Gulf security أمن الخليج العربي

الأربعاء، 29 يناير 2014

دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ .. قدم لهم حبلا كافيا ليشنقوا أنفسهم

 د.ظافر محمد العجمي –المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج  
دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ .. قدم لهم ...
قدم لهم حبلا كافيا ليشنقوا أنفسهم

 بين إستراتيجية 'كمن يعمل من أجل مصالح الآخرين بينما يعزِز مصالحه'تحت رقم 27، وإستراتيجية 'الأمر الواقع بأخذ قضمات صغيرة' في رقم 29. وضع روبرت غرين ' Robert Greene' إستراتيجية 'التفوق على الآخر بأن تقدِم لأعدائك حبلاً كافياً لكي يشنقوا أنفسهم بأنفسهم' في رقم 28.وفي الخليج العربي لانملك إلا أخذ النصيحة الاستراتيجية الوسطى؛ فقد لعبت مدرسة أوباما/ كيري دور من يعمل لاستقرار منطقة الخليج العربي بينما أظهرت الاستدارات الاستراتيجية لتلك المدرسة تقديم مصالحهما الشخصية لدخول التاريخ  ليس قبل  مصلحة او استقرار الخليج فحسب بل قبل مصلحةأمريكا نفسها. وما ذلك بأمر جديد فطالما فعله الصهاينة لمصلحة تل ابيب. ومن جانب آخر أخذت طهران بإستراتيجية القضمات الصغيرة وطول النفس، ففي جولته الخليجية قبيل قمة الكويت 34  قضم  وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بعض من نسيج الرداء الخليجي محدثا خروقات عدة في لحمته سيمضي وقت طويل قبل أن نرفاها.

وفي كتاب 33 إستراتيجية للحرب'The 33 Strategies of War 'تقوم الاستراتيجية رقم28 على فرضية 'إن أعظم مخاطر الحياة تأتي غالباً من الزملاء المفترضين أو الأصدقاء الذين يزعمون العمل من أجل قضية مشتركة بينما يخططون لتدميرنا . حيث ينصح غرين صانع القرار السياسي ببث الشكوك والاضطراب فيهم، ودفعهم إلى التفكير كثيراً والتصرف بدفاعية. دافعا اياهم ليشنقوا أنفسهم عبر نوازعهم التدميرية '. ويبدوا أننا في الخليج لسنا في حاجة الى بث الشكوك في التقاء الطرفين بطريقة فجة مشبعة بالكيدية. فقد سبق ان أشرنا ان السياسة الخارجية الايرانية تقودها ثوابت عقائدية،بينما يقود الاميركية المنهج التجريبي كجزء من البراغماتية او المصلحية المتقلبة. ومن جهة اخرى سيبقى هذا التقارب مفتقراً إلى الجدوى المدروسة التي يعتد بها.  وكخطوة إستباقية لتطمين الاميركان خطب'كرماني' قبل شهر في صلاة الجمعة بطهران داعيا الوفد الايراني المفاوض 'إلى إظهار جمال الثورة للغرب وافهماهم ان إشاعة ظاهرة الخوف من ايران أمر خاطئ، وان أساس الحكومة في إيران هو التعامل برأفة مع الجميع حتى مع غير المسلمين'.

فهل يعي  أوباما ان الشاه ليس روحاني،فقد ولى زمن السلطة الشانشاهية المركزية وسيتعاملون مع كتل عدة تملك كل واحدة منها أذرع عابرة للسلطات، هذا التقارب يحمل معه عبء الإجابة عن قائمة من الأسئلة المثيرة فهل ستتعامل واشنطن مع مجمع تشخيص مصلحة النظام أو مجلس صيانة الدستور أو مجلس الشورى الإسلامي أو المرشد الأعلى للثورة'الولي الفقيه' وأين موقع الرئيس الايراني حسن روحاني من هذه التراتبيةّ ! و مع من سيتعامل قائد القيادة المركزية ألأمريكية لحفظ أمن الخليج ! مع القوات النظامية أم مع  قوات الباسيج،أم  قوات الباسدران، أم فيلق القدس، وكيف ستكون سبل التعاون بين قادة الاسطول الخامس مع وحدات ايرانية قامت لتعويض النقص في كفاءتها القتالية بانتهاج عقيدة الحرب غير المتماثلة، وتحرك جنودها بالأيديولوجية والاستشهاد والجهاد وليس بقواعد الاشتباك المصممة على العقيدة القتالية التي يحكمها نوع السلاح وحجم الصراع . ولانعلم كيف لازال العم سام يدخل رقبته في الانشوطة الايرانية إذا كان خطاب الاصوليين الرسمي في جامع طهران يعتبر' التفاوض مع الأميركيين ليس مدعاة لحسن الظن بهم لأن العدو يظل عدوا، وجب الدعاء الأبدي عليه بالفناء.' لقد دخل الاتفاق المؤقت لتجميد البرنامج النووي الايراني 20 يناير حيز التنفيذ،وكانت أولى الانتكاسات طلب مدير الوكالة الذرية يوكيا أمانو إقامة مكتب بطهران لتسهيل عمل مفتشي الوكالة،فكان الرد الايراني الرفض التام . رافقها بنفس اليوم 26 يناير 2014 انتكاسة اخرى حين وصفت ايران تصريحات كيري حول وجود خيارات عسكرية في حال لم تلتزم طهران بتعهداتها بانها 'غير دبلوماسية'.

 وفي تقديرنا أننا أمام صور ثلاث تغلب على مشهد التقارب الايراني الاميركي؛فالصورة الاولى تظهر نجاح التواصل بحكم قيامه منذ زمن طويل،وقد أحب ووافق على هذه الصورة بل وضغط زرّ'Like'بحماسة شديدة الكثيرون من أتباع نظرية المؤامرة التقليدية. بينما  نرى في الصورة الثانية الاميركان وهم يخاطرون بإعادة إنتاج عصرالشاه الذي ستكون نهايته إهانة أخرى بحجم احتجاز الرهائن نوفمبر1979م،وعلى دول الخليج  ان لاتتحلل من فضيلة التروي وأن تقدم لإدارة أوباما حبلا كافيا ليشنقوا أنفسهم بشرط الاستعداد للتوابع الزلزالية للخيبة الاميركية في طهران وتلك هي الصورة الثالثة .


الأربعاء، 22 يناير 2014

لماذا يذهب الخليجيون الى جنيف !

د.ظافر محمد العجمي –المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج 

لماذا يذهب الخليجيون الى جنيف !
هل يفتح مؤتمر جنيف نافذة حوار أم نوافذ عنف !

حين طلبت مني موظفة العلاقات العامة في القاعدة البحرية الاميركية عام 1982م تعبئة نموذج أذكر فيه المكان الذي أود زيارته على حسابهم في إجازتي كجزء من الزيارات المقررة لمعالم البلد المضيف ولرفع معنوياتي بعيدا عن الوطن ؛ لم أتردد في كتابة سد هوفر 'Hoover dam' على نهر كولورادو بين نيفادا وأريزونا. تعجبت الفتاة القروية القادمة من الغرب الاوسط عن جدوى قيادة السيارة 600 كلم ذهابا وايابا لزيارة سد فوق نهر! زيارة لم تكن دوافعها عصية الفهم على رئيسها وهو ضابط بحري يتطلب عمله الالمام بالجغرافيا. حيث تصنع التعجب في البداية ثم وافق حال علمه ان الرحلة تتطلب مرافق من القاعدة والمبيت في مكان يقع على بعد 60 كم غرب السد .
إن الإغتيال المعنوي للثورة السورية يتمثل بالجلوس مع أزلام نظام الاسد على طاولة مفاوضات؛تلك قناعة لم يكن أحد يتردد في الموافقة عليها بعد جنيف1.لكن الكثير قد تغير لصالح الأسد ودفع تشظي المقاومة بالعديد من القوى الاقليمية والدولية لتغيير قناعاتها، ومن ضمنها دول الخليج العربي التي أرسلت الأمم المتحدة الدعوة لخمس منها لحضور مؤتمر 22 يناير 2014م لإنهاء الصراع في سوريا بجانب 30دولة بينها الدول الخمس الدائمة العضوية و 3 منظمات إقليمية . وبسؤال ينتهي بأربع علامة تعجب نقول: لماذا يذهب الخليجيون الى جنيف !
- لم تتقرب العواصم الخليجية للقضية السورية من آخر الصفوف،فهل كانت بحاجة للحث من كاثرين آشتون المفوضة العليا للاتحاد الاوروبي لشؤون السياسة الخارجية والأمن لتشارك بالمؤتمر! أم ان كاثي تود ان تكرر مشهد احتضانها لجون كيري بعد نجاح اختراق الملف النووي الايراني لتحقق نجاح هش آخر حيث لم تجد الا استنهاضنا بنخوة (أوقد النار ياشبابها! )لاشك ان نظرة الغرب لدول الخليج كشركاء لهم مصالحهم في القضية السورية أمر نحرص عليه ،لكن الانتقال من هامش القضية إلى مركزها بعد اخفاقات الحل العسكري الذي تمنيناه يجعل حرصهم على مشاركتنا كنوع من اعطاء الشرعية لأمر مشكوك فيه!
- ﯾجب أن ﯾُرى الحوار كعملﯿة وإجراء أكثر مما ﯾُرى كحدث وفعالﯿة. وما يقلقنا هو تشديد كيري مؤخرا على إنهاء الأزمة من خلال 'العمل الدبلوماسي الجاد' واستبعاد القوة ولو تلميحا لرحيل النظام والأسد من مستقبل المشهد السوري، وكأن كيري يرقص على إيقاع لحن يترنم به سيرغي لافروف وجملته الموسيقية أن الغرب بدأ يفهم ضرورة بقاء الأسد لمواجهة المتطرفين!

- حول الاسد سابقا غضب المجتمع الدولي عليه الى غضب على براميل أسلحته الكيماوية، وتظهر المؤشرات ان مناوراته في المؤتمر ستقود لإعطاء الأولوية لمكافحة الإرهاب،ودعم القضاء على'المجموعات التكفيرية' بدل اعطاء أمر إبادته لشعبه الاولوية التي تستحقها !
-كما سوق الاسد شعار 'مؤتمر من دون شروط مسبقة ' وقد ساندته في ذلك طهران التي يعد حضورها مخالفا لمبادئ التفاوض لرفضها تأييد بيان 'جنيف 1' الذي هو الجذر الاول لهذا المؤتمر. وساندته موسكو في المطلب نفسه.أما الشروط التي لايريدها الاسد فأهمها وقف اطلاق النار. فكيف يشارك في المسار السياسي وهو لازال ينتهج المسار العسكري !
يرغب الجميع في حضور مؤتمر 22 يناير 2014م لإنهاء الصراع في سوريا،وكل له غايته، فموسكو تعتقد أنها ضمنت مكانا في المنطقة من خلال الحرب في سوريا،وطهران تستثمر صلحها النووي مع الغرب، وواشنطن تريد ان تبقى الموجهة للإحداث دون ان تملك هي أو شركائها الاوروبيين الرؤية او العزيمة لذلك. فمالغاية الخليجية من الحضور إذا كان دعمنا المتفرق للمسلحين قد فرقهم وجعل بينهم ماصنع الحداد ! وكيف سنجعل الثمن غاليا على موسكو لموقفها المضاد لموقفنا وكيف سنغريها بالبدائل ونحن لم نقنع حلفاءنا الغربيين بمشروعنا السوري ! ولتكتمل المفارقات نضيف علامة تعجب خامسة: لماذا يقول الخليجيون انهم ذاهبون لجنيف،ومؤتمر إنهاء الصراع في سوريا لن يعقد أصلا في جنيف، بل في بلدة مونترو'Montreux' السويسرية التي تبعد 60 كلم شمال شرق جنيف ! فهل يعرف الخليجيون ما غاية حضورهم للمؤتمر ! لاشك ان لكل غايته، فقد ذهبت لسد هوفر لابيت على بعد 60 كلم منه في لاس فيغاس !


في 17 يناير 1991م عادت المقاتلات الكويتية إلا واحدة

 الآن- د.ظافر محمد العجمي -المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج     

في 17 يناير 1991م عادت المقاتلات الكويتية إلا ...
كانت طائرة سكايهوك المكتوب على جانبها «الكويت حرة» آخر معاقل صمود الكويتيين، كانت طائرة بمثابة وطن

في الساعة 4:24 ظهرا أقلعت في الموجة الثالثة 8 طائرات، وقبيل الغروب هبطت عائدة بسلام المقاتلة الأولى فهلل رجال الخدمات الأرضية من منتسبي القوة الجوية الكويتية ثم هبطت الثانية فارتفع التهليل والتكبير ثم الثالثة فالرابعة والخامسة والسادسة والسابعة ثم طال الانتظار ولم تظهر في الأفق أو على الرادار الطائرة الثامنة رقم 828؛ لقد عادت المقاتلات الكويتية مع غروب يوم 17 يناير 1991م إلا واحدة.
كان قرار فك التماس والآخذ بالمرحلية ومتغيرات اللحظة القتالية للحفاظ على الطائرات الكويتية قرارا موفقا من قبل قيادة القوة الجوية 2 أغسطس 1990م كما كان تطبيقا ناجحا لمفهوم العمق الاستراتيجي في الحرب، فبعد تدمير العراقيين لممرات الطيران كان لا بد من الالتجاء لعمقنا الاستراتيجي فهبطت الطائرات في الخفجي والظهران وجدة والطائف كما هبطت في البحرين.
وتدرب طيارو الميراج الكويتيون في قطر وعلى الهوك في الإمارات والسكايهوك في خميس مشيط، ثم نقل الجميع لقاعدة الظهران منذ منتصف أكتوبر 1990م. ونقلت الهليكوبتر إلى الجبيل ومعها طائرات الغزال الإماراتية. وفي الظهران كانت الفرحة مغلفة بالدموع حين تم تحديد ساعة الصفر لانطلاق «عملية عاصفة الصحراء» فبعد يوم واحد من انتهاء مهلة مجلس الأمن لصدام للانسحاب من الكويت شنت طائرات التحالف حملة جوية لمدة 43 يوما بمعدل 2555 غارة يومياً. كان نصيب القوات الجوية الخليجية نصيب الأسد، حيث نفذت القوات الجوية الملكية السعودية 6500 طلعة، والكويتية 738 طلعة، والبحرينية 266 طلعة، والقطَرية 55 طلعة، والقوات الجوية الإماراتية 68 طلعة.
كانت طائرة سكايهوك المكتوب على جانبها «الكويت حرة» آخر معاقل صمود الكويتيين، كانت طائرة بمثابة وطن لمئات الرجال من منتسبي القوة الجوية الكويتية، وطن تنقل بين قاعدة أحمد الجابر الجوية والظهران وخميس مشيط. وفي الثالثة من فجر 17 يناير 1991م تم تسليح المقاتلة القديمة التي غطت أفعالها كبر سنها. وتلقى الرجال إيجاز المهمة وتحديد الأهداف التي يجب قصفها في الكويت المحتلة. حينها تراجع المنطق أمام عبثية الحرب فكيف تقصف وطنك الثابت الدائم بوطنك المتحرك المؤقت!
قاد العقيد يوسف ضويان العتيبي التشكيل الأول في 08:15 فأغار بست طائرات على موقع صواريخ أرض-أرض من نوع «فروغ 7 «شمال اللواء 35 على خط السالمي. فيما قاد المقدم يوسف الملا تشكيل هاجم أيضا موقعا مشابها جنوب قاعدة علي السالم الجوية. عاد التشكيلان بعد تدمير الأهداف يغطي على صوت محركاتها تهليل الرجال. لم تتوقف الطلعات الجوية الكويتية رغم الحزن على الطائرة التي لم تعد فالموجة الرابعة من هجمات اليوم الأول كانت تشكيلا من أربع طائرات بقيادة المقدم خميس سلطان فرحان لقصف راجمات صواريخ عراقية عادت بعدها سالمة. واستمرت الحملة الجوية وكان من تكتيكاتها في البداية التركيز على تدمير الدفاع الجوي العراقي ثم راداراته ووسائل اتصاله ولم يكن ذلك سهلا، إلا أن السيادة الجوية تحققت بفضل دقة عمليات الهجوم باليوم الأول.
ثم تغير التكتيك مع تطور الحملة الجوية فأصبح التركيز بناء على خطة الجنرال هورنر «C.A. Horner» تدمير المعدات وليس قتل الجنود، حيث طبق مفهوم الكشاف القاتل «Killer Scout concept» فإن لم يجد الطيار هدفا صالحا لطلعته بقي محلقا على ارتفاع شاهق فوق ميدان المعركة. وفيما كان طيران الحلفاء في سماء بغداد كان النقيب السعودي عايض الشمراني يحقق مجده فوق الخليج ففي 30 ثانية وبطائرة F-15 ظهر يوم 24 يناير 1991م أسقط طائرتين عراقيتين من نوع ميراج F1 حاولتا التسلل من الشمال الشرقي. فيما كان البحرينيون يشاركون في نفس اليوم للمرة الأولى ضمن العمليات الجوية المشتركة، أما القطريون فكانوا يحققون مجدهم في الخفجي 31 يناير 1991م حيث أسرت إحدى سراياهم خمس دبابات وست عربات مدرعة عراقية بعد ست دقائق فقط من تبادل إطلاق النار، كما قامت 4 طائرات ميراج 2000 إماراتية بعملية وأسكتت مضادات العدو.
كنا في القوة الجوية الكويتية نسمي المقدم محمد مبارك مو الكبير «Big Mo» لضخامة جثته، وقد ساعده جسمه الرياضي على الصمود حين سحله العراقيون بعد سقوطه وهو مربوط بحبال مظلته إلى شاحنة عسكرية لأميال عدة. كان محلقا مع الموجة الثالثة فوق مضادات أرضية عراقية في منطقة الصبيحية، وحين أغار على الهدف أول مرة لم تكن ردة فعل الدخان المتصاعد من الهدف المقصوف مرضية، فاستدار متخذا وضع الهجوم ناحية الهدف نفسه دون أن يعي أنه قد هبط أكثر من اللازم ولم يحافظ على مفهوم الكشاف القاتل بالارتفاع الشاهق فقفز من طائرته وهي تشتعل. فكانت حرب تحرير الكويت التي بدأت في 17 يناير 1991م مرتكزا للتحولات الكبرى في التعاون العسكري الخليجي ليس في المستوى الاستراتيجي فحسب بل والعملياتي أيضا، كما كانت شكلا من أشكال الوحدة الخليجية سبقت ما نطالب به بربع قرن.

الثلاثاء، 14 يناير 2014

مؤتمر المانحين الثاني بالكويت بين جمع المساعدات وجمع التعهدات لسوريا

د.ظافر محمد العجمي –المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج  

مؤتمر المانحين الثاني بالكويت بين جمع ...حين ننظر للخريطة يصفعنا وشم قديم وقبيح على ذراع العالم العربي اليمنى ووشم أقبح منه على الذراع اليسرى، وعلى الصدر لا تخطئ العين 60 مخيما للاجئين الفلسطينيين في الضفة وغزة ولبنان والأردن وسوريا كوشوم عجوز سالت خطوطها وتداخلت تفاصيلها عبر أكثر من 60 عاما. ولا أعلم كيف نتجاوز خطيئة ترديد قصص الشهامة والمروءة العربية ببلاغة في وقت يلفت نظرنا وشم على ذراع الممثلة أنجيلينا جولي وهي تتجول في مخيم للاجئين السوريين، ولا يلفت نظرنا أن الناطق الرسمي لأولئك اللاجئين طفل ميت من التجمد دون أن تؤسس بلاغة شفاهه الزرقاء لحظات تحريضية ضد منظومتنا الأخلاقية المزيفة.
الجانب المضيء من تراجع فرصة تحقيق ما يريد الخليجيون بالسلاح هو أن البؤس غير اللائق لأهلنا السوريين قد شكل مؤخرا حراكاً خليجيا موفقاً في مسارين يبدوان مختلفين ولكنهما في الحقيقة متكاملين، فهناك قيادة خليجية للمشهد السياسي الإقليمي يسندها دور كويتي مركز لقيادة المشهد نفسه بالدبلوماسية الاقتصادية والإغاثة الإنسانية بالمؤتمر الأول 2013م ثم الثاني للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سوريا والمزمع عقده في 15 يناير 2014م.
إن ما يقلقنا أن لا شيء يتفوق على عدد مخيمات للاجئين على خريطتنا إلا عدد
مؤتمرات المانحين في فنادقنا، فقد شهدت السنوات الخمس الماضية مؤتمرات عدة للمانحين لمساعدة لبنان، ولإعادة إعمار غزة، ومؤتمر المانحين لدارفور ومثله لجنوب السودان، بالإضافة إلى مؤتمر المانحين للجمهورية اليمنية، وغيرها الكثير فهل حققت الأرقام المستهدفة؟ لقد نجح مؤتمر المانحين لدعم الوضع الإنساني في سوريا في العام الماضي في جمع مليار ونصف المليار دولار، والمبلغ المستهدف في المؤتمر القادم هو 6 مليارات. ولا شك أن في ذلك تحديا يضاهي حاجة اللاجئينالسوريين له. وحتى لا يتحول مؤتمر الكويت الذي سيعقد بعد أسبوع إلى فعالية لجمع التكسب السياسي ولجمع التعهدات بدل جمع المساعدات نورد جملة ملاحظات:
- لن تسلم الكويت من اللمز وستتهم كما سبق بصنع قوالب التوظيف السياسي لمأساة اللاجئين السوريين. لكن خبرة الكويت وسجلها في المساعدات الاقتصادية منذ أن أنشأت الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية 1961م يثبت أنها معنية بالبعد الإنساني للقضايا الإقليمية، كما أن الكويت لم تنتظر يوما الشكر والعرفان لمبادرات أميرها وتبرعات مواطنيها من نساء وأطفال ثوار الخنادق في المخيمات حتى يمن به عليها المتحذلقون من الكتاب وثوار الفنادق.
- دعي لمؤتمر المانحين 60 دولة، وستكون هناك محاولات من دول مشاركة لتجيير مخرجاته لصالحها أو إفشاله كانسحاب ممثل إيران في المؤتمر الماضي بذريعة دعم بعض الدول المشاركة للثوار بالسلاح، أو التشكيك بأن التكاليف الإدارية لتوصيل المساعدات وجمارك الدول المحتضنة للاجئين وصلت إلى %60 من قيمة ما تم جمعه. أو كمشاركة موسكو لاستغلال التجمع لتحسين صورتها رغم أن تبعات نهجها السياسي قد خلقت جزءا من المشكلة ولا يمكن باستمرارها على نفس النهج أن تكون جزءا من الحل.
- بسبب ضغط الشارع نتيجة صورة تلفزيونية مروعة تندفع حكومات عدة لحضور مؤتمرات المانحين ثم يزول التأثر جراء تفوق المصلحة وصراع الأجندات فلا تلتزم الدول المانحة بتقديم كل تعهداتها. حينها يصبح من الضروري دفع المنظمات غير الحكومية للمشاركة فالمجتمع الإنساني بكل هياكله مطالب بتقاسم أعباء البؤس الإنساني.
- يأمل المؤتمرون بجمع 6 مليارات دولار، ورغم خطورة أن يصبح مليارا دولار سنداً ومدداً لآلة القتل بيد الأسد، فإن الضرورة تحتم رصد مثل هذا المبلغ لمشردي الداخل. وأربعة مليارات للاجئين السوريين في الخارج، ولعل هذه الخطوة عامل مؤسس لقاعدة «مشروع مارشال» لإعادة إعمار سوريا بعد الأسد.
حين رأيت الممثلة الأميركية أنجيلينا جولي ودموعها تنهمر من أجل الأطفال السوريين، تساءلت إن كان لديها مخزون من الرحمة يساوي ما لدينا جميعا ونحن أهل دين الرحمة! ثم لمحت الوشم على ذراعها اليمنى؛ حيث كتب بالعربية «العزيمة» وكأنها تلمح للعرب الأقرب منها للاجئين بحاجتهم للعزيمة لرسم وشم جديد ومعبر عن خارطة البؤس العربية
القديمة عبر المساعدات لا التعهدات وبعيدا عن الموازنة بين الأكلاف والمردود.

الأربعاء، 1 يناير 2014

تطور مفهوم أمن الخليج العربي 2-2


د.ظافر محمد العجمي –المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج    

تطور مفهوم أمن الخليج العربي   2-2
التاريخ الخليجي كان تاريخ تنافس دولي على موانئه فيما نحن قاصرين عن الفعل.
 
سيجد كل من يستفتي التاريخ إن البرتغاليون أهتموا بالإطراف المائية الخليجية فقط. بينما اقام الهولنديون محميات استيطانية تنافس اهل الخليج حتى في الغوص على اللؤلؤ .أما الفرنسيين فكان وجودهم مجرد امتداد لتنافسهم مع البريطانيين الذين كانوا أول من وضع نظام امن استراتيجي متكامل،فمثل الخليج احد الاقواس الدفاعية عن الهند،واحد قرون الاستشعار كالسويس وعدن ومضيق ملكا. كما ربطوا اقتصاد المنطقة بهم فأصبح الخليج امتداد جغرافي للهند البريطانية فلبسنا وأكلنا بل وتداولنا المفردات اللغوية ونقود الهند البريطانية، بل إن مهارة الاستراتيجيين البريطانيين جعلت حكام الخليج عبر اتفاقيات الحماية يعيشون في عزلة مريحة ترجمها قناعتهم بأن البعد الاستراتيجي أو اليد الممتدة من وراء الافق أهم جزء من نظام أمن الخليج،وكان ان طالب بعضهم من لندن التريث في تنفيذ سياسة شرق السويس 1968م الرامية للخروج من الخليج،وأعلن البعض الاخر استعدادهم دفع كلفة بقاء بريطانيا.وفي نهاية الستينيات كانت القوات البريطانية شركة أمن وحراسة تعمل لدى 'الاخوات السبع' أوشركات النفط التي كانت خمس منها أميركية.   لقد سارت الدوافع النفطية الى جانب الدوافع الاستراتيجية في تشكيل نظرية أمن الخليج الاميركية.وكانت أول مصافحة بين هواء الخليج ووجه البحار الاميركي في 1941م حين اقيم الممر الفارسي' Persian Corridor' لدعم  الشيوعي 'ستالين' وهو يتضور جوعا ويرتجف بردا جراء حصار الفيالق الالمانية،ثم تحول هذا الممر لخندق ضم الخليجيين و قوات الشاه لصد الشيوعية. فقد اعلنت واشنطن جراء ضعف بريطانيا مبدأ ايزنهاور 1957م لسد الفراغ الاستراتيجي في الخليج والمنطقة العربية.ثم مبدأ نيكسون 1968م أو'الدعامتين' ليقام على كتفي الرياض وطهران نظام امن خليجي جديد. أما مبدأ كارتر 1979م كرد فعل على الغزو السوفياتي لأفغانستان فكان اوضح واشد نظريات الامن الاميركية تأثيرا حيث ربط امن الخليج بالامن القومي الاميركي مباشرة، كما ظهرت فكرة قوة الانتشار السريع التي طبق تحركها في 1990م.لقد كانت الدوافع النفطية في ثنايا كل مبدأ اميركي وتتلخص في استمرار وصول النفط  وبسعر مقبول . ولم يكن السوفيت بحاجة الى نفط الخليج،لكن نظرية الدومينو كانت حاضرة بقوة في ذهن المخطط السوفيتي فقد كان يكفي ان تقع دول خليجية واحدة في براثن الشيوعية لتنهار بقية المنظومة.
لقد وصفت موسكو أمن الخليج بمسؤولية تقع على كاهل أهله،وسفهت نظريات الفراغ الغربية.وفي الوقت نفسه كان الخليج هو الحنجرة التي أراد المصارع الروسي الوصول اليها لقطع انفاس الصناعة الغربية،لذا دعمت موسكو من الشمال عبد الكريم قاسم في بغداد ومن الجنوب عبد الفتاح اسماعيل في عدن. كما فشلت موسكو في الوصول للخليج عبر معاهدة الصداقة والتعاون مع بغداد 1972م، فقد اخفق البعث بعد أزمة الصامته 1973م في تحقيق احد شروط المعاهدة وهو خلق ميناء للأسطول السوفيتي في وربة او بوبيان. اما روسيا 'بوتين' فترى الخليج كمشروع محطة بترول على نسق الرأسمالية الروسية الحالية قابلة للابتزاز بملفات ايران وسوريا.
ويعقد تحديد المفهوم الإيراني لأمن الخليج  تقلب مجالات النفوذ لديها مما فرض إعادة التعريف في كل عقد بشكل مختلف،فهي حضارة الخليج حيث لاينسب المعرف إلى النكرة وهي شرطي الخليج مرة وهي ذات الصفة الابوية المذهبية مرة اخرى.أما تعريفها لأمن الخليج فهوانها المرجعية في القضايا الاقليمية والنفطية والنووية. وراهنا لاترى طهران مانعا في ان تكتب أسطر نظرية أمن الخليج على ضفتيه بخط عربي، وبصبغة إسلامية على ان يكون مابين البسملة وصدق الله العظيم مكتوب باللغة الفارسية.ورغم ان الخليج حمل اسم خليج البصرة ضمن اسمائه المتعددة إلا ان بغداد جراء مغامرات قادتها كانت في المعسكر الاخر دائما. وقد نظرت لأمن الخليج من منظار عسكري من خندق مواجه لإيران.أو تابع للامبريالية. لكن الاستدارة الحادة حدثت بعد سقوط الطاغية صدام،فاصبحت المصلحة الاميركية و الايرانية في الخليج مبررة.ودون ان تسلك مسلك الاستجداء التركي مع أوربا تعتقد بغداد انها خليجية جغرافيا وتاريخيا وإستراتيجيا.

أما أهل الخليج فيرون أنهم لازالوا في الحقبة الاميركية أو في أواخرها.وإن قضية سياسة شرق السويس البريطانية بمضمونها التهويلي تتكرر، ورغم تآكل فرص الرهان الخليجي إلا ان البعض قد يذهب لعرض  تحمل كلفة بقاء هيبة واشنطن بيننا.فالدوافع النفطية  للمظلة الاميركي توشك على الزوال بعد اكتشاف النفط الصخري وتحلي النفط الايراني بروح الصداقة ولا سبيل لتأخير التحولات الكبرى. كما ان الأمن الجماعي الخليجي  من خلال الاطار الوحدوي هو اجراء رغم إغراءاته البلاغية ليس قليل الحظ في التحقق فحسب بل قد لايكون الحل السحري لمعضلة الامن في الخليج لمحدودية القوة الخليجية سياسيا واقتصاديا وعسكريا لكن البيئة الاقليمية سيئة الطباع لاتجعل امام الخليجي خيار في المراهنة على غيرة. فمن تتبعنا لتطور مفهوم امن الخليج وصلنا لما وصل اليه 'فوكوياما' من ان التحديات القادمة لن تخرج عن نفس الاشكال السابقة وعليه فقد أستنفذ التحدى لأمن الخليج كافة أشكاله وأنتهى التاريخ الخليجي الذي كان تاريخ تنافس دولي على موانئه فيما نحن قاصرين عن الفعل

Gulf seurity أمن الخليج العربي

Kuwait
تبين هذه المدونة كيف تمتع الخليج بأهمية كبيرة أدت إلى خلق عبء استراتيجي على أهله بصورة ظهرت فيها الجغرافيا وهي تثقل كاهل التاريخ وهي مدونة لاستشراف مستقبل الأمن في الخليج العربي The strategic importance of the Gulf region creates a strategic burden and show a good example of Geography as burden on history. This blog well examine this and forecast the Gulf's near future and events in its Iraq, Iran ,Saudi Arabia ,Kuwait, Bahrain ,Qatar, United Arab Emirates and Oman

أرشيف المدونة الإلكترونية