Gulf security أمن الخليج العربي

الاثنين، 25 مايو 2009

لماذا تزعجنا النجاحات الدبلوماسية القطرية؟


د.ظافر محمد العجمي – المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

خلافا لكافة دول مجلس التعاون بل وربما العالم العربي كله، عندما تتعرض لحادث مروري أو تحتاج إلى مساعدة رجال الأمن فإنك تطلب النجدة إلا في دولة قطر الشقيقة فإنك تطلب (الفزعة) وهو الاسم الرسمي لشرطة النجدة هناك. الإغراق في المحلية و الخصوصية القطرية أمر يتعدى مجرد الأسماء في الدوحة ويصل إلى السياسة الخارجية لبلد لايتعدى عدد مواطنيه 820 ألف نسمة كما لاحظت ذلك وكالة الأنباء الألمانية في تقرير نشر يوم الثلاثاء 19 مايو 2009م . ولا يمكن لمراقب أن يتجاوز حقيقة إن السياسة الخارجية للدوحة فريدة، ومستقلة، وذكية. وقد سبق أن تعرضنا في 'جريدة"الان" لبعض جوانب سياسة الدوحة من خلال مقاربة سلطنا الضوء فيها على تلك النوافذ القطرية المميزة :http://www.alaan.cc/pagedetails.asp?nid=18380&cid=46
من مظاهر الخصوصية القطرية التي لفتت نظر المراقبين، خروج دولة قطر عن قوالب السياسة العربية التقليدية تجاه العدو الصهيوني، حيث لا يمكن أن نصنفها ضمن معسكر الدول التي قامت بتوقيع اتفاقية سلام مع الدولة العبرية، أو بدقة أكثر دول التطبيع ودول الممانعة في التطبيع ، فهي تعترف بإسرائيل من خلال استضافة مكتب التمثيل التجاري الإسرائيلي ، وفي الوقت نفسه لم توقع اتفاقية سلام معها ،كما إن من مظاهر الخصوصية القطرية العلاقات الحميمة مع واشنطن، ووجود القاعدة الجوية الأميركية في العديد، وفي الوقت نفسه تقديم الدوحة الدعم السياسي والمالي لحزب الله اللبناني وحركة 'حماس ' وهما منظمتان موصومتان بالإرهاب أمريكيا .يضاف إلى ذلك قناة الجزيرة القطرية المناوئة لإسرائيل والولايات المتحدة في قضايا غزة وأفغانستان والعراق . للخروج من إشكالية الضعف الاستراتيجي في مقابل الطموح الكبير، لم تجد الدوحة بدا من اللعب بذكاء والنجاح في موازنة مصالح قوى إقليمية ودولية متضادة ،فالدبلوماسية القطرية الذكية نجحت في طي صفحة خلاف الفرقاء في لبنان ،كما إن السيناريو نفسه يجري تطبيقه بهدوء لوقف الخلاف بين الحكومة السودانية والمتمردين في دارفور.،كما تم مؤخرا التوقيع في الدوحة على اتفاق يوقف الخلاف السوداني والتشادي برعاية قطرية، بالإضافة إلى تدخل الدوحة بطلب من حماس بين الفصائل الفلسطينية، ليس هذا فحسب بل وحتى بين الإسرائيليين والفلسطينيين .
يعزو كثير من المراقبين نجاحات الدوحة إلى أن محرك آلة الدبلوماسية القطرية هو أمير دولة قطر سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بما يملكه من قدرة لدعم خطوات بلاده ، وليس كما يعتقد البعض من أن المحرك هو الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية. يضاف إلى ذلك إن قطر تستغل بنجاح الخلافات بين اللاعبين الرئيسيين لتحقيق نقاط كسب في سجلها الدبلوماسي .كما تستند النجاحات القطرية إلى شبكة علاقات معقدة وضخمة مع صناع القرار حول العالم، ويدعم ذلك وفرة مالية تم تسخيرها لخدمة السياسة الخارجية القطرية. لكن الكسب القطري الكبير هو في فتح الدوحة لملفات ذات قضايا مستمرة في التدهور ولم تلتفت لها الدبلوماسية العربية إلا بإشارات عابرة يتم ترحيلها من قمة إلى أخرى . كما أن بروز الدور القطري خلال عقد واحد يعود الى فراغ القوة الذي مرده اضمحلال دور القوى العربية التقليدي مثل السعودية و مصر ، بالإضافة إلى غياب اللاعب الفاعل عن الساحة .
ردة الفعل العربية على النشاط الدبلوماسي القطري كانت خليط من التململ والانتقاد، وقد ظهرت ردة الفعل المصرية أقوى من سواها، فالتنافس القطري المصري ظهر جليا إبان الهجوم الصهيوني على غزة، حيث عملت الآلة الإعلامية القطرية على تصوير الموقف المصري كالعاجز أو المتخاذل . فما كان من مصر إلا أن ردت الهجوم بافشال كل مسعى قطري لحل الأزمة من خلال المؤتمرات او الدعوات للمصالحة ،بل و بوصف دولة قطر بعنصر التفرقة والخلاف في المحيط العربي . فالقاهرة ترى إن تحركات الدوحة تقلل من وزن مصر الإقليمي والدولي، وفي الوقت نفسه تعتقد الدوحة إن مصر لم تعد قادرة على احتكار مواضيع هامة مثل القضية الفلسطينية والسودانية ، دون أن يكون فيها تقدم يذكر .
ما لم تتعرض له الوكالة الألمانية في متابعتها للدبلوماسية القطرية هوأسباب جمود الدور الكويتي والسعودي والامارتي والعماني ٍكلاعب مهم في القضايا الإقليمية والدولية،بالرغم من ان بعض هذه القضايا تمس هذه الكيانات في أسباب وجودها. بل إن بعض الإشارات تتحدث عن خطر فقدان المصداقية القطرية في لعبها على التناقضات الدولية، وهناك أيضا رد النجاحات القطرية إلى امتطاء الدوحة لمارد الريال القطري . وهنا نقول إن جمود الدبلوماسية الخليجية مرده الكهولة التي ازرقت عروقها في أروقة وزارات الخارجية الخليجية ، وإذا لم يكن الدبلوماسيون كهولا فهناك قصور بلا شك في معاهد الدراسات الدبلوماسية، وقصور في محاولاتهم للخروج من العباءة التقليدية التي ورثوها.أما قضية المصداقية في الدبلوماسية فلن نحيلهم الى سيئ الصيت اليهودي العبقري نيقولو ميكافيللي بل الى بسمارك Bismarck الذي جعل بلدا صغيرا واحدا يتحكم في أوروبا كلها .كما لابد من الإشارة إلى أن الريال القطري هو شكل آخر من دبلوماسية الدينار الكويتية في الستينيات والسبعينيات، وهو أيضا شكل آخر من دبلوماسية البترودولارات التي توصف بها الدبلوماسية الخليجية بشكل عام حتى في محيطها العربي . كما لم تشر الدراسة الألمانية الى ما تحققه الدبلوماسية القطرية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية من ثقل إقليمي وعربي ودولي، حتى انها تحرضنا على الاقتراح بجعل الكويت مركزا ماليا وتجاريا كما نطمح، وجعل الرياض مركز لثقلنا العسكري والدوحة لإدارة الدبلوماسية الخليجية الفريدة، والمستقلة، والذكية.

ليست هناك تعليقات:

Gulf seurity أمن الخليج العربي

Kuwait
تبين هذه المدونة كيف تمتع الخليج بأهمية كبيرة أدت إلى خلق عبء استراتيجي على أهله بصورة ظهرت فيها الجغرافيا وهي تثقل كاهل التاريخ وهي مدونة لاستشراف مستقبل الأمن في الخليج العربي The strategic importance of the Gulf region creates a strategic burden and show a good example of Geography as burden on history. This blog well examine this and forecast the Gulf's near future and events in its Iraq, Iran ,Saudi Arabia ,Kuwait, Bahrain ,Qatar, United Arab Emirates and Oman

أرشيف المدونة الإلكترونية