Gulf security أمن الخليج العربي

الثلاثاء، 6 نوفمبر 2007

إصلاح المؤسسة العسكرية في دول مجلس التعاون

السلطة تفسد
power corrupts

لقدأصبحت مفردة الإصلاح هي المفردة الأكثر شيوعا في لغة الإعلام والخطابات السياسية في الخمسة عشر عاما الماضية ‏،وصار كل من يريد إيصال نفسه كبديل لوجوه السلطة رفع شعار الإصلاح، وزاد الجدل واللغو باستخدام كلمة الإصلاح في كافة المجالات فهناك مطلب بالإصلاح الاقتصادي والسياسي والديني والتعليمي والاجتماعي والأخلاقي والثقافي والإعلامي
وإذا كانت لافتات الإصلاح معلقة في كل مؤسسات الدولة فإن تلك اللافتات محرم رفعها في المؤسسة العسكرية.حيث أن هناك شح كبير في طلب إصلاح المؤسسات العسكرية في وسائل الاعلام في الخليج والوطن العربي بصفة عامة.ويعود هذا الشح في المطالبة بإصلاح المؤسسة العسكرية الخليجية لعدة أسباب ، منها أن القضايا العسكرية هي من القضايا الحساسة المحرمة رغم حرية التعبير في بعض مناطق الخليج العربي ، كما أن المجتمع المدني لا يناقش ما يتعلق بالعسكرية والعسكريين لاعتبارات تاريخية وسياسية بل واجتماعية حيث أن طبقة العسكريين هم من ذوي الدخول المتدنية والتحصيل العلمي القليل إضافة إلى التوجه السائد بأن الشؤون العسكرية ترتبط بالأمن القومي وهو من المحرمات.
ولا تتوفر لكافة مؤسسات الدولة ما يتوفر لرجال الجيش كقوة السلاح والمال والنفوذ والسلطة وقوة توفر المعلومات، وحصانة كوادرها العسكرية التي جعلتهم فوق كل مساءلة مما سهل اختراق الفساد بألوانه حصنها العتيد وجعلها شبه بؤرة تجاوزات مسكوت عنها
يوصم كل من ينتقد المؤسسات العسكرية بالخيانة وأضعاف معنويات الجيش، حتى لو كان النقد لشخص واحد في المؤسسة العسكرية، ويوصف كل نقد بأنه صادر عن مجموعة الناقمين علي الأوضاع .لذا لم تجرؤ جهة في الاقتراب من ملفات الشفافية والميزانيات ومناقصات الأسلحة الساخنة في المؤسسات العسكرية،بل أن جهود منظمات محاربة الفساد تتوقف بشكل مريب أمام أسوار المعسكرات الخليجية وكأن من في داخلها ملائكة، مع العلم أن قمة هرم المؤسسة العسكرية هم الأكثر عرضة لارتكاب الفساد الإداري والمالي بناء على مقولة أن السلطة تفسد ولأن فساد الكبار ذوو السلطة لا مثيل له.
دواعي الإصلاح
لقد بات لإصلاح العسكري ضرورة ملحة بسبب تغير البيئة الأمنية في المنطقة، وتغير العدو المفترض، وتغير نوع الخطر. ورغم مرور الخليج العربي بأزمة التغيرات الأمنية الكبرى فلازالت المؤسسات العسكرية تدار بنفس الأساليب القديمة حيث نجد أن هناك اختلال مذل لكرامة العسكريين بسبب ما يشوب أنظمة الترقيات والمناصب والمرتبات من إجحاف حتى تحول الضباط والأفراد إلى شلل تقدم الولاء للقائد كقبيلة أكثر من الولاء للمؤسسة العسكرية بأنظمتها التي تحفظ حقوقهم، وفي داخل إطار الولاء للفرد نفسه صار هناك حرص على أمن النظام وأفراده أكثر من الحرص على أمن المجتمع والنظام معاً، وهنا مكمن الخطر حيث تتبدل ولاءات العسكريين مع تبدل الأفراد
ومع عدم ثقة العسكري في مؤسسته صار هناك أنهيار في المعنويات وارتفاع نسبة الهروب من الخدمة العسكرية مع قلة في عدد المتطوعين الجيدين، رغم عدم وجود خطر الحرب كعنصر طرد من الخدمة. وتعاني المؤسسة العسكرية الخليجية أيضا من مشكلة قل نظيرها وهي مشكلة الوفرة المالية والميزانيات البعيدة عن المحاسبة مما خلق فساد مالي لا نضير له وشراء أسلحة بدون خطط مدروسة،حيث تسلل تجار السلاح إلى لجان التسليح مما أدى لفساد كبار موظفي وزارات الدفاع والضباط النافذين
أما إصلاح المؤسسة العسكرية الخليجية كجسم واحد تحت مظلة مجلس التعاون فيتطلب جهود جبارة أعاقها منذ 25 عاما الأمور السيادية التي يتعذر بها صناع القرار في كل دولة على حده،مما أدى إلى تفكيك مستتر لقوة درع الجزيرة،كما حدت السيادة من تكامل تسلح دول المجلس بل أن هناك نوع من سباق التسلح فيما بين دول المجلس.
مرتكزات الاصلاح
يجب أن تركز خطة الإصلاح العسكري على ثلاثة أمور : أن تكون جهد خليجي مشترك وان تركز على إجراء عملية تحديث في التسليح، ثم إجراء عملية تحديث في الفكر العسكري للقوات المسلحة.
ولأن أي دولة خليجية تعجز عن تولي أمر الإصلاح بمفردها،لذا نرى أن الإصلاح العسكري يتطلب قدراً أعظم من التكامل وتقاسم المعلومات بين دول مجلس التعاون حيث ستصبح القدرة على مراقبة المعلومات واستخدامها عنصراً أساسياً في النزاعات المستقبلية. وسوف يسهم في النجاح أيضا الجهد المشترك في البنية الأساسية لدول المجلس كالقواعد والموانئ ووسائل النقل ومرافق التدريب. ويتعين على دول المجلس أن تؤسس شراكات فاعلة عبر الحدود الوطنية مع بقية دول المجلس.وان تسعى لتوحيد أساليب إدارة المعركة المشتركة وتوحيد العقيدة القتالية وكيفية دخول الوحدات للقتال كجهد واحد منسق،كما نرى ضرورة البت في توحيد الاستراتيجية الدفاعية الخليجية من حيث صياغة أهدافها وتحديد الوسائل المتاحة لتحقيق هذه الأهداف ثم تنسيق هذه الوسائل .
إن على من يتولى عملية الإصلاح أن يضع في ذهنه المسؤوليات الأساسية للقوات المسلحة،وأن يحاول تخليص الجيش من الحمل الثقيل الذي ألقي على كاهله والمتمثل في عمليات مكافحة الإرهاب، وحصرها على قوى الأمن الداخلي والحرس الوطني. ولابأس من تشكيل هيكل قيادة وسيطرة مشتركة داخل الدولة نفسها أوعلى مستوى دول المجلس للتنسيق بين القوات المسلحة وقوات الأمن الداخلي.وفي سياق التحولات الهيكلية بعيدة المدى التي يجب أن يتم إدخالها نرى أن على القيادة العليا إعادة النظر في العديد من الخطط،وخاصة فيما يتعلق بالنزاعات العسكرية المحتملة مثل التهديد النووي وصراع الغرب مع إيران، مع ما يشمل ذلك من إدخال أفكار قتالية جديدة مبنية على عقيدة عسكرية واضحة واستراتيجية دفاعية يمكن تحقيقها،وأن يتم تطبيق مبدأ القيادة والسيطرة المشتركة للقوات بهدف توحيد وتنسيق أعمال قتال الأسلحة المختلفة أثناء العمليات العسكرية. وخلق جيش صغير فعال سريع الحركة .كما نرى أن يشمل الإصلاح في مجال الفكر العسكري رفع مستوى منتسبي القوات المسلحة في عملية طويلة تمتد منذ الاختيار مرورا بالتدريب إلى الترقيات وتوزيع المناصب مع تبني معايير أكثر وضوحا وعدلا بحيث يكون أساسها الكفاءة لتجاوز محددات الانتماء الأسري،كما يجب حفظ حقوق العسكريين من خلال تفعيل قانون عسكري واضح.
