تصحيح التاريخ تم في 28 مايو 2008م حين جرى تعيين السيدة هدى عزرا نونو سفيرة لمملكة البحرين في واشنطن، وبهذا تكون السيدة نونو أول سفيرة يهودية في تاريخ البحرين. وكانت السيدة نونو قد انتخبت أمينا عاما لجمعية البحرين لمراقبة حقوق الإنسان عام 2002، وهي جمعية حكومية، وفي عام 2006 عينت عضوا في مجلس الشورى، بدلا من ابن عمها إبراهيم نونو، الذي انتخب عضوا في البرلمان لأربع سنوات، ، وكانت عائلة نونو قد قدمت إلى البحرين من العراق، في أواخر القرن التاسع عشر، حيث أسس جدها إبراهيم نونو شركة للصرافة،لا تزال تعمل حتى اليوم، وكانت السيدة هدى نونو قد تحصلت على شهادة الماجستير، في إدارة الإعمال من بريطانيا، وأشرفت على شركة الصرافة، قبل أن تتجه إلى العمل الحقوقي، ثم إلى العمل الدبلوماسي،وقالت السيدة نونو أنها تشعر بالفخر لخدمة بلادها قبل كل شيء كبحرينية، وأكدت أنه لم يتم اختيارها لهذا المنصب بسبب دينها.
لقد تباينت ردود الفعل حول قرار المنامة تعيين هدى عزرا نونو سفيرة لها في واشنطن فهي لدى بعض المحللين مغازلة اللوبي الصهيوني في واشنطن ومحاولة للتطبيع مع إسرائيل تدريجيا،وهي رسالة واضحة لأميركا مفادها أن البحرين تهتم بحقوق الأقليات الدينية عن طريق إشراكهم في المناصب القيادية في المملكة، ولأن نونو ستقابل هناك بترحاب كبير فهي فرار بحريني لإيجاد منفذ و قناة اتصال مؤثرة وفاعلة في واشنطن المثقلة بالهوى اليهودي في وقت ازدادت فيه احتمالات لمواجهة بين الولايات المتحدة وإيران،حيث تشعر البحرين بأنها ستجد نفسها محشورة في هذا النزاع الذي قد يشكل خطرا حقيقيا على وجودها.
صهاينة الخليج ويهود الخليج
لابد أولا أن نؤكد أن هذا المقال لا يصدر من بوق تطبيع مع العدو الإسرائيلي،فنحن ضد الصهاينة بشكل مطلق. لكن الصهيونية موضوع واليهودية شأن أخر ، ولولا جملة أخطاء في سياق التفريق بين التعريفين لكان لليهود العرب دور ايجابي في قضايا العرب الرئيسية وأولها قضية فلسطين المحتلة.
من ضمن معوقات بحث قضايا الخليج العربي ندرة الكتابات المتخصصة في قضاياه، باستثناء القضايا النفطية وقضايا حروب الخليج بفصولها التراجيدية الأولى 1980-1988والثانية190-1991 والثالثة2003. ويأتي ضمن الكم المهمل ما كتب عن اليهود في الخليج العربي كأقلية اقتصادية فاعلة اشتغلوا في الأمور المالية بل والسياسية في بعض الأحيان كما حدث عندما تم تعيين ساسون أفندي حقيل في 13 كانون الثاني 1920 وزيراً للمالية في حكومة العراق كمثال على انسجام اليهود مع مجتمعهم العراقي آنذاك . ،ولم نجد في موضوع يهود الخليج إلا مصدر واحد هو كتاب اليهود في الشرق الأوسط للكاتب مأمون كيوان .
ففي البحرين التي اتخذا خطوة الاستفادة من يهودها ،يوجد عوائل يهودية تعود أصولها إلى العراق وفارس والهند حيث بلغ عدد اليهود في عام 1956 حوالي 400 يهودي وانخفض هذا العدد إلى 150 يهودي بعد حرب 1967 ويقال إن عددهم حاليا 40 يهودي يتوزعون على سبع عوائل ويعمل معظمهم في البنوك وشركات الصرافة والتجارة، وكان معظم اليهود البحرينيين قد هاجروا إلى إسرائيل بعد إنشاءها، وبالرغم من عدم وجود علاقة دبلوماسية بين البحرين وإسرائيل، إلا أن وفدا إسرائيليا كان قد زار البحرين عام 1969، وتسبب وجوده في مظاهرات صاخبة عمت شوارع المنامة.
أما يهود الكويت فكانوا عبارة عن عائلات قدمت من العراق في أواخر القرن 19 وقد وصل عددها إلى 100 عائلة يهودية بالثلاثينات ،كما كان لهم نشاط تجاري بـالذهب و بالأقمشة قرب مسجد السوق، ولهم قيصرية عبارة عن سوق مسقوف باسمهم، وكانت تسمى ب'سوق القطان'. ولهم مقبرة مازالت موجودة ومسورة خلف مبنى مجمع الخليجية مقابل منطقة شرق الصناعية.
