Gulf security أمن الخليج العربي

الخميس، 28 أبريل 2011

الخليج ومصر وإيران بينهما

 د. ظافر محمد العجمي - المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج
 في عام 525 ق.م. تقدم قورش الأكبر «Cyrus» من السلالة الأخمينية الفارسية يطلب يد ابنة أحمس الثاني، فاحتال الفرعون بإرسال فتاة أخرى، مما جعل قورش يقرر احتلال مصر بعد انكشاف الحيلة. لكن قورش لقي حتفه، فتولى ابنه قمبيز الثاني «Cambyses II» المهمة بجيش من 50 ألف رجل ضم في مؤخرته عرب الجزيرة بجمالهم. ويذهب هيرودوت إلى أن قمبيز لقي معارضة رجال الدين المصريين، فأراد بعد احتلال مصر تدمير معبد آمون في واحة سيوة تنكيلا بهم. لكن الجيوش الفارسية بقضها وقضيضها اختفت فجأة في الصحراء الغربية، حتى أن وكالة الفضاء «ناسا» فشلت في استخدام الصور من الفضاء للبحث عن مؤشرات لبقايا ذلك الجيش.  
وفي هذه الأيام يقوم رئيس الوزراء المصري د.عصام شرف، بجولة خليجية أحاط بها الجدل من جهات عدة، فهناك عتب خليجي تقابله ردة فعل مصرية قوية، بينما تراقب طهران هذا الجدل بحياد مصطنع رغم كونها المحور الثالث فيه. وسوف تتناول الجولة إلى السعودية والكويت وقطر التعاونَ الاقتصادي، والموضوعات الإقليمية التي منها أمن الخليج العربي.
لكن هذه الجولة تنطلق من قاعدة يحيط بها الارتباك والتوتر غير المعلن من كلا الطرفين، وإن كانت تقوم على ركيزتين هما العتب المصري من البرود الخليجي لسقوط الطاغية حسني مبارك، والتوجس الخليجي من التقرب المصري المفاجئ لطهران. وفي الخليج ندرك بوعي تام أن مصر هي الدولة العربية الوحيدة التي ليست لديها علاقات كاملة مع طهران، وأن من حق القاهرة وضع علاقتهما في إطار المراجعة الشاملة في ظل أهمية محور القاهرة/طهران في إعادة ضبط المعادلات الإقليمية. من جهة أخرى ندرك القلق المصري من تنامي الدور الخليجي حين اتخذنا نهجا قياديا في تدويل الأزمة الليبية، سبقها دور الكويت في مبادرتها الاقتصادية، ليأتي موضوع تداول منصب أمين الجامعة العربية بمنافس خليجي كحجر في طريق الترابط التاريخي الأخوي بين مصر والخليج. أما وجهة النظر الخليجية فيمكن قراءتها في جملة نقاط منها:
:. 1تقود «ثورة الشباب» مصر بعقلية الانتقام، فأظهرتنا جماعاتٌ منهم بوجه حماة الديكتاتوريات، وأن لنا تدخلاً في الشأن المصري الداخلي ومحاولة وأد الثورة. بل إن الناشطة السياسية «وسام» ذهبت إلى حد نفي مشاركة القوات العربية في الحروب ضد إسرائيل. ولا نعلم كيف يتسق دعم الدكتاتوريات، إلى جانب ترددات قناة الجزيرة والعربية والطائرات الإماراتية والقطرية في سماء ليبيا! أو كيف أن جيش الكويت كان الجيش العربي الوحيد الذي شارك المصريين في حرب67، وخسرت الكويت في حرب الاستنزاف «1967-1970» أكثر مما خسرت في حرب تحرير الكويت. 
2.لم تبذل الجهات الرسمية المصرية جهدا يذكر للحيلولة دون تسرب أخبار التحقيقات مع الرئيس المخلوع وزمرته، مما سبب حرجا لدول خليجية عدة لعل خير مثال عليها أزمة توشكى، والشركة الكويتية-المصرية، ومشكلة شركة الفطيم الإماراتية، مظهرة الخليجيين كمصاصي دماء للشعب المصري مما يهدد بنسف أو مراجعة الاستثمارات الخليجية هناك.
3. لم تظهر مملكة البحرين وعمان على جدول جولة د.شرف، وكأن مصر تسعى للمساعدات المالية والقروض والمنح، فشملت الزيارة الدول الخليجية الغنية. كما ترى المنامة خاصة أن قرار تحسن علاقات القاهرة مع طهران أتى في وقت حسّاس وغير مناسب قامت خلاله طهران بالتحريض على تغيير النظام في المنامة. فهل تقفز المنامة لتحل محل الدوحة وكأننا نتناوب الجفوة مع مصر؟       
4.لم تخفِ أبوظبي امتعاضها من أسلوب معاملة الرئيس المخلوع، ولا من اتهامات القاهرة لها بقيام مبارك ونجليه بتحويل أموالهم لها خلال الفترة التي سبقت مرحلة التنحّي، مما أقلق الإمارات فأعلنت عدم تهيئها لاستقبال عصام شرف.     
5. سعت دول خليجية إلى خروج غير حاد لمبارك لكن تعامل المجلس العسكري مع المقترحات الخليجية خرب سيناريو كانت تريد تطبيقه مع الرئيس اليمني علي عبدالله صالح وغيره من الطغاة لصالح شعوبهم.   
6. اعتبرت العواصم الخليجية، كما يرى البعض، التقارب المصري الإيراني بمثابة ورقة ضغط من المصريين بهدف طلب معونات، فرفضت هذا الأسلوب، لكي لا يكون مبدأ للتعاون مع حكومة القاهرة الجديدة.
7.أربكت تناقضات السياسة الخارجية المصرية بين موقف العسكر وموقف وزارة الخارجية دول الخليج، حيث وجدت لوماً من قيادات المجلس العسكري للخارجية على كثرة تصريحات تقربها من طهران، حيث صرح المجلس العسكري بموقفه بعدم السماح لإيران بالنيل والانفراد وبسط نفوذها على منطقة الخليج.
8.لم تبد دول الخليج ارتياحاً لتوجهات السياسة المصرية في الفترة المقبلة مع إيران، حيث تتخوف أن يكون على حساب مصالحها، وهو درس وعته العواصم الخليجية من تبدل الاهتمام الأميركي المصلحي تجاه العراق بعد سقوط الطاغية صدام على حساب المصالح الخليجية.
9.كما يرتاب الخليجيون في دوافع مصر من الانفتاح المفاجئ بعد قطيعة طويلة، وهل الولايات المتحدة هي التي تشجع انفتاحها على إيران أم أن هذا خيار مصري بحت.     
10.في الوقت الذي تظهر في الأفق بوادر تغيير في سوريا قد يعيد دمشق إلى الصف العربي، يأتي التغيير في علاقة القاهرة مع طهران كخلط مفاجئ للأوراق على الطاولة الخليجية المرتبكة.     
بعودتنا لجثث جيش قمبيز الثاني، انتشر في سبتمبر 2009 خبر حل لغز فلول الجيش الفارسي المفقود منذ 2500 سنة، حيث استطاع الشقيقان التوأمان آنجلو والفردو کاستيجليوني مع فريق من الباحثين الإيطاليين حله بعد أن وجدوا المئات من الهياكل العظمية، وإلى جانبها أسلحة برونزية وأقراط فضية في الصحراء الغربية. ليضع الاكتشاف العلاقات بين حضارتين عظيمتين في إطارها الصحيح من التمازج والتواصل. ثم هبت «رياح قبلي» الخريفية في نوفمبر 2009م، ومعها قال المجلس المصري الأعلى للآثار في بيان أصدره إن «ما ذكرته وكالات أنباء وقنوات فضائية حول عثور الأخوين أنجلو والفريدو کاستيجليوني أثناء قيامهما بحفائر في واحة البحرين بالقرب من واحة سيوة ليس صحيحا خصوصا وأن الأخوين لا يعملان في بعثة إيطالية للتنقيب عن الآثار». ولم يبق مؤكدا من علاقة لحمتها الجثث بين القاهرة وطهران إلا جثة الشاه محمد رضا بهلوي في مسجد الرفاعي في القاهرة والتي ستطالب طهران بنبشها نظير عودة العلاقات. وذلك خير من أن يكون الثمن جثثنا!

ليست هناك تعليقات:

Gulf seurity أمن الخليج العربي

Kuwait
تبين هذه المدونة كيف تمتع الخليج بأهمية كبيرة أدت إلى خلق عبء استراتيجي على أهله بصورة ظهرت فيها الجغرافيا وهي تثقل كاهل التاريخ وهي مدونة لاستشراف مستقبل الأمن في الخليج العربي The strategic importance of the Gulf region creates a strategic burden and show a good example of Geography as burden on history. This blog well examine this and forecast the Gulf's near future and events in its Iraq, Iran ,Saudi Arabia ,Kuwait, Bahrain ,Qatar, United Arab Emirates and Oman

أرشيف المدونة الإلكترونية