.
وما زال تمييز الثقة والجرأة عن اللامبالاة والتهور المفرط في موضوع الطموح النووي الإيراني أمرا بالغ الصعوبة، ويزيده تعقيدا تداخل مواقف الكتلتين رغم وقوفهما على طرفي نقيض. حيث أعرب الرئيس «أوباما» عن التزامه باستمرار التواصل الدبلوماسي مع إيران, مبررا النتائج المتواضعة لإدارته في الأزمة بأن «الدبلوماسية مهمة صعبة»، «ومهمة من يمتلكون صبرا». وعلى الطرف الآخر أعلنت إيران افتتاح منشأة جديدة لإنتاج اليورانيوم, وأعلن نجاد في خطاب له «في الماضي كنا نعتمد على الخارج للتزود بمادة «الكعكة الصفراء»، لكن بفضل الله ها نحن ندشن المنجم تلو الآخر، وبتنا نمتلك سلسلة إنتاج للطاقة النووية».
ما زلت أذكر أن الزلزال الذي ضرب كاليفورنيا قبل 33 عاما كان زلزالا متوسطا بقوة 5.4 درجة على مقياس ريختر، وفاز بالرهان على قوة الزلزال رجل من نيويورك التي لا تعرف الزلازل، ومع تقديري لجهود اللجان الوطنية للطوارئ بدول مجلس التعاون الخليجي فإن عملهم لن يتعدى إخبارنا بعمق البئر التي سيتم رمينا فيها. أما من يدفع بتطبيق إجراءات رفع الكلفة على طهران فهو من يستطيع إيقاف إلقائنا في البئر.

ليست هناك تعليقات:

Gulf seurity أمن الخليج العربي

Kuwait
تبين هذه المدونة كيف تمتع الخليج بأهمية كبيرة أدت إلى خلق عبء استراتيجي على أهله بصورة ظهرت فيها الجغرافيا وهي تثقل كاهل التاريخ وهي مدونة لاستشراف مستقبل الأمن في الخليج العربي The strategic importance of the Gulf region creates a strategic burden and show a good example of Geography as burden on history. This blog well examine this and forecast the Gulf's near future and events in its Iraq, Iran ,Saudi Arabia ,Kuwait, Bahrain ,Qatar, United Arab Emirates and Oman

أرشيف المدونة الإلكترونية