يقول فلكي الكويت المعمر صالح العجيري :عاش اليهود معنا سنوات طويلة، و بعضهم استقر في أوائل حكم الشيخ عبدالله بن صباح (الحاكم الخامس) حوالي عام ،1860 ومقبرتهم تشهد أنهم كانوا عاشوا سنوات طويلة بين أفراد المجتمع الكويتي يتزاوجون ويولدون ويكبرون ويموتون ويدفنون موتاهم في مقبرة خاصة بهم، ومازالت موجودة ومسورة . ويكمل حديثه قائلا إن اليهود في الكويت كانوا دئما يبتعدون عن شراء اللحوم المذبوحة في سوق الكويت، ومأكلهم الوحيد من اللحوم كان الحمام الحي. ومن أشهر العائلات اليهودية في الكويت عائلة الربين.وهناك عائلات أسمها: عزرا, صمويل, حصغير, خواجة ومحلب .
وكان هناك المطرب اليهودي المشهور 'داوود الكويتي' وهو ابن 'عزرا'، وسمي بالكويتي لأن الغناء في القديم كان غير مرغوب ولا يريد أن يذكر اسم والده. وهذا يهودي آخر عازف كمان أسمه(صالح الكويتي) وقد تجاوزت شهرتهما في فترة الأربعينيات حدود الكويت إلى بعض الدول العربية المجاورة. ويذكر أن ابن صالح الكويتي -ويدعى شلومو الكفيتي وهو مقيم حاليا في إسرائيل قد قام مؤخرا بإصدار البوم من مختارات أعمال والده وعمه الموسيقية كاملة. ويضيف العجيري: عاشوا معنا بطمأنينة وأمان لهم حق الشراء والتملك في العقار او المحلات او الاستيراد والتصدير بحرية تامة، وهذا اليهودي المشهور عند اهل الكويت صالح محلب الذي طالب بقطعة ارض خلف فندق شيراتون عندما حصل خلاف مع بعض ملاك الأرض حول ملكيتها، وكان هو منهم وادعى إن الأرض له، ولم يعترض احد على انه يهودي وقدم أوراقه ولكنها لم تكن كاملة، ولو كانت صحيحة لاستملكها.
أما الحاج محمد جعفر بهبهاني الذي عمل في البنك البريطاني للشرق الأوسط منذ بداية الأربعينات، وكانت حسابات اغلب اليهود عنده قال: آخر يهودي خرج من الكويت وهو من المشهورين كان أنور مناشي كوهين وكان يعمل مع حمد الحميضي في الصرافة وبيع الذهب، وعندما يدخل البنك في أيام الحرب العالمية الثانية كان يقف له المدير، وكان حسابه عندي، ولا أحد يعرفه غيري وكان يهودي آخر أسمه 'هارون ناوي' يعمل عند علي قبازرد.وقال بهبهاني: كان أحد اليهود يأتي من عبدان للبيع والشراء وعندما يشرب الماء والشاي تطهر استكانته، وكان يصيح بأعلى صوته أنا أقول: 'أشهد أن لا إله إلا الله' لماذا تغسلون أوانيكم من بعدي؟
وحسب جميع الروايات لم يبقى لليهود أثر في الكويت بعد عام 1948م،لكن المصادر اليهودية التي لم يتم تأكيدها من الكويت تقول انه يوجد في الكويت حاليا أربع عوائل إلا أنه لا يعرف عنها شيء بعد وقوع غزو الكويت عام 1990 .
كما يشير أكثر من مصدر الى ان اليهود كانوا موجودين في صحار العمانية ولكنهم هاجروا من البلاد في فترة قيام الكيان الصهيوني في فلسطين ، ويدل على وجودهم هناك المقبرة الموجودة في صحار/ وقد ذكرت بعض المصادر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي في تلك قد زار المقبرة بشكل . وقد أشتغل يهود عمان في منطقة صحار كحرفيين لفترة ما ، ومن آثارهم الباقية غير المقبرة جدار لما يعتقد انه كان معبدا لهم. وفي كتاب الأمريكي ويندل فيليبسWendell Phillips الذي تملك حقوق نفط ظفار في عمان " رحلة إلى عمان " فقرة تقول: المنطقة الوحيدة التي كثر استخدام الطوب المحروق فيها هي منطقة صحار - مجيس، حيث يذكر الناس ان هذا النوع من الطوب يقوم على إنتاجه حرفيون يهود، وحيث انهم قد قدموا من البصرة كما هو معروف فإن اصل هذه الحرفة ربما يكون جنوب العراق حيث أنتج الطوب المحروق منذ قديم الزمان، وفي قول آخر أنهم هربوا من الاضطهاد العثماني في العراق .
مشروع الصهاينة في الخليج العربي
يقول مؤلف كتاب أمن الخليج العربي تطوره وإشكالياته من منظور العلاقات الإقليمية والدولية من منشورات مركز دراسات الوحدة العربية 2006. إن البريطانيون قد تركوا لنا في وثائقهم،ضمن جهودهم السياسية،ما يدل على مشروعات استعمارية، لو قدر لها أن تطبق،لتغيرت خريطة الخليج العربي بشكل كبير. ومن ذلك فشل مشروع يهودي ،يدعو إلى إنشاء دولة يهودية في البحرين والإحساء خلال الحرب العالمية الأولى، وينفرد بذكره أحد اليهود الروس واسمه م.ل. روثستين DR ROTHSTEIN ، الذي تقدم بمشروع إلى السير فرانسيس برتي Bertie سفير إنجلترا في باريس في سبتمبر 1917م ،ويقترح إنشاء جيش من اليهود في البحرين ، يقوم بعد استعداده بأموال اليهود من غزو الإحساء ، وتكوين دولة يهودية من المقاطعات الشمالية في الخليج باستثناء الكويت.
ويبدو أن الاقتراح كما يقول الباحث، قد وصل إلى درجات عليا في الخارجية البريطانية ، حيث أمر وزير الخارجية البريطانية بإصدار تعليماته إلى السفير في باريس باستحالة تنفيذ المشروع.ولاشك في أن القيادات اليهودية في مطلع القرن العشرين، قد تصارعت فيما بينها ، لتحقيق الحلم اليهودي في إقامة دولة لهم ، بعد إخراج هذه الدولة من كتب التاريخ إلى الواقع، حيث نجح وايزمن في إقناع حكومة صاحبة الجلالة ، بمنح وعد بلفور لإقامة دولة إسرائيل في فلسطين،وليس الخليج . ولو أدخلنا النفط في الموضوع ، وهو حجر الزاوية ،لما ترددنا في القول: إن اليهودي روشنتين قد جعله المحور الرئيسي لنجاح قيام هذه الدولة،بالإضافة إلى الموقع المتميز،ولكن لانعتقد بأن البريطانيين في تلك الفترة،كانوا سيتخلون عن شمال الخليج لصالح أحد،ثم إننا لا نجد العامل التاريخي الذي تعول عليه المطالب اليهودية لإقامة إسرائيل،لكن الأكيد أن المنطقة كانت ستشهد عملية اختلاط للأوراق بصورة مثيرة،لو تحقق الحلم اليهودي بدولة في الخليج العربي .
فقد الخليج العربي يهوده في منتصف القرن العشرين ، وهي نفس الفترة التي تسرب فيها بقية يهود الوطن العربي إلى فلسطين المحتلة من اليمن و المغرب العربي والعراق ومصر وسوريا ، وكن لبعض اليهود العرب أخطاءهم القاتلة التي تمثلت في ارتباطهم بالمستعمرين حتى يستحوذوا على الامتيازات الأجنبية مما دفع العرب الى التعصب والقيام بممارسات خاطئة تجاههم تضمنت إصدار القوانين المضادة لليهود التي تلقفتها المنظمات الصهيونية لتشيع التوتر بين الطرفين ثم الرعب في قلوب اليهود العرب وهو الدور الذي سماه "ألفريد ليلينتال" بخطة "خوّف واستنفر" أو "ادفع للأمام ثم اسحب" وذلك عن طريق إرهاب أفراد الطائفة بالتفجيرات في الأحياء والمعابد.
كان اليهود تجار وصناع في الخليج بصورة عامة ، وفي عمان كانوا يسمون "الجحود" ولدى بدو الجزيرة العربية يسمون "الجهود " ورغم اختلاف التسميات إلا إن اليهود كان لهم وجود في معظم مدن الخليج العربي ، ثم أخذ تاريخهم منحى أخر، ففي فورة القومية العربية وزمن الصدامات الكبيرة مع إسرائيل استخدم القوميون العرب الدين الإسلامي لتنفير الشعوب العربية من اليهود في خلط مريب بين الصهيونية واليهودية، وقد خسرنا اليهود العرب كتجار وصناع ومثقفين وعلماء وتم التغاضي عن تسويق الشيوعيين العرب بكافة درجات إلحادهم ،كما تغاضينا عن توطن السيخ والهندوس والبوذيين والوثنيين رغم صراحة النص القرآني الشريف ، ورغم صراحة تشريعات المواطنة في البلاد العربية في هذا الأمر.
فهل ما جرى في البحرين هو دليل أخر على ان التاريخ يصحح نفسه، وهل تشرع دول أخرى في البحث عن يهودها لخلق قناة تفاهم مع صناع القرار في عاصمة الإمبراطورية العالمية التي يخطب الجميع ودها ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق