قد لا نحتاج إلى رحلة توثيقية مزدحمة بالشواهد والاستطرادات، لاستشراف إمكانية أن نرى يوماً فيه عباءة تدين من ماركة دولتشي اند غابانا «Dolce&Gabbana» الإيطالية. فتدين الفاشي الإيطالي «بينيتو موسوليني» قصة مشهورة، ولم يكن تدينه كاثوليكياً، بل كان تديناً على الشريعة الإسلامية. فقد أعلن في 1937 أنه «خليفة للمسلمين» وتسلم وهو في ليبيا سيف الإسلام كرمز للدفاع عن الأمة الإسلامية رغم أن السيف كان مزيناً بصليب على مقبضه. ورغم أن التدثر بعباءة الدين الإسلامي من قبل الغزاة مثير للدهشة ومنقطع عن أي سياق منطقي، إلا أن الكثيرين منهم لم يتوقفوا عن محاولة إلصاق أنفسهم بالإسلام، إما بادعاء التبعية أو بالتعاطف وتفهم الدين الحنيف. ومن ذلك أن نابليون بونابرت عندما وصل إلى الإسكندرية 1798 وجه نداءً للمصريين أنه قد اعتنق الإسلام وأصبح صديقاً وحارساً لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل إنه «كان يتظاهر في القاهرة بتأدية الفروض الدينية وكان يتجول وهو مرتدٍ العمامة والجلباب ويحضر لصلاة الجمعة ويحث الناس على الصلاة وجعل له ديواناً استشارياً مكوناً من 11 عالماً. ثم قيل إنه غير اسمه إلى «علي نابليون بونابرت»، وقيل إنه أقنع الجنرال «جاك مينو» أحد جنرالات جيشه باعتناق الإسلام وأشرف شخصياً على نطقه بالشهادتين.

وقبل أن تزحف القوات النازية على روسيا في 1941 بأربعة ملايين رجل في أضخم حملة عسكرية في تاريخ الحروب، أراد الزعيم الألماني ادولف هتلر أن يلقي خطاباً للعالم، فأمر مستشاريه باختيار أقوى وأجمل وأفخم عبارة من الكتب السماوية، أو من التاريخ أو الفلسفة أو الشعر ليبدأ بها خطابه للعالم. فدلهم العراقي الأسطورة «يونس بحري» على قوله تعالى «اقتربت الساعة وانشق القمر»، «سورة القمر: 1». فذهل هتلر لما فيها من وضوح، وقوة، وأصالة. فتوج بها خطابه لعملية «بارباروسا». وقد كان معجباً بالإسلام وأصدر أوامره إلى هيملر بإنشاء فرقة عسكرية من المسلمين فقط في وحدات النخبة النازية «SS». وكان على اتصال بمفتي القدس أمين الحسيني، ويونس بحري الذي أنشأ «إذاعة برلين» وقال إن الفهورر قد أسلم وأصبح اسمه «أحمد هتلر». متذرعاً بانتقاد هتلر للكنيسة الكاثوليكية التي قال «تروج لدين ضعيف ومزيف وأنثوي» مقارنة بالإسلام كدين قوي وعنيف. لكن ذلك لا يخفى على حصيف فقد كانت الدوافع استراتيجية لا أيديولوجية.

* بالعجمي الفصيح:

لم تكن رؤية عباءة الدين على غير أهلها بمستغربة في يوم ما، فقد كان يتم تكييفها حسب العصر الذي ترتدى فيه، وقد تدثرها شذاذ الآفاق والوصوليون بيننا من «القاعدة» لـ«حزب الله» إلى «داعش» وحتى «الحشد الشعبي». ومن الغزاة نابليون وهتلر وموسوليني، لكن السخرية المرة هي عندما يرتدي أفيخاي أدرعي المتحدث باسم الجيش الصهيوني مسوح التدين، ويستخدم فتاوى لكبار علمائنا باقتباسات غامضة ومحشورة في سياقات عامة كحرب نفسية ضد «مسيرة العودة الكبرى» من غزة ليجعل بعض سفهائنا يختصمون.

* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج