Gulf security أمن الخليج العربي

الثلاثاء، 27 أكتوبر 2009

اللوبي الخليجي في الانتخابات العراقية


د.ظافر محمد العجمي –المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

 تراجعت العراق كعدو محتمل من على خارطة الحرب الخليجية أو الكويتية بشكل خاص منذ عام 2003م، ثم عجزنا عن متابعة مسلسل العنف الطويل هناك،إلا إن الأشقاء في بغداد لا زالوا يرون ضرورة ترديدنا قسرا لمقطع من موال معاناتهم،  فقاموا باختراع مصطلح دول الجوار،وهو الهودج الذي أرادوا وضعه على ظهورنا ليضعوا فيه تهمة تصديرنا لعدم الاستقرار الى الانبار ومدينة الصدر،ثم ما يتبع ذلك من التزام بدفع الثمن، وضرورة إسقاط الديون، و دفع الأموال لإعادة تعمير العراق.
وقبل أيام اتهم حيدر العبادي أجهزة المخابرات في كل من السعودية ومصر والأردن وتركيا بالعمل على زعزعة الأوضاع في العراق، وأضاف أن مخابرات هذه الدول تجري اتصالات مع عناصر مخابرات النظام السابق وسياسيين عراقيين مشبوهين.وأشار العبادي إلى اجتماع عقد في القاهرة بين بعض القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية  مع المخابرات المصرية والسعودية  والأردنية وأدار الاجتماع رئيس المخابرات المصري عمر سليمان وتضمن توجهيات وأوامر لهذه الكيانات العميلة بنسف العملية السياسية والانسحاب من البرلمان العراقي، وأكد حصول لقاءات بين أعضاء من جبهة التوافق وحركة الوفاق مع المخابرات المصرية والإقليمية.
الاتهام السابق ليس من كاتب تعليق في منتدى مجهول على الشبكة العنكبوتية، ولا من صحفي غير معروف يعتاش على تأجيج مشاعر القراء ، لكنه من مسئول عراقي مثقل بمناصب هامة فهو النائب الدكتور حيدر جواد العبادي،القيادي في  حزب الدعوة  والنائب عن الائتلاف العراقي الموحد، ورئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب و وزير الاتصالات . و من جهة أخرى قال مسئول عراقي آخر بان  تقارير مقدمة من المخابرات والأجهزة الأمنية تشير إلى شروع جهات خليجية وإقليمية بصرف مبالغ مالية كبيرة تصل إلى مليارات الدولارات لإعاقة عملية الانتخابات المقبلة بهدف إفشال التجربة الديمقراطية.   وان السلطة التنفيذية تملك معلومات كاملة وتفصيلية عن حجم المبالغ التي تصل إلى مليارات الدولارات خصوصا إن هذا المشروع ضخم يتم تمويله من قبل عدد من الدول الإقليمية ومن بينها دول مجاورة وان إطرافا داخلية لها اتصال وعلاقة مع مخابرات هذه الدول تم تمويلها ونقل الأموال إليها عبر مؤسسات أو منظمات خيرية أو في شكل مباشر. و وإن الخلايا النائمة وعملاء المخابرات العراقية السابقة بدؤوا ينشطون في عدة دول إقليمية بهدف إبقاء العلاقات متوترة مع تلك الدول . وأضاف المسئول العرقي إن الكثير منهم مقيمين في مصر والأردن وسوريا والسعودية واليمن والكويت وبينهم مسئولون في النـظام المباد مطلوبون للقضاء العراقي، وهناك قائمة طويلة من الأسماء تطالب بهم الحكومة لتورطهم بالدم العراقي. و إن الخلايا النائمة للمخابرات السابقة وتنظيم البعثيين بدأت تنشط من جديد وتفعل عملها في بعض الدول عبر تقديم معلومات غير صحيحة ومفبركة عن الأوضاع في العراق،ومما يؤسف له ان هذه الاتهامات الخطيرة التي تم زج اسم السعودية والكويت فيها لم تصدر كسابقتها من شخصية مجهولة بل من  عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب النائب عن التحالف الكردستاني عادل برواري.
 يموه العبادي و برواري الغلو بزخرف الاتهامات المنمقة، فالانتخابات التشريعية العراقية المقرر إجراؤها في 16 يناير المقبل ضلت طريقها  بين كونها استحقاق دستوري أو صراع إرادات عقيم تحكمه الاختلافات العرقية والطائفية بين رموز الفساد وحماته هناك، ولا غرابة في مزايداتهم وافتراءاتهم على دول الجوار ودول مجلس التعاون خصوصا ،حيث يرمي إلى تحقيق عدة أهداف ، فالغلو هو الذي يسير النائب حيدر جواد العبادي عضو حزب الدعوة الإسلامية العراقي بسجله الدموي، والذي اختطف  أفراده طائرة كويتيه عام 1984 ،ثم اعترض احد أفراده  بسيارته المفخخة موكب أمير الكويت المرحوم الشيخ جابر الأحمد سنة 1985 وتسبب في استشهاد أربعه من مرافقيه وجرح 12 آخرين وقد تبنى حزب الدعوة مسؤوليته عن حادث التفجير دون تردد. كما تأتي خطورة الاتهام من أن العبادي يتبع أيضا  كتلة الائتلاف العراقي الموحد، وهي الكتلة الكبرى بالبرلمان وتحتفظ بـ 113 مقعدا من أصل 275  هو العدد الإجمالي لمقاعد مجلس النواب. أما النائب الكردي  عادل برواري  فلعل ما دفعة لهذه الاتهامات،الصعوبات التي تعترض تشكيل تحالف كردي لخوض الانتخابات في العراق، وهو الذي قال من هذا المنطق القومي الكردي عام2007م إن تسليح العشائر السنّية سلاح ذو حدين منتقدا بعلانية الخطوة الأمريكية بتسليح العشائر السنية ومستهدفا في نفس قومي كردي  الصحوات بعد ظهور أثرها الايجابي في تحسين الوضع الأمني .
 ولاشك أن طروحات العبادي والبرواري ساقطة لايسندها شيء ،و لقد سمعنا من قوى المعارضة في جمهوريات الموز أن الانتخابات مزورة قبل فتح أبواب الاقتراع ، أما  العبادي والبرواري فقد نقلا قضية عدم نزاهة الانتخابات قبل إجراءها الى أفق أكثر اتساعا وهو الطعن فيها بتهمة دخول الأموال قبل الانتخابات من دول مجاورة . و يبدوا أن زخم اندفاع جبهة التوافق  قد أثار هلع في قلب منافسيهم من جماعة العبادي والبرواري فكان لابد من التخوين وان لهم ارتباطات استخبارية خارجية. كما لايستقيم  القول بمساعدة الكويت والسعودية للبعثيين .فالأغلبية في الكويت لا تشعر بالتعاطف مع السنة في العراق لكونهم من المذهب السني فقط، وعلى من يطالبنا بتجاوز ذلك ان يعيد قراءة ما مر على الكويت من الويلات علي أيديهم وهم أهل السلطة في العراق  منذ حرب غازي الباردة ضد الكويت عام 1938 مرورا بقاسم عام 1961م  إلي الطاغية صدام عام1973م وعام 1990م .
إن الصمت الخليجي  الحالي غير مبرر إزاء هذه الاتهامات ،وإذا لم تكن شماعة لتعليق كوارث العراق ، فهي باب جديد للابتزاز رغم المسوغات التي يطرحونها وآخرها خوفنا من  ديمقراطية وستمنستر التي سوف تشع من مجلس ِ النوابِ  العراقي الجديدِ في منطقةِ العلاوي وسط َ بغدادَ لتنير الخليج و الجزيرة العربية .

