Gulf security أمن الخليج العربي

الأربعاء، 9 ديسمبر 2015

عودة الرئيس أردوغان للبحث عن الشيخ راكان



د. ظافر محمد العجمي

بعد أن أدركوا أهمية موقعها الاستراتيجي، وصل العثمانيون لشرق الجزيرة العربية أول مرة في نحو عام 1545، وتراوح وجودهم بين مد وجزر، حتى خروجهم عام 1915. وفي ذلك يقول المؤرخ القدير د.جمال زكريا قاسم، حاولت الدولة العثمانية معالجة إدارة الأحساء، إلا أنها لم توفق لانشغالها في حروبها. وفي القرن الـ19 زالت من بين العرب عن دولة الخلافة العثمانية الهالة الدينية وتحول الترك لجباة ضرائب ومسيري تجنيد لحروب في أصقاع بعيدة، فأخذت قبائل البدو العربية بشن غارات خاطفة على الجيش النظامي العثماني نفسه، وصلت حد جلب خيل العسكر العثمانيين وبيعها أمامهم في الأحساء، ولحفظ النظام كان الترك يدفعون الخرجية كنوع من المرتب للشيخ راكان بن حثلين لكف غاراته، وفي الوقت نفسه كانوا يخططون للتخلص منه، فاستطاعوا بالحيلة أن يقبضوا عليه مع 6 أشخاص من جماعته العجمان، وتم سجنه 7 سنوات في قلعة «نيش» على أطراف القرم زمن الحرب الروسية العثمانية 1877-1878. وكان بين الجيشين حفرة لم يكن قادراً على تجاوزها قفزاً إلا الفارس الروسي «اناتولي المسكوفي»، يقفز بحصانه جهة العثمانيين، ويقتل على قدر ما يستطيع من الترك ثم يقفز عائداً للجانب الروسي. قال راكان لسجانه حمزة: «بلغ الوالي أنا أستطيع إيقاف هذا الفارس الذي أرهقكم طوال 4 أيام في جولة واحدة، بشرط إطلاق سراحي». كان راكان يعتبر العثمانيين الذين يحتلون بلاده ويلقون بمثله في السجن في ديار الغربة أعداء، لكنهم عدو دون عدو. وحين قفز المسكوفي الخندق في اليوم التالي وجد أمامه على مهرة عربية رجلاً أشمط اللحية نحيلاً قصير القامة، لم يسعفه الوقت لتفحص غريمه فقد اختطفه راكان بسرعة البرق، ولم يعِ الروس إلا وحصان فارسهم يقفز الحفرة عائداً لهم، وراكان يسحب على الأرض بلجام فرسه «اناتولي المسكوفي» باتجاه بوابة القلعة العثمانية تحف به صيحات التهليل «الله أكبر». كان ذلك هو المشهد الافتتاحي لخسارة الروس أكثر من 2800 قتيل ونصر العثمانيين في معركة «بلونة» في 20 يوليو 1877. وكما ورد في سجلات الأتراك باسم «محمد راكان»، كرمت الدولة الشيخ وأطلقت سراحه فاتجه لينبع، وجدة، ومكة لتأدية العمرة وزيارة مسجد الرسول في طريقه إلى حائل لزيارة أميرها محمد بن رشيد، حيث قابله لاحقاً المستشرق الرحالة جوليوس يوتنج بحائل عام 1882، والذي كتب في يومياته أن الشيخ راكان ينطق في أحاديثه بعض الكلمات التركية. توفي راكان عن 80 عاماً فرثاه الكثيرون، لكن قصيدة الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة، بقيت أروع ما قيل في رثائه. وإن بدا هذا المدخل شخصياً بعض الشيء، فذلك لكي أقول إن الطائرة الروسية «سوخوي 24» اخترقت حاجز الصوت الخليجي، وتركته متبايناً وسط صيحات تطالب بتوحد موقفه فيما تنبذ الأخرى الاصطفافات العجولة. وفي تقديرنا إن أول إيجابيات هذا الاختلاف سيادة البراغماتية ومصالح دول الخليج كمرجعية للمواقف بدل الدوافع المثالية. كما أن من إيجابياته جولة أردوغان الخليجية حال تعرضه لامتحان قوة بحثاً عن الشيخ راكان، الذي لو لم ينجح قبل 138 عاماً في تخليص تركيا من الغريم الروسي لكان علينا ضمه لكثيرين ضحوا بحياتهم على مر التاريخ لأسباب خاطئة.

ليست هناك تعليقات:

Gulf seurity أمن الخليج العربي

Kuwait
تبين هذه المدونة كيف تمتع الخليج بأهمية كبيرة أدت إلى خلق عبء استراتيجي على أهله بصورة ظهرت فيها الجغرافيا وهي تثقل كاهل التاريخ وهي مدونة لاستشراف مستقبل الأمن في الخليج العربي The strategic importance of the Gulf region creates a strategic burden and show a good example of Geography as burden on history. This blog well examine this and forecast the Gulf's near future and events in its Iraq, Iran ,Saudi Arabia ,Kuwait, Bahrain ,Qatar, United Arab Emirates and Oman

أرشيف المدونة الإلكترونية