د.ظافر محمد العجمي –المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج
الهزل نقيصة وقبح بغير إيلام ولا ضرر، وعندما يعجز الكاتب عن ولوج ذهن القارئ يجنح لاستدعاء أدواته الكتابية التهكمية الساخرة عبر صيغ ومفردات تشبه كمادات الثلج والعلاج بالصدمة في آن واحد. وفيما يشبه رياح الشمال المتربة هبت علينا عاصفة عراقية دعت خلالها النائبة العراقية عالية نصيف الحكومة ومجلس النواب إلى الإسراع في منع الجانب الكويتي من إقامة مفاعل نووي في جزيرة وربة وإنقاذ نصف مليون عراقي من التلوث الإشعاعي، وإخلاء مدينة أم قصر وخور الزبير. أما ناهدة الدايني من قائمة «العراقية» فقالت إن المفاعل النووي الكويتي يهدد البصريين بالهجرة من مدينتهم!! ووصف النائب عن ائتلاف دولة القانون صادق اللبان عزم الكويت تشييد مفاعل بأنه خرق للقانون الدولي. ومن جانبه طالب النائب جواد البولاني بوقف استمرار الانتهاكات الكويتية. أما النائب عن ائتلاف دولة القانون فالح الزيادي والنائب السابق حنين قدو فطلبا إلغاء المعاهدات والاتفاقيات التي سبق وأبرمها النظام السابق مع الكويت، وضرورة اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة لحل هذا الموضوع.
ما سبق هو صياغة تلفيقية من قبل هياكل سياسية عراقية جوفاء لمقالي «لا بديل لميناء بوبيان إلا مفاعل وربة» في 19/5/2011م حيث ختمته مستنكرا في نبرة تهكمية حجرهم لحق الكويت في اختيار موقع ميناء بوبيان بالقول إن السيادة الكويتية تتعدى بوبيان وتتعدى بناء ميناء إلى حق بناء مفاعل في جزيرة وربة الأقرب لكم من بوبيان.
وفي سوق التكسب السياسي العراقية تلك، تم بخبث عرض بضاعة للمواطن العراقي البسيط تظهر الجانب الكويتي مستغلاً ظروف العراق حتى بلغ به التمادي التخطيط لتشييد مفاعل نووي على مسافة أقل من كيلومتر من الحدود. وجرى وصف ما كتبته بـ «طروحات الصقور الجدد في الكويت»، بل إن بعضهم قد قال «يوصف العقيد العجمي بأنه من أصحاب القرار وأن رسمه لإحداثيات المفاعل الكويتي فوق جزيرة وربة ما هو إلا وضع النقاط على الحروف في ملف التهديدات المعلنة لإفراغ سواحل الفاو ومدينة أم قصر من سكانها»، وهنا لا أجد مفراً من الإقرار بأنه شعور تعس أن تكون كلماتي التي كتبتها قد احتوت على ثغرات تسرب من خلالها ماء الأحزاب الآسن مفسدا صفو العلاقات بين الكويت والعراق، بالإضافة إلى اتصال هاتفي من بغداد من رجل كبير أحمل له الكثير من التقدير يدعوني لتكرار كلماتي التهكمية لعلها تفهم في هذه المرة.
ورغم أنني لست مسؤولاً في الحكومة الكويتية فإن الشعور بالمسؤولية يدفعني لتبني الرأي الرسمي الذي صرح به وكيل وزارة الخارجية الكويتي خالد الجارالله مقللاً من أهمية تصريحات التنظيمات العراقية، مؤكداً حق الكويت السيادي في اختيار المكان الذي يناسبها للمفاعل من خلال المعاهدات والمواثيق الدولية المنظمة لمثل هذه المنشآت. كما أتبنى الرد الفني الذي أكده د.أحمد بشارة الأمين العام للجنة الكويتية للطاقة النووية أن الكويت لم تحدد المكان النهائي للمفاعل؛ حيث إن اللجنة لا تزال تدرس عددا من المواقع المقترحة وسترفع نتائج الدراسة لرئيس الحكومة لاتخاذ ما يجده مناسبا بهذا الخصوص، متمنيا في الوقت نفسه أن يتم تأهيل ميناء البحيث (أم قصر الكويتية سابقا) ليصبح قاعدة للغواصات النووية الكويتية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق