Gulf security أمن الخليج العربي

الأربعاء، 29 أكتوبر 2014

الموقف الخليجي من تمزيق وحدة اليمن

د.ظافر محمد العجمي - المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج  
الموقف الخليجي من تمزيق وحدة اليمن


بشكل مفاجئ جداً يخلو حتى من التمهيد سقطت صنعاء في يد الحوثيين الذين توالت فصول غطرستهم بين صنعاء والحديدة بمتغيرات سريعة تقطع الأنفاس، فدفعت القدرة التخريبية لقوة الحوثيين اليمن لحافة فالق زلزالي، فأصبح يترنح بين الحرب الأهلية والتقسيم، وقد شجع الانفصاليين والتقسيميين أن سياسة التشطير والانفصال في اليمن لم تتوقف أصلاً عبر تاريخه؛ فقد كرسها فساد الساسة والتدخلات الأجنبية منذ الاحتلال البريطاني لعدن عام 1839م حتى قيام الوحدة اليمنية 22 مايو 1990م.ولعجز ساسة اليمن عن التصرف بالحكمة المطلوبة؛ تشير مصادر عدة لخطط تقسيم داخلية وإقليمية ودولية لجعل اليمن قسمين رئيسيين على أساس مذهبي، فالمحافظات الشمالية والغربية المكونة من إقليم أزال الذي يضم محافظات صنعاء وعمران وصعدة وذمار، والتي سقطت في قبضة الحوثيين، ستتحول لدولة شيعية، بينما تبقى المحافظات الجنوبية والشرقية من نصيب السنّة وهما إقليم عدن وفيه عدن ولحج وأبين والضالع، وإقليم حضرموت وفيه حضرموت وشبوة والمهرة وجزيرة سقطرى. 
كما أن هناك أحاديث جريئة أخرى عن قيام أربع دول لا دولتين؛ فدولة صنعاء الإسلامية سيحكمها الحوثة ويجللها النفوذ الإيراني، ودولة حضرموت السنية ستدخل مجلس التعاون الخليجي وستقف من الغرب خصوصاً الولايات المتحدة على نفس المسافة التي تقفها منها دول الخليج حالياً، ومثلها دولة تعز، أما دولة عدن فسيعود إليها البريطانيون بعد خروج دام قرابة 50 عاماً.
إيران تريد أن يكون إقليم أزال، معقل الحوثيين، والذي سيضم صنعاء وصعدة مرتبطاً بها بإطلالته الإستراتيجية على البحر الأحمر لتسيطر على أهم الممرات المائية في الشرق الأوسط، وهما مضيق هرمز و باب المندب. وقد حقق الحوثيون من هذا المشروع ثلاثة أرباعه؛ فاحتلال صنعاء ورفضهم تقسيم المحافظات الست معتبرين أنه سيقسم البلاد لأغنياء وفقراء كان خطوة في هذا الاتجاه، ولم يتبق إلا استعراض القدرة التخريبية لقوتهم لفرض الأمر الواقع، ولأن اليمن عمق إستراتيجي لدول الخليج فأمام مجلس التعاون خياران؛ إما عدم اعتراض الخطط التقسيمية مع ضمان حق دول مجلس التعاون في التطاحن فيما بينها على النفوذ على الدويلات السنية، كما تفعل في ساحات صراع أخرى، جراء عدم القدرة على إدارة الاختلافات فيما بينها، وإما رفض التقسيم برمته والاتفاق على إحياء المبادرة الخليجية، مما يعني كلفة سياسية وعسكرية واقتصادية تتمثل في التالي:
- استخدام خيارات تصعيدية وعسكرة الأزمة من خلال قيام الخليجيين بشيطنة الحوثيين وتشكيل تحالف دولي لكسرهم على شاكلة داعش، حتى ردهم لمعاقلهم ونزع سلاحهم ليكونوا جزءاً من العملية السياسية.
- تسخير القدرات الاقتصادية الخليجية لإخراج اليمن من أزمته بجهود وآليات أكثر جدية من مؤتمرات المانحين السابقة التي نكابر في نجاحها رغم أن الواقع يصفعنا كألف شاهد على فشلها.
- الوقوف في وجه المتهمين بتقويض العملية السياسية في اليمن، سواء من فريق علي عبدالله صالح أو من فريق الحوثيين أو من غيرهم، ودفعهم للالتزام بتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، لتوفير الأجواء المواتية لاستكمال تنفيذ المرحلة الثالثة من المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.
إن تقسيم اليمن يعني خلق يوغسلافيا جديدة في خاصرة الجزيرة العربية، وبدل الصراعات القومية والدينية حول سراييفوا ستكون الولاءات البدائية كالقبلية والعصبية والمذهبية وقود صراعات يمنية طويلة حول مدينة صنعاء وميناء عدن والحديدة والمناطق النفطية، لذا على دول مجلس التعاون أن تعود كمنشغل أصيل بقضايا اليمن بالانحياز المبكر والواعي لوحدة اليمن، وعلى دول مجلس التعاون أن تعيد تعريف اليمن كعمق إستراتيجي حيوي لها لا عبء إستراتيجي وساحة لصراع الملفات الإقليمية والدولية.

السبت، 25 أكتوبر 2014

هل يشارك الخليجيون في الحرب البرية على داعش!

د.ظافر محمد العجمي- المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج   

هل يشارك الخليجيون في الحرب البرية على داعش !
 
لايبدو لمراقب إن دول الخليج في وارد اعتماد مبدأ تصفير المشاكل في سياسيتها الخارجية؛ ففي تحركاتها مؤخرا تخطت دول الخليج النزعة الاقليمية والقومية وأخذت تحركاتها بعدا أممي كلاعب كبير في الاحداث. ومن يجادل في ذلك فلينظر مليا لخريطة الأزمات منذ مطلع هذه الألفية ليجد أسم دول الخليج في تشاد وليبيا وتونس ومصروسوريا والعراق واليمن. ومع تغير اشكال الصراع من حروب تقليدية بين الجيوش الى حروب لا متماثلة أصبح لدول الخليج مدخل للصراعات بعد تراجع الحجم وتقدم شكل الصراع في موازين القوى المتصارعة. وحتى الان دخلت دول الخليج بالفعل بقدم واحدة في الصراع الدولي ضد الدولة الاسلامية عبر مشاركتها في الحملة الجوية. فهل تدخل بالقدم الاخرى في الحرب البرية بناء على ما تمليه عليها مصالحها و متطلبات شركائها ؟ ومالدوافع والمحاذير ؟ ؟
بدون حتى اسم يشار به إليها كـ'عاصفة الصحراء'أو'أم المعارك' أظهرت الحملة الجوية على داعش قصورها، وانها لن تكون الحدود القصوى للتحرك ضد الدولة الاسلامية بل سيكون هناك تدخل بري قد تكون دول الخليج جزء منه بناء على التقديرات التالية :
-تحررت الكويت بجهد أممي؛وتحت القبعات الزرقاء وقف جنود خليجيون في الصومال وافغانستان والبوسنة، فدول الخليج مؤمنة بالشرعية الدولية ومتطلباتها التي قديكون منها تدخّل قوات بريّة ضد داعش كتطبيق عملي لمبدأ 'التدخّل الإنساني' الذي اقرّته الامم المتحدة، لإنقاذ الارواح البشرية .
-في البداية لم يطلب العراق من التحالف الدولي تدخلا بريا، بل دعم جوي ولوجستي .ومع اقتراب الخطر من بغداد تحول الخطاب لرفض التدخل الاجنبي البري والقبول بالتدخل العربي.وحين أصبحت المسافة بين بغداد و10 آلاف مقاتل من داعش حوالي 10كم. ومع صدى صفعة 'الحوثيين'الذين لم نتصور دخولهم صنعاء قبل 10 اشهر ووصولهم الحديدة أيضا قبل 10 ايام يصبح احتلال بغداد وإطراف الخليج أمر قابل لطرح فكرة التدخل البري .
-لم يعد بإمكان الخليجيين البقاء بعيدًا عن الأحداث والتطورات التي تشهدها الساحات القريبة منهم كما فعلوا إبان الحرب العراقية الايرانية،وعلى العواصم الخليجية تلقف الفرصة لإعادة أهمية الخليج الاستراتيجية وانتهاء مرحلة استدارة أوبام الاستراتيجية .وحصولهم على ثمن الانخراط التام مقابل توسيع الضربات لتشمل قوات الأسد.
- سيكون رفع مستوى انخراط دول الخليج في الحرب على تنظيم الدولة الاسلامية مرتبطا بقدراتها، ولن يتعدى ذلك وحدات صغيرة من القوات الخاصة،أو وحدات الاسناد أو الامداد أو الطبابة،فعلى الحملة الجوية الراهنة تم صرف اكثر من مليار دولار حتى الان، وتمثل مردودها المتواضع في قتل داعشي واحد جراء كل 12 طلعة جوية،وستجد فاتورة الحرب طريقها لميزانية دول الخليج ومن الافضل حسمها بكل الطرق مبكرا.
في زمن مضى لم تعرف السياسة الخارجية الخليجية إلا مبدأ النأي بالنفس عن أحداث المنطقة حد الانكفاء.ومع تغير هذا النهج يبقى على صانع القرار الخليجي ملاحظة ان تحركات العواصم الخليجية والتي تخطت بها النزعة الاقليمية والقومية، وأخذت بها بعدا أممي انطلقت من قيم ومحفزات مصلحيه وطنية وخليجيه، مما يوجب ملاحظة محاذير عدة جراء الانخراط التام ضد داعش ، فهناك معوق القفز الخليجي في ميدان المعركة العراقي قبل اكتمال التقارب مع بغداد .فنتيجة توترات الفترة المالكية قد تتعرض القوات الخليجية'لنيران صديقة' من فصائل عراقية تحمل قوائم ثأر قديمة . كما ان القوات الخليجية ليست ادرى من الجيش العراقي والبشمركة والجيش الحر بطبيعة ساحات القتال هناك مما يجعل تنفيذ الإدارة الاميركية وعودها بتسليح المعارضة السورية المعتدلة اجدى من الزج بقواتنا هناك .

ماذا يعني وصول المارينز للكويت ؟

 د. ظافر محمد العجمي –المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج 

ماذا يعني وصول المارينز للكويت ؟
 
في عصر القلق ورهبة القضايا الدولية العابرة للحدود يمكن تبرير الإرباكات، ومن ذلك دفاع الأمريكان الغريب مطلع هذا الشهر عن وصول 2300 عنصر من مشاة البحرية الأمريكية للكويت، وكأن حرب داعش وصمة عار يجب ألا تلوث سمعة مشاة البحرية أو الكويت، بل إن البنتاغون قد صك مصطلح «الصبر الاستراتيجي» الجديد وهو يوبخ من لمح لارتباط قضية المارينز بالكويت مع الحملة الجوية ضد «داعش».
فالرئيس، كما قالت وزارة الدفاع، مازال مع مستشاريه يناقشون أفضل خطوات التدخل، ونستطيع تفهم بعض ذلك، فقد كانت أفغانستان والعراق «تمرين عبور مستنقعات» لم تنجح العسكرية الأمريكية في اجتيازه، فقد وعد البيت الأبيض الشعب الأمريكي بعدم تكرار الاقتراب من الأرض والاكتفاء بشن الحروب الجوية أو البحرية، أما فيما يخص الكويت فلا أعتقد بوجود حرج جراء وصول المارينز لأعلى المستويين الرسمي وليس على المستوى الشعبي، فقد تم إهدار دم جحافل «داعش» الهمجية حين وضعت «الدولة الإسلامية» دولة الكويت ضمن خرائطها السوداء، فإذا كان الأمر كذلك؛ فلماذا يأتي المارينز وما هي مهامهم القتالية؟
في منتصف عام 2012م كتبت عن استراتيجية «زنبق الماء» الأمريكية في الخليج، وكنت مع بعض المراقبين العسكريين نتساءل إن كانت واشنطن قد صرفت النظر عنها، فقد طال الأمد ولم يتم تطبيق تلك الاستراتيجية التي أرى أن من الضروري العودة لبعض نقاطها الرئيسة حتى نفهم سبب إرسال المارينز للكويت.
أعتذر مقدماً؛ فقد أعدت صياغة تلك النقاط بطريقة قريبة من الأصل الذي كتبته قبل عامين ربما أكثر مما ينبغي، فقد كتبت في السابق أن دراسة من مجلس العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي في منتصف يونيو 2012م أظهرت أن واشنطن قد حسمت إدراكاتها العسكرية لما يجري في الخليج بتطبيق استراتيجية ورقة زنبق الماء «lily pad» في المنطقة. وقد وضعت خطوطها العريضة في عهد الرئيس بوش الابن؛ إلا أن الجديد كان أن تمثل الكويت ورقة زنبق الماء الخليجية؛ فقد بدأت وزارة الدفاع الأمريكية في التحول من القواعد العسكرية الضخمة إلى قواعد أصغر حجماً وأكثر عدداً، وهذا هو جوهر استراتيجية ورقة الزنبق التي تعتمد على السماح للقوات الأمريكية بالتحرك المرن بسرعة من إحدى ورقات الزنبق المنتشرة قرب المناطق الساخنة لوقف خطر يهدد مصالح أمريكا، وتستخدم هذه القواعد الصغيرة لتكون نقطة عمليات «هجومية» لنقل القتال لأرض الخصم، ومن جدوى ذلك شن الهجمات في أية وقت دون تكبد كلفة القواعد الكبيرة التي تحرج الدول التي تحتضنها، ويستعاض عن كثرة القوات برفع قدرة وحدات المناورة.
لقد تمنعت الكويت في قبول الوضع الجديد؛ إلا أن تحديات عدة قد غيرت موقفها، فإصرار واشنطن كان مبنياً على أنه إضافةً إلى موقعها شمال الخليج، تتمتع الكويت بعلاقات جيدة مع واشنطن، ويرابط فيها بناء على الاتفاقية الأمنية أكبر حشد عسكري أمريكي في الخليج، وقد عجل بتلك الخطوة الفراغ الاستراتيجي في العراق وخطر النفوذ الإيراني وتبعات الربيع العربي وقيام الإرهاب بنصب مكينة تفريخ في سوريا.
وكما ذكرنا قبل سنتين؛ على صانع القرار الكويتي ملاحظته تبعات منها أن الكويت ستكون نقطة انطلاق لقوات هجومية، مما يعني أن الكويت ستكون أرض المعركة، ومركز تلقي ردات الفعل والهجوم المضاد، كما أشرنا لضرورة احتساب ثمن التسهيلات التي تتلقاها واشنطن مع الكلفة المالية التي ندفعها نظير الاتفاقية الأمنية كل عشر سنوات، مع الأخذ بعين الاعتبار تساوي مصلحة الكويت ومصلحة أمريكا من وجود هذه القوات، فتلك أمور لها تبعات  يجب تداركها رغم أن التحرك الدولي لمواجهة «داعش» أعاد أهمية الخليج الاستراتيجية وأهمية الكويت، وإعلان انتهاء مرحلة الاستدارة الاستراتيجية التي قام بها أوباما قبل عامين.



 

الأربعاء، 8 أكتوبر 2014

لماذا يعيد أوباما تعريف الحرب البرية !

   

لماذا يعيد أوباما تعريف الحرب البرية !



 د.ظافر محمد العجمي – المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج  

تتعالى القوة الجوية على خصمها، فتشكل الفجوة بينهما قطيعة على المستوى الإنساني فيتلاشى الاحترام والإعجاب بالمنتصر لغياب النبل والفروسية في المناورة بين الطرفين، وفي الحملة الجوية الحالية على «داعش» وبالرغم من أن مهام القوة الجوية المعروفة هي مهام قتالية ومهام دفاعية ومهام النقل؛ إلا أن مهمة القتال جو / أرض ضد «داعش» قد طغت على بقية الأعمال الأخرى، حيث نرى القصف لشل قدرة مقاتلي الدولة الإسلامية لثني إرادتهم عن القتال، كما لم تتوقف مقاتلات التحالف عن شن الغارات لتجريدهم من آلياتهم وأسلحتهم الثقيلة ومهاجمة خطوط وشبكات مواصلاتهم لمنع وصول المدد لساحات القتال. 
ونفسياً لا يعتبر مقاتلي «داعش» أنفسهم قد هزموا أو أنهم الطرف الأضعف في المواجهة، بدليل استمرار سقوط القرى والمدن بأيديهم الواحدة تلو الأخرى رغم زخم الغارات، وذلك شعور نابع من عدم الاحترام والاعتراف بالخصم أو بقوته، فهو خصم جبان يشن غاراته من خلف الأفق كما يرون، لذا سيمضي وقت طويل قبل تفرق جمع «داعش»، فبدون الهزيمة النفسية يرى تنظيم الدولة الإسلامية سهولة في تعويض خسائره في الرجال والمعدات، فهل يغير أوباما من استراتيجية الحرب بالطيران ويأمر بحرب برية؟
لا تملك واشنطن في تقديرنا فرصة لكسب هذه الحرب دون الحرب البرية، لكن رجال واشنطن المخاتلين لا يمكنهم النكوص الصريح عن تعهدات سيد البيت الابيض أمام الشعب بعدم الانجرار لحرب برية، لذا سيدخلون العالم في متاهة معنى التدخل البري وتعريف القوات البرية، وعليه سيكون التدخل البري الأميركي مخاتلاً كواحد من الأشكال التالية:
- إرسال المستشارين بعد التحايل على طبيعة عملهم؛ حيث بإمكان الإدارة الأميركية القول إنهم ينقسمون لثلاثة أقسام؛ ففيهم خبراء تقنيات واتصالات، وقسم آخر خبراء معارك عسكرية وميدانية لدعم المجموعات السنية على الأرض على شكل وحدات استطلاع تمهد للضربات الجوية يتحولون عند الحاجة الى نواة إنزال، وآخرون مختصون بالعمليات الخاصة وقتال المدن والشوارع. 
وعليه سيمثل القسم الأول نزر يسير من حجم المستشارين الذين كانوا في خطاب لأوباما 475 عسكرياً فقط، ثم بعد أن تقوى موقفه في الكونجرس أصبحوا 13 ألف جندي أمريكي.
رغم أن أي نوع من التعاون يستلزم إطاراً؛ إلا أن واشنطن لم تضع حتى الآن إطاراً يمكنها من دعم القوات العراقية لتقوم بدور القوة البرية في هذه الحرب، وهناك حرق للمراحل وغموض في مراحل أخرى، فهناك حديث عن تسليح القوات العراقية البرية، وهذا أمر يكتنفه محاذير أبرزها تشرذم مكونات الجيش العراقي وعدم وحدته مما يجعل الأمر كتسليح ميليشيا ذات ولاء عقائدي في اتجاه واحد.
كما أن امتلاك العراق للأسلحة المتطورة خط أحمر لدى المراقبين العسكريين في دول الجوار خوفاً من أن يخلق هذا الجيش طاغية جديد، يضاف لذلك الضبابية التي تحيط بكيفية تسلح الجيش العراقي والزمن المطلوب لاستيعاب الأسلحة ثم تعلم مهارات القتال بها، أما البشمركة -لو جهزت لتقوم بالحرب البرية- فتواجه محاذير من بغداد وأنقرة وإيران ودمشق على حد سواء.
وهنا يمكننا القول إن تهديدات داعش باستهداف الولايات المتحدة في عقر دارها أدت إلى تراجع أوباما عن إرسال قوات أميركية برية للعراق، وسيكون الاعتماد على كتلة قوات برية مهلهلة وليست بنفس صلابة وتجانس الوحدات البرية الاميركية، وستتكون من الجيش العراقي الحالي مع البشمركة بنفس أسلحتهم، والمستشارين الامريكيين المتدثرين بمهمات أخرى، ومعهم قوات برية تحت بيرق التحالف من أستراليا وتركيا أو من ستجبره واشنطن على الانضمام، ولهذا قال قادة التحالف إن الحرب ستستمر 4 - 10 سنوات.


الأربعاء، 1 أكتوبر 2014

لماذا الغارات الخليجية على داعش ؟!

   

لماذا الغارات الخليجية على داعش ؟!

 د.ظافر محمد العجمي –المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

من القصص الموثقة ان بريطانيا قد أرسلت 'أولاد دايانا ' لولاية هلمند جنوب أفغانستان تحت غطاء من السرية في مهمة لم تستغرق لأحدهم إلا 3 اشهر.فيما خدم الامير الاخر في أفغانستان بالظروف نفسها دون الدخول في معارك .كما يوثق الدستور الأمريكي ما ينص على عدم مشاركة المرأة في القتال؛ فلم تجد طريقها لوحدات المناورة إلا قبل سنوات. وفي عالمنا الشرقي لا يوجد حضور قوي لفكرة قيادة إمرأة لمجموعة قتال؛ لكن الرائد طيار مريم المنصورى أثبتت القدرة ليس على قطع المسافة من قاعدة الظفرة الجوية الى مضارب عشائر داعش الهمجية، بل على اجتياز خطوط اجتماعية ملتهبة في كل طلعة لتلك البطلة الإماراتية.كما ان مما لايتسق مع الحرص المعتاد للقادة والساسة ومحرضي الجهاد الجدد ان يرسلوا اولادهم للجبهات ؛لكن الأمير الطيار خالد بن سلمان نجل ولي العهد السعودي،والأمير الطيار طلال بن عبد العزيز بن بندر بن عبد العزيز حالات استثنائية .فالمشاركة الخليجية في الحرب على داعش تتعدى في تقديرنا شعارات مكافحة الارهاب،ومحركات هذه القناعة كثيرة،ومنها :
- المشاركة الخليجية الحالية تدفعنا لاستذكار مشاركات عسكرية خليجية أخرى في مصر والأردن وسوريا والصومال والبوسنة والهرسك وأفغانستان،وليبيا .لكن ماسبق كانت مشاركات فردية، ولم نكن كلنا ضمن حملة جوية خارج حدود الخليج من قبل.وعليه فلابد ان تكون جدوى هذه المشاركة أكثر من أكلافها في الموازين الاستراتيجية.
- تجرب واشنطن في هذه الحرب طائرة F-22 Raptorوهي مقاتلة تكتيكية من مقاتلات الجيل الخامس. كما ستجرب في رؤوس داعش كل النماذج الأولية Prototypes من الاسلحة .فيما يطير ابطالنا على طائراتF-15 و-16 ؛وهنا نتسائل ألم تكن الاسلحة الاميركية لتغني عن طائراتنا من الجيل الرابع!
- هناك من يريد القضاء على داعش ليس في العراق فحسب،بل وفي سوريا وفي كل مكان تتواجد فيه خلاياها نائمة وقائمة.كما ان هناك من يعتبر ان إسقاط الاسد وعصابته في دمشق هدف استراتيجي،وبين هؤلاء من يرى ان الحملة على الارهاب يجب ان تشمل القاعدة و النصرة والإخوان المسلمين وغيرهم. فهل علينا تتبع تطور الديالكتيك لفيلسوف ألمانيا العظيم 'هيجل' لنفهم جزئية 'تنافر الاضداد' حتى ندرك دوافع هذا التجمع المتنافر!
يلاحظ المراقب للحملة تغير نوعية الاهداف،فالغارات قد تركزت منذ أسبوع على المنشآت النفطية لداعش،وسيتبعها مصافي كردية غير شرعية تكرر نفط الارهابيين. لقد تجلت الانتهازية كطبيعة بشرية انسانية لدى الكثيرين في تلك الانحاء ابتداء بعمال المصافي ومرورا بأهل الصهاريج ومحطات الوقود في المناطق القريبة بل والدول المحيطة. وبسيطرتها على منابع النفط و معامل التكرير،اصبحت«داعش» دولة نفطية زميلة لنا ليس عبر عضوية' أوبك'او 'أوابك' لكن برأس المدفع. وما كنا لنشعر بتهديد داعش كأرهابيين فقد كسرنا في الخليج شوكة القاعدة وفر صبيانها لجبال اليمن. لكن المزعج كان انتهاكهم حرمة العيش المشترك 'كدولة نفطية' حيث اخذت في التوسع في عملياتها القذرة بالبيع الرخيص وتحطيم الاسعار الذي له تداعيات خطيرة على مجتمعنا بما ينتج عنها من كساد وتهديد للاستقرار الاجتماعي. لقد تعاملت داعش مع النفط بنفس البدائية التي حاول صدام ان يقوم مسوغا احتلاله للكويت بعرض النفط رخيصا جاهلا تعقيدات سوق النفط.
وقبل نفط داعش بتسعين عاما،وفي العقير 1922م يستشيط'ملك الخليج 'بيرسي كوكس غضبا،ويحمر وجهه لتكرر أحد معاونيه البريطانيين داخل خيمة المؤتمر سؤال لم يكن يريد كوكس ان يسمعه عن سبب وجود المناطق المحايدة بين دول الخليج والعراق فيرد كوكس: أنه النفط أيه الاخرق' ! It's the Oil, Stupid '

Gulf seurity أمن الخليج العربي

Kuwait
تبين هذه المدونة كيف تمتع الخليج بأهمية كبيرة أدت إلى خلق عبء استراتيجي على أهله بصورة ظهرت فيها الجغرافيا وهي تثقل كاهل التاريخ وهي مدونة لاستشراف مستقبل الأمن في الخليج العربي The strategic importance of the Gulf region creates a strategic burden and show a good example of Geography as burden on history. This blog well examine this and forecast the Gulf's near future and events in its Iraq, Iran ,Saudi Arabia ,Kuwait, Bahrain ,Qatar, United Arab Emirates and Oman

أرشيف المدونة الإلكترونية