Gulf security أمن الخليج العربي

الثلاثاء، 1 يونيو 2010

لسنا شايلوك ولستم تاجر البندقية

 د.ظافر محمد العجمي-المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج 
مقتل إنسان مأساة، أما مقتل مليون فمسألة عدد، كلمات قالها جوزيف ستالين في النصف الاول  من القرن الماضي، ونسمع صداها في بغداد هذه الايام بشكل مقارب، حيث أن إيقاف طائرة عراقية واحدة في مطار لندن في مايو 2010م مأساة،أما استيلاء العراق  في عام 1990م على 17 طائرة تملكها الخطوط الجوية الكويتية فمسألة عدد.
وفي شرقنا نجد ان الذي يمتلك ناصية السرد ويجيد الكلام يكون أقرب إلى النجاح، ومن ذلك تصريح  الناطق بأسم الحكومة العراقية البليغ  علي الدباغ  حين قال ' ملتزمون بشراء الطائرات رغم حل  العراقية  وإذا تكرر الحجز  الكويتي  غير العادل سننشئ شركة طيران جديدة' كما جاء في جريدة  الالكترونية أمس الاول
http://alaan.cc/pagedetails.asp?nid=53256&cid=46. فذرف الشرق  البائس  كله دموعه على ظلمنا لاخواننا العراقيين . وتحت عنوان' تصفية الخطوط العراقية ' شرعت عدة صحف عراقية الباب على مصراعية لوصلة من الانفعالات العراقية التقليدية  ضد الكويت،حيث أخذت منحى تعبويا شمل   'حسبنا الله ونعم الوكيل عليكم يا يهود الخليج' و 'أموال نفطكم تنعم بها أسرائيل وامريكا وتلاحقون العراق' ثم 'لا يوجد دولة العن من اسرائيل غير الكويت '.
ومثل هذا الانفعال يجعل المتابع  الكويتي بين خيارات عدة للرد أقلها حكمة الانفعال و التجني على شاكلتهم ، و افضلها إيضاح حقيقة هذه القضية. فما يجري هو وضع بذرة خلافات جديدة بين الجارين الشقيقين في مشتل زراع الازمات في بغداد ،حتى تكبر لتتحول الى شكل جديد من طموح غازي في الثلاثينيات، وحسابات قاسم الخاسرة في الستينيات ،ثم مغامرات البعث طوال السبعينيات والتسعينيات .
 وفي مسرحيته تاجر البندقية ' The Merchant of Venice' يسطر وليم شكسبير قصة تاجر البندقية انطونيو الذي كان يقرض الناس بدون فوائد،بعكس المرابي اليهودي  شايلوك،والذي كان انطونيو يحتقره بشدة بل و يبصق عليه ويتهمه بالاستغلال. ثم حانت الفرصة  لشايلوك للانتقام من انطونيوعندما اجبرت ظروف زواج صديقه بسانيو من الفتاة الذكية الثرية بورشيا الى استدانة  3000جنيه من شايلوك  بعقد موثق على ان تكون بغير فوائد في موعد محدد. اما إذا فشل في ردها فلشايلوك الحق في أن يقطع رطلا لحم من  جسم انطونيو ، ويفشل انطونيو في سداد الدين نتيجة غرق سفنه . ثم تصل الملهاة ذروتها عندما تفتق ذهن بورشيا  وهي متنكرة في ثياب الدفاع عن انطونيو ان من حق شايلوك رطل لحم بشرط عدم اراقة قطرة دم واحدة من جسم انطونيو.
وقد هلل العالم وصفق طوال 500 عام لهذا المخرج الذكي الذي نفذ منه انطونيو حتى استطاعت الصهيونية العالمية في القرن العشرين منع عرض هذه المسرحية الا باشكال محدودة جدا،وفيلم لم يعرض لاكثر من ثلاثة اسابيع فقط رغم جودة صنعه وابداع ممثليه حيث مثل ادوار البطولة فيه ' Al Pacino ' و' ' Jeremy Irons. هذا التهليل جعل اخواننا في العراق الشقيق يتقمصون دور الضحية ،ويضخمون دورنا  في الكويت من الغريم النزيه المطالب بحقه المشروع بقرارات دولية عادلة ،الى الجشع الذي يباح التحايل عليه والبحث عن الثغرات للفرار من مطالباته . مراهنين على أن الطرح العاطفي للمظلوم  قادر على التسلل إلى وجدان المتلقي في غفلة من العقل وأدوات الرقابة الموضوعية . ويعلم الله اننا لسنا  في جشع شايلوك ولستم ببراءة تاجر البندقية .
