Gulf security أمن الخليج العربي

الأحد، 22 يوليو 2012

استراتيجية «زنبق الماء» الأميركية في الخليج


د.ظافر محمد العجمي – المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج   
إستراتيجية 'زنبق الماء' الأميركية في الخليج
 

بقطرها الذي يصل لـ3 أمتار أحيانا، تستطيع ورقة زنبق الماء المستديرة حمل عشرة كيلوجرامات وهي طافية في برك المياه الضحلة مجاورة لمثيلاتها في دوائر لا متناهية. وفي دراسة من مجلس العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي في منتصف يونيو2012م حسمت واشنطن إدراكاتها العسكرية لما يجري في الخليج بتطبيق استراتيجية ورقة زنبق الماء «lily pad» في المنطقة. ورغم أن خطوطها العريضة قد وضعت في عهد الرئيس بوش الابن، فإن الجديد هو أن تكون الكويت ورقة زنبق الماء الخليجية. فما هذه الاستراتيجية، وكيف نقرأ دوافع تطبيقها حاليا بين المكاسب والتبعات؟
لقد أدارت وزارة الدفاع الأميركية 860 قاعدة خارج أراضيها، لكنها بدأت في التحول من القواعد العسكرية الضخمة إلى قواعد أصغر حجما وأكثر عددا، وهذا هو جوهر استراتيجية ورقة الزنبق التي تعتمد على السماح للقوات الأميركية بالتحرك المرن بسرعة من إحدى ورقات الزنبق المنتشرة قرب المناطق الساخنة لوقف خطر يهدد مصالح أميركا. وتستخدم هذه القواعد الصغيرة لتكون نقطة عمليات عسكرية «هجومية» لنقل القتال لأرض الخصم. ومن جدوى ذلك شن الهجمات في أية وقت دون تكبد كلفة القواعد الكبيرة التي تحرج الدول التي تحتضنها، ويستعاض عن كثرة القوات برفع قدرة وحدات المناورة.
ورغم أن مصادر عسكرية كويتية قد قالت في 15 يناير 2012م إنه لم يتم الاتفاق على هذه الاستراتيجية وأن القوات الأميركية تعبر الكويت في طريقها إلى بلادها، فإن التحديات السياسية والأمنية المستجدة قد غيرت على ما يبدو من موقف الكويت. فبالإضافة إلى موقعها شمال الخليج، تتمتع الكويت بعلاقات جيدة مع واشنطن، كما يرابط فيها بناء على الاتفاقية الأمنية أكبر حشد عسكري أميركي يبلغ 15 ألف جندي، ومرجح تخفيضهم بناء على ورقة الزنبق إلى 13500 جندي مقارنة بـ7000 جندي في البحرين ومثلهم في قطر و3000 جندي في الإمارات و258 بالسعودية. وقد عجل بهذه الخطوة تشكّل مناخ ملائم لاحتضان الكويت لهذه الاستراتيجية كان من مظاهره: 
1 - الفراغ الاستراتيجي في العراق نتيجة إخفاق إدارة أوباما في التوصل إلى اتفاق مع الحكومة العراقية يسمح بوجود عسكري محدود. وفي غياب سلاح جو عراقي فعال بلغ الفراغ أقصى درجاته بخلق جيرة جوية غير ودية في سماء العراق بين مقاتلات إيران والكويت وشمال السعودية.
2- وقف النفوذ الإيراني، حيث أشار الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة حين برر التواجد في الكويت قائلا «لن أصف الأمر بأنه علاقة سببية استنادا إلى ما حدث في العراق فحسب لكنه نتيجة القلق المستمر من تنامي نفوذ إيران» وكانت زيارة أبو موسى ومظاهرات البحرين وشبكة التجسس بالكويت من مفجرات النزاع الجديدة بين الطرفين. يضاف لها تبعات حصار طهران اقتصاديا ونفطيا ودبلوماسيا. ثم عثرة محادثات طموحها النووي في موسكو مؤخرا، بالإضافة لضرورة كبح جماح قوتها العسكرية.
3- أخذت مدينة الصواريخ السورية قرب حماة تكشر عن أنيابها البالستية في وجه مدن الخليج نتيجة موقفهم المندد بنظام دمشق. وفي غياب حائط صواريخ خليجي كالمصري في حرب 1973م، يصبح التجهيز الأخير لصواريخ «توما هوك» الجوالة في الخليج أمرا مقبولا. بل ويصبح من المحتم إعادة النظر في عرض واشنطن إنشاء الدرع الصاروخية الخليجية، بل وعلى عجل كما فعلوا مع الكيان الصهيوني.
4- ما زالت تبعات زلزال الربيع العربي تحفز الكثير من الهزات الارتدادية في الخليج، حيث اعتبر توني كوردسمان عدم الاستقرار من ضمن دواعي التواجد الأميركي. بالإضافة لقيام الإرهاب بنصب مكينة تفريخ جديدة في سوريا، حيث قامت القاعدة ولواء عاشوراء وجماعة اليوم الموعود وجماعة عصائب أهل الحق وحزب الله العراقي بصف بيضها انتظارا لتفريخه ثم نشره في المنطقة.
لقد قال ديمبسي بضرورة تناوب القوات في الكويت بشكل دوري عبر استراتيجية ورقة زنبق الماء. ولا تعارض الاتفاقية الأمنية التي يعاد تجديدها بين البلدين كل عشر سنوات ذلك. لكن هناك تبعات يجب على صانع القرار الكويتي ملاحظتها: 
1- ستكون الكويت نقطة للتدريب والإمداد والتموين وانطلاقا لقوات الصفوة للمواقع الساخنة وهي ليست قوات قتالية فحسب بل هجومية، مما يعني أن الكويت ستكون أرض المعركة، ومركز تلقي ردات الفعل والهجوم المضاد.
2- كانت المشاكل القانونية، وإصرار الأميركان على حصول منتسبيهم على الحصانة من الوقوف أمام القضاء العراقي» legal immunity» من أسباب عدم الاتفاق على تمديد تواجد القوات الأميركية هناك، مما يجبرنا عن طرح السؤال نفسه في حال تفعيل استراتيجية ورقة زنبق الماء في الكويت.
3- ركزت دراسة مجلس العلاقات الخارجية في الكونجرس على الأمور المالية في 37 صفحة، مشيرة لرصد مساعدات لتعزيز التنمية في البلدان التي تحتضن القوات الأميركية، كما تتحدث عن تقاسم العبء في العمليات العسكرية. فهل يساوي ثمن التسهيلات التي تتلقاها واشنطن في الكويت الكلفة المالية التي ندفعها نظير الاتفاقية الأمنية كل عشر سنوات؟ مع الأخذ بعين الاعتبار تساوي مصلحة الكويت، ومصلحة أميركا من وجود القوات.
رغم استمرار الظهور العسكري الأميركي فيها مستقرا أو مارا للعراق، فإن الكويت في العقد الماضي كانت خارج فصيل حملة السلاح الأميركي في الخليج، تاركة المقدمة للإمارات والسعودية. فهل ما يجري هو مرحلة افتتاحية لفصل جديد شخوص الرواية فيه محسوم مسارهم؟ وهل تتعدى استراتيجية واشنطن القادمة لأمن الخليج شواطئه لتفرض من الكويت استقرار الجوار كالأردن وسوريا ومصر واليمن والصومال والقرن الإفريقي في عودة لافتة لدوائر وأقواس الأزمات الكسنجرية زمن الحرب الباردة، وهل الكويت/الزنبقة قادرة على حمل خطط واشنطن دون الغرق؟

ليست هناك تعليقات:

Gulf seurity أمن الخليج العربي

Kuwait
تبين هذه المدونة كيف تمتع الخليج بأهمية كبيرة أدت إلى خلق عبء استراتيجي على أهله بصورة ظهرت فيها الجغرافيا وهي تثقل كاهل التاريخ وهي مدونة لاستشراف مستقبل الأمن في الخليج العربي The strategic importance of the Gulf region creates a strategic burden and show a good example of Geography as burden on history. This blog well examine this and forecast the Gulf's near future and events in its Iraq, Iran ,Saudi Arabia ,Kuwait, Bahrain ,Qatar, United Arab Emirates and Oman

أرشيف المدونة الإلكترونية