Gulf security أمن الخليج العربي

الثلاثاء، 30 سبتمبر 2014

الخليج يفك حزام تهديد ليحيط به آخر

   

الخليج يفك حزام تهديد ليحيط به آخر
 

د.ظافر محمد العجمي –المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج 

 لا يتعين عليك أن تكون رسّام خرائط لكي تعرف أن العراق وبلاد الشام تشكل حزام متصل في شمال شبه جزيرة العرب.وبدرجة قريبة من ذلك اعتبر وزير الخارجية الاميركي السابق هنري كيسنجر في أواخر الحرب الباردة ان أثيوبيا واليمن الجنوبي شكلت حزام شيوعي في جنوب الخليج. تلك الاحزمة لم تشكل عائقا حين خرج أجدادنا الرعاة الحفاة من جزيرتهم ليضعوا الفواصل،والنقاط على حروف التاريخ بخفاف أبلهم.لكن الاحزمة نفسها عدت في القرن العشرين غير مستساغة استراتيجيا؛ربما لكون العرب على طرفيها كانوا منضوين تحت هياكل امنية متنافرة.
رجوعا إلى التاريخ نجد ان بريطانيا رسمت حزام أمن نقاطه الاستراتيجية في السويس وباب المندب،عدن وهرمز والكويت وبوشهر وتلك النقاط هي ماعرف لدى الاستراتيجيين بــ'مفاتيح الشرق'. لذا كان هلع لندن كبيرا حين وصل للخليج الطراد الحربي الروسي فارياجVaryag'' عام1901م مخترقا ذلك الحزام .كما كان هلعهم اشد حين وصلت بعثة آلمانية للكويت لايصال خط برلين-بغدادالذي يخترق العمق في حزام الامن البريطاني.
وحتى منتصف القرن العشرين كان 'المجد للقوة البحرية' كما قال الفرد ماهان 'A.Mahan' ثم تراجع ذلك الفهم واصبحت القوة الجوية هي الذراع الطويل. لذا اقام البريطانيون خلال الحرب العالمية الثانية حزام أمن لمنع طائرات هتلرLuftwaffe''من الوصول للخليج في طريقها للهند،وكان الحزام الدفاعي في الشعيبة بالعراق وفي الكويت والبحرين والشارقة .لكن ترك الافق الغربي مفتوحا بدون حزام سمح لموسوليني بارسال طائراته من اريتيريا في عملية جريئة فقصفت البحرين والظهران وعادت سالمة.
وفي زمن الحرب الباردة، ولمنع الشيوعية من التسرب للرمال الدافئة قرب حقول النفط ،أقام الغرب بناء على مبدأ ايزنهاورEisenhower Doctrine'' حزام امني في 1957م؛ وكان الخليج جزء من هذا الحزام بالاضافة الى باكستان وايران. وقد بقي الحزام ضد الشيوعية مشدوادا حتى مزقته الثورة الايرانية 1979م، ولتقوم الثورة نفسها يتسويق مشروع 'الحزام الشيعي' الممتد من ايران الى البحر المتوسط.
لكن عقدين من الزمن مضيا قبل ان يتحول المشروع من 'فوبيا' الى مايقترب من الحقيقة حين عقد المالكي حلف استراتيجي مع طهران وعين الجنرال قاسم سليماني مندوب سامي في بغداد ،فما كان من الاخير الا ان مارس عسكريته وطبق مبدأ الاحاطة، فحرك الحوثيين لخلق حزام جنوبي كالذي حذر منه هنري كيسنجر قبل عقدين ونصف . فهل لازال الحزام الشيعي قائما كمشروع ؟ أم عاد للتواري كجزء من الفوبيا الايرانية ؟ يجيبنا هنري كيسنجر نفسه محذرا في 10 سبتمبر 2014م من 'خطورة الحزام الشيعى الذي يعطي فرصة لاٍعادة اٍنشاء الاٍمبراطورية الفارسية ، ويمنح إيران قوة هائلة من الناحية الاستراتيجية' كما اعتبر أن 'ايران تمثل مشكلة اكبر من 'داعش” الذين هم مجموعة من المغامرين بافكارا عنيفة' .
ويتبادل مقوضي الامن في الخليج أحزمتهم فتستلم مهمة إحاطتنا الجماعات الارهابية ب'الحزام الجهادي'وهو من الخطورة لجعل أوباما المتردد يرسل الدبابير FA-18 Hornet'' لاعشاش خفافيش داعش. الحزام الجهادي يستمد قوته من داعش كقدوة فداعش الوحيد الأكثر قدرة على تنفيذ أهدافه، وجرأته في الغزو والاحتلال والابادة والاعدامات يتوجها جرأة غريبة في إعلانه 'الخلافة الإسلامية' مما يجعله المسيطر على الحركات الجهادية بفكره وامواله .فنصل لقناعة ان داعش نوع من 'إرهاب مابعد القاعدة' يستدعي 'اجراءات مابعد أوباما '.
غاية القول إن الخليج عاش خارجا من حزام تهديد ليدخل آخر مشدود اكثر مما سبقه تاركا آثاره في خاصرتنا الضعيفة. وقد لايكون من الرصانة الاستراتيجية طرح فكرة 'تحزيم المعدة' لاضعاف شهية الغرب الذي يقيم الاحزمة ليلتهم جزء من دخلنا القومي.
فما الحل ؟
أن نحزم أنفسنا بانفسنا، فمشروع 'حزام التعاون' قوي وفعال كلفنا 80 مليون دولار،ويربط منذ 2001م مراكز قيادات القوات الجوية والدفاع الجوي بدول المجلس آلياً بشبكة انذار مبكر. وقد آن الاوان لخلق احزمة أمنية خليجية مثيلة للقوات البرية والبحرية الخليجية لتحل محل الاحزمة الامنية الاجنبية .


الاثنين، 22 سبتمبر 2014

هل نحن أولا تجار وثانيا خليجيون !



هل نحن أولا تجار وثانيا خليجيون ؟!
 د.ظافر محمد العجمي –المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج   

إن من التجاوز الصارخ الحديث عن الخلافات الاقتصادية الخليجية بمسميات أخرى. ففي عام 1981 اقترحت دول الخليج تعاوناً بينها بمحرك سياسي، وقالت أخرى بل بتحالف عسكري، لكن فكرة الشيخ جابر الأحمد رحمه الله بأن يكون محرك قطار التعاون اقتصادياً رجحت. وسار القطار وصبغناه بالألوان الرملية والبنية والمبقعة تمويهاً من غارات الجيران أثناء حربهم.
وطال الزمن الأمني حتى تعلم قطارنا حفر الخنادق والسير ببطء اعتاده حتى بعد زوال الخطر. وبعد انجلاء غمام الحرب وارتفاع أسعار النفط ووفرة العائدات منذ 2003 عادت المدن الخليجية للبحث عن هويتها الاقتصادية. فالكويت تريد أن تكون مركزاً مالياً وتجارياً، وتريد دبي بناء أكبر مركز تسوق في العالم. كما إن للمنامة والدوحة وبقية دول الخليج طموحاتها.
وكانت هياكل التعاون الاقتصادي والمواطنة الاقتصادية جزءاً من النظام الأساسي للمجلس، حيث شكل التكامل والترابط في المجال الاقتصادي أحد الأهداف الأساسية للمجلس. فلماذا لم نحقق لا التكامل الاقتصادي ولا الوحدة الاقتصادية؟ وأين ستقودنا المنافسة الاقتصادية التي مهما نجحوا في تشفيرها عمداً كي لا نفهمها إلا أنها المحرك للخلافات الخليجية في مصر وسوريا وليبيا؟!

في مقاربة مشهد العلاقات الاقتصادية الخليجية تقفز للذهن العلاقات بين الجمهوريات التجارية البحرية الإيطالية لتشابه طبيعتها مع دول مجلس التعاون. فرغم وحدة اللغة والدين والأصل، والتقارب الجغرافي والاتفاقيات السياسية والاقتصاديـــة إلا أن التنافس للسيطــــرة على التجارة اشتعل بين تلك الدول ثم تحول إلى خلافات سياسية انتهت بحروب مدمرة. وكانت أكثر الجمهوريات البحرية الإيطالية شهرة هي «أمالفي» و«بيزا» و«جنـــوى» و«البندقيـــة». وقــد انضمت تلك الجمهوريات للحروب الصليبية لكن الدافع الديني تراجع أمام الدوافع الاقتصادية، حيث غيرت تلك الجمهوريات معسكرها، فمرة مع البيزنطيين ومرة مع الفرنسيين ومرة مع النورمنديين ومرة مع البابا ومرة ضده. لقد جمعت تلك الجمهوريات التحالف ضد المسلمين.

لكن ذلك لم يكن مطلقاً، ففي الأسواق التي كانت تحت حكم الصليبيين اشترت الجمهوريات البحرية الإيطالية التوابل والأقمشة من المسلمين وباعوهم الجلود والمعادن. وفي زمن الحروب الصليبية انتعشت «الأسواق الصليبية» وكان بيع المدن الإيطالية السلاح للمسلمين في أيام الحروب الصليبية مستمراً رغم تنديد البابوات الأقوياء وتحريمهم التجارة مع المسلمين مثل اينوسنت الثالث 1198م «Inocent III».  إلا أن تلك التجارة ظلت مزدهرة حيث قال أهل البندقية مقولتهم المشهورة «نحن أولاً تجار وثانياً مسيحيون». وفي زمن المدن التجارية حاربت «البندقية» «بيزا»، كما حاربت «جنوى»، وكان مسرحها أوروبا والشام. وكانت أكبر المعارك في ميناء عكا الفلسطيني خلال حرب القديس سابا عام 1298م. كما تقاتل أهل «بيزا» مع جمهورية «أمالفي». وكانت هناك حروب بين «البندقية» و«أنكونا» و«راغوزا»، حيث ساعد ملك ألمانيا البنادقة الذين احتلوا «راغوزا» لكنهم تركوها بعد تدخل المجريين. فسيفساء صراع الجمهوريات التجارية الإيطالية أكثر تعقيداً، ليس علينا فحسب بل حتى على الأوروبيين أنفسهم لسرعتها وتقلبها وقصر وقتها.
لقد أردنا من عرض صراع الجمهوريات التجارية الإيطالية خلق ما يشبه جسر العبور إلى اللحظة الراهنة في العلاقات الاقتصادية الخليجية. ولم نجد سوى الأساليب الأكثر تقليدية وهي العودة للتاريخ. ثم لموقع الأمانة العامة لمجلس التعاون حيث نجد قائمة تفوح منها رائحة القصور أكثر من عطور الإنجازات المبهجة في مجالات الاتحاد النقدي والعملة الموحدة، والاتحاد الجمركي، والسوق المشتركة، والطاقة، والكهرباء والماء، والصناعة، والنقل والمواصــــلات، والاتصالات، والزراعــــة والمياه، والتخطيط والإحصاء والتنمية. لقد دأب صناع القرار الخليجي على التمويه على الخلافات الاقتصادية بقضايا السيادة والتدخل في شؤون الآخرين واختلاف وجهات النظر. ومهما نجحوا وهم يشفرونها عمداً، كما قلنا سابقا كي لا نفهمها إلا أننا ندرك أن بصمات صانع القرار السياسي في دول الخليج متداخلة مع صانع القرار الاقتصادي بشكل يصعب فرزها. «فالاختلافات» الخليجية في ردائها السياسي والسيادي في ليبيا ومصر واليمن وسوريا هي صراع «أمالفي» و«بيزا» و«جنوى» و«البندقية» نفسها علـــى أســواق الحـروب الصليبية.
وربمــا لسنا بحاجة إلى «مكيافيلي» لتأليف كتاب الأمير «De principatibus» للتحريض على ظهور الوحدة القسرية الخليجية كما توحدت الجمهوريات التجارية المتنافسة وكونت إيطاليا الحالية 1815–1861م فنحن لا نريد 50 عاماً من الصراع. فهل تكون الوحدة الكونفيدرالية هي «الأمير» الذي ننتظره فنتكامل اقتصادياً ونكتفي شر التنافس سياسياً.

الأربعاء، 17 سبتمبر 2014

دول الخليج والانهيارات في الجوار الإقليمي - إرهاب'مابعد القاعدة'يحتاج لإجراءات'مابعد أوباما'

دول الخليج والانهيارات في الجوار الإقليمي
آخر تحديث : الأربعاء 17 سبتمبر 2014   13:05 مكة المكرمة


(الجزيرة)
ملخص
تُعتبر الاتفاقية الأمنية الخليجية مغلَّفةً بالمعنى "البوليسي" المحلي للكلمة، كما أنّ اتفاقية الدفاع الخليجي المشترك تتضمن من الرمزية الكثير، حيث أراد لها البعض أن تكون "قوات درع الجزيرة" نفسها بعد أن سلبتها روحها الاتفاقيات الأمنية المنفردة التي وقّعتها دول المجلس مع القوى العظمى كل على حدة.
ولا شك أن الإرهاب من القضايا الدولية العابرة للحدود، وقد لا يكون تهديد تنظيم الدولة الإسلامية لدول الخليج أكثر مباشرةً منه للعراق وسوريا ولبنان والأردن، لكن خطورة هذا التنظيم على دول الخليج تكمن في أمور عدة ستاتي الورقة على ذكرها وتحليلها.
يعي صانع القرار الأمني في الخليج أننا نعيش مع "الدولة الإسلامية" في مرحلة "إرهاب ما بعد القاعدة"؛ ولكن هل يعي أيضًا أنها مرحلة تحتاج إلى إجراءات "ما بعد الرئيس أوباما" المتردد، والذي حرص على جعل العملية العسكرية طويلة الأمد عبر تقسيمها لمراحل "التصدي" لتنظيم الدولة الإسلامية و"إضعافه"، وفي نهاية المطاف "دحره" عبر احتواء التنظيم ومنع تمدده بدل إنجاز العملية والقضاء عليه بخطوة واحدة ؟
لقد أكدت الولايات المتحدة الأميركية في ختام الاجتماع الإقليمي الذي عُقد في جدة في 11 سبتمبر/أيلول 2014، العمل مع ائتلاف قاعدته العريضة من دول عربية ودول أوروبية لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية". فقد قررت واشنطن إعلان الحرب عليه رسميًا وسط تهليل دولي، فلا بواكي لتنظيم الدولة الإسلامية في مفارقة غريبة ومشهد معقد لحرب غريم الغريم؛ فدول الخليج وهي غريمة الأسد سيكون لها دور مركزي في محاربة هذا التنظيم، مقارنة بدورها إبان حرب بوش الإبن على الإرهاب والتي كان بعض دول الخليج فيها قرب خط الاتهام.
أخيرًا يؤكد الباحث على أنه من المهم في التحالفات العسكرية الكبرى أن تُختَم الأشياء بطريقة صحيحة بدل انسحابات عجولة، كتلك التي قام بها الرئيس أوباما في كل من العراق وأفغانستان.
مقدمة
خلافًا لما يتم تداوله في وسائل الإعلام الخليجية، يمكن الجزم بعدم وجود الجاهزية الأمنية الخليجية لغياب النظرية الأمنية الخليجية الواضحة، ذات المحاور المترابطة التي تشكّل كُلاً متكاملاً للاستجابة لأي انهيار مفاجئ في الجوار الإقليمي. فالاتفاقية الأمنية الخليجية مغلَّفة بالمعنى "البوليسي" المحلي للكلمة، واتفاقية الدفاع الخليجي المشترك فيها من الرمزية الكثير، حيث أراد لها البعض أن تكون "قوات درع الجزيرة" نفسها بعد أن سلبتها روحها الاتفاقيات الأمنية المنفردة التي وقّعتها دول المجلس مع القوى العظمى كل على حدة.
بل إن الانهيارات الحالية تبدو وقد وضعت دول الخليج بين فكي كماشة تنظيم الدولة الإسلامية في الشمال وجماعة الحوثي في الجنوب. فما مواقف دول الخليج من تطورات المشهد الأمني في المنطقة جرّاء تقدم وسيطرة داعش في شمالًا على أجزاء من العراق وسوريا؟ وما موقفها من القبضة الحوثية جنوبًا؟ وما دورها في بوادر تشكُّل حلف دولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية للقضاء على التنظيمات الإرهابية في المنطقة؟
لا شك أن الإرهاب من القضايا الدولية العابرة للحدود، وقد لا يكون تهديد تنظيم الدولة الإسلامية لدول الخليج أكثر مباشرة منه للعراق وسوريا ولبنان والأردن، لكن خطورة هذا التنظيم على دول الخليج تكمن في أمور عدة، منها:
  • تنظيم الدولة الإسلامية، منظمة شريرة ووحشية (1)، تحارب تحت بيرق الإسلام وليس لها صلة به. ورغم الارتباط الفكري والتنظيمي والمالي بين التنظيمات الإرهابية التي تدّعي الإسلام مرجعيةً لها في العالم؛ إلا أنَّ جملة من الوقائع تروّعنا؛ فوحشية هذا التنظيم في قتل أسراه وتعامله مع الأقليات يكاد أن يدفع تنظيم "بوكو حرام" خاطف الفتيات والنساء لأن يصدر بيانًا يدين فيه جرائم تنظيم الدولة الإسلامية البشعة، كما لن يكون أيمن الظواهري مغاليًا لو سماهم خوارج العصر، كما فعل غيره من السلفيين الخليجيين الذين اعتبروهم «متطرفين لا يجب التعاطف معهم» (2).
  • أن الخلاصات التي أفضت إليها الحروب السابقة في مخزن الذكريات الأليمة لرجال مكافحة الإرهاب في أفغانستان والشيشان والعراق رغم بُعدها تشير بوضوح إلى أنه سيكون هناك انجذاب ظاهر للمقاتلين الخليجيين لمعسكرات تنظيم الدولة الإسلامية، القريب منهم، بأعداد كبيرة، وسيعودون لدولهم لاحقًا ليشاركوا في التخطيط لهجمات ضدّ بلادهم نفسها؛ حتى أصبحت جدوى فتح بعض دول الخليج قنوات حوار مع طالبان والمنظمات التي تستوعب المجاهدين الخليجيين واحدة من أعمق الجدليات وأكثرها خلقًا للخلافات الخليجية. 
  • يحتوي تهديد الإرهاب من تنظيم الدولة الإسلامية على كم هائل من العُقد، والمرجح أن يكون تهديد "الدولة الإسلامية" مستمرًّا ويستدعي استراتيجية طويلة الأمد لتحديد التهديدات والتصدّي لها؛ مما يعني حالة الاستعداد الطويلة وإرهاق الميزانيات والمعدات والرجال، فالإمكانيات الواضحة لـ"الدولة الإسلامية" ومواردها وطموحاتها واستراتيجيات البقاء لديها تشير كألف شاهد لخطرٍ صلاحيتُه طويلة الأمد. 
  • أن أي ضغط على "الدولة الإسلامية" في ميادين القتال هو رش ماء في وجه الخلايا الإرهابية النائمة في الخليج من مؤيدي هذا التنظيم المتطرف لتنفيذ هجمات استباقية (3)؛ وهذا ما جعل بريطانيا وأستراليا ترفعان درجة الخطر، فيما انحرف الحديث في الخليج بشكل مؤسف عن مساره حول الاستعدادات الأمنية، وتحول عبر وسائل الإعلام إلى جدل عقيم حول شرعية الحديث عن تلك الإجراءات وإن كانت سرية أم أنه يجوز البوح بها (4).
مواقف دول الخليج من تطورات المشهد الإقليمي
يعي صانع القرار الأمني الخليجي أننا نعيش مع "الدولة الإسلامية" في مرحلة "إرهاب ما بعد القاعدة"؛ فهل يعي أيضًا أنها مرحلة تحتاج إلى إجراءات "ما بعد أوباما" المتردد، والذي حرص على جعل العملية العسكرية طويلة الأمد عبر تقسيمها لمراحل "التصدي" لتنظيم الدولة الإسلامية و"إضعافه"، وفي نهاية المطاف "دحره" عبر احتواء التنظيم ومنع تمدده بدل إنجاز العملية والقضاء عليه بخطوة واحدة؛ فألهانا بغارات جوية مكلفة يدمر فيها صاروخ مافريك "Maverick"، وقيمته 90 ألف دولار، شاحنة تويوتا لتنظيم الدولة الإسلامية عليها رشاش لا تتعدى قيمته المادية 15 ألف دولار ولا تتعدى قيمته العملياتية سوى نصب نقطة سيطرة وتفتيش؛ فضاع بمثل هذه الطلعة الجوية وقت ثمين لحين اقتناع رئيس أقوى قوة في العالم بالاستراتيجية الكاملة التي قد يتشكل التحالف ويتفكك قبل أن يقوم أوباما من خلالها بشيء ملموس على الأرض؟ وهل يعي صانع القرار الخليجي أن الانقياد لواشنطن المترددة يعني عودة العلاقات الخليجية-الإيرانية لمرحلة الاصطفافات في معسكرات متنافرة، بعد انفراج بسيط منذ زوال النجادية ودخول إيران في مرحلة الروحانية المهادنة؛ فقد تم رسميًا رفض حضور إيران للمؤتمر الدولي حول العراق الذي عٌد في الخامس عشر من سبتمبر/ أيلول في باريس ومحاربة تنظيم الدولة افسلامية باعتبار أن مشاركة طهران لن تكون في محلها بسبب تورطها في وحل الحرب في سوريا.
وهي تهمة قد تكال لدول الخليج لعدم قدرة هذه الدول على فصل قضية مواجهة "الدولة الإسلامية" عن القضايا الأخرى التي تتبنى مواقف مختلفة تجاهها كصعوبة الفصل بين القوى السُنية المعارضة والتنظيم. وهذا الخلط يعطي مؤشرًا إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية سيبقى لوقت غير قصير مثل "طالبان" و"بوكو حرام" و"الشباب الصومالية" لوجود الحواضن السُنية تحديدًا، والكارهة لحكم بغداد ودمشق، وأيضًا لنجاحه في تأسيس ذهن شباب هذه الحواضن بالنجاحات التي يحققها عبر ثروة كبيرة وإعلام ذكي يروج لدولة إسلامية لها عملة ولوحات سيارات وتصرف رواتب سخية، كما تضم وحدات مقاتلة تُقدَّر قوتها العسكرية بعشرات الآلاف، وتحتل أراضي في حلب والرقة ودير الزور في سوريا وصولاً إلى محافظات صلاح الدين والأنبار ونينوى وديالى في العراق (5).
كما أن مما يصعب تسويغه استبعاد إيران وروسيا من التحالف الدولي؛ مما دفع الدولتين بالإضافة إلى سوريا للدعوة لإنشاء تحالف الممانعة (6) لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات الإرهابية الأخرى. وبناء عليه، اجتمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة «منظمة شنغهاي للتعاون» 12 سبتمبر/أيلول 2014 مع نظيره الإيراني حسن روحاني، وكان أن دعت المنظمة إلى تسوية الأزمة في سوريا سلميًا (7).
فك الكماشة الحوثي
لقد وضعت دول الخليج تنظيم "الدولة الإسلامية?" على لائحة ?الإرهاب?؛ فوضعها التنظيم على خرائطه السوداء وراح يتوعدها بالغزو؛ مما يعني أن دول الخليج لن تكون في مقاعد المشاهدين هذه المرة، بل ضمن من يلعب أدوارًا مهمة؛ مما يفرض على هذه الدول الحذر في موازنة المُدخلات مع المُخرجات، ولذلك يجب التسليم بأن مسألة توسيع المدى الاستراتيجي للخليج بالمشاركة في التصدي لتنظيم الدولة الإسلامية هو تأمين له على المستوى الأمني. ?????
ومن جانب، آخر كانت دول الخليج تأمل في الإفادة من "الدولة الإسلامية" بإضعاف ‏حكومات العراق? وسوريا?، وقد تحقق الشق الأول مما تنشده بسقوط المالكي ونهجه المتطرف القائم على ولاءات بدائية بانتظار أن تؤدي التحولات الحادة في منطقة الأزمة حول "الدولة الإسلامية" إلى سقوط نظام بشار الأسد؛ مما يعني فقدان طهران، وهي التحدي الأكبر للخليجيين، لذراعين من أشد أذرع الأخطبوط التوسعي الإيراني. لكن طهران برصيدها من الخبرة في تغيير الديناميات التي تحرك الصراع، استخدمت تحركات تنظيم "الدولة الإسلامية" شمال الخليج استخدامًا ذرائعيًا فأطلقت المارد الحوثي من عقاله في جنوب الخليج كأداة ضغط؛ فقضى على حزب اتحاد الرشاد السلفي في «دماج»؛ حيث مركز دار الحديث "رمز السلفية" في صعدة التي سيطر عليها الحوثي بحكم ذاتي تام، وأمسك الأمور الأمنية والعسكرية والإدارية والمالية كاملة.
ثم احتل الحوثيون عمران وفتكوا بحزب التجمع اليمني للإصلاح الذي يمثل الإخوان المسلمين، ثم دخلوا صنعاء لا كفاتحين بل كمطالبين بحقوق الشعب بعد قرارات رفع الدعم عن الوقود وفساد الحكومة وغيرها. ووصلت العبثية مداها بقيام الحوثيين بمغازلة دول الخليج بطلب السماح لهم بضربات مباغتة لحركة الإخوان المسلمين وتصفية بعض قيادتها في العاصمة صنعاء نفسها لأيام قليلة على أن ينسحبوا بعدها كما فعلوا بحزب التجمع في عمران. كما أنَّ إيران تستخدم الحوثيين بهدف الحفاظ على الهوية المذهبية لصعدة وما جاورها من أماكن سيطرة الحوثي لبناء حضور وجيرة ابتزازية للمملكة العربية السعودية، ولتوسيع نفوذ إيران الإقليمي عند مضيق باب المندب الاستراتيجي. واستهداف دول الخليج التي تمر تجارتها ومنتجاتها النفطية عبر هذا الطريق لقناة السويس.
لأجل ذلك كله أوعزت طهران للحوثيين بأن يُبدوا التعقيدات واحدًا تلو الآخر في مفاوضاتهم مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من أجل كسب الوقت، ومنح طهران فرصة أكبر في التفاوض مع واشنطن حيال القضاء على تنظيم "الدولة الإسلامية" في دمشق وما حولها، وبغداد وما جاورها، مقابل انسحاب الحوثيين من صنعاء، حتى تعود قبضة طهران لمكانها هناك.
لقد دخل الحوثيون المنحازون لإيران بما تمثله لهم من سند مالي وعسكري وعقائدي العاصمة اليمنية صنعاء كجزء من الشعب اليمني الذي يقيم خيام الرفض في كل تقاطع، ولم يدخلوا بأسلحتهم الثقيلة أملاً في تخفيف ضغط مجلس الأمن عليهم، وخوفًا من أن يتطور البيان الأممي إلى قرار، ويتحول القرار إلى خطوات عسكرية، أقلها تفويض حلف الناتو بضربات وقائية يدعم بها ضربات سلاح الجو اليمني لهم في الجوف.
والسيناريو القادم في تقدير الباحث هو خروج الحوثيين من صنعاء وتركها في يد الرئيس اليمني، الذي يعمل وفق منهجية رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي في بغداد، حيث خرج هادي بعناية "المبادرة الوطنية" بديلاً "للمبادرة الخليجية" وقيودها الكثيرة؛ والتي تصبح بموجبها الوزارات السيادية (الداخلية والخارجية والدفاع والمالية) من حصة الرئيس الشخصية بحجة الصدام مع إرهاب الحوثيين، كما تعلّل المالكي بداعش قبل سقوطه. أما الحوثيون فسينقلون ميدان معركتهم بالتسرب بهدوء خارج العاصمة والاستدارة غربًا تجاه «حجة» ومن هناك يتم تحقيق الهدف الأكبر وهو الاستيلاء على «ميناء ميدي» على البحر الأحمر والذي لا يحرسه أحد، فيتحول لقاعدة بحرية حوثية تصل إليها الأسلحة والمتطوعون عبر خط الإمداد (طهران-مصوع-وجزر دهلك الإريترية–ميدي)؛ حيث لم ينقطع مسير رتل الإمدادات البحرية، وما زالت الأسلحة والمتطوعون الإيرانيون والخليجيون والعراقيون ينقلون من الميناء إلى مزارع محيطة به امتلكها الحوثيون على فترات لتكون نقاطًا لوجيستية الآن ونقاط انقضاض على الميناء لاحقًا. 
تشكّل حلف دولي بقيادة واشنطن للقضاء على الإرهاب
لقد أكدت الولايات المتحدة الأميركية في ختام اجتماع إقليمي عُقد في جدة في 11 سبتمبر/أيلول 2014، العمل مع ائتلاف قاعدته العريضة من دول عربية ودول أوروبية لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية". فقد قررت واشنطن إعلان الحرب عليه رسميًا وسط تهليل دولي، فلا بواكي لتنظيم الدولة الإسلامية في مفارقة غريبة ومشهد معقد لحرب غريم الغريم؛ فدول الخليج وهي غريمة الأسد سيكون لها دور مركزي في محاربة هذا التنظيم، مقارنة بدورها إبان حرب بوش الإبن على الإرهاب والتي كان بعض دول الخليج فيها قرب خط الاتهام.
لذا يبدو أنَّ الأميركيين سيدفعون بالسعودية لتكون رأس حربة للتجمع الخليجي لحرب تنظيم الدولة الإسلامية، والمسوغ لذلك أن هذا التنظيم قد هدد في مايو/أيار 2014، بالتمدد إلى الدول الخليجية، ردًا على الإجراءات التي أقرتها بعض تلك الدول، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، لمكافحة الإرهاب. لكن الدخول في حرب معلنة ضد تنظيم الدولة الإسلامية مع هذا التحالف له محاذيره، ومن أبعاد القلق الخليجي من الحرب القادمة:
  • قد يتحدى تنظيم "الدولة الإسلامية" تنظيم "القاعدة" في مجال الهيمنة على الحركة الجهادية العالمية؛ فهل قرر الأميركيون أن يدمروا تنظيم "الدولة الإسلامية" وأن يُحيوا تنظيم «القاعدة»، الذي يعيش بعض أطرافه في حالة تراجع وفرار (8)، كعدو مفترض وغريم مهجّن، خصوصًا أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري قد تعهد في 9 سبتمبر/أيلول 2014 ببناء ائتلاف من 40 دولة، وسيستمر لسنوات طويلة (9)؛ مما يؤيد الدعوات التي صدرت من واشنطن حول ضرورة إصرار الرئيس الأميركي على أن يتحمل الحلفاء حصتهم من العبء.
  • يعتبر تنظيم "الدولة الإسلامية" أكثر تعقيدًا من تنظيم "القاعدة" من حيث الاستراتيجية التي يتبناها، ونوع التكتيكات القتالية التي يعتمدها، فضباطه من خريجي ميادين القتال ضد الأميركيين طوال عقدين، كما أن هذا التنظيم يعتبر من "إرهاب ما بعد القاعدة" الأكثر تطورًا من الفلاحين الملتحين الأفغان والسلفيين البسطاء من جزيرة العرب. فإذا كان جورج بوش (الإبن)، قد احتل أفغانستان كلها وأرسل خيرة القوات الأميركية إليها؛ ومع ذلك فإن "القاعدة" لم تنته وأصبحت حركة "طالبان" أقوى؛ فكيف بتنظيم الدولة الإسلامية التي تُتعتبر من قوات الصفوة في القتال في المناطق الحضرية!
  • بنهاية الحرب الباردة قبل أكثر من عقدين من الزمن أصبح حلف شمال الأطلسي مكلفًا بحماية مصالح منتسبيه بدل الدفاع عنهم ضد الفيلق السوفيتي في حلف وارسو. ومع اقتراب الحلف من إنهاء مهمته القتالية في أفغانستان، كان عليه أن يتخذ وجهة قتالية جديدة؛ فهل تتجاوز مواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" ردود الفعل الآنية للحلف، وترتقي إلى مستوى الاستراتيجية، خصوصًا بعد فشل الحلف في صد روسيا عن التهام شبه جزيرة القرم من أوكرانيا؟ يؤيد ذلك تكليف نفس الجنود مع تغير المكان بتعيين القائد السابق للقوات الأميركية في أفغانستان الجنرال جون آلن منسّقًا للتحالف الدَوْلي (10) ضد تنظيم "الدولة الإسلامية". فهل ستصبح الأنبار أفغانستان أخرى؟
تعتقد واشنطن أن الحرب يمكن الترويج لها بوصفها منتجًا جديدًا، مع تجاوز صارخ لمعطيات ساطعة على الأرض تجعل المشتري مترددًا في بيع روحه لتحقيق مصالح غربية دون ضمانات واضحة. فقد تعهدت واشنطن، عبر إعلانها الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" مع ائتلاف يضم أكثر من 40 دولة، بينها دول الخليج، ويستمر لسنوات طويلة، بالقضاء على هذا التنظيم. لكن فقدان اليقين في آلية اتخاذ القرار عند أوباما بالإضافة إلى أن عدم امتلاك واشنطن لمشروعٍ حقيقي للمنطقة ينتهك بوحشية تفاؤل الخليجيين بمستقبل الحملة المزمع شنها على بعد خطوات من حدودهم.
ليس هذا فحسب بل إن دول الخليج نفسها لم تسْعَ للتنسيق فيما بينها لمواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" شمالًا أو الحوثي جنوبًا، واعتمدت بصورة رئيسية على إجراءات وطنية لتحصين نفسها داخليًا كاعتبار بعض الجماعات تنظيمات إرهابية، أو اعتمدت على خطوط تضعها واشنطن وتقود في النهاية إلى أن على كاهلها (كاهل دول الخليج) سيقع عبء توفير الأموال اللازمة للحرب والمشاركة في عمليات ستمتد لسنوات، وسيتجرع الخليجيون خلالها ليس فقط قتال غريم غريمهم بل وقتال تشكيلات خرج بعض منتسبيها من دول الخليج.
خاتمة
من المهم في التحالفات العسكرية الكبرى أن تُختَم الأشياء بطريقة صحيحة بدل انسحابات عجولة، كتلك التي قام بها الرئيس أوباما في كل من العراق وأفغانستان، حيث ترك النار تشتعل في المعسكر الذي خرج منه، رغم قدرة واشنطن على النهوض بتبعات ختم الأزمات الإقليمية بطريقة صحيحة. ولعلَّ أبرز إصلاحات ما بعد المعركة التدخل الجراحي لتعديل ضيق الأفق الفئوي في بغداد، وإنهاء وحشية نظام بشار الأسد في دمشق دون تردد، فاستمرار نظامه يعني توفّر ملاذ آمن للإرهابيين ثم مساعدتهم للتسرب إلى دول الخليج. 
_____________________________
ظافر محمد العجمي - المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج
المصادر
1-  وزير الخارجية الأميركي جون كيري في مؤتمر صحفي بالقاهرة 13 سبتمبر/أيلول 2014.
2- الداعية السلفي الكويتي شافي العجمي، جريدة الحياة اللندنية، 15 مارس/آذار 2014.
3- (أبو العيناء الخراساني، مدير شبكة "شموخ الإسلام" الجهادية، يوجه دعوة لتنفيذ هجمات استباقية في 8 أغسطس/آب 2014)، المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية-القاهرة.  http://tinyurl.com/nk99bp9
4- القبس الكويتية، 10 سبتمبر/أيلول 2014 http://www.alqabas.com.kw/node/894708
5- منى علمي، الدولة الإسلامية وكلفة الحكم .http://carnegieendowment.org/sada/2014/09/04/
6- قناة الميادين الموالية لإيران، 11 سبتمبر/أيلول 2014, 07:16ص http://tinyurl.com/oxcpdoo
7- وكالة الأنباء الكويتية، 12 سبتمبر/أيلول 2014.
8- Michael Singh.The Islamic State's Triple Threat . 
http://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/the-islamic-states-triple-threat .September 5, 2014
9- http://www.dw.de/  9\92014l
10http://www.france24.com/ar/20140913
لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا:   
الى الأعلى
 المصدر: مركز الجزيرة للدراسات

السبت، 13 سبتمبر 2014

هل يكون الأسد هدف "حلف جدة" بعد تنظيم الدولة؟

جانب من اجتماع جدة الذي أعلن إثره بناء تحالف ضد تنظيم الدولة الإسلامية (رويترز)
جانب من اجتماع جدة الذي أعلن إثره بناء تحالف ضد تنظيم الدولة الإسلامية (رويترز)

الجزيرة نت 

هيا السهلي-الدمام 

يرى مراقبون أن يكون نظام بشار الأسد أكثر المتضررين من بناء الحلف الأميركي العربي الجديد الذي أعلن في جدة لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية، فإبعاد إيران عن الحلف ربما يكون مدخلا لتحجيم نفوذها في العراق، ومقدمة لضرب حليفها في دمشق.

ويرى المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج الدكتور ظافر العجمي أن "مأساوية اللحظة الراهنة" تكمن في أن دول مجلس التعاون بانضمامها للتحالف ضد التنظيم ستقاتل غريم غريمها في سوريا والعراق.
العجمي: دول الخليج لن تكون في موقع المتفرج بل ستلعب أدوارا مهمة (الجزيرة نت)
تبادل الأدوار
ويضيف للجزيرة نت أن تنظيم الدولة الإسلامية جر الأطراف المحيطة به للعب أدوار متبادلة يصعب فرزها.
وحسب العجمي -وهو خبير عسكري متقاعد- فإن المكسب الإستراتيجي لهذه الحملة هو إسقاط نظام بشار الأسد، أو الحصول على ضمانات من العراق بأن ما سيحصل عليه من سلاح لن يجد طريقه لدول الخليج.
ويعتقد العجمي أن الحجم العسكري "للأزمة القادمة" سيؤدي لنشوء خريطة تحالفات جديدة ستفرض نفسها على المنطقة.
ويضيف أن دول الخليج لن تكون في موقع المتفرج هذه المرة، بل ضمن من يلعب أدوارا مهمة مما يفرض عليها الحذر في موازنة المدخلات مع المخرجات. 

الأربعاء، 10 سبتمبر 2014

البعد الانساني في الدبلوماسية الكويتية



البعد الانساني في الدبلوماسية الكويتية
  د.ظافر محمد العجمي -المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج  

هناك شعور لذيذ في ان تكون الاجنبي الوحيد بلباسك ومظهرك بين 60 عسكري أمريكي لمدة 6 أشهر؛لكنه أصبح عبء في نهاية سبعينيات القرن الماضي حينما تطلب الامر ان أشرح في كل فصل جديد أنني من بلد بالكاد يوازي حجم نيوجيرزي أسمه الكويت. وفي إحدى الكورسات تحدى المدرب الطلبة عن من يعرف الكويت.فسمعت صوت يقول' نعم أنا أعرف الكويت' تملكتني مشاعر جياشة.فقد كان ذلك قبل ان تضعنا قناة سي ان ان 'CNN'على خارطة الاعلام بعقد كامل.
وحين استدرت للمتحدث لاحظت لأول مرة انني لست العسكري الاجنبي الوحيد. تملكتني رغبة جامحة لمعرفة كيف عرف بلدي.
إلا ان المعلومات التي كان يلقيها عن الكويت أدخلتني في عاصفة عاطفية كالتي تتملك الفرد حين يسمع السلام الوطني لبلده تعزفه فرقة نحاسية في بلد أجنبي. كان زميلنا العسكري الجديد يتحدث عن الكويت بحس إنساني،لكنه غير عاطفي.
فالعاطفي هو ان يرق قلبنا لأهل غزة،ونازحي سوريا،ويتمزق لما يكابده العراقيون والليبيون من مصائب تدفعنا للوقوف معهم.فالعاطفة هنا يقودها الدين والأصل والدم.أما الاطار الانساني فأوسع.فالقيم الانسانية هي التي جعلت بيل غيتس يتبرع بعشرة مليارات دولار لأعمال الخير حول العالم .
القفز من الاطار العاطفي المحدود للإطار الانساني الواسع هو الذي دفع بالكويت قبل مايزيد على 50 عاما الى ان يصبح العمل الانساني جزء من أهداف سياستها الخارجية .لقد حُرمت الكويت من الانضمام للتجمع الانساني تحت مظلة الامم المتحدة من يوم استقلالها 1961م الى عام 1963م جراء'الفيتو'السوفيتي الانتهازي.
وعندما قدر لها الانضمام للأمم المتحدة راحت تستخدم الادوات الاقتصادية لإظهار وجهها الانساني.لقد أحس صانع القرار الدبلوماسي الشيخ صباح الاحمد حفظه الله وهو وزير للخارجية حينها :ان الواجب الاخلاقي يتطلب منا ' أخوة تقاسم قطعة الخبز' كما جاء على لسانه قبل نصف قرن.
لذا تم إنشاء الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية 1961م، كأول مؤسسة إنمائية في الشرق الأوسط تقوم بالمساهمة في تحقيق الجهود الإنمائية للدول العربية والنامية. وكأداة لمد جسور الصداقة.حيث ركزت الكويت على مساعدة الدول الفقيرة والصغيرة.
لقد كانت شهادة الامم المتحدة بإنسانية الكويت أقدم مما أعلنه الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون في أغسطس 2014م باعتبار الكويت مركزا إنسانيا عالميا وان سمو امير البلاد المفدى الشيخ صباح الاحمد 'قائدا للإنسانية' لتاريخها الزاخر بالعمل الانساني الذي كان آخره استضافتها لأكبر عدد من مؤتمرات المانحين بل والمشاركة بأكبر المنح فيها . فقد اقرت الامم المتحدة نفسها قبل عقود عدة ان نسبة المساعدات الانسانية التي تقدمها الكويت تتعدى مساهمات الدول الصناعية الكبرى والتي لم تصل الى 0.70% من دخلها القومي .بينما كانت المساهمات الكويتية تفوق 3.8% من مجموع الدخل القومي الكويتي ويزيد هذا أربعة أضعاف على الحد الادنى الذي تطلبه الامم المتحدة.
ومن مبدأ إن ما لايتم الواجب إلا به،فهو وجب؛ إختارت الأمم المتحدة الكويت وأميرها لتقلد قلادة الانسانية. فالقيام بالإعمال الانسانية واجب لايتم الا بواجب تكريم الامير الانسان في 9 سبتمبر 2014م. كما ان من اسباب وجوب هذا التكريم اننا نعيش اياما تتجلى فيها الانتهازية والعنف والواقعية الميكافيلية الدولية وكأنها طبيعة بشرية انسانية. فالصهاينة وبعد نهشهم اطفال غزة يحاولون عبر شركات العلاقات العامة الدولية وبالأموال الطائلة تلميع أنيابهم وإعطاءها ابتسامة هوليوود اللامعة. بينما تمنح قلادة الانسانية للكويت لأن الأشياء عليها أن تظهر في الواقع أولا قبل أن تظهر في التاريخ.
وقبل 35 عاما عرف زميلي'داندي'الكويت من لوحة كبيرة بجانب مشروع ضخم في بلده 'جامايكا' معنونة الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية، فنعم الامير أميرها ونعم صندوق الانسانية صندوقها.

الثلاثاء، 2 سبتمبر 2014

أثر الخلافات بين دول الخليج على الوجود الأمريكي



أثر الخلافات بين دول الخليج على الوجود الأمريكي
د. ظافر محمد العجمي   
 نجحت بريطانيا في توحيد الخليجيين إبان فترة الحماية أكثر مما نجحوا في توحيد أنفسهم، فقد ارتبط اقتصاد الخليج ببريطانيا حين كان امتداد جغرافي للهند البريطانية، فلبسنا وأكلنا بل وتداولنا المفردات اللغوية ونقود الهند البريطانية نفسها، وتعاملنا مع نظام البريد والبرق البريطاني. كما كانت لندن هي القاضي في الخلافات الخليجية، وأسطول صاحبة الجلالة والبحارة الهنود ببنطلوناتهم القصيرة وملابسهم البيضاء المنفذ لبنود اتفاقية السلم البحري وأوامر صاحبة الجلالة في محاربة التهريب والقرصنة وتجارة الرقيق. وعندما صالحتنا قسراً سمت بلادنا بساحل الإمارات المتصالحة. فحمدنا الله وأرسلنا برقيات التأييد للملك العادل ادورد السابع عبر ذي الشوكة والإجلال «البولتكل ايجنت» الذي كان له مثلنا ديوان و«بيت شعر» يبنيه بالصحراء ويشب النار ويستقبل الضيوف. كما دعونا بالنصر للملك «جرج الخامس» في حرب الدولة البهية القيصرية الإنجليزية ضد هتلر، فانتصر وعشنا في أمان.
والآن نعيش في ظل اتفاقيات أمنية مشابهة لاتفاقيات الحماية، ينمق صفحاتها كثير من مفردات السيادة والاستقلال، فهل ساهمت الاتفاقيات الحالية بين دول الخليج كل على حدة مع واشنطن وباريس ولندن في القرن الحالي في تقويض المشروع الوحدوي الخليجي، وأصبحت مسوغاً لتوسع شقة الخلافات في كافة مناحي التعاون المفترض؟ أم كان الاستقرار وهياكل التعاون الاقتصادية والسياسية بين دول الخليج تحت مظلة مجلس التعاون دافعاً لواشنطن خاصة لإقامة هياكل التعاون العسكري مع دول الخليج، وهل سيكون للخلافات بين دول الخليج أثر على الوجود الأمريكي والغربي بصورة عامة؟
منذ أن ظهرت الخلافات بين دول الخليج وتقارير واشنطن تتحدث عن معضلات تدفق الإمدادات في حال انقطاع طرق التجارة الإقليمية جراء إغلاق الحدود البرية ومنع استخدام المجال الجوي، كما تتحدث عن قدرة تحرك القوات الأمريكية البرية في المنطقة بعد زوال الحدود المفتوحة، لقد كانت حماية الممرات البحرية واستمرار انسياب حاملات «الكونتينرات» التجارية وناقلات النفط واجباً بحرياً على عاتق الأسطول الخامس، فكيف سيعمل هذا الأسطول بين موانئ خليجية مغلقة في وجه بعضها؟ بل كيف سيستمر التنسيق الراداري وأنظمة توجيه المقاتلات والإنذار المبكر لردع العدوان المشترك لو أغلقت مراكز العمليات الخليجية المشتركة وفككت أنظمة الاتصالات المؤمنة وحزام التعاون؟ وكيف ستعمل واشنطن تحت سقف التشرذم الخليجي لإدارة الدرع الصاروخي الخليجي.
نؤمن بأصالة أن أمن الخليج يبدأ من الداخل الخليجي، لكننا نؤمن أيضاً بالبعد الاستراتيجي لأمن الخليج، بمعنى ضرورة أن تحمل دول كبرى لها مصلحة بيننا عبء الأمن فيه، ومن باب المصلحة لا يختلف اثنان أن الولايات المتحدة والغرب بشكل عام سيكونون متضررين لو انتشر سرطان التشرذم في الهيكل الخليجي، حيث لن تتوقف تداعيات الانهيارات الاقتصادية والدفاعية والأمنية، وستتوقف ميزة الأجواء المفتوحة والمياه والطرق المفتوحة لواشنطن.
لقد رافق الإرباكات السياسية الخليجية قلق أمريكي واسع، فاعتبر محللون أن الخلافات الخليجية نكسة للدبلوماسية الأمريكية في الخليج وخطر على المصالح الأمريكية، لكن ذلك قابله رأي أن القضية يجب أن تحل داخل البيت الخليجي، ثم جاء اجتماع جدة في 30 أغسطس الماضي متكئاً على عمودي الدبلوماسية الخليجية العتيدين «ترحيل حل الأزمات» و»الإدارة بالغموض»، فلم يقدنا المؤتمر الصحافي إلى حل قبل أن يقودنا إلى الجدل، وكان من ذلك الجدل أن وصلنا لقناعة أننا «لا نبيح» وزراء الخارجية الخليجيين و»لا نحللهم» إن فشلوا بإنجاز اختراق دبلوماسي بجبل الجليد المتشكل بيننا، فقد لا يكونون بسمارك أو كيسنجر، لكننا لا نريد أن نكون السفينة تايتانيك، لأن البديل هو تدخل واشنطن لفرض مصالحة خليجية كما كانت تفعل بريطانيا العظمى، ليس لمصلحة خليجية بل للتعامل مع المسؤوليات الجديدة الملقاة على عاتق البنتاغون حولنا، فهل نستطيع تحمل كلفة مصالحة ستكون «داعش» في ثناياه؟

Gulf seurity أمن الخليج العربي

Kuwait
تبين هذه المدونة كيف تمتع الخليج بأهمية كبيرة أدت إلى خلق عبء استراتيجي على أهله بصورة ظهرت فيها الجغرافيا وهي تثقل كاهل التاريخ وهي مدونة لاستشراف مستقبل الأمن في الخليج العربي The strategic importance of the Gulf region creates a strategic burden and show a good example of Geography as burden on history. This blog well examine this and forecast the Gulf's near future and events in its Iraq, Iran ,Saudi Arabia ,Kuwait, Bahrain ,Qatar, United Arab Emirates and Oman

أرشيف المدونة الإلكترونية