أما أهم الإصلاحات في مجال التسلح فيجب أن نتذكر إن ميزانية القوات المسلحة هي الوحيدة التي لا تناقش في البرلمانات بشفافية ولا تراقب من قبل وزارة المالية ولا دوائر الحسابات بنفس ما يجري لمؤسسات الدولة الأخرى وهي بذلك في مأمن من الشفافية التي تكشف التجاوزات التي ترهق الميزانية العامة للدولة، كما تتطلب لإصلاحات في مجال التسلح أن لاتكون بإيحاء من الدول الكبرى لتسويق أسلحتها أو لسداد ديونها بدل النفط ، حتى لا تكون معرقلة لعملية الإصلاح العسكري.
الإصلاح العسكري بالقوة
أن الإصلاح العسكري قد يستغرق أعواماً طويلة إلا أن المهم هو قدرتنا على تشخيص الخلل وبدء رحلة البحث عن العلاج. ولأن الفجوة بين متطلبات أمن دول مجلس التعاون وقدراتها العسكرية في اتساع لذا تحتاج الجيوش الخليجية إلى الإصلاح العسكري المؤسساتي الطويل الأجل.وكأية عملية إصلاح أخرى نرى إن عملية الإصلاح والتغيير في المؤسسة العسكرية يتطلب التأني لأن وراء الفساد قوى تعمل دون كلل على معاكسة مجرى الإصلاح، وان تم إجبارتلك القوى جاءت الإصلاحات شكلية لا تشمل إلا الزى العسكري .
إن أشد ما يقلق في موضوع الإصلاح العسكري هو أن تأتي الإصلاحات من الخارج، بحيث يتم إدخال إصلاحات هيكلية على المؤسسات العسكرية لدول مجلس التعاون من حلف الناتو مثلا حيث يسعى للربط بين التحالف القائم بينه وبين دول المنطقة وبين إصلاح المؤسسات العسكرية في تلك الدول بما يؤهلها للعب دور في قضية الحرب على الإرهاب وقضية الإصلاح الديمقراطي . وتتضمن قائمة لإصلاحات سيطرة المؤسسات الديمقراطية على المؤسسة العسكرية ، وأن تدار الدولة عن طريق جهات مدنية ديمقراطية،و ضرورة مناقشة ميزانيات القوات المسلحة للدولة في المجالس التشريعية المنتخبة، كما تتضمن مشاركة القوات المسلحة في عمليات مشتركة مع الناتو في مناطق التوتر الدولي. وكل ذلك ماهو إلا ستار للتدخل في قضايا حساسة تمس الشأن الداخلي لدول المجلس وإشراكنا في قضايا لا تكون من أولويتنا
في 21 يوليو 1798م التقت قوات نابليون بونابرت والقوات المصرية في معركة الأهرام،وكانت القوات المصرية كبيرة غير أنها لم تكن معدة إعدادا جيدا؛ فلقيت هزيمة كبيرة وفر قائدها مراد بك ومن بقي معه من المماليك إلى الصعيد وأصبحت القاهرة في يد نابليون الذي رأى بفكره الثاقب أن الهزيمة العسكرية ليست الأصل بل أن الهزيمة الحضارية هي الأصل.
والإصلاح العسكري في دول مجلس التعاون غير مجد بل إن الإصلاح الحضاري هو الأصل، وعليه نرى أن المؤسسة العسكرية الخليجية في حاجة ماسة للتغيير والإصلاح بخطوات جادة ونزيهة كجزء من حركة الإصلاح العامة التي تم استثناء المؤسسة العسكرية منها .

ليست هناك تعليقات:

Gulf seurity أمن الخليج العربي

Kuwait
تبين هذه المدونة كيف تمتع الخليج بأهمية كبيرة أدت إلى خلق عبء استراتيجي على أهله بصورة ظهرت فيها الجغرافيا وهي تثقل كاهل التاريخ وهي مدونة لاستشراف مستقبل الأمن في الخليج العربي The strategic importance of the Gulf region creates a strategic burden and show a good example of Geography as burden on history. This blog well examine this and forecast the Gulf's near future and events in its Iraq, Iran ,Saudi Arabia ,Kuwait, Bahrain ,Qatar, United Arab Emirates and Oman

أرشيف المدونة الإلكترونية