الأحد، 25 أكتوبر 2009

كلية الدفاع الوطني الخليجية




د.ظافر محمد العجمي -المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج 
«الإهانة أساس التعليم العسكري» جملة قذفني بها محاور في مجلس، تبعتها شظايا الإيجاب التي تطايرت من عيون معظم الحضور. فهل التعليم العسكري هو (العلم الذي لا ينفع) كما يردد البعض من منطلق أن المهارات العسكرية لا تؤهلك لوظيفة مدنية؟ وما واقع التعليم العسكري في دول مجلس التعاون؟ وما أوجه القصور فيه؟
لقد عملت لفترة وجيزة في نفس الكلية العسكرية التي كنت طالبا فيها قبل 3 عقود. كما كنت ضمن طلبة دورة القيادة والأركان المشتركة الأولى التي نفذتها كلية كيمبرلي البريطانية، بالإضافة إلى العديد من الدورات العسكرية الداخلية والخارجية في الولايات المتحدة وبريطانيا، كما كانت لي مناقشات مع رفاق سلاح من بعض دول مجلس التعاون. وهي حصيلة معرفية تجعلني أجزم بأن هناك تحاملا جائرا على المؤسسة العسكرية الخليجية بشكل عام، وعلى التعليم العسكري بشكل خاص، والذي لا يقل في مستواه عن مستوى التعليم في الكليات والمعاهد البريطانية والأميركية.
وينقسم التعليم العسكري في دول مجلس التعاون إلى 5 أقسام رئيسة أولها المدارس العسكرية التي تخرج الأفراد والجنود ثم المعاهد العسكرية التي تخرج المختصين على مستوى الدبلوم في شتى التخصصات الفنية والإدارية والعسكرية البحتة، ومن مخرجات هذا القسم الفنيون في صيانة أجهزة الطائرات المعقدة، والحاسبات الآلية العسكرية والاتصالات، بل ونظم المعلومات الصحية والملفات الطبية والعناية المركزة والتخدير وكل ذلك على مستوى الدبلوم. ثم تأتي الكليات العسكرية التي تمنح بكالوريوس العلوم العسكرية، كما تمنح كليات أخرى بكالوريوس علوم الطيران وتخرج أيضاً مشغلي أنظمة تسليح وتوجيه المقاتلات والمراقبة الجوية، وتمنح الكليات البحرية بكالوريوس علوم بحرية. أما النوع الرابع فهو كليات القيادة والأركان وتمنح «ماجستير» في العلوم العسكرية ليصبح حاملها مؤهلا للأعمال القيادية في جميع أفرع القوات المسلحة.
القسم الخامس من التعليم العسكري هو كليات الدفاع الوطني وهو القسم الأهم والمفقود في التعليم العسكري في دول مجلس التعاون. ولعدم وجود كلية أمن وطني وللحاجة الملحة لها ولصعوبة توافر الطلبة وقيامها بنجاح في دولة خليجية واحدة، يصبح من المنطقي أن تكون هناك كلية دفاع وطني خليجية واحدة في الوقت الراهن على الأقل.
وكلية الدفاع الوطني الخليجية المطلوبة هي مؤسسة لتنمية الفكر الاستراتيجي يلتقي فيها العسكريون والمدنيون ليتبادلوا الخبرات والآراء لبلورة استراتيجية الدفاع الشامل والأمن الجماعي الخليجي، وهي تجمّع لطرح الحلول الاستراتيجية الجادة لقضايا الأمن والدفاع في إطار علمي وبمنهجية معاصرة، ومن أدوارها إعداد رجال مختارين بعناية من قطاعات دول مجلس التعاون المختلفة من عسكريين ومدنيين لدراسة وتحليل العناصر الأساسية المؤثرة على الأمن الوطني، تمهيداً لاستلام مناصب عليا ذات ارتباط بالتخطيط الاستراتيجي على المستوى الوطني والخليجي.
تستقبل كلية الدفاع الوطني الخليجية طلبتها من العسكريين لتطوير قدراتهم القيادية ومهاراتهم الفكرية وأنماط التفكير الاستراتيجي لديهم لشغل المناصب العليا في قيادات الجيش الاستراتيجية والعملياتية، ولا ينضم إليها إلا الجامعيون الحاصلين على دورة القيادة والأركان. ولأن من أدوار الكلية تأهيل وتنمية قدرات ومهارات كبار العاملين المدنيين في الدولة لتولي المناصب القيادية، فهي تستقبل المدنيين أيضا من رجال الدولة الواعدين وصانعي السياسات الوطنية من الدبلوماسيين والوزراء ووكلاء الوزارات والمديرين ومديري المؤسسات ورؤساء الجامعات وأعضاء الهيئات التدريسية وكبار ضباط الأجهزة الأمنية وحتى الإعلاميين.
قضايا الأمن والدفاع هي أساس برنامج هذا النوع من الكليات لدمج الجهود العامة للدولة وتوظيفها لبلورة استراتيجية وطنية صالحة لجميع الظروف؛ حيث يتم تدريس عناصر ومقومات الدولة، والقيادة، وإدارة الدولة والأمن الوطني بأبعاده المختلفة من اقتصادية وسياسية وعسكرية وغيرها كما يتم تدريس إدارة الأزمات، والصراعات الدولية، والحملات العسكرية، والسياسة الدفاعية والاتجاهات المستقبلية، والاقتصاد الوطني والعلاقات الدولية وغيرها الكثير من المواد التي تتطلبها البيئة الأمنية المتغيرة.
وإذا كان الهدف من قيام كلية الدفاع الوطني الخليجية هو خلق رجال قادرين على صنع القرار، فإن هذه الكلية بحاجة إلى بنك معلومات يهتم بالقضايا العسكرية والاقتصادية والسياسية، وهو مركز الدراسات الاستراتيجية؛ حيث تعقد الندوات وورش العمل، وتتم فيه الدراسات الجيوسياسية للبلدان التي لها تأثير مباشر على أمن الخليج العربي، وإصدار تقارير عن البيئة الأمنية الإقليمية والعربية والدولية، وتحليل كل حدث راهن. ونشير هنا إلى أن المركز بحاجة إلى مكتبة ضخمة وأجهزة حاسوب متطورة للتواصل مع مراكز الأبحاث الخليجية والخارجية المختصة.
إن عدد الطلبة الخليجيين المتزايد الذين يتم إرسالهم للولايات المتحدة وبريطانيا والأردن ومصر وسوريا سنويا للالتحاق بدورات الدفاع الوطني يدعم ضرورة قيام كلية الدفاع الوطني الخليجية، بالضبط كما كنا نفعل قبل 20 عاما عندما لم يكن في الخليج إلا عدد محدود من الكليات العسكرية. ولا شك أن للأمين العام المساعد للشؤون العسكرية بالأمانة العامة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية دوراً في دفع قيام مثل هذه الكلية التي تمثل قمة هرم التعليم العسكري، وحتى لا تستمر صورة المؤسسة العسكرية الخليجية النمطية، كمعسكرات موحشة في صحراء نائية تضم رجالا قليلي التعليم، بل تصبح معقلاً من معاقل التكنولوجيا بأسلحتها ومعاهدها ومختبراتها وورشها ومراكز الأبحاث فيها؛ حيث يتمنى الجميع الالتحاق بها، وتتفاعل مع بيئتها فتؤثر وتتأثر بها، وتكون جزءاً من عملية تنمية المجتمع بمخرجاتها المتعلمة الواعية ليخرج التعليم العسكري من تهمة العلم الذي لا ينفع.


الأربعاء، 21 أكتوبر 2009

أيام التعاون الخليجي في روما والسيناريو التركي واليمني


ص

د.ظافر محمد العجمي \المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج 
يعرف الإمبراطور (كاليجولا )بأنه أشهر طاغية في التاريخ الإنساني لوحشيته و جنونه وساديته، فقد تولي حكم روما 37 - 41 م . وكان نموذجا للشر وجنون العظمة والقسوة وفيه اثبت التاريخ إن الجنون والعبقرية كثيرا ما يجتمعان، فكان يتلذذ باستفزاز الآخرين ويتفنن في إغاظة الشعوب التي تحكمها روما، فقد قام ببناء تماثيل عملاقة له في اورشليم ليستفز مشاعر اليهود كما تقول الموسوعة التاريخية، بل وقام بنقل بعض الآثار الفرعونية من مصر لروما. ولأن كل الطرق تؤدي الى روما، فقد ذهب مجلس التعاون بحثا عن الاتحاد الأوروبي وهو الطاغية المعاصر بغناه وجبروته والذي يتفنن في إغاظة الشعوب واستفزازها. 
فقد افتتحت أمس الأول 19 أكتوبر 2009 م بمقرّ وزارة الخارجية في روما فعاليات أيام مجلس التعاون الخليجي. وعن اتفاقيات التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون المقرر إبرامها قال ووزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني أننا نبحث عن نماذج إقليمية متكاملة وهناك بوادر ايجابية من رئاسة الاتحاد الأوروبي حالياً لإعطاء مجلس التعاون صفة مراقب. وفي السياق نفسه أكد أمين عام المجلس عبدالرحمن بن حمد العطية أن دول مجلس التعاون الخليجي تريد إيجاد حلول للقضايا التي لاتزال معلقة نظراً إلى أن المفاوضات مستمرة منذ أكثر من عشرين عاماً.
نكن الاحترام والتقدير لأمين عام المجلس عبدالرحمن العطية، وفريق عمله، فالحدث في حد ذاته جهد يستحق الإشادة  وقد أثبتوا في أوقات مفصلية كالأزمة الاقتصادية الراهنة قدرتهم على التخطيط والمثابرة ،لكن حديث العطية يظهر مدى الهوة التي لا تزال تفصل بين الطرفين فأبواب التعنت الأوروبي مازالت مغلقة أمام  إقامة منطقة تجارة حرة بين الجانبين ،حيث جعلتنا ننتظر أمامها في مفاوضات  شكلية أكثر من عشرين عاما،و ستجعلنا ننتظر فترة زمنية مماثلة. فمن يريد الآخر ؟ هل تغص الأسواق الأوروبية بالبضائع الخليجية أم العكس؟ الم يقم الاتحاد الأوروبي بتشريعاته الجائرة بمحاربة الغاز والبتر وكيماويات الخليجية  ؟
برنامج الفعاليات، الذي يستمر لمدة ثلاثة أيام من 19-21/ أكتوبر / 2009م ، يضم حلقات نقاش لها ثلاثة محاور : الأول حول الدور التنموي للمرأة في دول مجلس التعاون ، والثاني حول التعاون الاقتصادي والتجاري بين إيطاليا ودول مجلس التعاون ، والمحور الثالث يمتد على مدى يومين ويتحدث عن جسور التفاهم بين الغرب والعالم الإسلامي .       فأما جسور التفاهم بين الشرق والغرب ففي طريق التباعد لا طريق التقارب منذ أحداث 11 سبتمبر، مما يجعلنا الآن اشد قناع بما قاله المؤرخ الكبير أرنولد توينبي  Arnold Toynbee من إن الشرق شر ق والغرب غربا ولن يلتقيا أبدا   “East is East, and West is West, and never the two shall meet”. اما التفاهم الثنائي مع ايطاليا لوحدها فهو تحقيق لسياسة الاتحاد الأوروبي للانفراد بنا كل دولة خليجية على حدة في التعامل الاقتصادي، أو أن تتعامل معنا دول الاتحاد منفردة . أما المحور الأول ودور المرأة ، فلم يطرح الا لتذكيرنا   بتطبيق السيناريو التركي ، لآن انضمام تركيا الى الاتحاد الأوروبي كان ولا يزال مثار جدل واسع وتعنت عنصري لمدة خمسين عاما،  فالبرلمان الأوروبي  مابرح في التفنن في رفع سقف شروطه على هذه الدولة المسلمة حتى لا تدخل الشراكة الاقتصادية الأوروبية، وعلينا أن نتوقع شروط قاسية  متعالية في مجال حقوق الإنسان وحقوق الحيوان والبيئة وحتى حقوق مثلي الجنس.
ولان من الأهداف الرئيسة للمجلس تنسيق العلاقات التجارية تجاه الدول الأخرى فقد  اتجهت دول مجلس التعاون في جزء كبير من علاقاتها الاقتصادية إلى مجموعات وتكتلات ودول مختلفة، فدخلت في مفاوضات مع الهند و باكستان و تركيا ومع دول الميركسور ومع نيوزلندا و مع اليابان ومع  دول رابطة التجارة الحرة الأوربية ( افتا ) ومع  استراليا  و سنغافورة،  ومع رابطة دول جنوب شرق آسيا ( آسيان). وحسنا فعلت دول مجلس التعاون بالاتجاه شرقا  وجنوبا في جزء من  علاقاتها الاقتصادية . لكن المثير في الأمر كما يرد في موقع الأمانة العامة لمجلس التعاون  توقف المفاوضات مع هذه الدول منذ سنة 2006م وبجملة  إنشائية تكررت لدرجة الملل  تقول ( يأمل الجانبان في الانتهاء من هذه المفاوضات والتوقيع على الاتفاقية في أسرع وقت ممكن( فلماذا توقفت المفاوضات شرقا وغربا عند سنة 2006م بينما لم يتوقف قرعنا على أبواب أوربا غربا  حتى الآن ؟

أتمنى مخلصا أن تكون حقائق الأمانة العامة لمجلس التعاون المنشورة على موقعهم تشكو من علة عدم التحديث فقط، وان التعاون مع الشرق قد تجاوز المفاوضات ولم يتوقف منذ ثلاث سنوات، كما أتمنى أن لا يشمت بنا أخوتنا في  الجمهورية العربية اليمنية لآن ما يفعله الاتحاد الأوروبي بنا طوال العشرين عاما الماضية هو نفس تعنتنا مع أخوتنا في صنعا عندما ابدوا الرغبة في الانضمام لمجلس التعاون،وكانت إحدى الذرائع  المعيقة للتقدم الاقتصادي إن الشعب  اليمني يمارس عادة مضغ القات كما كتبها  خبير اقتصادي خليجي فذ كلف بتقييم الوضع هناك ، فهل يعلم ماذا تمارس شعوب دول الميركسور!

الغرب يوقف إيران بالمباحثات وبالعقوبات وبدولة الإمارات




د.ظافر محمد العجمي -المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج
نفيق من الغيبوبة التاريخية فتعود للذاكرة صفحات من الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) فنجد في خضمها الطاغية صدام وهو يجبر منتخب العراق لكرة القدم على الانسحاب من المباريات لصالح منتخب الكويت، وكان كما صرّح مراراً يوصي ولديه بأن يلجئا للمغفور له الشيخ جابر الأحمد في حال تعرضه للموت، فقد كان العراق بحاجة ماسة إلى الشريان الكويتي ليبقى حيا بعد أن أرهقه النزيف جراء طعنات الإيرانيين المتواصلة. وفي الجهة الأخرى من الخليج العربي كانت إيران ولا تزال تعتبر ميناء دبي نافذتها على العالم من جراء الحصار الاقتصادي المتواصل، بل إن ما يزيد على نصف حاجتها من البنزين كان ولا يزال يصلها من الهند ودولة الإمارات العربية المتحدة، وبسبب ذلك كان الطاغية صدام حينها لا يكف عن تكرار عتبه على الإمارات، ثم انفجر غضبه بعد الحرب بالتهديد والوعيد لدولة الإمارات. وفي كلتا الحالتين لم تقتنص الكويت الفرصة لإجبار الطاغية على وقف أطماعه التوسعية في أم قصر والاعتراف بالحدود الكويتية العراقية المعتمدة منذ 1963، كما لم تنجح دولة الإمارات العربية في استثمار الاعتماد الإيراني عليها لاسترجاع الجزر الإماراتية المحتلة طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبوموسى.
وفي خضم الشد والجذب بين جمهورية إيران الإسلامية والغرب من خلال المشروع النووي الإيراني تلوح الفرصة مرة أخرى لدولة الإمارات العربية المتحدة. ففي الأول من أكتوبر الجاري تمت في فيلا قريبة من جنيف جولة محادثات مفصلية بين إيران ودول مجموعة 5+1 (الصين وروسيا وفرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا). وكان من نتائج المباحثات الاتفاق على إرسال كمية من اليورانيوم الإيراني للتخصيب في روسيا. وقد اعتبرت كل من فرنسا وألمانيا أن اجتماع المباحثات في جنيف كان خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن يجب أن تتبعه خطوات عملية. كما وصف الرئيس الأميركي باراك أوباما المباحثات بالبناءة إلا أنه حذر من فرض عقوبات قاسية على طهران في حال ثبت أنها تتحاور مع الدول الست الكبرى فقط من أجل كسب الوقت، لأننا -كما قال- مستعدون للمضي في اتجاه زيادة الضغوط.
كانت تلك المباحثات جانباً من استراتيجية الولايات المتحدة الجديدة للتعامل مع الملف النووي الإيراني المسماة (المباحثات والعقوبات).. أما في الجانب الآخر من تلك الاستراتيجية وهو العقوبات، فيتضح أن الولايات المتحدة تتبع سياسة ذات مسارين، المسار الأول أميركي في جله، أما المسار الثاني فستقوم ببعض منه دول مجلس التعاون بحكم العبء الاستراتيجي الذي يفرضه الجوار الجغرافي مع إيران. حيث أعلن مساعد وزير الخزانة المكلف بمكافحة الإرهاب والاستخبارات المالية ستيوارت ليفي، أن الولايات المتحدة تجهز عقوبات جديدة ضد طهران حيث يرى أن العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران أعطت نتائج، وأن لدى إيران عدداً من نقاط الضعف الاقتصادية التي يمكن للولايات المتحدة أن تضغط في اتجاهها، وتابع أنه يجب فرض إجراءات متزامنة على العديد من الجبهات لكي تكون فعالة، ومنها تعزيز الحظر التجاري على إيران، وقد ساند هذا التوجه تأكيد معاون وزيرة الخارجية جيمس شتاينبرغ حول أهمية الاستراتيجية المزدوجة (المباحثات والعقوبات). وقال إن الإدارة اختارت الاستراتيجية المزدوجة التي تعتبر خياراً واضحاً للقادة الإيرانيين حيث يمكنهم التفاوض بحسن نية، أو اختيار العزلة والضغوط الدولية المتنامية.
ومن معهد كارنيجي كتب جورج بيركوفتش قبل عام تقريبا واصفا الطموح النووي الخليجي بأنه طريق «للقيام بشيء ما» لموازنة القوة الإيرانية، حيث قال عنه بالحرف الواحد (One way to do something) لأن امتلاك الطاقة النووية كما يرى له تأثير نفسي قوي، فكلمة نووي مشوشة (Muddled) وغامضة (Ambiguous). وما قاله بيركوفتش عن الجانب النفسي صحيح بلا شك، إلا أن الطموح النووي الخليجي السلمي ليس بغموض مفاعل ديمونة الإسرائيلي حيث لم يكلف الصهاينة أنفسهم طوال 50 عاما حتى عناء الكذب للقول بأنه لإنتاج الطاقة الكهربائية. لقد نجح إخواننا الإماراتيون بشكل يدعو إلى الإعجاب في استثمار خططهم للمضي في بناء مفاعلات نووية تجارية من حيث حشد حملة علاقات عامة للمشروع توثق مراحل الدراسة والتعاقد والآفاق المستقبلية المشقة للمشروع، بالضبط كما لو كان مشروع إقامة برج العرب وجزيرة النخلة وقطار دبي السريع، لكن كلمة «سلمي» لم تكن كافية في دوائر الاستخبارات الإيرانية المرتبكة بناءً على نظرية جورج بيركوفتش. وهذا ما جعل المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية الممثل الخاص لشؤون التعاون النووي الدولي السفير حمد علي الكعبي، يعلن أن البرنامج النووي السلمي الإماراتي لا يسعى إلى إيجاد توازن مع البرنامج النووي الإيراني أو أي برنامج آخر لأية دولة في المنطقة. بل إن هناك من يخفف من وقع الجسارة الإماراتية بأن المشروع النووي الإماراتي سيشعل فقط سباقا إقليميا لتوليد الطاقة النووية السلمية.
لقد تم عقد صفقة من نوع ما بين واشنطن وطهران، وليست الصفقة ما تجلى فقط من نتائج في محادثات جنيف، حيث نجد التناقض الواضح في طرح الفريقين المتفاوضين في جنيف، حيث أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عدم وجود أي تغيير في الموقف الإيراني من البرنامج النووي، وأن هذه المسألة لم تطرح خلال محادثات جنيف مع القوى العالمية، في الوقت نفسه الذي أكد فيه وزير الخارجية الروسي أن إيران وستّ قوى دولية توصلت لاتفاق ينص على أن تساعد روسيا طهران في تخصيب اليورانيوم. فهل نجح الغرب في إقامة رأس جسر داخل طهران أم أن العكس هو الصحيح؟ حيث إن هذا الاتفاق كما يرى العديد من المراقبين قد نجح في تبديد الزخم نحو فرض عقوبات أكثر تشددا ضد إيران، كما أضعفت هذه المباحثات قرارات مجلس الأمن التي تمنعها من تخصيب اليورانيوم.
إن الضغوط الأميركية على إيران والتي قد تكلفنا واشنطن ببعض منها، تستدعي النظر في حجم القضية وأبعادها وتوابعها وتحتم أن تكون كل خطوة هامة فيها مطروحة للنقاش الخليجي، حتى لا نسير في علاقاتنا الدولية والإقليمية من النقيض إلى النقيض، وحتى لا نقترف أخطاء تجعل أبوابنا مشرعة لتدخل الغير، وحتى لا يتحول المشروع النووي الخليجي إلى اسم يبحث عن أجندة فتمليها علينا دوائر غربية. إلا أنه رغم المحاذير السابقة يبقى مفيداً أن نستدعي إلى الذاكرة تلك الفرص التي ضاعت خلال الحرب العراقية الإيرانية حيث لا مبرر في أن لا تقوم أبوظبي بعقد صفقة في قضية الجزر الإماراتية المحتلة وهي تضغط على الجرح الإيراني خلال فترة الارتباك النووي وفي فترة تبدل الأولويات لدى حكومة نجاد؟ خصوصا أن دولة الإمارات العربية المتحدة قد أخذت منحىً متشدداً في سياستها تجاه طهران المتعنتة، فبالإضافة إلى التحركات السياسية الإماراتية التي لاحظناها خلال الشهر الماضي في واشنطن وعدة عواصم هامة نلاحظ أيضا أن الدولة جادة في سعيها لحماية ازدهارها ولوقف الاختراقات الإيرانية لأمنها الداخلي، كما أنها تسير بخطى ثابتة لخلق ذراع عسكرية قوية وفعالة مزودة بأحدث الأنظمة الدفاعية، فبالإضافة إلى المظلة الفرنسية، والطموح النووي الإماراتي رغم صفته السلمية احتلت الإمارات المرتبة الأولى في منطقة الشرق الأوسط، كأكبر مستورد إقليمي للأسلحة والمرتبة الثالثة على مستوى العالم، وذلك كما يبدو لرفع سعر تكلفة التعنت الإيراني في قضايا الجزر والتجسس حتى ولو كانت لغة الحوار بلهجة أهالي واشنطن وباريس.


السبت، 17 أكتوبر 2009

مملكة ايران الاسلامية




 

د.ظافر محمد العجمي \المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج 


الاستباقية الوقائية هي مايجري حاليا في جمهورية إيران الإسلامية فقد لفت نظر المراقبون يوم أمس الأول خبر تم تكذيبه فورا،حين تمنى مروجوه وفاة آية الله السيد علي خامنئي المرشد الأعلى لجمهورية إيران الإسلامية، على أمل خلط الاوراق في طهران في وقت تبذل السلطة فيها جهود مضنية لاشاعة الاستقرار السياسي. والمفيد في هذا الخبر كان إماطة اللثام عن حرب الوراثة – أو حرب التوريث - بين ثلاث شخصيات مرشحة لمنصب المرشد وهم سيد مجتبى خامنئي و رئيس السلطة القضائية آية الله محمود شاهرودي وآية الله محمد تقي مصباح يزدي. حيث نلاحظ دخول مجتبى القائمة رغم صغر سنة وقلة خبرته مقارنة بالآخرين.
محور الاستباقية الوقائية من ضياع حكم المتشددين هوالوريث القادم للمرشد الأعلى سيد مجتبى الحسيني الخامنئي المولود في طهران عام 1969 م وهو الابن الثاني للمرشد بعد شقيقه السيد مصطفى. ورغم أنه متوغل بعمق في النظام السياسي الإيراني إلا انه نادرا ما توجد له صور، حيث لم يره غالبية الإيرانيين. وقد ظهر اسمه لأول مرة كشخصية فاعلة خلف الكواليس خلال احتجاج الشيخ مهدي كروبي على نتائج انتخابات عام 2005م، وهو حاليا متهم من قبل المعارضة بالوقوف وراء تزوير الانتخابات الرئاسية، وبأنه قاد بنفسه قمع الاحتجاجات بشكل قاسي.وسيد مجتبى هو حاجب أبيه علي خامنئي و أكثر الرجال تأثيرا بين المحيطين به .ويتمتع سيد مجتبى بنفوذ قوي، و يمتد نفوذه من الحرس الثوري الإيراني إلى رجال ميليشيا الباسيج. كما يسيطر على أصول مالية ضخمة، و يعمل من خلال شركات مملوكة للدولة،ولديه فريق استشاري واستخباراتي،وله دور في اختيار قادة الحرس الثوري، كما يقال بأنه  الحاكم الفعلي فهو الذي يحدد سياسات النظام الأساسية عبر مكتب والده. و يلفت النظر تلك المهام التي ولي إياها فيما يشبه سيناريو التوريث العربي،وتقول بعض المصادر انه يخطط مع مجموعة من رجال الدين النافذين المتشددين لكي يحل محل والده من اجل إحكام سيطرة المتشددين على الوضع في إيران.
 وقد قيل أن التجربة هي الخطوة الأولي لكل شي، وعلية يدين خامنئي كما يدين زعماء عالمنا العربي بالكثير للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد لأنه غامر بخوض التجربة الأولى و البس واحد من سلالة العلويين عباءة وصولجان سلالة الأمويين الملكية في دمشق بتوريث ابنه الرئيس بشار الأسد ،حيث كان نجاحه في تحويل حكم جمهوري إلى وراثي مشجعا للرئيس حسني مبارك لتوريث ابنه جمال رغم حملات الرفض الشنيعة من جيل الفيس بوك.كما شجعت التجربة الرئيس علي عبد الله صالح ليقفز ابنه أحمد من رتبة رائد إلى رتبة عميد وإعلان حقه في الترشح ودخول المجال السياسي. ثم ختمها بطريقة أكثر وضوحا وصدقا مع النفس سيادة الأخ العقيد معمر القذافي الذي أوعز للقيادات الشعبية فى ليبيا بإيجاد صيغة تؤهل نجله سيف الإسلام من تولى منصب واسع الصلاحيات، كى يتمكن من خدمة ليبيا وتنفيذ مشروعه الإصلاحي. فكان أن رشحت القيادات الشعبية سيف الإسلام ليكون رئيس القيادة الشعبية على مستوى ليبيا، مما يضفى عليه غطاء قانونياً ويمنحه صلاحيات واسعة.
ولعل أكثر ما يسيء لتجارب التوريث الجمهوري التناقض بين الواقع والشعارات ،حيث تجري مراحل التوريث الجمهوري بترتيب أوراقها بعيدا عن كل ما يعنيه نظام الحكم الجمهوري. فلماذا لم ترجع سوريا كخطوة أولى إلى نظام الحكم الملكي الذي كان قائما فيها حتى سقوط حكومة الملك فيصل بن الحسين 1920م؟ وهل كان هناك من يستطيع الوقوف في وجه استفتاء شعبي في سوريا للتحول إلى الملكية؟ ولسنا في مجال تقييم التجربة السورية، لكن استقرار الحكم والصمود بشكل استثنائي أمام الضغوط الغربية لفرض صلح مع إسرائيل يجعلنا نتساءل إن كانت  تهمة (ابن الرئيس)  تفضي بالضرورة إلى  حكم (عدم الأهلية) لحكم البلاد، ولعل نجاح بشار كرجل دولة يمسك بالكثير من الخيوط الإقليمية بحنكة هو مادفع زعماء آخرين لدراسة سيناريو التوريث السوري .
 من جهة أخرى لم يخل  تاريخ الملكيات والإمارات العربية الخليجية من حروب الوراثة، لكنها كانت صراعات مقبولة بحكم سيادة نظام الحكم القبلي الوراثي الذي هو بذرة الحكم الملكي. بل إن الكثير منها قد تم حسمه داخل القصور، مما قلل عدد أطراف  الصراع على كرسي السلطة كما يحدث في الجمهوريات ذات الأحزاب . وفي معترك التدافع والتداول الحضاري  نتساءل إن كانت ستعود الملكيات على أنقاض الجمهوريات ؟ وهنا نسترجع تجربة حكم معاصرة. فللبعض كان من الجوانب الجذابة التي حملتها النظرية الشيوعية في بدايتها و قبل أن تصبح الأيديولوجية الشاملة الظالمة التي  حكمت نصف العالم حتى تسعينيات القرن الماضي، تسويق منظريها لمقولة (إن العالم بدأ شيوعيا وسوف ينتهي شيوعيا)،من تراتبية أن كل شي كان مشاعا في حياة الإنسان البدائية من ثمر الأشجار إلى لحم الطرائد،والمشاركة في النار و الكهف وحتى في النساء والأولاد.ثم تطور الإنسان وتطورت  نظم الحكم التي استعبد بها رجل واحد أناس آخرين بمنصب الحاكم وساعدته نظم الدولة التي وصلت في نهاية مطافها إلى نظام الجمهورية،حتى قامت الثورة الشيوعية في روسيا 1917م وعاد اقتسام وسائل الإنتاج و كل شي في المجتمع الشيوعي كما كان حال الإنسان البدائي. فهل تستطيع نظريات الحكم الخلدونية منعنا من القول إن نظام الحكم في العالم العربي والشرق عموما كان ملكيا وراثيا ومهيئا أن يعود ملكيا وراثيا ؟ ثم أليس من المعروف إن أفضل الديمقراطيات هي الملكيات الدستورية ؟ فما الذي سيقف في وجه  قيام أسرة  ملكية خامئنية دستورية؟


