Gulf security أمن الخليج العربي

الأربعاء، 13 مارس 2019

هل تأجيل الانتخابات الجزائرية اغتيال معنوي لها؟!



د.ظافرمحمد العجمي 


من أصعب الأمور على كاتب المقال الأسبوعي هو حين يجد محتوى سطوره التي أرسلها وقد تجاوزتها الأحداث، فيصبح أمام خيارين، إما إضافة سطر يوضح قدم كتابة المقال، أو يلغي المقال ويكتب غيره. وهذا ما حدث في متابعتي لما يجري في الجزائر؛ فقبل تجاوب بوتفليقة والجيش مع مطالب الحراك الشعبي توقعت أن الأذن الجزائرية ستكون أمام سماع ثلاثة بيانات محتملة؛ الأول: مهزلة لا تليق بتاريخ الجزائر، فالجيش قد يختطف الحكم لقطع الطريق على «دخول أطراف داخلية أو أجنبية لإثارة الفتنة في الجزائر»، وسيكون مدعوماً من الاتحاد العام للعمال الجزائريين، الذي أعلن في نهاية فبراير أن موقفه نابع من إنجازات قام بها بوتفليقة. فالجيش مدعوماً من بعض القوى غير الدستورية، وقد يخرج بيان «ينفي الجيش وقوع انقلاب عسكري، مع تأكيده بسيادة السياسة على السلاح، حيث عقد الجيش اجتماعات مع القوى السياسية لإيجاد حلول سلمية للاحتجاجات التي تجتاح البلاد، وقرر إعلان الأحكام العرفية وسيطرته على مقاليد الحكم حتى يتضح الوضع السياسي لتجاوز الأزمة الراهنة. ولن يكون البيان عبر الإذاعة المحاصرة بالدبابات، بل عبر تغريدة، أو بيان ينتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي تماشياً مع العصر.

البيان الثاني الذي توقعناه كان انتقال وفاة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة القريبة من كونها فرضية لتصبح بديهية حتمية، فكما تردد أنه يتغذى ويتنفس اصطناعياً، ولا يستطيع النطق إطلاقاً. وستعلن رئاسة الجمهورية وفاة رجل الدولة الفقيد الكبير، حيث تنعي ببالغ الحسرة ومنتهى الخشوع أحد أكبر رجالاتها الزعيم الوطني رحمه الله. بعدها سيتم تعيين رئيس أركان الجيش الجزائري. أو الحاكم الفعلي للبلاد شقيق الرئيس السعيد بوتفليقة. أو أقلهم حظاً الدبلوماسي الأخضر الإبراهيمي. أما البيان الثالث الذي توقعناه فهو أن يستمر الشعب الجزائري في احتجاجاته السلمية بعيداً عن تأثير الأنظمة الإسلامية الشمولية، وبدون تأثير النقابات الأنانية، بعيداً عن الضغوط الفرنسية، والأميركية؛ فيسحب بوتفليقة أوراق ترشحه، وهذا ما حدث.

كتبنا ذلك لأن ما يجري في الجزائر كان كوميديا ساخرة، فالعلوم السياسية عاجزة عن تفسير ما يجري كما يقول الجزائريون، ولا بد من فتح المجال للعلوم النفسية لتعطينا الجواب؛ لأننا دخلنا في نوع من الهيستريا. وبعد تجاوب المُؤسستين العسكريّة والرئاسيّة مع مطالب الحراك الشعبي تغيرت قراءة المشهد الجزائري جراء ثلاثة أمور، أولها أن أحمد صالح، قائد الجيش والرجل القوي أعلن أن هُناك تعاطفاً وتضامناً ونظرة واحدة للمستقبل، تجمع الجيش والشعب، فيما يشبه الطابع التصالحي بين الشارع والثكنات. أما ثاني الأمور التي غيرت المشهد فكانت في عودة بوتفليقة إلى الجزائر، وإعلانه عدم الترشح، أما ثالث الدوافع فهو استمرار الحراك الشعبي السلمي وتجاوب وسائل الإعلام العالمية معه. وقد نتج عن الدوافع الثلاث نتائج ثلاث: هي عدم ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، وتأجيل الانتخابات الرئاسية، وإطلاق ندوة للحوار الوطني.

بالعجمي الفصيح:

تقلّب المشهد الجزائري متسارع ومخيف، وتأجيل الانتخابات لأشهر طويلة فيه من السلبية قدر إيجابيته، فقد يكون اغتيالاً معنوياً لها.


ليست هناك تعليقات:

Gulf seurity أمن الخليج العربي

Kuwait
تبين هذه المدونة كيف تمتع الخليج بأهمية كبيرة أدت إلى خلق عبء استراتيجي على أهله بصورة ظهرت فيها الجغرافيا وهي تثقل كاهل التاريخ وهي مدونة لاستشراف مستقبل الأمن في الخليج العربي The strategic importance of the Gulf region creates a strategic burden and show a good example of Geography as burden on history. This blog well examine this and forecast the Gulf's near future and events in its Iraq, Iran ,Saudi Arabia ,Kuwait, Bahrain ,Qatar, United Arab Emirates and Oman

أرشيف المدونة الإلكترونية