وفي هذا السياق قال وزير النقل العراقي عامر عبد الجبار إن 'الحكومة الكويتية صعدت المعركة، وهم يمنعون تموين طائراتنا التي تهبط في السويد ولندن والمانيا بالاغذية والوقود والمياه' وقال 'لقد أوقفنا رحلاتنا الجوية واذا أعلنا افلاس شركاتنا فما الذي سيحصل عليه الكويتيون؟'. ثم اضاف  'يمكننا تأسيس شركة طيران اخرى ووضع نهاية لهذه القضية. وبهذا لن يحصل الكويتيون على شيء' .أما وزير التجارة بالوكالة وزير الدولة لشؤون مجلس النواب العراقي صفاء الدين الصافي فيلقي باللوم على الاميركان حيث يقول أن العراق والكويت اتفقتا على تعويض مقداره 150 مليون دولار ،لكن الحاكم المدني الاميركي  للعراق بول بريمر رفض المصادقة على ذلك القرار .
إن ما قامت به حكومة تصريف لامور العراقية من اجراءات لحل وتفكيك شركة الخطوط الجوية العراقية هو محاولة للتلاعب والتحايل على القانون الدولي لحرمان الكويت  من تعويضات الغزو الغاشم.وعلى الشعب العراقي ان يعي أننا في الكويت لسنا شايلوك ولم يكن من جانبنا استغلال لحاجة العراق، فقد غزت قوات الطاغية صدام بلدنا  الكويت ونهبت قطع الغيار والطائرات.
إن انسياق الواعين من ابناء الشعب العراقي مع مثل هذه القرارات العقيمة هو بمثابة رعاية لاعادة تأسيس مصنع الطغاة في بغداد، وما اصرار الكويت على حقها لمجرد استرداد حق مادي فحسب، بل هو رسالة لاجيالنا في الكويت  والاجيال العراقية القادمة ضد سياسة الضم والاستحواذ. ولا نغالي إذا قلنا اننا في الكويت  نساعد العراقيين باصرارنا على حقنا كي يساعدوا انفسهم للخلاص من الساسة والسياسات الفاشلة التي تراعي مصالح قصيرة النظر لرجال استبدوا بالسلطة في غفلة من الزمن . وعلى الشعب العراقي الشقيق ان يبدأ في طرح الاسئلة الصعبة التي كان منها  كما سطره عراقي غيور عن  كيفية تفريط هؤلاء الساسة في صرح عراقي كالخطوط الجوية العراقية التي لها من العمر 70 عاما مقابل مليار واحد ، بينما هم على استعداد لدفع 11 مليار كتعويضات لايران .كما انهم لم يرفضوا تفكيك الاردن لست طائرات في مطار الملكة عليا .
ولأن من المهم في الموضوعية أن تختم الأشياء بطريقة صحيحة، نلقي نظرة على تصريح  وزير التجارة بالوكالة وزير الدولة لشؤون مجلس النواب العراقي صفاء الدين الصافي من إن  تصفية الخطوط العراقية هدفت إلى ' منع تعكير العلاقات مع الكويت ' ومن هذه الجزئيات الصغيرة، وبعد ترتيبها وفق دلالاتها نجد إن تفكيك وتذويب الخطوط الجوية العراقية  للفرار من ديون الخطوط الجوية الكويتية وهي مليار واحد فقط هي  بمقاييس مسؤول عراقي كبير خطوة في الاتجاه الصحيح .فهل ينسحب ذلك على إن تفكيك وتذويب الكيان السياسي  لحكومة العراق  برمته  للفرار من دين  حكومة الكويت  البالغ  نحو 107 مليار دولار هي خطوة  بلا شك في الاتجاه الصحيح أيضا  !؟

ليست هناك تعليقات:

Gulf seurity أمن الخليج العربي

Kuwait
تبين هذه المدونة كيف تمتع الخليج بأهمية كبيرة أدت إلى خلق عبء استراتيجي على أهله بصورة ظهرت فيها الجغرافيا وهي تثقل كاهل التاريخ وهي مدونة لاستشراف مستقبل الأمن في الخليج العربي The strategic importance of the Gulf region creates a strategic burden and show a good example of Geography as burden on history. This blog well examine this and forecast the Gulf's near future and events in its Iraq, Iran ,Saudi Arabia ,Kuwait, Bahrain ,Qatar, United Arab Emirates and Oman

أرشيف المدونة الإلكترونية