ورد في الأخبار أن ناشطون في جمعيات أهلية في دول مجلس التعاون الخليجي قد قرروا عقد مؤتمرهم الأول الموازي للقمة الخليجية في باريس بعد أن امتنعت اثنتان من دول من المجلس عن إعطائهم الإذن بذلك.ويهدف اللقاء الموازي إلى تعزيز المشاركة الشعبية في صناعة القرار والى رفع توصيات من منظمات المجتمع الأهلي إلى قادة دول المجلس.
وبقدر سعادة المواطن الخليجي بكل ما يدعم مسيرة المجلس إلا أن ما قام به هؤلاء الناشطون يطرح سؤالين مهمين الأول يتعلق بالناشطين أنفسهم كمؤسسات شعبية والثاني بمجلس التعاون كمؤسسة رسمية. وتقول أخبار الناشطون في هذا المجال أنه قد عقد في شهر يوليو الماضي الاجتماع الأول للجنة التحضيرية لمؤتمر مؤسسات المجتمع المدني في الخليج الموازي لقمة قادة دول مجلس التعاون في مملكة البحرين. كما فهمنا أن دولة قطر قد رفضت استقبال مؤتمرهم المزمع إقامته في ديسمبر 2007م وكذلك دولة البحرين رغم عقد التحضيرات هناك .
ومما تم نشرة حتى الآن لم نجد في المحاور المهمة التي سيناقشها المؤتمر ما يدعو إلى قلق دول مجلس التعاون حيث تضمنت:
المحور السياسي: التحولات الديموقراطية في مجلس التعاون، واللجان الوطنية، ومكافحة الإرهاب، والإصلاحات السياسية.
المحور الاقتصادي: العمالة الوطنية والوافدة، وتوحيد العملة الخليجية، والمواطنة الاقتصادية، والتكامل الاقتصادي.
المحور الاجتماعي والثقافي: قضية تمكين المرآة، وإصلاح التعليم، وتعزيز المواطنة الخليجية، ودعم الإبداع الأدبي والفني، ومشاركة الشباب في الشأن العام.
المحور القضائي: ويشمل إصلاح التشريعات الوطنية، المحكمة الجنائية الدولية، وتعديل النظم الانتخابية.
المحور الإعلامي: ويشمل تحديث قوانين الصحافة والنشر، حرية التعبير، حق الحصول على المعلومات، المهنية الإعلامية والتدريب.
بل أن الناشطون قد ذكروا أن توصيات المؤتمر سترفع إلى وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في اجتماعهم تحضيرا للقمة المقبلة.وهنا نتساءل كيف يقبلون ما ترفعون لهم من توصيات إذا كانوا لا يدعمون اجتماعكم؟ رغم علمنا أن هناك من المسئولين من يستقبلكم بالأحضان ويقول بإيمانه بماتفعلون ولولا احترامه لقناعات ممثلي المجلس الأعلى من زعماءنا لوافق على ظهوركم العلني في دولته . أليس في ذلك نفاق؟ وهل يرضي الناشطون أن تكون الأدراج السفلى مصير دراساتهم ؟ إذا كان الجواب بإحدى درجات الإيجاب الصريحة أو المبهمة فإن جهود الناشطين ليست تحقيقا للشعارات التي يرفعونها، وإنما هم طلاب سلطة وتقرب إلى السلطات الحاكمة، أو كمن يسوق نفسه كمهتم بأهل الخليج للحصول على وظيفة مستشار أو خبير في الشأن الخليج دون سند يدعم شرعية هذه المطالبة .
لقد عانى الخليج من أبناءه المثقفين بنفس قدر معاناته من الأنظمة الرسمية فيه، فإذا كانت تهمة الحكومات طبخها لأمور حياة الشعب بعيدا عن الشفافية في قاعات مجالس الوزراء المغلقة في الأدوار السفلى،فإن المثقفين يسطرون طروحاتهم المنمقه في أبراج عاجية عالية ،حيث يطرحون قضايا نخبوية لاتمس بالضرورة حياة الخليجي البسيط. ذلك المواطن الذي يأنف الناشط الخليجي عن الدفاع عن حاجته في توفير الأعلاف لماشيته في صحاري الخليج، بينما لايتردد نفس الناشط عن جمع القمامة من الشواطئ مرتديا كبوسا ونظارة في طقوس احتفالية بحجة حماية البيئة.
لقد تحولت منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية في الخليج العربي إلى صالونات للنخبة،وطالبي المناصب،حيث يجتمعون ويقتسمون المناصب والصور والميكروفونات والخطب بناء على تقسيمات شللية وطائفية وفئوية يدعون محاربتها في العلن، ثم ينشرون العدوى التي إصاباتهم إلى بقية دول مجلس التعاون حيث يجتمع المصابون بإعراض النشاط الشعبي في أحد الفنادق الفخمة ويتبادلون التقبيل لزيادة انتشار العدوى، ثم يقومون بدعوة أحد المسئولين الحكوميين كشاهد على حسن نواياهم لينفض المؤتمر بنفس عدد القبلات التي ابتدأ بها.
تعاني التجمعات الشعبية في دول مجلس التعاون من علتين الأولى إن جميع التجمعات الخليجية احتكرت تاج الإصلاح لنفسها وهم جماعة يعرفون بعضهم البعض،ويحولون دون اقتراب غيرهم، حيث أن لديهم العديد من الفلاتر لتنقية الجداول التي تغذي استمرارهم. حيث أن غيرهم إما قبلي أو طائفي أو متدين أو رجعي أو حكومي، كل هذا جعل جماعة الناشطين في الخليج جماعة مترهلة لم تتطور منذ القرن الماضي وتتكرر فيها نفس الأسماء التي تزين الصحف الخليجية أما غيرهم فإن الفلتر يصدهم بدعوى أنهم من الشباب عديمي الخبرة، فيهم الاندفاع وقلة النضج والبحث العجول عن الشهرة.
العلة الثانية لجماعات الناشطين الخليجيين هي في بنية وصلب هذه الجماعات، من عدم تقبل مجتمع الشباب لهم لغياب القيادات التي تملك الجاذبية والكارزما وخلو سيرة أعضاء هذه الجماعات من العمل المميز الذي يعتبر بطوليا في مقاييس الشباب وحاجة هؤلاء الناشطين إلى قراءة Activists Handbook من جديد،فمعظمهم من الأكاديميين الذي توطن في ذهن الشباب من طلبتهم ضحالة غالبيتهم وتقليديتهم وسؤ معاملتهم لهم واستبدادهم داخل الصروح الأكاديمية الخليجية بدكتاتورية تبز الحكومات.
كما أن هذه الجماعات صارت إرثا يتم تداوله بين اللبراليين فقط حتى صار الإصلاح قرين البعد عن معرفة الله رغم أن المجتمع الخليجي مجتمع مسلم في ساقه وجذوره وأوراقه ، وكان من نتيجة ذلك أن وجد من يعرف الله انه في مفترق الطرق بين الجماعات المتأسلمة أو أهل التطرف اللبرالي.
أما فيما يخص مجلس التعاون كمؤسسة رسمية فيتبادر إلى الذهن عدة تساؤلات منها:
أين المجلس الاستشاري لمجلس التعاون ؟ أين تلك المجموعة التي تم اختيارها علينا قسرا لتمثلنا كشعوب خليجية موازية للحكومات الخليجية ولتعمل كمستشارين ؟
لقد اقترح المغفور له بإذن الله صاحب السمو أمير دولة الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح فى القمة الـ 17 التي عقدت فى الدوحة فى ديسمبر 1996 ، اقترح إنشاء مجلس استشاري يتألف من مواطني مجلس التعاون ويقدم المشورة للمجلس الأعلى فيما يحال إليه من قضايا. وبالطبع لم يخرج الاقتراح من تقليدية العمل الرسمي في مجلس التعاون حيث صدر ما يكبل عمل المجلس الاستشاري بفقرة تقول تنعقد جلسات المجلس الاستشاري بتوجيه من المجلس الأعلى ولا تناقش إلا ما يحيله إليها من أمور، ثم تنازل المجلس الاستشاري عن بعض من عليائه ومقارنته لنفسه بالمجلس الأعلى حيث تحول إلى هيئة استشارية بدل مجلس موازي،وتم افتتاح الدورة الأولى للهيئة الاستشارية في7 نوفمبر1998 فى قاعة التحرير بقصر بيان في دولة الكويت.
واستمرت إنجازات الهيئة التي لم تتعدى تلك الكلمات الثلاث السابقة حيث وردت في تقرير مجلس التعاون دون تفصيل ماهيتها، لم نقرأ عنها في صحف الخليج ولم نجد للهيئة موقع يضم أدبياتهم من تنظيمات أو هيكل أو إنجازات، لكن ما يلفت النظر هو ماتم في الدورة الثالثة حيث تم تشكيل لجنتين الأولى تختص بتقويم مسيرة التعاون الاقتصادي والثانية لإعداد ملف استرشادي بمقترحات الهيئة لتفعيل استراتيجية التنمية الشاملة. وهي بالفعل مهام جسام فكيف بلجنة استشارية فقط أن تحل معضلة مسيرة التعاون الاقتصادي التي لم تقف في طريقها العراقيل التي تضعها منظمة التجارة العالمية ولا الاتحاد الأوروبي بل الاقتصاديين الخليجيين أنفسهم الذين حولوا عملية التكامل الاقتصادي إلى تنافس اقتصادي لا يجاريه إلا سباق التسلح الخليجي نفسه،وكيف تستطيع الهيئة حل معضلة التنمية الشاملة إذا كانت مؤشرات النمو تسير بأقل من 1% من وتيرة الطفرة النفطية الحالية ومردودها المالي.
وعليه نرى أن ناشطي المؤتمر الأول الموازي للقمة الخليجية هم جزء من منظمات يجب هدمها من الأساس وإعادة بناءها بشكل لا عوج فيه، لكنهم والحق يقال قد احسنوا اختيار باريس مقرا لاجتماعاتهم فقد حافظوا على نخبويتهم وأنهم من الصفوة التي تجتمع في أماكن راقية تليق بطروحاتهم التي لا تخرجها عن أهدافها فلا مكان للقضايا الهامشية التي لا تمس حياة المواطن الخليجي مثل أزمة الأعلاف لمربي المواشي وأزمة البطالة و غلاء أسعار المواد الغذائية وتردي الخدمات الصحية أو جشع شركات الاتصالات أو ديون البنوك الخليجية التي جعلت 50 ألفا مواطن في دولة واحدة فقط محكومين بالسجن.
كما نرى أن الهيئة الاستشارية ليست ملومة في عدم النجاح منذ إنشاءها قبل 11 عاما لأسباب أولها تكبيلها من قبل المجلس بمناقشة ما يحال من المجلس فقط ،ثم تكوينها الذي ضم موظفي الحكومات الخليجية المحالين للمعاش ، وأخيرا القضايا التعجيزية المناطة بها.
الثلاثاء، 23 أكتوبر 2007
تعزيز المشاركة الشعبية: مؤتمر مواز للقمة الخليجية في باريس
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Gulf seurity أمن الخليج العربي
- Dr.Zafer M Alajmi
- Kuwait
- تبين هذه المدونة كيف تمتع الخليج بأهمية كبيرة أدت إلى خلق عبء استراتيجي على أهله بصورة ظهرت فيها الجغرافيا وهي تثقل كاهل التاريخ وهي مدونة لاستشراف مستقبل الأمن في الخليج العربي The strategic importance of the Gulf region creates a strategic burden and show a good example of Geography as burden on history. This blog well examine this and forecast the Gulf's near future and events in its Iraq, Iran ,Saudi Arabia ,Kuwait, Bahrain ,Qatar, United Arab Emirates and Oman
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق