د.ظافر محمد العجمي
في عملية معقدة تم تنفيذها بشكل جيد، أقلعت في يوم 24 يناير1991 طائرتان عراقيتان من نوع ميراج F-1 في اتجاه الجنوب. وكان هناك في ذلك الوقت، طائرات عراقية تطير في اتجاه الشمال، تطاردها دوريات جوية أمريكية، كما كانت طائرات للتحالف عائدة من مهمة فوق البصرة وربما كانت الطائرتان العراقيتان تطمعان في ألا يكتشفهما الرادار وسط ذلك الزحام. وبدا كأن المقاتلتين العراقيتين تتجهان صوب ميناء الجبيل. ورغم مناورتهما الماهرة، إلا أن طائرة أواكس التقطهما، فاتصلت بطائرة F-18 أمريكية فوق الخليج لحماية سفينة حربية، ولكن قائد السفينة رفض التخلي عن الطائرة، فاتصل مراقب «أواكس» بدورية جوية قتالية سعودية، كانت تحلق جنوب الكويت وعلى الفور، انطلق النقيب عايض الشمراني، الذي كان يقود F-15C خلف طائرتي الميراج العراقيتين. وبحشرجة محببة لكل طيار يشعر بوحدة الأجواء، قال المراقب الجوي على متن «أواكس»: عندما تكون جاهزاً، دمر. وتكمل موسوعة مقاتل من الصحراء الفذة للفريق أول ركن الأمير خالد بن سلطان والتي استقينا منها القصة: رأى الشمراني وميضاً تحت إحدى الطائرتين العراقيتين. فقد ألقى الطيار العراقي بحمولته لكي يتمكن من المناورة بشكل أفضل، وربما كان يأمل في أن تصيب الشظايا التي تسقط منها أية طائرة مهاجمة. وانحرف شمالاً ثم انحرف يميناً بشكل حاد. ولكن الشمراني، بقرارٍ اتخذه في جزء من الثانية، عاجله بصاروخ أسرع من الصوت Aim-9 Sidewinder. وبعد لحظة، رأى الطائرة الأولى تنفجر، والتقط راداره الطائرة العراقية الثانية، وهي تتجه نحوه، فأطلق عليها صاروخاً آخر من النوع نفسه فدمرها. كانت تلك إصابة ثنائية، في أقل من دقيقة بعملية مثيرة للإعجاب والفخر، ورافعة لمعنويات الشعب رغم تسلل العراقيين للخفجي في نفس الأسبوع.
* بالعجمي الفصيح:
دفاعاً عن ستالينغراد كان فاسيلي زايتسيف Vassili Zaitsev -شخصية حقيقة لا يرقى إليها شك كما ظهر في فيلم «Enemy at the Gates» العدو على الأبواب- قناصاً برزت بطولاته، وأدى الترويج لها لرفع معنويات كل السوفيت المحطمين، فشعر الألمان بالإهانة وأرسلوا أفضل قناصتهم لتصفيته لكنه عاش كبطل للاتحاد السوفيتي حتى ظهورالشمراني عام 1991. وبشكل عام في الخليج غاب البطل عن تاريخنا العسكري بسبب مرافعات سطحية، وها هو يغيب في جبهة اليمن، ربما لأنه ليس من ثقافتنا أن ينفرد أحد بالبطولة «فكل العجمان خيالة» كما يقلن بنات عمي في أغاني الأعراس.
* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق