Gulf security أمن الخليج العربي

الأربعاء، 23 مارس 2016

ما عقيدة أوباما وما عقدته؟







د. ظافر محمد العجمي

لم أفهم، وفاتني المغزى، من حديث وسائل الإعلام عن «عقيدة أوباما»، وهو على وشك الرحيل. بل والإصرار على جدواها رغم نفي مراكز أبحاث عدة ذات ثقل وجود كفاءة استراتيجية لدى فريق البيت الأبيض الحالي، حتى يكون لأوباما عقيدة. فما يسمى «عقيدة أوباما» يكسر مصطلحات المعنى المتعارف عليه للعقيدة. «العقيدة أو المبدأ Doctrine» هي «خطة عمل تتأسس كقناعات بناء على مقدمات يضعها الرئيس وإدارته للتعامل مع العالم». فمبدأ ترومان 1947 تضمن أنه حين يهدّد عدوان مباشر كان أو غير مباشر أمنَ أمريكا فعندئذ يكون لزاماً عليها العمل لوقف هذا العدوان. وقد طبق لمقاومة المدّ الشيوعي على اليونان وتركيا. أما مبدأ أيزنهاور 1957 فيشير إلى أن بمقدور أي بلد أن يطلب المساعدة الأمريكية إذا ما تعرض للتهديد السوفيتي. وكانت عقيدة نيكسون 1968 تهدف إلى حمل حلفاء واشنطن على مواصلة الحرب نيابة عنها، وضبط مناطقهم بمساعدتها. أما عقيدة كارتر 1979 فربطت أمن الخليج العربي مباشرة بالأمن القومي الأمريكي. وفي عام 1985 صاغ «تشارلز كروثامر Charles Krauthammer» عقيدة رونالد ريغان لمواجهة وإضعاف نفوذ الاتحاد السوفيتي عبر تقديم مساعدات للحركات المعادية للشيوعية، من أجل إسقاط الحكومات الموالية لموسكو، واستمرت عقيدة ريغان حتى 1991. لكن ما يستحق الانتباه أن كل عقيدة جديدة لا تعني بالضرورة نهاية سابقتها، فحرب تحرير الكويت تمت بناء على عقيدة كارتر، رغم ظهور عقيدة ريغان. ومنذ انتهاء الحرب الباردة، لم تظهر أي عقيدة جديدة لها حدود مميزة. حيث يقول جاكسون دياهل في «واشنطن بوست»: «إنّ إدارة أوباما تتميز بعدم وجود استراتيجية كبرى لديها، بل وبعدم وجود أيّ خبراء استراتيجيين في داخلها». ويقول المؤرخ نيال فرغسون: «تفتقر إدارة أوباما إلى استراتيجية كبرى متماسكة». أما مايكل هيرش في «ناشيونال جورنال» فيقول: «عقيدة أوباما هي في ألا عقيدة لديه، ويبدو بأن ذلك مرشح للاستمرار».
* بالعجمي الفصيح
في لحظات تاريخية حبلى بالتغيير ابتلينا بعقيدة أوباما التي تتلخص في عدم الإعلان عن استراتيجية واضحة، سوى التخلص من مشاكل الإدارات السابقة، عبر الدفع بها للحلفاء الصغار لتحمل عنائها. وهي «عقيدة» منسوخة من «عقيدة نيكسون» والدافع لها أن أوباما ووزير خارجيته كيري يعانيان من «عقدة» نيكسون ووزير خارجيته كيسنجر، ويحاولان دخول التاريخ الأمريكي بكسر عزلة إيران وكوبا، كما كسر نيكسون وصاحبه عزلة الصين قبل نصف قرن. وفي ذلك خلط للسياقات بقصد التضليل، ولا حاجة لجمع القرائن فطهران وهافانا حالياً تشبهان بكين في العزلة، لكن ليس بدوافع أو بنتائج التقرب إليهما.
* المدير التنفيذي
لمجموعة مراقبة الخليج

الأحد، 13 مارس 2016

انتخابات إيرانية بلا قيم ديمقراطية




د. ظافر محمد العجمي

* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج


تغني الديمقراطية الإيرانية بلسان، وتصلي بلسان، فتدعي النتائج دون خجل أن الإصلاحيين قد اكتسحوا الانتخابات الأخيرة، برلمانية كانت أو مجلس الخبراء، وفي الوقت نفسه يصرح المرشد علي خامنئي بأنه «واثق من ظهور برلمان يقاوم القوى الأجنبية، ويزرع اليأس لدى الأعداء»، في نبرة مطلع الثمانينيات. وفي الخليج تمسك طهران بيدنا لتقودنا من متاهات الرعب النووي إلى فوبيا الوحش الاقتصادي الإيراني القادم، الذي سيحيل مدن الخليج لقرى يسكن شوارعها الكساد التجاري.
لقد تم إدخالنا مؤخراً في متاهة الانتخابات الإيرانية، والتي ستكون منطلقاً لنشر الديمقراطيّة في المنطقة، كما كان مقدراً للعراق بعد 2003. فذهبت جراء النفخ الإعلامي الغربي بطهران لهذيان العظمة وزادت من غطرستها تجاه الخليجيين. مما يثبت أن معسكر «إيران الدولة»، ومعسكر»إيران الثورة»، يختلفان في كل شيء ويتفقان على الخليج في كل شي كالتالي:
* معسكر إيران الدولة: هو معقل القوميين بكل درجاتهم، من الشعبويين الإقصائيين، إلى العنصريين الفرس المعبئين بالخطاب القومي العنصري الإيراني. فالمثقفون الحداثويون القوميون الفرس معادون للعرب والأتراك والآذريين وباعتبارهم ساميين. ويكرهون العرب كعرق «سامي»، مقابل الفرس كعرق «آري». لكنهم ليستثنوا اليهود قاموا بتحوير الطرح العنصري، والقول إن العرب هم الشعب الوحيد من بين الشعوب السامية الذي لا ثقافة له. فصار خطابهم القومي يلتزم معادة الإسلام كثقافة، فتخلفهم سبب وجود الإسلام، حتى وصل الأمر بالمتطرفين القوميين بتسمية الإسلام بـ «دين العرب». لقد نجح الكثير من القوميين متدثرين بالاعتدال والإصلاح في الوصول للمؤسسات التشريعية فيما هم امتداد لكيانات فارسية عنصرية كان عزها في زمن الشاه .
* معسكر إيران الثورة: ويضم المحافظون المتشددون، الذين لم تحسم الانتخابات البرلمانية الإيرانية لصالحهم، لكنهم لم يغادروا المشهد. فسمح بمشاركة متشددين مؤيدين لخامنئي، ومرتبطين بعلاقات وثيقة بالحرس الثوري. وتغلب عليهم نزعة عدوانية للخليجيين، ودعم الطرف الآخر في الحرب بسوريا واليمن ولبنان. ولعل ما أوصلهم لمجلس الشورى ولمجلس الخبراء خاصة، شروط قبول تحتم على المترشّحين تقديم اختبار في الفقه والأصول في «قم»، للتثبت من بلوغهم درجة الاجتهاد الفقهي، كشرط للترشّح.
* بالعجمي الفصيح:
قد تبدو العملية الانتخابية في إيران جذابة، لكنها مفرغة من شحنتها الديمقراطية، فهي مقيدة بالهيئات التنظيمية كمجلس صيانة الدستور، والخبراء، والحرس الثوري، وبمؤسسات الملالي الاقتصادية، مما يعني أن لا شيء سيتغير إلا زيادة الدعم الغربي مطبلاً لديمقراطيتها.



الثلاثاء، 8 مارس 2016

الدور العسكري التركي في العراق وسوريا: تقارب أم تباعد مع دول الخليج؟


الدور العسكري التركي في العراق وسوريا: تقارب أم تباعد مع دول الخليج؟


لقد كان لزاما على أنقرة التخلّي عن التحفّظ المؤدّي إلى الانكفاء فيما يخص مايجري على حدودها الجنوبية في العراق وسوريا. واستجابة لمستجدات وظروف إقليمية ودولية تبنت تركيا معادلة الحفاظ على مقومات القوة التركية المتمثلة في الموقع الاستراتيجي والإرث الحضاري والقوة العسكرية والاقتصاد المتنامي. وما نشاهده حاليا هو تفعيل للقوة العسكرية، التي أثبت استخدامها حتى الآن أن أنقرة مؤتمنة ومتحفزة لعلاقات شراكة مع دول الخليج العربي. في هذا السياق سنبحث إن كانت القوات والصناعات العسكرية قادرة على دعم هذا التوجه؟ سنتحدث عن الدور العسكري التركي في العراق، ودوافع الانخراط في بيت المنكوبين، كما سنتتبع الدور العسكري التركي في سوريا ودوافعه من المسألة الكردية إلى معضلة تواجد ثلاث قوات مرتبكة بين التنسيق والمواجهة. ثم تبني أنقرة الحل العسكري لوجود تنظيمات جهادية على حدود ها بالإضافة الى المواجهة المؤجلة مع إيران. ثم سنتطرق للتقارب العسكري الخليجي–التركي، وكيف قاد الحوار الخليجي-التركي لبناء شراكة استراتيجية، وتحول التحالف الخليجي-التركيالمرن إلى تحالف قوة صلب. بالإضافة إلى قراءة التواجد التركي كعامل توازن مع الوجود العسكري الإيراني.

العسكرية التركية بين الصناعات والقوات

 قاد الاقتصاد العربة التركية لصعود التحديات المحيطة بتركيا خلال العقدين الأخيرين، لكن أنقرة بدأت بتغيير استراتيجيتها في التوسع من استخدام القوة الناعمة " Soft Power"ممثلة بالاقتصادي والدبلوماسية والثقافة، إلى القوة الصلبة"Hard Power"عبر القواعد والصناعات العسكرية.  وهو ما رفع التقييم الجيوسياسي لتركيا لامتلاكها هذين العنصرين الهامين من عناصر القوة.   لقد أصبح من الأسس التي تقوم عليها تركيا الجديدة "جيش وطني قوي وصناعات دفاعية قوية حتى أن الرئيس أردوغان تحدث مفاخراً "إن تركيا تصنع الآن دباباتها الخاصة، وسفنها الحربية وطائراتها المروحية الهجومية والطائرات من دون طيار، وأقمار الاتصالات وبندقية المشاة الخاصة بها، وقاذفات الصواريخ والكثير من المعدات الدفاعية الأخرى". وتتربع الولايات المتحدة على رأس الدول المستوردة للسلاح التركي بنسبة 39 %، تليها السعودية9.2 % ثم الإمارات والبحرين.حيث بدأت تركيا على استخدام صناعة الدفاع كأداة مهمة في السياسة الخارجية.  للقوة العسكرية التركية تأثيرها على موازين القوى بالشرق الأوسط، حيث تتكون القوات المسلحة التركية من القوات البرية وسلاح الطيران والبحرية ومشاة البحرية وسلاح الجو. وقوات الدرك وخفر السواحل. وتحتلّ تركيا المرتبة العاشرة عالمياً بين جيوش العالم، كما تحتلّ المرتبة الثانية في حلف شمال الأطلسي بعد الجيش الأميركي[1].

الدور العسكري التركي في العراق

  -تركيا في بيت المنكوبين

تفيد المصادر التاريخية بأن كلمة "بعشيقة" أو "بحشيقة" آرامية الأصل ومركبة من كلمتي" بيث" و" شحيقي"، وتعني بيت المنكوبين. وبعشيقة عسكريا هي بؤرة التوتر بين تركيا والعراق. فصحيح أن للجيش التركي 1300 جندي في شمال العراق، منذ عام 2006م؛ إلا أن مطلع ديسمبر 2015م، شهد نشر قوات عسكرية تركية في بيت المنكوبين قرب الموصل، فأجج خلاف دبلوماسي بين بغداد وأنقرة التي قالت إن مهام قواتها هناك تدريبية وليست قتالية.فتقدم العراق بشكوى إلى مجلس الأمن مطالبا بسحب القوات التركية،[2]. ثم انسحبت القطاعات العسكرية التركية التي كانت في معسكر زليكان شرق الموصل إلى بلادها، لكنها تركت وراءها مدربين عسكريين يقدمون الدعم والمشورة لمقاتلي "الحشد الوطني "و"البيشمركة". فالزخم العسكري التُركي للانخراط في المسألة العراقية المُعقدة، لم يكن قابل للارتداد على رُغم الرفض العراقي. حيث قامت أنقرة بإنشاء معسكر في منطقة بعشيقة. وأمدته بالمدربين العسكريين وبعشرات الدبابات والآليات بما يعادل لواءً مدرعاً من قوات المشاة.  وفي أواخر يناير 2016م، اتفقت أنقرة وواشنطن على إطلاق مبادرات جديدة بشأن معسكر بعشيقة لتعزيز التعاون في المعسكر لمحاربة تنظيم "داعش" رغم أن تركيا ليست جزءا من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.

دوافع الانخراط التركي في العراق
مخطئ من يعتقد أن التحركات التركية في شمال العراق تجعل أنقرة مقبلة على مغامرة سياسية كبيرة، وأنها ستلعب كل أوراقها دفعة واحدة فإما أن تكسب كل شيء أو أن تخسر كل شيء في مثلث عدم الاستقرار على حدودها الجنوبية. فأهداف التحرّك التركي محسوبة كالتالي:
  -طموح مستقبلي بدواعي تاريخية
عندما كان وزيرا للخارجية صرح أحمد داود أوغلو، 2009م، وهو في الموصل قال: "في يوم من الأيام دخل أجدادنا هذه المنطقة وهم يركبون الخيول، وسيأتي يوم نعود نحن إلى هذه المنطقة ولكن بمعدات حديثة". فالقوميون الأتراك يزعمون استقطاع بريطانيا للمنطقة عام 1925م. وعودة ولاية الموصل، التي تشمل مدينة الموصل وأربيل وكركوك والسليمانية، "حق" لتركيا يدعمه وجود التركمان في هذه المناطق. ويدعمهم في هذا الطلب الأكراد من جماعة مسعود البرزاني حليف أنقرة ألاستراتيجي. والوقت مناسب لذلك بفعل الوجود العسكري التركي بغطاء أميركي[3]. كما أن التدخل في العراق جاء لكسر الطوق الذي فرض على طموحات أنقرة في سوريا. التي تواجه صعوبة في التحرك هناك منذ إسقاط الطائرة الروسية. يضاف لذلك ضرورة فرض الرأي التركي على طاولة المفاوضات حول مصير العراق، قبل أو بعد التخلص من "داعش"، في ظل الحديث عن تقسيمه.
-وقف تمدد الحشد الشعبي
يبدو أن ما يجري في شمال العراق هو إجابة على سؤال هو كيف يدرب قاسم سليماني الحشد الشيعي ولا يدرب الترك الحشد السني؟ فالتدخل يمكن أن يفسر كدعم للمقاتلين الأكراد المحسوبين على البرزاني في مواجهة مع مليشيات الحشد الشعبي المدعومة إيرانيّاً.  كما أن وجود الضباط والجنود الأتراك في بعشيقة هو لـ تقديم خدمات تدريب، للمقاتلين من العرب السُنّة تحت عنوان ما يعرف بـ "الحشد الوطني". ومن قوات عشائر موالية لأثيل النجيفي، الذي كان محافظاً للموصل عندما احتلها "داعش". فهناك اتفاق مسبق بين أنقرة والنجيفي وزعيم إقليم كردستان العراق، ونائب الرئيس العراقي الأسبق، طارق الهاشمي، بشأن إرسال القوات التركية لشمال العراق، لمواجهة أي تطورات محتملة على صعيد الحكومة العراقية المركزية والحشد الشعبي والقوات الإيرانية.
-محاربة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"
 تتجه أنقرة للمساهمة بجدية في الحرب البرية ضد تنظيم "داعش" بغض النظر عن مستوى هذه المشاركة، حيث أكد رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو في 23 يناير 2016م، مع نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن أن الجيش التركي في العراق لصد تنظيم "داعش"، لافتا إلى أن تركيا تحترم وحدة الأراضي العراقية. وليس بخفي على دول التحالف الدولي الذي يقاتل داعش أنه وقد وصل عدد الجنود الأتراك في العراق إلى 1300 جندي.

-الحرب ضد حزب العمال الكردستاني
اتّهمت جهات عدة الحكومة العراقية بتمويل حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة، بهدف القيام بأنشطة في مناطق عراقية حدودية، عبر تقديم المال والسلاح لهم. كما يربط مراقبون تحركات حزب العمال الكردستاني، سواء على الحدود العراقية الإيرانية، أو الحدود العراقية إلى سوريا، وكذلك داخل تركيا وسوريا، بأجندة إيرانية. فالتدخل التركي في العراق هو لوضع حدّ لتمدّد حزب العمال الكردستاني، العدو الأول لتركيا.

*الدور العسكري التركي في سوريا

تنظر تركيا للوضع على حدودها مع سوريا كأحجية صور مقطعة لم تجمع بالطريقة الصحيحة، فبعد عزوفها عن التدخل في سوريا لأكثر من أربعة أعوام، بكل تأكيد لن تقدم أنقرة على أي خطوة غير محسوبة النتائج، وتدخلها العسكري بسوريا سيكون بحسب ما تقتضيه طبيعة المرحلة والحاجة، وسيبقى محدودا في مناطق إستراتيجية. فالتهديدات التي يواجهها الأمن القومي التركي وقطع الصورة التي يتوجب إعادة تركيبها تشمل:

-المسألة الكردية: فبعد أن نجحت وحدات الحماية الكردية المدعومة بطيران التحالف من الاستيلاء على منطقتي تل أبيض وعين العرب باتت فكرة الدويلة الكردية تداعب مخيلتهم. فظهر طموح بالتمدد باتجاه عفرين في الغرب وجرابلس وسط شمال سوريا. مما يوجب التصدي له. لأنه سيشجع كرد جنوب تركيا، على التمرد وربما العودة إلى حمل السلاح واستنساخ تجربة كرد العراق، والأخطر أن وحدات الحماية باتت تسيطر على 6 معابر حدودية من أصل 13 مع تركيا.

-ثلاث قوات بين التنسيق والمواجهة: بدأت روسيا والولايات المتحدة ببناء قاعدة جوية في المنطقة الشمالية من سوريا تبعدان عن بعضيهما 50كلم، مما دفع الرئيس أردوغان، للتحذير من أي حشد عسكري قرب الحدود التركية مع سوريا قائلا "نحن حساسون جداً تجاه هذه المسألة، ولن نسمح بتشكيلات عسكرية من العراق إلى البحر المتوسط". وتشير الأخبار إلى تواجد نحو 200 جندي روسي في مطار القامشلي. وقاعدة جوية أميركية في منطقة رميلان في سوريا، مما دفع الجيش التركي لنشر قواته على الحدود.مما يطرح سؤال عن تواجد قوات تركية وروسية وأمريكية متقاربة إن كان تنسيق أم مواجهة! خصوصا أن الجو مازال مكهربا، فموسكو تتحين الفرصة المناسبة للرد على إسقاط قاذفتها بواسطة المقاتلات التركية.

- الحل العسكريلوجود تنظيمات جهادية: قد لا تشكل التنظيمات الجهادية تهديدا مباشرا لتركيا الآن  لكنها تبقى من مبررات التدخل العسكري التركي في  سوريا.فقد قال نائب الرئيس الأمريكي "جو بايدن"، إن واشنطن وأنقرة مستعدان لحل عسكري في سوريا.فواشنطن  لن تغامر بزج قواتها ضد داعش .فضغطت باتجاه انخراط تركيا فيه .ويبدو أن الضغوط الأمريكية على تركيا قد آتت أكلها .فتركيا متهمة بأنها تغض النظر عن تمدد تنظيم الدولة وهي الحجة الواهية التي يتذرع بها أعداء تركيا، وعليه فقد بات لزاما على تركيا إثبات حقيقة أنها لا تدعم داعش[4] .

تركيا في مواجهة إيران: بدأ بالظهور من النافذة السوريا توتر تركي-إيراني، بفعل التدخل السياسي والدعم العسكري والمذهبي واللوجيستي والمادي للمسلحين، حيث يدعم كل طرف فصائل متحاربة. فظهر التقارب التركي السعودي بخصوص سوريا، باتفاق أن التمدد الشيعي في المنطقة أمرٌ مرفوض وسيجابه. ومن جهة أخرى تحارب إيران وروسيا تركيا في سوريا وداخل الأراضي التركية، من خلال دعم حزب العمال الكردستاني وجناحها السوري، وتقفان وراء الجبهة التي فتحتها المنظمات الكردية ضد تركيا في شمال سوريا. وقد بدأت روسيا وحزب العمال هجمات جوية وبرية بشكل منسق تستهدف فصائل المعارضة السورية المعتدلة.

*التقارب العسكري الخليجي – التركي

-الحوار الخليجي-التركي لبناء شراكة استراتيجية

في 2008م، تم توقيع مذكرة تفاهم للشراكة الإستراتيجية في جدة بين تركيا ودول الخليج، بهدف تطوير العلاقات في مختلف المجالات ومنها دعم وتعزيز التعاون في المجالات الدفاعية والأمنية.لتطابق وجهات النظر التركية – الخليجية، وإدراك خطورة التهديدات الإيرانية في المنطقة. وقد أتت القضايا الأمنية ومكافحة الإرهاب كأولوية على أجندة الحوار. وكان الحوار الاستراتيجي نقلة نوعية، أظهر إدراك دول الخليج وتركيا حجم التهديدات الأمنية التي تتعرض لها المنطقة، وقدرة تركيا ومدى رغبتها في الوقوف بجانب الخليجيين في مواجهة التهديد الإيراني. فمتطلبات المرحلة تفرض حاجة الخليجيين لمحور رديف. ومصالح الخليجيين مع أنقرة تستدعي التنسيق في ملفات عدة فقد تحصد ما يمكن أن يُطلق عليه "الاحتواء المزدوج" لتنظيم الدولة الإسلامية وإيران بشراكة تركية خليجية[5].كما أن مبادرة اسطنبول 2004م هيكل تعاون جاهز لو انضمت إليه عمان والسعودية.

 عوامل تنامي التقارب الخليجي – التركي
تمخض عن حرب تحرير العراق 2003م، آثار سلبية على توازنات القوى الإقليمية، أدى لتنامي النفوذ الإيراني أثار حفيظة الخليجيين، ودفعهم للتقارب مع تركيا لتكوين ” تحالف سني“ لمواجهة التمدد المذهبي الإيراني. يضاف لذلك رغبة تركيا بجذب الاستثمارات الخليجية وفتح أسواق للصادرات التركية وتأمين احتياجاتها النفطية. ولاستفادة الخليجيين من الخبرات التركية بمجال الصناعات الدفاعية لكسر احتكار الدول الغربية[6]. بما يقود إلى اضطلاع تركيا بدور في أمن منطقة الخليج، فالتوازن الإقليمي الفاعل هو الصيغة المثلى لأمن منطقة الخليج.

التحالف الخليجي-التركي المرن يتحول للقوة
تحول التحالف المرن بين تركيا ودول الخليج إلى تحالف صلب أكثر قوة فتفعيل الاتفاقيات العسكرية بين الطرفين باتت ملامحها أكثر وضوحاً مع السعودية وقطر والكويت كالتالي:

السعودية: تُعدّ الاتفاقيات العسكرية بين أنقرة والرياض قفزة نوعية في العلاقات بينهما[7]،. وامتداد للتعاون العسكري الذي وقّع عليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حين كان ولياً للعهد ووزيراً للدفاع مايو 2013م. فتنامي الدور الإيراني دفع تركيا للبحث عن دور تشاركي، لإدارة أزمات المنطقة مع الخليجيين. ففي يناير 2015م، وصلت السفينة الحربية الوطنية "بويوكادا" (F-512) إلى ميناء جدة. كما حضر رئيس هيأة الأركان التركي اجتماع قوات التحالف المشترك للتنسيق للتصدي لداعش في الرياض فبراير 2015م. وقبيل نهاية 2015م، صرحت السعودية بأن طريق الدعم العسكري للثوار بسوريا يمر من تركيا. وبدت الرياض مهتمة بالتعاون بمجال التصنيع العسكري.وفي ديسمبر 2015م، وقع البلدان اتفاقيات عدة.
قطر: بدء سريان اتفاقية التعاون العسكري بين قطر وتركيا في 8 يونيو2015م، لرسم آليةٍ تضمن تعزيز التعاون بين الجانبين فتنصّ على أن البلد المضيف، يسمح للبلد الآخر، باستخدام موانئه البحرية ومطاراته ومجاله الجوي، وباستفادته من الوحدات والمؤسسات والمنشآت العسكرية، بالإضافة إلى المناورات المشتركة، وتبادل المعلومات، ومكافحة الإرهاب.ثم أجرى الجيشان مناورات "نصر 2015" المشتركة في الدوحة. كما بدأت أنقرة في نوفمبر 2015 ببناء قاعدة عسكرية في قطر لتعزيز التعاون بين الجانبين لتضم نحو 3 آلاف جندي تركي من القوات البرية، بالإضافة إلى قوات تابعة لسلاح الجو والبحرية، وقوات خاصة، ومدربين عسكريين؛ بهدف تقديم التدريب لجيوش دول الخليج العربي.

 الكويت:في 18 أكتوبر 2015م ،زار وفد عسكري كويتي أنقرة، للاطلاع على تجربة قوات الدرك التركية في المهام العسكرية والأمنية، ضمن مساعي دول مجلس التعاون الخليجي في الوصول إلى صيغة توافق مع الحكومة التركية، تعزز العلاقات العسكرية، وتبادل الخبرات، والزيارة تفعيل الاتفاقيات العسكرية التي وقعها الرئيس عبد الله غول، مع الكويت وتضمنت تنسيقاً مشتركاً في مجال التدريب العسكري، وتبادل الخبرات، وإجراء المناورات المشتركة بين القوات العسكرية لكلا البلدَين، والتعاون في مجالات الصناعات الدفاعية.

وقد رافق التقارب العسكري بين تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي ظهور تركي بالجوار الإقليمي المحيط بالخليج ربما لتغيير موازين القِوى في المنطقة. حيث تستعد تركيا لتأسيس قاعدة عسكرية من أجل تدريب الجيش الصومالي. لتقوية ذراعها العسكرية والأمنية في إفريقيا وخاصة في الأماكن الاستراتيجية. وتسعى للوصول إلى أسواق جديدة لسلعها العسكرية وصناعاتها الدفاعية. وربما لوقف إيران المتهمة بتزويد الحوثيين بالأسلحة انطلاقا من موانئ إفريقية.

الدور العسكري التركي كعامل توازن مع إيران

تروج طهران بأن إغلاق ملفها النووي لا يعني رفع العقوبات الاقتصادية فحسب، لكنه يعني تعميدها من الغرب كقوة إقليمية لحل النزاعات ومحاربة الإرهاب بالمنطقة، لما لها من سطوة على عواصم عربية عدة. وهي بذلك تتجاوز حقيقة معاناة نظام أمن الخليج سياسيا واقتصاديا، وعسكريا من الممارسات الإيرانية، بدءًا من تصدير الثورة، إلى الاستفزازات العسكرية، إلى التدخل في شؤون دول جوارها الإقليمي. مما دفع دول الخليج إلى التفكير في كل عمل ممكن للحد من عدم الاستقرار المتشكل بفعل انفراد إيران بالقوة المطلقة. ومن تلك الأعمال التحالف الرباعي الذي تجري مساع لتشكيلة من السعودية ومصر وباكستان على أن تكون تركيا مركز الثقل فيه. فبسبب الخسائر الإيرانية من نتائج عاصفة الحزم والحرب بسوريا  ستحاول طهران تعويض خسائرها بمكاسب على حساب دول الخليج العربية.و لإيمان صانع القرار السياسي الخليجي بأن البعد الخارجي ضرورة لتحقيق أمن الخليج ،فلن تجد أفضل من أنقره كموازن مؤتمن لطهران،وتتفق هذه النظرة الخليجية مع نظرة استراتيجية تركية  شاملة تستهدف تثبيت أنقرة كقوة مركزية مؤثرة في منطقة الشرق الأوسط ، لا سيما وأن واشنطن تبدي ارتياحا لهذا الدور وتنظر إليه بشكل إيجابي، وخصوصا وأن مشاركة أنقرة في تسوية العديد من الأزمات الراهنة تسهم في الحد من النفوذ الإيراني بإيجاد توازن جديد في المنطقة[8].

[1] . http://www.globalfirepower.com/country-military-strength-detail.asp?country_id=turkey
 [2]. أحمد الملا.موقع شبكة اخبار العراق .7 ديسمبر2015م
http://tinyurl.com/je327au
 [3]. حسني محلي.الأتراك يباشرون قضم شمالي العراق وسوريا.موقع الاخبار.7 ديسمبر 2015م
http://www.al-akhbar.com/node/247579

[4].خليل المقداد.أسباب وأهداف وتوقيت التدخل العسكري التركي في  سوريا!موقع اورينت برس .9 اغسطس 2015م
http://www.orient-news.net/ar/news_show/89665
 [5].   مهنا الحبيل.العلاقات الخليجية التركية أين المصالح .الجزيرة نت 11 ديسمبر2014م
http://tinyurl.com/hnv3q7a
[6]. ســامية بيبرس.الحوار الإستراتيجي التركي – الخليجي.دراسات الامانة العامة لجامعة الدول العربية.
http://tinyurl.com/hmcka5v
[7]. مهند الحميدي.تركيا تطرق أبواب الخليج العربي عبر الاتفاقيات العسكرية.موقع إرم .20 أكتوبر 2015م
http://www.eremnews.com/news/367290
[8].. ســامية بيبرس.الحوار الإستراتيجي التركي – الخليجي.دراسات الامانة العامة لجامعة الدول العربية.
http://tinyurl.com/hmcka5v
 

الجمعة، 4 مارس 2016

التدخل البري ضد «داعش» عبر الأردن

د.ظافر محمد العجمي 

لن يجد هذا العنوان ترحيباً بمستوى استوائي، فالأردن الشقيق له تاريخ حافل بفيضانات دموع اللاجئين منذ نزوح الفلسطينيين عام 1948 ثم حرب 1967 مع الصهاينة، مروراً باللاجئين العراقيين منذ 2003، ثم اللاجئين السوريين منذ2011، فراراً من براميل الأسد المتفجرة، حتى أصبحت كل حرب إقليمية تعني فيضان ديمغرافي يغرق شوارع عمان، مؤجّجاً المخاوف الوطنية، رغم جهود الأردن لتطوير السياسات الخاصة باللاجئين للتعامل بعد كل حرب مع ظهور طبقة جديدة على أطراف المجتمع.
وما إن بدأت مناورات «رعد الشمال» إلا وبدأ الجميع بالتصريح من أنها تبادل للخبرات وليست استعداداً أو تجهيزاً لعمليات للتدخل البري في سوريا، وإن كان هناك من خفف وقعها بالقول بأنها تجهيز لعمليات محتملة في دول تهدد الأمن القومي العربي. ومنذ أن دخلنا في زمن الهياكل العسكرية والأردن عضو في أغلبها. فهو عضو مشارك في مناورات «رعد الشمال» التي اختصرت كافة الهياكل العسكرية من «درع الجزيرة» للتحالف الدولي، للتحالف العسكري الإسلامي، إلى القوة العربية المشتركة. وعليه ستكون القوات الخاصة الأردنية جزءاً من العمل العسكري المقبل الذي لن توقفه «هدنة على دخن»، وضعتها مراكز أبحاث بعيدة عن المشهد العسكري، وتحاول تطبيقها دول تعصف بها التناقضات المصلحية. بل إن الأردن سيكون معبراً للتدخل البري لكونه عسكرياً الأقدر على إدارة الأزمات. وقد تكون الجبهة التركية كبوابة للتدخل البري جنة لرجل العمليات بتضاريسها، لكنها جحيم لرجل الإمداد والدعم اللوجستي، وليكتفى بالدعم الجوي من هناك، فالجبهة الأردنية أسهل وأقرب لقوات «رعد الشمال» حين تتحول لحملة برية. والأردن بمشاركته سيدعم مبدأ كونه الامتداد الاستراتيجي لدول الخليج. والأردن يطالب تنظيم الدولة «داعش» بدم طياره معاذ الكساسبة كثأر وطني يوم كانت جريمة قتله رحمه الله المشهد الافتتاحي للتوحش في مسيرة شذاذ الآفاق. كما أن للتدخل البري عبر الأردن ميزة مواجهة قوات صديقة من مقاتلي المعارضة المعتدلة على خريطة الحرب.
* بالعجمي الفصيح:
في كل عقد تظهر عمان وكأنها على وشك ان ترتدي حرباً أو أن ترتديها حرب، لذا صرحت بعدم المشاركة في التدخل البري، ربما مراعاة للروس لما بينهم من علاقات حسنة وتبادل للمعلومات حول «داعش». وربما لإحجام الأمريكان، وربما للتضليل العسكري لجعل العملية البرية مشابهة لاستدارة الخطاف الأيسر «Left Hook» الناجحة التي أبدعها شوارسكوف 1991، كأكبر عملية إحاطة في التاريخ العسكري الحديث. أما من ستحارب عمان فالكل يحارب «داعش» والكل يحارب الكل.

خطر «الحشد الشعبي» على أمن الخليج

د.ظافر محمد العجمي 
حين كتبنا أن «الحشد الشعبي» أكبر كونفيدرالية عنف طائفي خارج مؤسسات الحكم في الوقت الراهن ليس في الشرق الأوسط فحسب، بل في العالم أجمع، اطلع عليها في «تويتر» ما يقارب 18 ألف متابع. ولم تكن جملة لتأسيس شيء جديد بل توصيف لوضع خطير قائم. فمنذ قيامه، نظر العراقيون بكافة أطيافهم للحشد بوصفه خصماً وليس بوصفه شريكاً في الأمن. فقد كان إهانة مفتوحة للمؤسسات الأمنية العراقية واغتصاب لدورها، فقد وصل نفوذ «الحشد الشعبي» أن أغرى العصابات بارتداء زي «الحشد الشعبي» والقيام بفتح مقرات وهمية وخطف وقتل وابتزاز المواطنين، حيث راح في عسكرة الشارع العراقي بسرعة رغم أنه قد تم تشكيله بظرف طارئ، وانتفت ظروف وجوده بعد تكفل أكثر من تحالف دولي بحرب تنظيم الدولة «داعش»، مما يعني نهاية فتوى المرجع الديني علي السيستاني «بالجهاد الكفائي» لتحرير العراق من تنظيم الدولة. بل إن المرجع السيستاني نفسه أصدر قرار إدانة بحق «الحشد» تضمن 20 نقطة من التوجيهات بعد ممارسات منتسبي «الحشد» الإجرامية. وحين لم يجدِ ذلك نفعاً أوقف السيستاني خطبه تعبيراً عن امتعاضه من «الحشد» الذي واصل انتهاكاته محرجاً المرجعية. وفي تقديرنا لن يتردد «الحشد الشعبي» في خلق عدو جديد حين تتشتت جحافل «داعش». ولن يوقفه تصريح هزيل من بغداد بأنه يمنع حمل السلاح خارج إطار الدولة. كما لن يوقف «الحشد» بيان اتهامهم برفض المشاركة في العديد من المعارك. ولن يوقف «الحشد» إعلان تخفيض رواتب منتسبيه، أو قرار تسريح 30 % من قواته. فقد امتص «الحشد» بشكل مبالغ فيه الخصائص الجينية لـ «حزب الله» اللبناني، مما يعني أنه سيولد ظروفاً جديدة لبقائه مثل الحزب اللبناني ولن يلقي البندقية، بل إن أصواتاً قد بدأت فعلياً منذ الآن معتبرة نفسها في «جهاد مقدس» غير خاضع للسياسة. 
* بالعجمي الفصيح: 
بما أن الجنوب العراقي هو البيئة الحاضنة للحشد فسيكون غريمهم بعد «داعش» في الجوار الإقليمي، وليس داخل العراق والمؤشرات على ذلك كثيرة، فقد فصلت صحيفة الحرب الطويلة «long war journal» الأمريكية المختصة بشؤون الدفاع في حجم وأعداد الأسلحة الأمريكية التي اغتصبها «الحشد» من الجيش العراقي مثل دبابات ابرامز «M1 Abrams» وغيرها من الأسلحة الأخرى. بل وانتزع «الحشد» ميزانية الدفاع بما يقدر بـ60 مليون دولار أمريكي من الميزانية العراقية المخصصة لسنة 2016. وما تلك إلا تفاصيل مرحلة يعتمد فيها «الحشد الشعبي» على الحكومة العراقية، وحين يكون هناك مصلحة إيرانية في تسخين الجبهة الخليجية ستفتح طهران مخازن سلاحها وخزائنها للحشد الشعبي. فالحشد الشعبي هو «حزب الله» قرب الخليج ونحن «الشيطان الأصغر» عبر منظار طهران.
* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

هل ينفع العلاج اليمني لسوريا؟

د.ظافر محمد العجمي  
تتفق أهم محافل التقدير الاستراتيجي على أن عملية «عاصفة الحزم» حالت دون قيام «جمهورية الحوثيين الإسلامية» في اليمن. وأثبتت أن البأس العسكري حال دون ضياع اليمن جراء البؤس السياسي تحت مظلة المبادرة الخليجية أو اجتماعات «جنيف 1»، أو «جنيف 2»، أو سواها. وفي بيئة غير مروضة أخرى ولغياب الدور الإقليمي أو العربي العسكري في الأزمة السورية قررت الرياض ودول الخليج التدخل البري بناء على ما يمليه عليها دورها كقوى عظمى بمقاييس إقليمية، تحت شعار محاربة تنظيم الدولة «داعش»، ولوقف انهيار فصائل المعارضة. وإلغاء نتائج التدخل الروسي الذي قلب الأوضاع ميدانياً. والأهم، لتغيير قناعات دمشق التي ترى نفسها أقرب إلى الحسم العسكري ولا حاجة لحل سياسي.
كعقيدة قتالية، فرض النجاح الضخم للحملة الجوية بحرب تحرير الكويت عام 1991، تأكيد جدوى الحرب الجوية في الخطوة الافتتاحية بكل عملية عسكرية، وهذا ما حدث في «عاصفة الحزم» في مارس 2015، وعليه ستكون هناك في سوريا حملة جوية ذات هدف مزدوج ضد تنظيم الدولة «داعش»، ولدعم صمود الثوار في وجه قوات بشار الأسد. ولعل وصول المقاتلات لقاعدة «انجرليك» التركية مؤشر على ذلك.
في اليمن، أوجد بناء رأس جسر في عدن مناطق اشتباك مع القوات «الصالحوثية»، ثم ضخ الحياة في الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وتحييد المتطرفين. وهو وضع قد يتكرر بسوريا. وسيسهله أن المعارضة المعتدلة قادرة على وقف انتكاساتها جراء الشقاق. ونقص السلاح النوعي. وفقدان السيادة الجوية. والحرب البرية لا تعني نزول قوات برية فقط، فكما حدث باليمن سوف تتحاشى دول الخليج وتركيا الزج بقوات برية تقليدية. فبسبب تحول الصراعات من حروب بين جيوش تقليدية إلى حروب لا متماثلة بين وحدات غير نظامية وجيش نظامي، مما أدى لتراجع دور القوات البرية عالمياً في ظل اختلاف شكل التهديدات. فالقوات البرية منذ مطلع القرن كثيفة الحجم بلا قدرة على المناورة العملياتية، وبلا نظريات قتال جديدة للتعامل مع التهديدات اللامتماثلة، وحرب المدن. بل ولا حتى التصدي لهجوم خاطف من ميليشيا.
فما الحل اذا استرجعنا حقيقة ان القوة الجوية وحدها لا تنجز المهمة؟
القوات خاصة، والتي تتميز بالاستجابة وخفة الحركة، والقدرة على استخدام المناطق الرمادية غير الخاضعة لسيطرة الدول للقضاء على الملاذات الآمنة للمتطرفين. والقوات الخاصة متوفرة في الهياكل العسكرية التي ستدخل بها الرياض الحرب، في التحالف العسكري الاسلامي، وربما هيكل قوات التدخل السريع الخليجية.
* بالعجمي الفصيح:
إن أكثر الموازين عدالة هو ما يشير الى ان حرب اليمن يقاس نجاحها في منع قيام جمهورية الحوثيين الإسلامية وليس تحرير المدن. وفي زمن سيولة غير مسبوقة في الأحداث قد يبدو للبعض أن التدخل العسكري الخليجي في سوريا يشبه إلقاء قطعة سكر صغيرة في بحر مالح، لكن استثمار نجاح حملة اليمن بالدخول بحملة جوية، وتقوية فصائل المعارضة المعتدلة وتحييد المتطرفة، ثم إنزال قوات خليجية خاصة سيقود إلى منع الأسد من إعادة سيطرته على سوريا.
* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

Gulf seurity أمن الخليج العربي

Kuwait
تبين هذه المدونة كيف تمتع الخليج بأهمية كبيرة أدت إلى خلق عبء استراتيجي على أهله بصورة ظهرت فيها الجغرافيا وهي تثقل كاهل التاريخ وهي مدونة لاستشراف مستقبل الأمن في الخليج العربي The strategic importance of the Gulf region creates a strategic burden and show a good example of Geography as burden on history. This blog well examine this and forecast the Gulf's near future and events in its Iraq, Iran ,Saudi Arabia ,Kuwait, Bahrain ,Qatar, United Arab Emirates and Oman

أرشيف المدونة الإلكترونية