الاثنين، 12 أكتوبر 2009

الصين ترث امريكا فأين نقف ؟


د.ظافر محمد العجمي – المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

في التاسع من ابريل 2003م كانت عربات الهمر الاميركية  Hammer  تقود الدبابات التي دخلت بغداد واقتحمت ساحة الفردوس،حيث تم سحب تمثال الطاغية صدام من عنقه ليهوي منهارا ويصبح صدام مضرب للأمثال على قدرة الأمريكان في الوصول إلى ما يريدون. وتعود بداية  الهمفي Humve كما يسميه العسكريون إلى عام 1983م حين طلب الجيش الأميركي سيارة عسكرية عالية القدرة متعددة الأغراض (High Mobility Multipurpose Wheeled Vehicles) ) فتمت صناعة 70 ألف عربة للجيش الأميركي في الخمس سنوات الأولى، لقد جذبت  قوته وتصميمه جيل الشباب واندفاعهم ،فأخذت شركة جنرال موتورز الأميركية  GM حق صناعة النوع المدني من هذه العربة تحت اسم H1  ثم H2.  وصار الهمر Hammer رمز مرحلة التفوق الأميركي منذ مطلع العقد التاسع من لقرن الماضي.
وفي يوم الجمعة 9 أكتوبر 2009م تم التوقيع على صفقة يجري بموجبها حصول الشركة الصناعية الصينية  تنغ زونغ  Sichuan Tengzhong Heavy Industrial Machinery Co. على حق تملك ماركة سيارات همر  الأميركية Hammer  ذات الدفع الرباعي  نتيجة المشاكل التي تعانيها شركة جنرال موتورز الأميركية  GM . و لا يعتبر  هذا الإجراء ومن وجهة نظر اقتصادية إلا صفقة ناجحة من مدراء الشركة للحصول على  أثمان مناسبة لماركات الشركة التي يجري تقطيعها إلى عدة شركات اصغر، إلا أن الصفقة  وتخلي الولايات المتحدة لرمز من رموزها لا يخلوا من دلالات واضحة على تغير اللاعبين على الساحة الدولية  .
فقد احتفلت جمهورية الصين الشعبية في الأول من أكتوبر 2009م بمرور 60 عاما على قيام الحكم الشيوعي،وتوقعت دراسات كثيرة تجاوز الاقتصاد الصيني نظيره الأميركي ليصبح أكبر اقتصاد في العالم بحلول العام 2035.وقد توقع معهد كارنيجي Carnegie أن القوة المالية للصين ستمتد إلى كافة أبعاد العلاقات الدولية بما فيها القوة العسكرية والتأثير الدبلوماسي، وتابع التقرير الذي كتبه الخبير الاقتصادي ألبير كيدل أن الولايات المتحدة ستحتفظ بقوة تأثير ثانوية هامة لتصبح مثل أوروبا حاليا .
وفي ولاية كاليفورنيا التي تباهي بأنها صاحبة خامس أقوى اقتصاد في العالم  وجدت انه تم إغلاق محل واحد من بين كل خمس محلات في شارع رئيسي في  مدينة هيوارد على خليج سان فرانسيسكو، وصار سعر قنينة ماء الشرب الصغيرة 1.25 دولار،وعلبة السجائر 5.5 دولار، وهي نفس ماركة قنينة الماء التي تكلف في الكويت مائة فلس فقط،ونفس السجائر التي تكلف نصف دينار. من جانب آخر تعالت صيحات أهالي فيرمونت وتكساس وهاواي المطالبين بالاستقلال وبالانفصال عن الاتحاد الأميركي،الذي أثقل كاهلهم بضرائب  تذهب لحرب العراق وأفغانستان وإصلاح خراب نيوأورلينز. كما شاهدت  صدق توقع صامويل هننغتون بأن تفكك الولايات المتحدة لأسباب ديموغرافية بسبب تنوع الأعراق فيها اقرب مما يعتقد البعض.  فأخلاق العمل البروتستانتية البيضاء وروح الرأسمالية التي كونت أمريكا الصناعية في النصف الأول من القرن العشرين  قد انحصرت وحلت محلها اتكالية وإهمال وعدم دقة المهاجرين الجدد من اللاتينيين والهنود والشرق أسيويين والأفارقة الجدد.لقد اخترعت أمريكا العولمة بكل ماتعنيه من تبعات اقتصادية وثقافية وهاهي تدفع ضريبة ذلك نزفا من دمها، لقد أخذت الولايات المتحدة بالانحدار بالكساد والغلاء وفقدان أخلاق العمل التي قامت عليها .
تقول الدراسات إن الصين هي ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية ،وثالث مستورد له بعد أمريكا واليابان.وتقول ان  دول الخليج العربي تملك أكبر احتياط نفطي مؤكد.وان الصين تستورد ثلث وارداتها النفطية حاليا من دول الخليج. كما  تقول إن حجم التبادل التجاري بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي قد بلغ أكثر من 80 مليار دولار أمريكي في عام 2008م ويشكل نسبة 70 % من إجمالي حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية ،وقد سعت الصين ودول الخليج إلى إنشاء منطقة للتجارة الحرة  لترى النور في المستقبل القريب ، كما شملت المشاريع المقترحة بناء مخزونات نفط إستراتيجية، وبناء مصافي لتكرير النفط، عبر شراكة وتعاون بين الجانبين.وحسنا فعلت دول مجلس التعاون فخلق شراكة اقتصادية بين الطرفين هو اكبر ضمان لاستمرار التعاون المثمر، ولعل خير دليل على ترسخ هذه القناعة  زيارة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى الصين في العاشر من مايو الماضي لتوقيع عدة اتفاقيات تجارية.
على الساحة الدولية تظهر الكثير من المؤشرات أن الصين تسحب البساط من تحت أقدام الولايات المتحدة،ليس على المستوى الاقتصادي فحسب بل السياسي أيضا ففي كنفها تحتمي جمهورية إيران الإسلامية من العقوبات الدولية،وفي ظلها نمت وترعرعت كوريا الشمالية النووية،وبمساعدتها تجاوزت السودان الكثير من الإطماع الغربية الرامية إلى إسقاط حكومتها ثم تقسيمها. ولا نحتفل هنا بصعود الصين، كما لا ننوح على سقوط الولايات المتحدة، لكن  لعبة الأمم تقول إن الصهاينة  قد نجحوا  قبيل منتصف القرن الماضي  في القفز برشاقة من البارجة البريطانية المتهالكة إلى حاملة الطائرات الأميركية، وكانت النتائج كارثية بالنسبة لنا في العالم العربي والإسلامي، فهل ننجح في تحويل ما نملك من دولارات إلى عملة الصين الرسمية المسماة الرنمنبى Renminbi في الوقت المناسب ؟ 

الأربعاء، 7 أكتوبر 2009

دبلوماسية ترحيل الرعايا


د.ظافر محمد العجمي -المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج
الحرب امتداد للسياسة بوسائل القتال، بشرط استنفاد دبلوماسية التفاوض المباشر وغير المباشر، وفي عالمنا العربي والإسلامي خصوصا عرفنا أنواعا أخرى من الدبلوماسية، ومنها دبلوماسية إغلاق الحدود، ودبلوماسية مقاطعة القمم ودبلوماسية ضرب الدبلوماسيين، وتحطيم السفارات، ودبلوماسية تصدير الإرهاب، وأخيرا دبلوماسية ترحيل الرعايا كما حصل في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي دبلوماسية عربية صميمة. فنتيجة تأييد القيادات العليا في منظمة التحرير الفلسطينية لغزو العراق للكويت رُحّل الفلسطينيون من الكويت، كما رُحلوا إبان تلك الأزمة من قطر، وغادر الكثير من اليمنيين المملكة العربية السعودية، وقبل ذلك تم ترحيل المصريين من بغداد بعد توقيع السادات معاهدة كامب ديفيد عام 1978، أما في الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى، فقد تم ترحيل المصريين والفلسطينيين مرات تفوق عدد كلمات اسم ذلك البلد الشقيق، أما آخر عمليات الترحيل فهي ترحيل بعض الرعايا الإيرانيين واللبنانيين والفلسطينيين من دولة الإمارات العربية المتحدة.
ولا شك أنه ليس من حق جمهورية إيران الإسلامية تحويل فنادق أبوظبي إلى ملعب لجواسيسها على شاكلة فندق السان جورج الشهير في بيروت في فترة الحرب الباردة، كما أنه ليس من حق إيران الإيعاز لحلفائها الإقليميين من حزب الله وحماس وحركة الجهاد الإسلامي لتحويل أسواق دبي إلى ما يشبه الضاحية الجنوبية وغزة، لأن من حق حكومة أبوظبي كما قالت (حماية التوازن داخل الدولة التي تتخذ خطوات واسعة نحو التمدن، والتخلص من التشدد الديني بكل أنواعه لتشجيع الاستثمار والسياحة، والحفاظ على استقرار الدولة).
والتطرق للعلاقات الإيرانية الإماراتية يتطلب فتح الكثير من الأبواب، فأزمة الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة ستظل المحرك الأساسي لكل توتر في العلاقات بينهما، لكن من الملاحظ أنها قضية تم تجاوزها بجهود دبلوماسية ناجحة لمدة 30 عاما، ولم تشكل عائقا في وجه العلاقات الاقتصادية المزدهرة بين البلدين، وتم تحقيق ذلك النجاح تحت مظلة أن الاقتصاد هو أقوى محرك للسياسة الخارجية، لكن الأمن هو أقوى محرك للسياسة الداخلية، وذلك ما حدث مؤخرا، رغم أن الإمارات تبرر الإجراءات السيادية التي قامت بها بظروف الأزمة الاقتصادية العالمية التي أدت إلى فقدان الكثير من أبناء الدولة لوظائفهم، ليحصل عليها غيرهم خصوصا في القطاعات التي تتطلب مهارات متوسطة وعالية، حيث يسيطر الآسيويون على بقية الأعمال ذات المهارات الدنيا.
كما لا يمكن أن يغيب كمسوّغ لعمليات الترحيل هذه الضغوط الأميركية على دول الخليج العربي لحصار إيران من خلال نقل عبء بطالة مواطنيها على عاتقها بعد ترحيلهم من الإمارات، بالإضافة إلى صدّ دول الاعتدال العربي للاختراق الإيراني لساحة السياسة العربية من خلال عمليات الترحيل التي نتوقع أن تشمل دولاً خليجية أخرى، كما أن ما يجري حاليا يأتي في سياق توتر إماراتي وإيراني قائم شمل احتجاز دولة الإمارات لسفينة تحمل أسلحة من كوريا الشمالية في طريقها إلى إيران، ومغادرة السفير الإيراني ومساعده، والقنصل الإيراني في دبي إلى طهران دون تعيين خلف لهم. من جانب آخر لا يمكن تجاهل سعي الحكومة الأميركية السري والعلني في قضية توطين اللاجئين الفلسطينيين في الخارج، حيث جاءت أول الردود الصارمة من الحكومة الأردنية بأنها متمسكة بحق العودة للفلسطينيين وترفض التوطين، فهل الخطوة الإماراتية استباق لعملية التوطين؟ حيث إن في الإمارات 150 ألف فلسطيني يشكل حملة الوثائق الذين تقطعت بهم السبل الأغلبية منهم، وهل زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لواشنطن مؤخرا إلا تأكيد على العلاقة بين الموضوعين؟
في عواصم دول مجلس التعاون نعتبر أن أمن دولة الإمارات العربية المتحدة من أمننا الخاص، لكن، هل استنفذت دولة الإمارات العربية المتحدة كل الطرق لتوقف مغامرات تلاميذ السافاك ومثيري عدم الاستقرار من منتسبي حماس وحزب الله وتضرب نشاطهم؟
لقد استطاعت الإمارات لعقود ثلاثة ماضية إدارة أكبر جماعة بشرية متحركة ومختلفة بكل سلاسة ونجاح يستحق الإعجاب، لتأتي دبلوماسية الترحيل المغرقة في التعميم المخل بالقيم الإنسانية وتُذري تلك الاعتبارات أدراج الرياح. كما أن ما حصل يدق ناقوس الخطر لدى جاليات أخرى مما يولد لديها شعوراً بعدم الاطمئنان الذي له تبعات سيئة كثيرة، منها أن أجهزة الاستخبارات والعابثين قد يجدون بحراً متعاطفاً معهم من هؤلاء الرعايا الذين دفعهم الإجراء الإماراتي للاصطفاف مع أبناء جلدتهم وخلق ملاذ آمن لهم.
في الكويت استقبل الكثير من الفلسطينيين في الثاني من أغسطس 1990 قوات الغزو الصدامي بالخبز والزعتر على مرأى من عيوننا الدامية، وكان عددهم 500 ألف ويمثلون أكبر جالية فلسطينية في العالم خارج الأردن، ومن جراء هذا الموقف فر الكثير منهم عشية تحرير الكويت، وتم رحيل البعض الآخر بعد ذلك، لكن 37 ألفا ظلوا في الكويت، حيث لم يتردد بعضهم في أن يضحي بحياته مقاتلا الغزاة العراقيين عرفانا بفضل الكويت، ومعتبرا أنه كان ذراعاً ساعد في بناء نهضتها الفتية بجهده الشريف وأن واجبه مستمر بالحفاظ عليه، فتنكر لقرارات القيادات العليا في منظمة التحرير الفلسطينية التي حمّلته وزر عبثها الأرعن، وهذا ما كان على المقيمين المرحّلين من الإمارات العربية المتحدة القيام به، فوطنك كما يقال حيث ترزق لا حيث تولد.

Gulf seurity أمن الخليج العربي

Kuwait
تبين هذه المدونة كيف تمتع الخليج بأهمية كبيرة أدت إلى خلق عبء استراتيجي على أهله بصورة ظهرت فيها الجغرافيا وهي تثقل كاهل التاريخ وهي مدونة لاستشراف مستقبل الأمن في الخليج العربي The strategic importance of the Gulf region creates a strategic burden and show a good example of Geography as burden on history. This blog well examine this and forecast the Gulf's near future and events in its Iraq, Iran ,Saudi Arabia ,Kuwait, Bahrain ,Qatar, United Arab Emirates and Oman

أرشيف المدونة الإلكترونية