د.ظافر محمد العجمي –المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج
مع إعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية وجود خطوات إيرانية جادة لتطوير سلاح نووي، لم يعد الأمر كجرعة قلق إيجابية تهز الجسد الخليجي فينتعش أمنيا لفترة وجيزة، بل إن وضعنا كمن عرف بعمق البئر التي سيرمونه فيها فقط، دون أن يملك القدرة على إيقافهم. لقد وضعنا التقرير الأخير أسرى بلاغة تراثنا، في مثل يقول (إذا رفعتها للشارب وإذا طمنتها للحية). وقد يذهب البعض إلى أن المثل يضرب حين يهدد قرارك شيئان عزيزان عليك، وذلك بالفعل ما نحن مقبلون عليه، فإما السكوت عن فقدان شاربنا واستمرار مجلس الأمن في تبني الجانب الناعم من الفصل السابع طبقاً لأحكام المادة 41 لحفظ السلم والأمن الدولي وإعادته إلى نصابه عبر «النبذ الدولي» لطهران والتي طبق الكثير منها حتى الآن، كوقف الصلات الاقتصادية والصلات الدبلوماسية والمواصلات دون تحقيق شيء يذكر فنفقد استقلال القرار الخليجي جراء تعزيز وتمدد النفوذ الإيراني تحت تهديد الشك بوجود السلاح النووي. أو فقدان لحانا جراء تطبيق المادة 42 واتخاذ طريق القوة الوعر، وهو الحل العسكري الذي نرفضه من مبدأ رفضنا للتدخل الخارجي في تكييف مفهوم أمن الخليج، حتى ولو كان عبر شعار جعله خاليا من الأسلحة النووية، بموعظة سمجة من إسرائيل التي تمتلك مئات الأسلحة النووية، والتي نرفض أن نكون معها في خندق واحد ضد بلد جار ومسلم كل جريرته أن قادته أساؤوا إدارة شؤونه. وحتى لا نكون ضمن المساحة التي ستنفذ فيها إيران انتقامها. بالإضافة إلى خوفنا من عدم سقوط النظام جراء الغارات المزمع شنها، فتقوي الضربات نظام الملالي الذي لم يحسن الجيرة معنا أبدا.
لقد دفعنا تقرير الوكالة إلى ساحة المعركة ومن المحزن أن على دول المجلس لتفادي الشظايا الجري نحو خنادق موحلة لا نملك إلا القفز في أحدها:
1- الخندق الدولي، وقد فرض نفسه منذ بداية مماحكات طهران مع الأمم المتحدة، لخطورة التهديد الإيراني على السلام العالمي والإجماع على ضرورة احتوائه. لكن الاحتماء بالشرعية الدولية مكلف لدول الخليج، فقد تم تدويل قضايا خليجية كثيرة في العقود الثلاثة الماضي، ولم تخل القرارات التي صدرت من تفضيل لمصلحة الدول الكبرى قبل حقنا أو السلم الدولي، وزاد من كرهنا للاحتماء بهذا الخندق الإخفاق في تعريفه لأمن الخليج دون الارتكاز على دعامتين تعوقان حركتنا في خندق الذل هذا، وهما استمرار تدفق النفط بأسعار رخيصة، وصيانة أمن إسرائيل. ولن يصلح أن نحتمي به إلا بعد إصلاح مجلس الأمن نفسه بجعل حق الفيتو في مسائل الفصل السابع فقط، وإتاحة فرصة لدول الخليج للوصول لمقعد دائم يتناسب مع أهميتها الاستراتيجية للعالم ومساهماتها في جهود الأمم المتحدة.
2- الخندق العربي، وهو خندق متهاوي الأركان، كانت أكبر انهياراته الغزو العراقي للكويت 1990م، وظهر ضعفه في زمن الربيع العربي، برغم الجهود الخيرة لجعله خندقا للشعوب العربية لا للأنظمة. وهو خندق مكروه من قبل إيران، وقد عملت على تحييده كملجأ لأهل الخليج في عصر الشاة، لأسباب قومية، واستعمارية حين كانت طهران القوة الإقليمية التي تدافع عن مصالح القوى الغربية بالمنطقة، كما استمر تحييد إيران لهذا الخندق في زمن الجمهورية الإسلامية لأسباب ليست قومية فحسب بل عقائدية أيضا.
3- الخندق الخليجي، حديث البنيان، مستقبلي التطلعات، وهو صيغة تعاون إقليمي تتجاوز صيغة الجامعة العربية لحمايتنا، إلا أن ما يعيبه هو أن صانع القرار مصر على تغييب الملف النووي الإيراني، إلا بتصريحات القمم الإنشائية. كما لا نستطيع المكابرة بموقف خليجي موحد تجاه طهران، فمواقفنا متعددة ومتباينة ومتناقضة، ومرتبكة ربما بوجود علاقات خليجية خارجية متعددة تضغط كل منها على طرف خليجي في تعامله مع طهران بدرجة تختلف عن الآخر.
إن تصاعد أسهم دول الخليج كجزء من الحل في مشاهد إقليمية عدة في حرب لبنان وحرب غزة ثم حصارها، وقضية أسطول الحرية، والمبادرة الخليجية في اليمن، ودعم التغيير في تونس ومصر وليبيا وسوريا، يشير إلى ظهور مدرسة جديدة في العلاقات الدولية تقول بصعود الدول الصغيرة لمسرح الأحداث الإقليمية والدولية مسلحة بالقوة الناعمة، وهي الاقتصاد والإعلام والدبلوماسية، فلماذا لا يكون حل معضلة الطموح النووي الإيراني ضمن أجندة دول الخليج وقوتهم الناعمة؟!
لقد دفعنا تقرير الوكالة إلى ساحة المعركة ومن المحزن أن على دول المجلس لتفادي الشظايا الجري نحو خنادق موحلة لا نملك إلا القفز في أحدها:
1- الخندق الدولي، وقد فرض نفسه منذ بداية مماحكات طهران مع الأمم المتحدة، لخطورة التهديد الإيراني على السلام العالمي والإجماع على ضرورة احتوائه. لكن الاحتماء بالشرعية الدولية مكلف لدول الخليج، فقد تم تدويل قضايا خليجية كثيرة في العقود الثلاثة الماضي، ولم تخل القرارات التي صدرت من تفضيل لمصلحة الدول الكبرى قبل حقنا أو السلم الدولي، وزاد من كرهنا للاحتماء بهذا الخندق الإخفاق في تعريفه لأمن الخليج دون الارتكاز على دعامتين تعوقان حركتنا في خندق الذل هذا، وهما استمرار تدفق النفط بأسعار رخيصة، وصيانة أمن إسرائيل. ولن يصلح أن نحتمي به إلا بعد إصلاح مجلس الأمن نفسه بجعل حق الفيتو في مسائل الفصل السابع فقط، وإتاحة فرصة لدول الخليج للوصول لمقعد دائم يتناسب مع أهميتها الاستراتيجية للعالم ومساهماتها في جهود الأمم المتحدة.
2- الخندق العربي، وهو خندق متهاوي الأركان، كانت أكبر انهياراته الغزو العراقي للكويت 1990م، وظهر ضعفه في زمن الربيع العربي، برغم الجهود الخيرة لجعله خندقا للشعوب العربية لا للأنظمة. وهو خندق مكروه من قبل إيران، وقد عملت على تحييده كملجأ لأهل الخليج في عصر الشاة، لأسباب قومية، واستعمارية حين كانت طهران القوة الإقليمية التي تدافع عن مصالح القوى الغربية بالمنطقة، كما استمر تحييد إيران لهذا الخندق في زمن الجمهورية الإسلامية لأسباب ليست قومية فحسب بل عقائدية أيضا.
3- الخندق الخليجي، حديث البنيان، مستقبلي التطلعات، وهو صيغة تعاون إقليمي تتجاوز صيغة الجامعة العربية لحمايتنا، إلا أن ما يعيبه هو أن صانع القرار مصر على تغييب الملف النووي الإيراني، إلا بتصريحات القمم الإنشائية. كما لا نستطيع المكابرة بموقف خليجي موحد تجاه طهران، فمواقفنا متعددة ومتباينة ومتناقضة، ومرتبكة ربما بوجود علاقات خليجية خارجية متعددة تضغط كل منها على طرف خليجي في تعامله مع طهران بدرجة تختلف عن الآخر.
إن تصاعد أسهم دول الخليج كجزء من الحل في مشاهد إقليمية عدة في حرب لبنان وحرب غزة ثم حصارها، وقضية أسطول الحرية، والمبادرة الخليجية في اليمن، ودعم التغيير في تونس ومصر وليبيا وسوريا، يشير إلى ظهور مدرسة جديدة في العلاقات الدولية تقول بصعود الدول الصغيرة لمسرح الأحداث الإقليمية والدولية مسلحة بالقوة الناعمة، وهي الاقتصاد والإعلام والدبلوماسية، فلماذا لا يكون حل معضلة الطموح النووي الإيراني ضمن أجندة دول الخليج وقوتهم الناعمة؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق